ليزر يرصد إشارات السرطان عند الزفير

نشر في 14-10-2015
آخر تحديث 14-10-2015 | 00:01
No Image Caption
يعد نوع جديد من الليزر المضغوط بتسهيل تحديد جزيئات معينة منخفضة التركيز في عينات كيماوية معقدة. هذا ما يدعيه علماء فيزياء في ألمانيا وإسبانيا ابتكروا ليزراً عالي الطاقة، عريض النطاق، وقصير النبض. ويؤكدون أن هذا الجهاز يعد خصوصاً برصد جزيئات في الهواء الخارج من الرئتين عند الزفر تشير إلى أنواع محددة من الأمراض.
يشمل التحليل الطيفي الجزيئي، أو {البصمة الجزيئية}، تسليط ضوء ليزر يشمل جزءاً معيناً من الطيف الكهرو-مغناطيسي من خلال سائل أو غاز، ومن ثم مقارنة الضوء قبل مروره في العينة وبعده. فتكشف أطوال الموجات المحددة الممتصة تركيبة الجزيئات وبنيتها في العينة. من الممكن تحفيز معظم الاهتزازات الجزيئية بالأشعة ما تحت الحمراء (2- 25 ميكرومتراً). لذلك يُعتبر تحويل ضوء الليزر هذا الجزء من الطيف مهماً لتحديد البصمة الجزيئية.

بما أن ما من وسيط ليزر حالي قادر على بث ضوء عبر مدى عريض من موجات الأشعة ما تحت الحمراء، تستخدم الأجهزة الحالية التي تعمل في هذا الجزء من الطيف بلورات لاخطية لتحويل الأشعة القصيرة الموجات القريبة من الأشعة ما تحت الحمراء إلى موجات طويلة. ولكن لهذه البلورات حدوداً كبيرة. ولا شك في أن أنظمة تحديد البصمات الخاصة قد تستفيد من مقاربة مختلفة.

ابتكر يواكيم بوبوزا وزملاؤه من معهد ماكس بلانك لعلم البصريات الكمية قرب ميونخ في عملهم الأخير نظاماً يستخدم نوعاً مختلفا من البلورات اللاخطية. تولَّد الأشعة القريبة من الأشعة ما تحت الحمراء بادئ الأمر في مذبذب ليزر مبتكر عالي الطاقة تبثه ديودات بسرعة فيمتو ثانية. في هذا المذبذب، يشمل قرص رقيق مصنوع من مواد مغطاة باليتربيوم الوسيط الناشط. يُضغط بعد ذلك الضوء من المذبذب ويحوّل أولاً إلى نبضات تدوم 20 فيمتو ثانية فقط (2 x 10-14 ثانية)، ثم إلى أشعة ما تحت الحمراء متوسطة الطول بالاعتماد على بلورة لاخطية تُعدّ من الليثيوم-الغاليوم-السولفيد. ويحتل الجهاز النموذجي الحالي مساحة مترين مربعين تقريباً.

بلورة بالغة الأهمية

يوضح بوبوزا: {بالإضافة إلى ابتكار المذبذب، يُعتبر اختيار الوسيط اللاخطي بالغ الأهمية. فما كنا نعرف ما إذا كنا سنعثر على بلورة تستوفي مطلبي الامتصاص المنخفض وعتبة التلف العالية}.

يضيف العالم أن النظام الجديد يجمع عدداً من الخصائص التي تجعله فاعلاً في تحديد البصمة الجزيئية، وخصوصاً طاقته. فكما يشير بوبوزا، يتوافر كثير من الجزيئات التي تُدرس بواسطة هذه التقنية بنسبة مركزة ضئيلة. على سبيل المثال، يحتوي الهواء الذي يزفره الإنسان على مركبات عضوية تنتشر فيه بمعدل بضعة أجزاء في المليار. ومن هنا تنشأ الحاجة إلى مصدر ضوء قوي لتعزيز فرصة رصد هذه الجزيئات. ويبلغ معدل قوة النبضة راهناً 0.1 وات.

يشمل النظام الجديد أيضاً مدى واسعاً من أطول الموجات (6.8- 16.4 ميكرومتراً)، ما يسمح بتسجيل عدد من خطوط الامتصاص الفردية الخاصة بنوع محدد من الجزيئات.

التحديد الواضح

يعني كل هذا أن من الممكن تحديد الجزيء بوضوح أكبر، وإن انتشرت من حوله ضجة كبيرة. يقول بوبوزا: {يشبه هذا تحديد بصمات الإنسان. فكي تتمكن من معرفة هوية شخص بالتحديد، تُعتبر البصمة الكاملة أكثر فاعلية من مجرد الحصول على جزء صغير منها}.

من الخصائص المفيدة الأخرى لهذا الليزر الجديد تماسكه المكاني. يزيد هذا التماسك المسافة التي يستطيع الضوء اجتيازها عبر العينة من دون التعرض لخسائر تُذكر، ما يعزز بالتالي حساسيته للجزيئات المتوافرة بنسب مركزة ضئيلة. بالإضافة إلى ذلك، يتمتع هذا الضوء بتماسك مرحلي، ما يعني أن حقل نبضاته البالغة القصر الكهربائي (كل منها أقصر بطول موجتين) لا يتبدل مع كل نبضة.

علاوة على ذلك، يزيد التماسك المرحلي مقدار المعلومات التي يمكن استخلاصها من العينة لأن مرحلة الضوء تتبدل مع تفاعلها مع جزيئات العينة. كذلك من الممكن الجمع بين الأشعة ما تحت الحمراء المتوسطة الطول في الليزر مع جزء من الأشعة القريبة من الأشعة ما تحت الحمراء الأصلية، ما يسمح بالتالي بقياس ناتج الليزر باستخدام أجهزة استشعار للأشعة القريبة من الأشعة ما تحت الحمراء التي تتمتع بمعدلات ضجيج أقل بكثير من نظيرتها المتوسطة الطول.

مصمم للمستشفيات

صمم الفريق جهازه الجديد كي يُستخدم في تطبيق محدد بدقة: رصد مؤشرات المرض الجزيئية. يُعتقد أن الهواء الذي نزفره يحتوي على آثار ضئيلة جداً من جزيئات خاصة بأنواع معينة من الأمراض، بما فيها بعض أشكال السرطان. يذكر بوبوزا أن الليزر الجديد قد يساعد العلماء في تعميق فهمهم للعمليات الخلوية وراء هذه الأمراض. كذلك يؤكد أن هذا الجهاز الصغير الحجم، الذي يمكن تركيبه بسهولة في المستشفيات والعيادات، قد {يسهل جمع البصمات الجزيئية لبعض الأمراض المحددة بطريقة مدروسة}.

يعمل الباحثون راهناً على زيادة عرض موجات الجهاز، كي تغطي مجموعة من 2 إلى 25 ميكرومتراً، علماً أن هذه تُعتبر ملائمة لتحديد البصمات الجزيئية. أما التطبيقات المحتملة الأخرى، فتشمل رصد المتفجرات أو مراقبة نوعية الهواء.

back to top