«فقه الحب» في معرض الكويت الدولي للكتاب

نشر في 25-11-2015 | 00:01
آخر تحديث 25-11-2015 | 00:01
يوسف زيدان: هو انتصار للحب في زمن الكراهية
يستضيف معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الأربعين، الأديب والكاتب المصري يوسف زيدان الذي يوقع، ضمن فعالياته، كتابه الصادر حديثاً {فقه الحب}، ويناقش فيه تجليات الحب والعشق بمنظور مختلف، ويتناول ما يسمى بفترة الربيع العربي والأحداث العصيبة التي مرت بها مصر، وغيرها من الدول العربية، وصور العنف والإرهاب التي واجهتها.

يأتي الكتاب في شكل مقاطع نثرية وشعرية، تتناول الحب من الناحية الفلسفية والتاريخية في محاولة منه لإعادة التوازن للعقل الجمعي، عبر التذكير بهذه المعاني الإنسانية على شكل فقرات مكتوبة بلغة شاعرية، نشرها تباعاً على صفحته على «فيسبوك» قبل جمعها في كتاب، بهدف توجيه الأنظار إلى الجانب الإنساني في ظل تفشي حالة من الكراهية في المجتمع.

فقه الحب

تحت عنوان «مختارات من فقه الحب» يرى الكاتب أن بعض الناس يربطون بين الفقه والدين بالضرورة، لكنه في الكتاب يؤكد على معنى آخر للفقه، وهو المرتبط بالعلم العميق بالشيء وإدراك حقائقه، مشيراً إلى أن ثمة فقهاً في الحب يأتي نقيضاً للجهالة المرتبطة بالحالة الهمجية الأولى التي عاشها الإنسان قبل مجيء الحضارة، والتي قدمت مفهوم الإنسانية وارتقت بالإنسان الذي تعلم أنه كائن مختلف، فتعرّف إلى الضمير والحب، ثم اجتهدت هذه الحضارات لتقدم أدباً وفنوناً وعلماً ومعرفة وعواطف، مؤكداً أنه في وقت تتراجع فيه العواطف والخيال الإنساني تنتشر ثقافة العنف والإرهاب .

يقول زيدان: {وقد رأيت، عقب وصول الإخوان إلى حكم مصر ثم إزاحتهم عنوةً، حالةً من المقت والغلّ راحت تجتاح نفوس كثير من الناس، فأردتُ أن نتذكر في غمرة هذه الكراهية المقيتة {الحب} ابتداءً من المشاعر المرهفة البسيطة، إلى المعاني الصوفية العالية.»

يضيف: {على كل الذين تجاوزوا الحالة الحيوانية إلى آفاق الإنسانية، إناثاً كانوا أم ذكوراً، أن يحذروا قبل فوات الأوان من الوقوع في أتعس المآسي كلّما احتدمتْ أحوالنُا واحتدّتْ من حولنا، مثلما هو حالنا اليوم، اشتد احتياجنا إلى الحب.. كطوقِ نَجاة».

 يرى الكاتب أن الحب حالة يعلو فيها المحب بالمحبوب إلى سقف أعلى من الحيز الفعلي لهذا الشخص، وهذه مسألة إنسانية لو غابت يظهر الأمر المخالف، ولا يزال الإنسان يحمل رغبات مختلفة كامنة من أزمنة همجية سابقة، على غرار الرغبة في القتل والفتك، وتأتي الحضارة لتهذب هذه المشاعر وترفع النفس الإنسانية عن طريق الفن والأدب والفكر .

«بالحبّ يحيا الإنسانُ إنساناً، وإلا.. فالقاتلُ لا يقتلُ وهو يُحبُّ، والمخرّب لا يُخرّبُ وهو يُحبُّ، والخائنُ لا يخونُ وهو يُحبُّ.. فالحبُّ لا يجتمع مع وضاعةٍ، أو رداءة، أو بدائية}.

وهو في كتابه يفرق بين الحب والعشق، فالحب سماوي بطبعه لأنه يعلو بالمحبوب عن حيزه الأرضي فيصل به إلى أسمى مدى، أما العشق فهو طريق أرضي يوصل بالغوص فيه إلى أعلى عليين .

