أبيغايل ديزني تُخرج The Armor of Light

نشر في 15-11-2015
آخر تحديث 15-11-2015 | 00:01
وقفت أبيغايل ديزني على شرفة Club 33، مطعم مخصص لأعضاء عالم ديزني فحسب، وراحت تتأمل قطعاً لماعة نارية تنزل من السماء وتضمحل قبل أن تبلغ وكر القراصنة. تقول بصوت بالكاد يسمع مع دوي الانفجارات: {لطالما أحببت الألعاب النارية. فمهما شاهدتها تظل ساحرة}.
شاهدت أبيغايل ديزني الألعاب النارية مرات عدة. عندما كانت فتاة صغيرة، زارت عالم ديزني برفقة جدها روي أو. ديزني، أحد مؤسسي المنتزه وشقيق والت ديزني، الذي كان عمها. كانا يرافقانها خلال زيارتها المنتزه، ويمنحانها هي وإخوتها بطاقات دخول خاصة تخولهم تخطي صفوف الانتظار. كذلك اعتادوا تناول الطعام في Club 33. فهنا، في هذا المطعم الفاخر تذوقت البزاق للمرة الأولى. وأحبته كثيراً، حتى إن والدتها وجدتها بعد أيام وهي تتناول البزاق في الحديقة.

في هذه الليلة، لم تقصد Club 33 لتقيم مأدبة عشاء لمجموعة من معدي الأفلام وأعضاء نقابة السينما احتفلاً بفيلم وثائقي جديد فحسب، بل أيضاً كمخرجة أفلام.

 يُعتبر The Armor of Light، عن رجل دين إنجيلي يحاول التكيف مع فكرة معارضة الإجهاض وحمل الأسلحة، أول فيلم تخرجه أبيغايل ديزني. وربما لم يلاقِ الترحيب الكبير من أقربائها الذين يشتهرون بتحفظهم.

لكن ديزني (55 سنة) شعرت دوماً بأنها المشاغبة في العائلة. خلال متابعتها دراساتها العليا في جامعة كولومبيا، شعرت دوماً بالقلق من أن تُعتبر مدللة، ما دفعها إلى الطلب من سيارة الأجرة إنزالها على بعد 10 أحياء من الكلية. وفي السنة الماضية، حين اتهمت ميريل ستريب علانية ديزني بأنه «متطرف»، لجأت ابنة أخيه هذه إلى صفحتها على فيسبوك لتعبر عن مدى «حبها» لملاحظات هذه الممثلة. كتبت ديزني: «معاداة السامية؟ كره النساء؟ بالتأكيد؟ تمييز عرقي؟ هذا كثير!».

فيما راحت تراقب الحشود تتفرق مع انتهاء الألعاب النارية، أعربت ديزني عن تضارب في مشاعرها حيال المكان الأكثر سعادة في العالم.

تذكر: «أقف في هذا المكان أشعر أنه يجعلني أبدو صغيرة معدومة. يمرح الأولاد هنا، إلا أن هذا لا دخل له بيّ».

بالإضافة إلى ذلك، ظلت ديزني بعيدة عن عالم إعداد الأفلام فترة طويلة خوفاً من أن يحكم عليها الناس من خلال اسمها. فبعد أن حصّلت ثلاث شهادات (إجازة من جامعة يال، شهادة ماجستير من جامعة ستانفورد، وشهادة دكتوراه من جامعة كولومبيا)، خصصت وقتها للأعمال الخيرية، منشئة مؤسسات لا تتوخى الربح لمحاربة الفقر والتشجيع على بناء السلام حول العالم.

فكرت أنها إن أعدت الأفلام ستواجه {مستوى عالياً جداً من التوقعات}، على حد تعبيرها. وتضيف: {يلغي هذا كل حياد في رد فعل الناس تجاهك. ولمَ لا؟ أنا لا ألومهم. رغم ذلك، شعرت بالخوف أمام فكرة الفشل أمام الجميع}.

لذلك ظلت خلال مغامراتها الأولى في هوليوود وراء الكواليس إلى حد ما. ففي سن السابعة والأربعين، أسست شركة إنتاج خاصة بها باسم Fork Films، وأصبحت بهدوء أحد أكبر ممولي الأفلام الوثائقية في العالم. وهكذا كانت المنتج المنفذ لأكثر من 24 فيلماً وثائقياً، بما فيها The Invisible War وThe Queen of Versailles.

تخبر رونا غاردوس، التي ساهمت في إخراج Sexy Baby وHot Girls Wanted إلى جانب جيل باور (فيلمان عن تقاطع التكنولوجيا والمواد الإباحية كانت ديزني منتجتهما المنفذة): {لطالما أوضحت لنا أنها تشعر بمسؤولية حقيقية تفرض عليها استغلال مكانتها في الحياة لتحقيق مسائل إيجابية. تعتبر أنها كانت محظوظة لأنها ولدت في هذه العائلة ولأنها حظيت بهذه الهبة الكبيرة التي لا تستحقها أكثر من أي شخص آخر}.

ولكن بعد أن دعمت هذا الكم الهائل من الأفلام الوثائقية، بدأت ديزني تفكر في استغلالها ميلها الخاص إلى إعداد الأفلام. في جامعة كولومبيا، كانت قد كتبت تقريراً عن روايات الحرب، علماً أن اهتمامها كبر بهذه الروايات لأنها، على حد تعبيرها، {إنسان غريب الأطوار، ولأنها ظنت أيضاً أنها تحتوي غالباً على معلومات مهمة عن الرجولة. وخلال أبحاثها، وقفت مذهولة أمام أعمال العنف والأسلحة وميل الإنسان إلى إلحاق الأذى الجسدي بأخيه الإنسان.

