بدون زعل

نشر في 13-10-2015
آخر تحديث 13-10-2015 | 00:05
 يوسف عبدالله العنيزي قبل أسابيع وبدعوة كريمة من أحد الأصدقاء قمت بزيارة لمدينة دبي الرائعة برحلة استغرقت ساعة ونصف الساعة، وأثناء الرحلة عادت بي الذاكرة إلى أول زيارة قمت بها لهذه المدينة عام 1972، وكانت في ذلك الوقت عبارة عن بعض المساكن القديمة مع بعض المطاعم والأسواق الشعبية تحيط بها بعض الكثبان الرملية، وصحراء ممتدة بلا نهاية، نظرت من نافذة الطائرة إلى مدينة دبي إنها غير المدينة التي أعرفها.

 فقد غدت مثال الإخلاص والتفاني في العمل والإبداع في الإنجاز، إنها ليست معجزة المنطقة بل العالم بأسره، فالوقت له ثمن وليس هناك مجال للصراع والنزاع اللذين سيؤديان بالضرورة إلى الفشل وذهاب الهمة، قطع علي تفكيري قائد الطائرة وهو يعلن البدء بالهبوط التدريجي نحو ذلك الحلم الذي غدا يسمى "مطار دبي الدولي"، وهو واحد من ثلاثة مطارات قامت "الإمارة الصغيرة" بإنشائها، هذا في الوقت الذي نعجز فيه نحن بدولة الكويت عن بناء مطار واحد، علما أن مطار دبي الدولي يعتبر من أكبر مطارات العالم، حيث تجاوز عدد المسافرين "52" مليونا، وذلك خلال فترة الأشهر التسعة الماضية.

 هبطت الطائرة بسلام واتجهنا إلى ذلك القطار الرائع الذي نقلنا إلى صالة القادمين، حيث يستقبلك شباب الإمارات وشاباتها وهم يتسابقون لخدمة القادمين بكل ترحيب واحترام، وبعد الانتهاء من تلك الإجراءات وجدت صاحبي في الانتظار فسعدت بلقائه، في مدخل المطار الخارجي تم تعليق لوحة كتب عليها "قلنا سنبني أكبر مطار في العالم وفعلنا...".

وهنا نطرح سؤالا بريئا جدا: هل تعني لنا هذه العبارة شيئا؟ بعد ذلك انطلقنا متجهين إلى الفندق، وفي الطريق لاحظ صاحبي كثرة تدقيقي في الشارع، فبادرني بالسؤال: عن أي شيء تبحث؟ أجبته: أبحث عن الحفر وأكوام القمامة وعن الأرصفة والمركبات المحطمة، وهنا أكد صاحبي أنه سيقوم بدفع فاتورة تكاليف الفندق إن استطعت أن أجد حفرة واحدة، لم أترك له المجال فبادرته بأني سأقوم بتقديم تذكرة سفر مجانية له إن استطاع أن يسير في شوارع الكويت لمدة ربع ساعة بدون أن يهوي في حفرة، أو يصطدم بأكوام القمامة ومخلفات البناء أو السيارات المحطمة.

في اليوم التالي قمنا بجولة في تلك المدينة الرائعة التي تبهرك بعماراتها وقطاراتها المعلقة وشوارعها الواسعة وجسورها ذات الأدوار المتعددة، مع التزام تام بقوانين المرور، بعد ذلك قمنا بزيارة للمدينة الطبية التي تضم عدداً من العيادات العالمية، ثم قمنا بزيارة للمدينة الإعلامية التي غدت مركزاً إعلاميا دوليا، أما الجامعات العلمية فقد تعددت جنسياتها ومناهجها ومستوياتها، عندها تذكرت أن هناك في الكويت جامعة مضى على قرار إنشائها ربع قرن، ودخلنا بالربع الثاني ولا تزال في طور الإنشا،ء ولا نعلم بوجودها إلا عندما يعلن عن نشوب حريق في أحد أجزائها.

من ناحية أخرى فقد لاحظت إعلانات ضخمة عن البدء بإنشاء مدينة جديدة باسم "دبي الجنوب"، التي تعد من روائع المدن في العالم، وتخلق نصف مليون فرصة عمل، وسيتم افتتاح هذه المدينة قبل افتتاح معرض "إكسبو 2020"، وستغدو دبي عاصمة العالم على مدى السنوات الخمس القادمة، هذا علما أن لدينا في الكويت 18 ألفاً من المواطنين عاطلون عن العمل منذ سنين.

 وهنا أؤكد أني أتحاشى دائما مقارنة الكويت بأي دولة أو مدينة في العالم، فالكويت كانت وستبقى "دانة الدانات" ولا يدانيها مكان في الدنيا، ولكن يعلم الله كم نتألم لما آلت إليه الأوضاع من انحدار! فإلى متى تبقى مصالح فئه معينة فوق مصالح الوطن؟ نتمنى أن يحرك هذا الطرح بعض مكامن الغيرة لدى بعض المسؤولين.

 وحفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

back to top