روسيا بين التورط في حرب طويلة... والبحث عن مخرج!

نشر في 14-10-2015
آخر تحديث 14-10-2015 | 00:06
 عبدالله النيباري في الوقت الذي أبدت فيه أميركا وحلفاؤها مرونة في مواقفهم تجاه الوضع المتدهور في سورية بإعلان عدم إصرارهم على تنحي بشار الأسد فوراً، لإفساح المجال أمام تسوية سياسية وقبولهم ببقائه على الأقل لفترة انتقالية، فاجأتهم روسيا بتطوير دورها بعدم الاكتفاء بتزويد الأسد بالسلاح، بإعلان تدخلها العسكري المباشر في الحرب الدائرة في سورية.

تدخل بوتين أخذ طابع استعراض القوة باستخدام الأسلحة الحديثة من طائرات سوخوي 24، وسوخوي 34، ثم تبعها إطلاق صواريخ من بحر الخزر من مسافة 1500 كيلومتر لضرب أهداف في سورية.

تناقض

الهدف، الذي أعلنه بوتين لتدخل روسيا المباشر في سورية هو محاربة «داعش»، مستغلا ما رآه من عجز أميركا وفشلها في محاربة هذا التنظيم، ولكن ادعاء روسيا بأنها تستهدف ضرب «داعش» يتناقض مع أفعال بوتين، فالقصف الجوي حتى الآن طال المناطق الشمالية والغربية، وهي مناطق وجود المعارضة الأخرى، التي لا وجود لـ «داعش» فيها، والذي يوجد في شرق سورية في مناطق الرقة ودير الزور وحتى ريف حلب، التي لم ينلها إلا 5 في المئة من الهجمات الروسية الجوية، في محاولة لإضفاء الشرعية وتبرير القصف الروسي لمناطق المعارضة التي تقاتل قوات الأسد.

إن الهدف الحقيقي للتدخل الروسي هو مساندة نظام بشار الأسد، الذي بات وضعه مهددا، بعد أن فقد سيطرته على أجزاء كبيرة من سورية، وتقلصت سيطرته على ما لا يجاوز 25 في المئة منها، وبعد أن أصبحت قوى المعارضة تهدد بقطع الطريق بين دمشق والساحل الشمالي الغربي، حيث تقع القاعدة البحرية التي تستخدمها روسيا في طرطوس.

الأهداف الحقيقية

وقد كشف بوتين عن أن الأهداف الحقيقية للتدخل، كما جاء في آخر تصريح له لقناة روسيا الأولى، وبوضوح لا لبس فيه، هو المحافظة على استقرار السلطة الشرعية لنظام الأسد، مضيفا أن روسيا تريد إيجاد ظروف مواتية للحلول التفاوضية، وهذه الحلول لا تأتي إلا بعد القضاء على الجماعات الإرهابية واستعادة نظام الأسد قدراته القتالية لمحاربة «داعش» على الأرض مدعوما بقوات حزب الله وإيران، في ظل الحماية الجوية التي توفرها الطائرات الروسية، وتعريف روسيا أن الجماعات الإرهابية تشمل كل من يرفع السلاح ضد نظام الأسد.

ما طرحه بوتين تناوله عديد من وسائل الإعلام الغربية ومراكز الأبحاث المختصة بالشأن الروسي، وتساءلت عما إذا كانت روسيا بعد أن تؤمن مصالحها في شرق البحر الأبيض المتوسط وتضمن بقاء نظام الأسد، الذي يحفظ لها تلك المصالح، ستلتفت إلى حل سلمي يؤدي إلى إيقاف قتل المدنيين في سورية؟!

هذا التحول المحتمل في الموقف الروسي يأخذ في الاعتبار حاجته إلى ترميم علاقات روسيا مع الغرب، خصوصا في موضوع أوكرانيا، هذا إلى جانب مخاوف بوتين من تمدد «داعش»، الذي قد يصل إلى المناطق الإسلامية في روسيا، فهناك مقاتلون من المجاهدين الروس الشيشان مع «داعش» تتراوح أعدادهم بين 1700 وأكثر من 3 آلاف مقاتل.

انتقاد

في مقال لوزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونداليزا رايس ووزير الدفاع الأميركي الأسبق روبرت غيتس انتقدا فيه موقف أميركا الحالي المتردد والضعيف، والذي أفسح المجال لروسيا لاستغلال حالة الفراغ التي نشأت بانسحاب أميركا وحلفائها من منطقة الشرق الأوسط، ويحذران فيه من تمدد النفوذ الروسي، لكنهما لا يطرحان حلولا إلا في حدود إيجاد مناطق حظر الطيران، وتوفير الملاذات الآمنة للسكان النازحين، لكن ذلك وإن أمكن تحقيقه قد لا يكون كافيا لإيجاد مخارج للصراع الدائر، وما يزيد الأمور تعقيدا هو تبعثر قوى المعارضة وعدم توافق مخططاتها، إلى جانب فشل المشروع الأميركي لتدريب آلاف المقاتلين من قوى المعارضة السورية المعتدلة، واللجوء أخيرا إلى تزويد الموجود منها بالأسلحة.

البحث عن تسويات

ويبقى عامل واحد قد يدفع روسيا للبحث عن تسويات توقف الحرب هو خوفها من التورط في حرب مع مقاتلي المعارضة، أياً كانت تصنيفاتهم شبيهة بما واجهته في أفغانستان، ما أدى إلى انسحابها، وقد يكون ذلك هو العامل الحاسم في أن ترى روسيا ضوءا في نهاية النفق.

back to top