علقت في ذهنها أسئلة كثيرة، وخصوصاً مع انتشار عمليات إطلاق النار في المدارس وأعمال العنف التي يمارسها رجال شرطة. في هذه الأثناء، واصل الإنجيليون مناقشة علانية {مقاربة أخلاقية إلى الأسلحة}: موقف حير ديزني التي لم تتمكن من فهم ما {يمكن أن يكون أكثر وضوحاً من غرض يستطيع أن يسلب إنساناً حياته}.

نتيجة لذلك، لجأت ديزني إلى القس روب شنك، رئيس تحالف الكنيسة الإنجيلية. يُعتبر شنك شخصية مثيرة للجدل. فبما أنه أحد أشد المعارضين للإجهاض، احتضن عام 1992 بقايا جنين بشري خلال مسيرة مناهضة للإجهاض. ولكن كما يُظهر The Armor of Light، صار شنك في السنوات الأخيرة أقل تشدداً، متسائلاً: كيف يمكن للكنيسة أن تدعم الحياة، مؤيدة في الوقت عينه الحق في حمل السلاح؟

رغم ذلك، بدا خائفاً من مشاركة ديزني في هذه المسألة، فيما انطلق في رحلته الأخلاقية. لا تملك المخرجة أي خبرة في عالم الأسلحة، باستثناء تعلم إطلاق النار من مسدس من عيار 22 مليمتراً في المخيم، فضلاً عن أنها تؤيد الإجهاض علانية. لكنها أرادت تتبع شنك خلال حواراته مع المجتمعات الدينية وأعضاء من جمعية البندقية الوطنية، طارحاً عليهم أسئلة صعبة بشأن الإيمان.

يذكر شنك: {أعتقد أنها نظراً إلى تاريخ عائلتها تألف جيداً المحافظين. بدت مهتمة حقاً بوجهتي النظر، حتى عندما كشفت عن هويتها. كانت تقول: قد تعتقد أنني محافظة، لكني لست كذلك. وأعتقد أن ما تؤمنون به مجرد هراء}.

نشأت ديزني في عائلة كاثوليكية متشددة. شعرت عائلتها أن الشيوعية خطر وأرادت أن {تروج لمصالح رجال الأعمال والشركات}.

تخبر ديزني، وهي جالسة في غرفتها في الفندق بعد يوم من رحلتها إلى المنتزه: {إن توجهت إلى أورلاندو وفكرت في أن هذا المكان ما كان يضم إلا بساتين البرتقال قبل مجيء جدي، تدرك ما يمكن لأعمال تُدار جيداً أن تحققه لتجعل العالم مكاناً أفضل. يجعلني هذا أتوقف قليلاً وأفكر في ميولي الليبرالية}.

من الواضح أن ديزني تملك مشاعر خاصة تجاه جدها. ففي وقت لاحق من تلك الأمسية، بعد انتهاء المأدبة في Club 33، قادت المجموعة إلى شقة سرية كان روي ووالت يختبئان فيها عندما تعم المنتزه الفوضى. كانت مساحتها صغيرة لا تتعدى الـ153 متراً مربعاً تقريباً، وكانت مزينة بكثير من الكؤوس الحمراء والإبر.

مشاعر متضاربة

أحبت ديزني، التي ترعرت في شمال هوليوود، زيارة عالم ديزني برفقة جدها. تقول ديزني، التي تعيش راهناً في نيويورك ولديها أربعة أولاد: {كان أشبه بالبطل في حياتي، وأحببته كثيراً. وقد أعادني ما حدث بالأمس إلى ذلك وإلى طفولتي بطريقة جميلة. لذلك أشعر بالامتنان. لكني أكره واقع أنك عندما تعرب عن مشاعر متضاربة تجاهه، تبدو كشخص مدلل، ومريع. أسمع فتاة صغيرة ثرية بائسة. لا أحاول التذمر. ولكن عندما يكون الأمر الوحيد والمهم الذي يربطه الناس بك مسألة لم يكن لك دخل بها، يشكل هذا عبئاً يثقل كاهلك}.

نظراً إلى نشأتها، تقول إنها ما كانت لتتخلى {بالشجاعة الكافية} لتعد The Armor of Light حين كانت أصغر سناً. كانت آنذاك أكثر خنوعاً وميلاً إلى الاعتذار. ولكن في سن الخامسة والخمسين، تؤكد أن هذه المسائل تفقد أهميتها. فلا تريد أن تسمح لماضي عائلتها بأن يملي عليها مستقبلها. وفي مطلق الأحوال، قد تجمعها بهم قواسم مشتركة أكثر مما كانت تظن سابقاً.

توضح: {يبدو فيلمي في الظاهر مخالفاً لما تقوم به عائلتي، إلا أنه ليس كذلك، لأنني لا أريد أن أعد فيلماً عن أخيار سيئة تجعلك ترغب في الاختفاء عن وجه الأرض. أرغب في تناول ما يستطيع الناس تحقيقه. أود أن أعد أفلاماً عن أفضل التجارب البشرية، وهذا ما فعله والت بالتحديد}.

back to top