المغربية فاطمة الزهراء المرابط: الأدب المغربي يعاني التعتيم الإعلامي

نشر في 14-10-2015
آخر تحديث 14-10-2015 | 00:01
No Image Caption
ترى القاصة والأديبة المغربية فاطمة الزهراء المرابط أن المرأة المغربية تمكَّنت من نسج مسارات جديدة، جديرة بالقراءة والمتابعة والمساءلة أيضاً، واخترقت مجالات مختلفة كانت إلى وقت قريب حكراً على الرجال، كذلك تمكنت المرأة عبر الكتابة بأنواعها من قول كلمتها، وحققت حضوراً لافتا للنظر في الأجناس الأدبية المختلفة.
 كيف ترين الحالة الأدبية والوضع الثقافي المغربي راهناً؟

 يعاني المشهد الثقافي في المغرب غياب بنية تحتية مناسبة لممارسة الفعل الثقافي، خصوصاً أن الثقافة لا تشكل هاجساً لدى المؤسسات الداعمة ولا تدخل ضمن أولويات المجتمع المغربي، بحيث يعاني المشهد الثقافي من سياسة ارتجالية غير واضحة المعالم، نتيجة عوامل ذاتية متعلقة بالمثقف نفسه، وعوامل موضوعية متعلقة بالمؤسسات الداعمة، كما أن ميزانية الثقافة تفوت للمهرجانات الرسمية الجوفاء، في حين تصارع الجمعيات الجادة بإمكانياتها الذاتية المتواضعة، من أجل ترسيخ ثقافة جادة وهادفة، والرقي بالإبداع المغربي.

 لكن بغض النظر عن هذه الوضعية، يمكن القول إن الثقافة المغربية في وضعية مد وجزر دائم، لا تتوقف عن إنجاب مثقفين وأدباء ونقاد وفلاسفة وفنانين جدد، يناضلون من أجل الحفاظ على هوية الثقافة المغربية، وإن اختلفت الأساليب والأفكار والاتجاهات المسخرة لأجل ذلك.

ما رأيك بالقصة القصيرة جداً، والتي بدأت تشهد رواجاً عربياً؟

فعلاً، عرفت القصة القصيرة جداً، انتشاراً واسعاً في مختلف الدول العربية، وظهرت أقلام عدة ومهرجانات وملتقيات أدبية تهتم بهذا الجنس الأدبي، خصوصاً أن البعض استسهل كتابة هذا الجنس الأدبي موازاة بالأجناس الأدبية الأخرى، لكني أرى - وقد جربت فن كتابة القصة القصيرة جداً منذ ثلاث سنوات - بعدما سحرني قِصرها، ونتج عن التجربة بعض النصوص المنشورة بالجرائد المغربية- أن قلمي لا يناسب هذا الجنس السردي الذي يحتاج إلى الكثير من التكثيف والغموض.

لماذا تركزين على القصة القصيرة، ألا تفكرين في الدخول إلى عالم الرواية، وهل ثمة تعارض بين كتابة القصة والرواية؟

 أجد ذاتي في كتابة القصة القصيرة، لأنها تناسب سني وتجربتي الإبداعية من جهة، وتفسح لي المجال للنبش في عوالم مختلفة خلال حيز زمني قصير من جهة أخرى، ثم أستطيع من خلالها العبور إلى القارئ، في حين يتطلب العمل الروائي سنوات من الاشتغال قبل أن يصير جاهزاً للنشر، قد أفكر يوماً في كتابة الرواية، عندما يسعفني القلم على ذلك، وهذا يعني أنه ليس ثمة أي تعارض بين كتابة القصة والرواية، بل يمكن القول إن الرواية تحقق للسارد مساحة أكبر للعب بالكلمات وممارسة الحكي، أكثر من القصة القصيرة.

يقال إن الكتابة باتت ساحة مباحة للجميع، هل تعتبرين أن التعبير عن الرأي في الشعر والكتابة هو حق مطلق أم هو مقيد وتتحكم به شروط عدة؟

 لكل مبدع الحق في ممارسة حريته الإبداعية، والتعبير عن المبادئ والأفكار التي يؤمن بها، ويراها مناسبة لتأثيث نصوصه الإبداعية بغض النظر عن جنسها الأدبي، وليس من حق أي طرف، مهما كان موقعه، تقييد حرية الإبداع.

يرى البعض  أن النقاد يجاملون كتابات المرأة فقط لكونها امرأة، ولا يقيّمون منجزها الأدبي بموضوعية، ما ردك؟

الحديث عن المجاملة في النقد الأدبي، يشمل الإبداع  عموماً، وليس حكراً على إبداع المرأة فحسب، ثم الإبداع القائم على المجاملات والنقد غير البناء، سرعان ما يتلاشى بريقه ويظهر عارياً من دون مساحيق تجميلية، في حين تستمر الإبداعات القوية والمتينة حتى بعد رحيل أصحابها.