«طريقُ الحبِّ السماوى لا يبدأ إلا بالعشق الأرضي، فإن انتقل القلبُ إلى الأفق الأعلى، صفا من مُكدّرات الحال في زمن البدء، وتسامى عن مشوّشات الحب: الغيرة، الأنانية، وَهْم الامتلاك.. ومثل ذلك من أحوال الكائنات الزاحفة، لا الصقور المحلّقة في السماوات العُلى».

«أحوالُ العشق أهوالٌ كلُّها.. نقتربُ فنلتهبُ، ونبتعدُ فنرتعدُ، وننقطعُ فتتمزّع خيوط بيت العنكبوت التي تربطنا بحياةٍ لم تعد تحتمل.»

«العشقُ يقلبُ موازين القلبِ والعقل، جميعها، ويجعلُ اليسيرَ خطيراً والجليلَ هيّناً.. فتصيرُ الكلمةُ المفردةُ أُفقاً لا آخر له، والرسالةُ القصيرةُ إصبعَ ديناميت قد يُميت أو يُحيي، وقد يُقيمُ ثم يهدمُ فلا يَذَر ولا يُبقي».

ويصحح زيدان في كتابه {فقه الحب} مفاهيم اختلطت عند الناس، كمفهوم الحب العذري، وينسبه لقبيلة عذرة في الجزيرة العربية، فمن كان يسأل لأية قبيلة ينتمي كانت إجابته {نحن من الذين إذا عشقوا ماتوا} نسبة لهذه القبيلة التي تميزت برقة المشاعر ورقيها .

أما الحب الأفلاطوني الذي يضرب الناس المثل به في العفة والبراءة فهو مفهوم خاطئ لأن أفلاطون نفسه كان كارها للمرأة، وهو يرى الحب كواحد من اثنين، حب دنيوي حسي احتقره وحب آخر يرتقي بالنفس الإنسانية عن المحسوسات فتتعلق بالقيم الكبرى كالحق والخير والجمال وهو موجود في عالم المثل، وحب أفلاطون لا يتحول إلى عشق لأن الفكرة تتعشق مع ما تنجذب إليها.

وهناك الحب الذي ينسب لإمرؤ القيس وهو حب يتجاوز الحدود البريئة إلى تفاصيل صارخة في الماديات.

زرقاء اليمامة

الفنان والشاعر والمبدع عند زيدان هو مرآة المجتمع، والمثقف هو زرقاء اليمامة الذي ينبه المجتمع للأخطار المحدقة به ويربط ما بين التاريخ والحاضر والمستقبل، والكاتب يطمئن على حالة مجتمعه عندما يرى ازدهاراً للفن والثقافة وعلى النقيض، فغياب الخيال والفن عن المجتمع يدفع به للوقوع في براثن الجهل والتخلف.

«إن صحَّ الحبُّ، احتوى الأحوالَ المُتقابلة المتضادة، كلَّها: التحنان ثم الفوران.. الروحانية ثم النزق.. الصفو ثم صراخ القلب والعقل وكل الكيان، طلباً للمحبوب».

مختارات

«الحبُّ ابتداؤه شغفٌ، وأواسطُه اشتهاءٌ لا يُنهيه ارتواءٌ، وغاياتُه اشتياقٌ إلى رجفاتِ البدايات».

{قد ينقم المحبُّ على المحبوب فيؤلمه، فإن لم يتألم معه، فلا هو مُحبٌّ ولا محبوبه محبوبٌ».

{الحب لا يعرف الندم، ولا يخلو من الألم».

«إذا لم تجد ذاتك مُنعكسةً على مرآة المحبوب، فهو ليس المحبوب».

«المحبون زائلون، لأنهم مادةٌ فانية.. أما الحبُّ ذاته فهو سرمدي الدوام، لأنه لا مادي».

«مهما احتدم الحبُّ في قلب المتحابينِ، ومهما التهب، فإن الفراق بينهما محتومٌ..لا محالة».

«كلما تحاشينا الحبَّ، وتجافينا، بحجة أننا لن نحتمل آلامه.. صرنا كالموتى الذين يزيدون موتهم موتاً.

{تُخشى شراسة الأنثى إذا تعرض وليدها لخطرٍ.. وإذا عشقتْ بعمق».

«في حياتنا لحظاتٌ سحريةٌ تحوطُ بنا، وتصحبنا كلَّ حين.. فأحياناً لا نلمسها فنكون الأحياءَ الميّتين، وأحياناً نُحبُّ فنلمسها».

back to top