Peanuts ولاء للقصص المصوّرة

نشر في 15-11-2015 | 00:01
آخر تحديث 15-11-2015 | 00:01
قبل خمس وستين سنة، طلب وافد جديد إلى صفحة الرسوم الكرتونية في الصحيفة بعض النصائح من جاره. سأل ولد وجهه مستدير يدعى تشارلي براون فتاة جميلة ذكية تُدعى لوسي في جزء سابق: {أشعر بالكآبة. ماذا يجب أن أفعل حيال ذلك؟}.
ردت لوسي: {تخلص منها}. هذا هو نوع الحوار المرح والآسر الذي جعل قصص Peanuts لتشارلز شولز أسطورية. لا شك في أن رسام القصص المصورة هذا، الذي وُلد في مينيابوليس، ترعرع في سانت بول، ومات عام 2000 عن عمر يناهز الـ 77، ابتكر إلى حد كبير القصص المصورة العصرية مع مجموعة ضمت صبية وسيمين، وفتيات، وكلب تشارلي سنوبي الذي يستغرق في أحلام اليقظة.
 لم يكتفِ تشارلز شولز بتقديم أعمال فكاهية خفيفة للأولاد.  أخبر مجلة Time عام 1965: {أردت قصصاً لها أهميتها واحترامها}. كذلك حظي بمتابعين على الصعيد الدولي، سواء مع أعماله المطبوعة، برامجه التلفزيونية الكرتونية الخاصة التي  حازت أعلى نسب مشاهدة، ومعارضه في كارنغي هول واللوفر.

نصيحة لوسي {تخلص منها}  قد تكون نفسها التي يقدمها كريغ شولز للمعجبين الذين ما عادوا يتابعون القصص المصورة منذ وفاة والده عام 2000.

حلم وحقيقة

للمرة الأولى منذ عقود، تعود عصابة Peanuts إلى الشاشة الكبيرة. وقد دفع نزول الفيلم الجديد المعد على الكمبيوتر بأبعاد ثلاثية (6 نوفمبر) عمدة سانت بول كريس كولمان إلى تعيين 20 أكتوبر يوم احتفالات مدنية تكريماً لذكرى تشارلز م. شولز.

دعا كريغ شولز المشروع، الذي ساهم في إنتاجه، «الفيلم الذي أحلم به»، مضيفاً: «ظننت أنه لن يبصر النور، إلا أنه صار حقيقة».

لا شك في أن هذا الإنتاج، الذي استغرق ثلاث سنوات، يشكل نوعاً من الانتصار لوالده، حسبما قال شولز أخيراً عبر الهاتف من متحف تشارلز م. شولز في سانتا روزا بكاليفورنيا، حيث يقيم أيضاً. كانت بداية شولز الأب متعثرة مع Peanuts. فقبل انطلاق هذه القصص المصورة، قدّم قصة مماثلة لدار نشر St. Paul Pioneer Press بين عامَي 1947 و1950، حينها ألغيت.

كذلك تقدم بطلب للعمل {في استوديوهات ديزني، إلا أنه لم يلقَ القبول}، وفق كريغ شولز. {ولكن على الأمد الطويل، تبين أن هذا كان أفضل له}.

يضيف شولز الابن: {شكل هذا مكسباً لأبي وخسارة لوالت ديزني. ربما كان يتمنى لو أن أبي انضم إلى فريق عمله. أظن أنه كان سيستلم دفة العمل}.

عالم Peanuts

ساهم شولز في كتابة الفيلم الجديد مع ابنه بريان، الذي تخرج حديثاً في كلية السينما، وزميل بريان في الكتابة كورنيليوس يوليانو. طوال سنوات، رفض ورثة تشارلز شولز عروضاً من استوديوهات كبيرة كونت فكرتها الخاصة عن هذه المواد.

يخبر شولز: {كانت الاستوديوهات تتصل بنا باستمرار. لكننا ظننا أن إعداد فيلم لا يستحق المخاطرة لأننا لم نثق بمن سينفذه}.  إلا أنه اختار في النهاية Blue Sky Studios التابعة لشركة 20th Century Fox.

يوضح شولز الابن: {شعرنا بأننا فقدنا التواصل مع جيل جديد}، بما أن الأولاد توقفوا عن قراءة القصص المصورة. {وما من طريقة للاستئثار باهتمامهم من دون فيلم. لطالما كنت آمل أن أسبب تأثيراً كبيراً يدفع الناس إلى العودة إلى مطالعة القصص المصورة}.

