لا داعي على الأرجح لمعالجة الحمى

نشر في 14-10-2015
آخر تحديث 14-10-2015 | 00:01
No Image Caption
ترتفع أحياناً حرارة الجسم أكثر من المعتاد. بين 36 درجة مئوية و37.5 درجة. فتتقلص الأوعية الدموية قرب البشرة لتحتجز الحرارة، وقد تبدأ بالارتجاف، ما يدفع العضلات إلى توليد الحرارة. تُدعى هذه الحالة الناجمة الحمى أو السخونة.
وإليكم ما يحدث عادةً بعد ذلك.
نضع يدنا على الجبين فنكتشف أن الحرارة مرتفعة، في حين يؤكد ميزان الحرارة تحت اللسان شكنا. في هذه الحالة توصي الأمهات {الطبيبات} بتناول جرعة من الإيبوبروفين أو الأسيتامينوفين. يخفض هذان الدواءان الإشارات المسببة للحمى من الحصين، ما يجعل حرارة الجسم تعود إلى مداها الطبيعي.

ولكن هل هذه الخطوة صائبة؟ صحيح أن معالجة الحمى تبدو منطقية، إلا أن العلم يقدّم وجهة نظر أكثر دقة.

لا تشكل الحمى خللاً في وظائف الجسم، بل تُعتبر رد فعل متعمداً تطور على مدى 400000000 سنة. يشير تقرير نُشر في مجلة Pediatrics:

{تؤخر الحمى نمو البكتيريا والفيروسات وإنتاجها، تحسن إنتاح النوتروفيلات وانتشار الخلايا اللمفية التائية، وتساعد في در فعل المرحلة الحادة... لا يدوم معظم أنواع الحمى كثيراً، تكون حميدة، وتحمي مَن يعانيها. فقد أظهرت البيانات تأثيرات الحمى المفيدة في بعض عناصر جهاز المناعة. كذلك كشفت البيانات المحدودة أن الحمى تساعد الجسم في التعاطي بسرعة أكبر خلال العدوى الفيروسية...}.

رغم فوائد الحمى المحتملة، يعاني كثيرون مما يدعوه الباحثون {رهاب الحمى}. صحيح أن ما من دليل على أن الحمى تزيد المرض سوءاً أو تسبب مضاعفات عصبية طويلة الأمد، إلا أن كثيرين يظنون العكس. فقد ذكر كلاي جونز في مجلة Science-Based Medicine:

{كشف تقرير تناول عام 2001 رهاب الحمى ونُشر في Pediatrics أن 91% من مقدمي الرعاية الصحية يعتقدون أن الحمى قد تكون لها تأثيرات سلبية، بما فيها النوبات (32%)، تلف في الدماغ (21%)، والوفاة (14%). حتى إن البعض اعتقد أنها تسبب الغيبوبة والعمى. باستثناء النوبة الحموية، وهي رد فعل شائع وحميد نراه لدى الأولاد الصغار، لا تسبب الحمى كل هذا}.

يعود الجزء الأكبرمن سوء الفهم هذا إلى الخلط بين الحمى وحالة أخرى تُدعى فرط الحرارة. هاتان الحالتان مختلفتان. فرط الحرارة ارتفاع غير مضبوط لحرارة الجسم قد يهدد الحياة بسبب مصدر خارجي، في حين أن الحمى عملية داخلية مضبوطة قلما ترفع حرارة الجسم إلى درجة قد تسبب أذى فعلياً.

من اللافت أن عدداً محدوداً جداً من الدراسات العلمية تناول تأثيرات معالجة الحمى مقابل عدم معالجتها لدى البشر. إلا أن مراجعة منظمة أخيرة شملت تجارة عشوائية مضبوطة أظهرت أن ما من اختلاف في النتائج، على ما يبدو، بين معالجة الحمى وعدم معالجتها في حالة مَن يعانون حالة مرضية حرجة. في المقابل، قد تزيد معالجة الحمى حدة الرشح العادي والذات الرئة.

إذاً، إن كانت الحمى مفيدة وقلما تسبب الضرر، أيعني هذا أن علينا ألا نعالجها؟ كلا على الإطلاق. قد تكون الحمى مزعجة جداً. فهي تحرم المريض النوم وتسبب الجفاف. وعندما تكون مريضاً، يُعتبر النوم وترطيب الجسم جيداً أمرين بالغي الأهمية.

كذلك من الضروري الاتصال بالطبيب إن تخطت الحمى 39 درجة مئوية في حالة الأولاد و40 درجة في حالة البالغين.

في الختام، يجب أن تقتصر معالجة الحرارة على خفض رقم، بل ينبغي أن تشمل أيضاً التخفيف من الأعراض. فإن شعرت أنت أو ولدك بحالة مزرية عند بلوغ الحرارة 39 درجة مئوية، فلا تتردد في اللجوء إلى دواء مخفض للحمى. ولكن إن قررت ترك الحمى لتنخفض من تلقاء ذاتها، فلا بأس في ذلك أيضاً.

back to top