 

النقد في المغرب، هل يرسم للمبدع الوجهة الصحيحة أم يشتت العمل الإبداعي؟

في غياب نقد موضوعي، بناء، وفي غياب نقد أدبي قائم على الشفافية والمصداقية، أجد أن النقد الأدبي في المغرب تتحكم فيه العلاقات الشخصية، وتطغى عليه المجاملة والكذب والنفخ حتى يتحول بعض التجارب الإبداعية إلى بالونات كبيرة، وأحياناً أخرى يعمل النقد الأدبي على تهميش وتقزيم تجارب إبداعية حقيقية، لأنها لا تؤمن بمبدأ العلاقات والصداقات، وفي كلا الحالتين، لا يقدم أي إضافة للعمل الإبداعي بل يعمل على تشتيته والإساءة إليه.

يقول البعض إننا نعيش عصر الرواية، لأنها طغت على الألوان الأدبية الأخرى، فما رأيك؟

لا أعتقد ذلك، فآخر دراسة أقيمت حول حصيلة الأدب المغربي الحديث سنة 2013، أعلنت عن هيمنة الإصدارات الشعرية والقصصية على الإصدارات الروائية، كما أن الاحتفاء بالقصة القصيرة والشعر الذي يتم عبر المهرجانات والملتقيات التي تنظم سنوياً، تطغى على اهتمام الجمعيات والمؤسسات الثقافية، مقابل ملتقى واحد أو اثنين بالمغرب يهتم بالرواية.

بمن تأثرت في كتاباتك القصصية مغربياً، وعربياً وعالمياً؟

 قرأت لأقلام عدة في مختلف الأجناس الأدبية والفلسفية والفكرية والتاريخية، وأذكر منها على سبيل المثال، مغربياً

لمحمد زفزاف، أحمد بوزفور، محمد شكري، الطاهر بن جلون، عبد الكريم غلاب، خناثة بنونة، وعربياً لمحمود درويش، نزار قباني، أمين معلوف، نجيب محفوظ، عبد الرحمن منيف، جبران خليل جبران، نوال السعداوي، وعالميا لأرنست همنغواي، فيكتور هوغو، غابرييل غارسيا ماركيز، باولو كويلو، أغاثا كريستي، شارل بودلير، وأسماء أخرى كان لها وقع كبير في تجربتي الإبداعية، إلا أنني أحاول نهج أسلوب قصصي خاص بي، بعيداً عن أية تأثيرات إبداعية أخرى.

هل حققت الكتابة كل ما تحلمين به؟

من دون شك، لا يمكننا تحقيق جميع الأحلام التي نحلم بها، حلمت بأن أكون فنانة تشكيلية وعازفة غيتار، وانتهيت إلى مبدعة عاشقة للحروف.

كيف ترين إنجازات المرأة المغربية في طريق الأدب؟

تمكنت المرأة المغربية من نسج مسارات جديدة، جديرة بالقراءة والمتابعة والمساءلة أيضاً، واخترقت مجالات مختلفة كانت، إلى وقت قريب، حكراً على الرجال، كذلك تمكنت المرأة عبر الكتابة بأنواعها المتعددة من قول كلمتها، وحققت حضوراً لافتاً في مختلف الأجناس الأدبية، برهنت على أن زمن الصمت قد ولى وعبرت بكل حرية واستقلالية عن هموم المرأة ومعاناتها وكشف المستور عنها، مضيفة إلى تجربتها الكثير من الإحساس والخصوصية، وعلى الرغم من قلة الأسماء النسائية مع الأسماء الرجالية، فإن الكتابة النسائية أو ما يصطلح عليه بالأدب النسائي، قدم إضافة نوعية للأدب المغربي، وتمكنت المرأة المبدعة من تحقيق ذاتها وقناعتها الشخصية والأدبية بعيداً عن كل التأثيرات الخارجية التي من شأنها عرقلة مسيرتها ومشوارها الإبداعي، وهو تحد تتبناه المبدعة المغربية من أجل ترسيخ خطواتها في الساحة الأدبية وتكسير صورة المرأة التقليدية المتوارثة عبر العصور التاريخية.

برأيك ما أهم المشكلات التي تواجه الأديب المغربي؟

يعاني الأديب المغربي من عدة عوائق ذاتية وموضوعية تتعلق بوضعية المشهد الثقافي والمؤسسات الداعمة، وكذا غياب دور نشر ذات صبغة إبداعية، عدم توافر لجنة لقراءة وتبني الأعمال الإبداعية، بحيث يصطدم المبدع المغربي بعدة عوائق من أجل إخراج كتابه إلى النور، بدءا من كتابة النص، مروراً بعملية النشر وتكاليفها المرتفعة، وصولا إلى مشكلة توزيع المنتج الأدبي، الذي يظل هاجساً مؤرقاً للمبدع المغربي، كما يعاني من التعتيم الإعلامي المفتوح في وجه أسماء محدودة، والإقصاء من المشاركة في بعض التظاهرات الأدبية التي تعتبر حكرا على بعض الأسماء التي تتكرر خلال كل مناسبة.

back to top