يشير بول فيغ، مبتكر أعمال فكاهية بارزة مثل سلسلة شبكة NBC الشهيرة عن المدرسة الثانوية Freaks and Geeks وفيلم Bridesmaids المذهل عام 2011، إلا أنه أحب استكشاف عالم Peanuts المطبوع حين كان ولداً وحيداً.

يتابع مخبراً: {ما كنت أستطيع حقاً النوم ليلاً من دون مطالعة إحدى المجموعات الورقية من هذه القصص المصورة. تأثرت كثيراً بهذه الشخصيات}.

قرر أن يكون المنتج المنفذ لهذا الفيلم الجديد، مقدماً عملاً كلاسيكياً لجمهور عصري لأنه يعشقه.

يضيف فيغ: {هذا العمل ممتع بسبب صراحته. لا أحد يعيش حياة مثالية. لكن هذه القصة تتناول تفاصيل حياتنا بعمق}. وبإعادة إحياء هذا العمل، «حرصنا على ألا نكسر هذا التوجه، نجعله مختلفاً عما هو عليه، أو نعطيه طابعاً عصرياً. يشاهد الأولاد أنواعاً مختلفة من الرسوم المتحركة هذه الأيام التي بات فيها كل شيء سريعاً جداً، كبيراً، واسعاً، ومبالغاً فيه. لذلك بذلنا جهداً مضاعفاً كي لا يبدو أسلوبه مختلفاً عما هو عليه حقاً. ووافقنا الاستوديو الرأي. فلم يقل أحد أن عليهم اعتمار قبعات كرة القاعدة وغناء الراب».

يوّسع الفيلم عالم Peanuts أكثر من الإطار البصري الذي رافق هذه القصص على شاشة التلفزيون، وفق شولز. يقول: {أحببنا ذلك. ارتكز عمل والدي الأساسي على القصص المصورة، لا البرامج التلفزيونية الخاصة أو اللعب. إلا أنه كان مستعداً دوماً لاختبار كل جديد}.

صحيح أن والده لم يتمتع بإشراف مبتكر في الأعمال التلفزيونية الخاصة، إلا أن الوضع اختلف مع عائلته عند إعداد هذا الفيلم. يذكر شولز الابن: {لا شك في أنه كان سيسلك هذا الدرب}.

محاكاة النسخة الأصلية

تحوّل رسوم  الفيلم المعدة على الكمبيوتر أجزاء من الأعمال الكرتونية المرسومة باليد، في حين تتخطى الموسيقى العصرية بأشواط أنغام الجاز التي قدمها فينس غوارالدي. لكن كل تعبير وجه، وضعية جسم، وخصلة شعر مجعد أعدت بطريقة متقنة لمحاكاة النسخة الأصلية من هذا الفن.

ينطبق الأمر عينه على الإطار العام المستمد من الغرب الأوسط. فيشكل محيط تشارلي براون نسخة حية من الباحات المغطاة بالثلج، شجر البتولا، والمنازل المتواضعة التي نقلها شولز في قصصه حين كان شاباً.

خلال سنة ونصف السنة من البحث، جال  المخرج ستيف مارينو سيراً على الأقدام في حيّ هذا الفنان في سانت بول، محاولاً تأمل شتى التفاصيل، من ملعب كرة القدم إلى الدرجات الثلاث أمام مداخل المنازل. ويؤكد الاستوديو أن هذا أكبر تحدٍّ واجهه وأكبر واجب اضطر إلى القبول به لتكريم فنان القصص المصورة هذا.

يعرب شولز الابن  عن سروره بالاهتمام الذي يولده الفيلم. «إلا أن جوهر Peanuts الأساسي يبقى مركزاً في القصص المصورة، لا اللعب والمنتجات الأخرى وغيرها}.

يضيف: {نأمل أن نحضهم على العودة إلى مطالعة القصص المصورة والاطلاع على الرسائل التي قدمها والدي}.

قد تمر فترة طويلة قبل إنتاج جزء ثانٍ. يختم شولز: {هذه صفقة لفيلم واحد. لم نرد أن نعلق في دوامة إنتاج الأفلام لكسب المال فحسب. لا تشكل هذه سلسلة أفلام بالتأكيد. هدف تقديم فيلم Peanuts واحد مميز}.

back to top