الريال البرازيلي من أكثر العملات هبوطاً في الاقتصادات الكبرى... لماذا؟

نشر في 09-10-2015
آخر تحديث 09-10-2015 | 00:03
No Image Caption
لا يعتبر تراجع قيمة العملة مقتصراً على البرازيل فحسب، فهناك انخفاض في العديد من العملات العالمية بسبب عوامل مختلفة، منها تباطؤ النمو في الصين، وانخفاض أسعار السلع الأساسية، والقرار المرتقب للولايات المتحدة برفع معدل الفائدة، وهو ما يهدد بتدفقات نقدية خارجة من الأسواق الناشئة.
ذكر تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أن الريال البرازيلي يعتبر واحدا من العملات الأكثر هبوطًا في الاقتصادات الكبرى حول العالم.

وأشار التقرير إلى أن السائح الوافد إلى «ريو دي جانيرو» وبحوزته 6.6 آلاف دولار أميركي في يناير الماضي كان بإمكانه حجز جناح في فندق «كوباكابانا بالاس» الفاخر مدة أسبوع، في حين أن نفس المبلغ يمكنه من حجز نفس الجناح الآن مدة 8 ليال.

عوامل داخلية وخارجية

ولا يعتبر تراجع قيمة العملة مقتصرا على البرازيل فحسب، فهناك انخفاض في العديد من العملات العالمية بسبب عوامل مختلفة، منها تباطؤ النمو في الصين، وانخفاض أسعار السلع الأساسية، والقرار المرتقب للولايات المتحدة برفع معدل الفائدة، وهو ما يهدد بتدفقات نقدية خارجة من الأسواق الناشئة.

وإضافة إلى العوامل السابق ذكرها، فإن البرازيل تعاني أزمات محلية تسببت في انخفاض قيمة عملتها المحلية منذ بداية العام الحالي. وبدأ العام الحالي بتحد كبير لرئيسة البرازيل «ديلما روسيف» مع توقعات بانكماش اقتصاد البلاد، لأن الحكومة البرازيلية أسرفت في الإنفاق خلال السنوات الثلاث الماضية، في حين كانت الأسواق حذرة بشأن اتجاه البلاد لمواجهة صعوبات بشأن خدمة ديونها.

وعلى الرغم من هذه المشاكل، فإنه كان هناك قدر من الثقة بقدرة وزير المالية «جواكيم ليفي» على كبح جماح الإنفاق، مع الدعم الحاصل عليه من قبل رئيسة البلاد.

الأزمات تتصاعد

وأوضح التقرير أن الأزمة الاقتصادية في البرازيل اتجهت نحو مزيد من التصاعد في النصف الثاني من العام الحالي.

وفي شهر يوليو الماضي، اعترف «ليفي» بأنه بالرغم من جهوده الكبيرة فإن الحكومة لن تكون قادرة على الوفاء بمستهدف الإنفاق خلال العام الحالي، مع حاجة البلاد له حتى تتمكن من سداد ديونها المتراكمة.

وقامت الحكومة البرازيلية في شهر أغسطس الماضي بإرسال الموازنة الجديدة المقترحة إلى البرلمان بعجز متوقع في العام المقبل، مما مثل قرارا مثيرا للجدل في البلاد.

واعتبر فريق الخبراء الاقتصاديين التابع للرئيسة البرازيلية أن هذا الاقتراح يمثل رسالة قوية للبرلمان بأنه في حال لم يساعد المشرعون الرئيسة على خفض الإنفاق، فإن الاقتصاد البرازيلي سيعاني بدرجة أكبر.

وأشار التقرير إلى أنه بدلا من نجاح «الرسالة» الحكومية، فإن الأسواق المالية تفاعلت مع هذه الموازنة المقترحة، وخفضت وكالة «ستاندرد آند بورز» التصنيف الائتماني لاقتصاد البرازيل في شهر سبتمبر  الماضي إلى «درجة غير استثمارية» أو ما يطلق عليه «خردة».

وقالت الوكالة إن الموازنة المقترحة عن عام 2016 تشير إلى شكوك حول قدرة الحكومة ورغبتها في الالتزام بالسياسات التصحيحية التي أعلنتها «روسيف» في وقت سابق.

وتسبب خفض التصنيف الائتماني للبرازيل في تسريع التدهور في قيمة العملة المحلية، مع وجود قواعد لدى العديد من صناديق الاستثمار الدولية بمنع الاستثمار في البلدان ذات التصيف الاستثماري «غير المرغوب فيه».

ووصل الريال البرازيلي في 22 سبتمبر الماضي إلى أدنى مستوياته على الإطلاق، في حين انخفض مؤشر البورصة الرئيسي في البلاد بنسبة 20 في المئة تقريبا منذ مايو.

التضخم الجامح

وترى «ميريام ليتاو» الصحافية ومؤلفة أكثر الكتب مبيعا حول تاريخ العملة البرازيلية أن الريال يعتبر أكبر من مجرد عملة، لأنه يمثل أهمية تاريخية كبرى للشعب البرازيلي. وأطلق الريال البرازيلي للمرة الأولى في عام 1994، ليضع حدا للتضخم الجامح في البرازيل، والذي تسبب لعقود في تآكل اقتصاد البلاد. وتمكن الريال البرازيلي بنجاح من التغلب على التضخم الجامح من خلال الحفاظ على قيمته «المبالغ فيها» مقابل الدولار الأميركي بضعة سنوات، وهو ما ساهم مع خفض الرسوم الجمركية في إدخال مزيد من السلع المستوردة إلى السوق البرازيلي، مما أجبر المنتجين المحليين على منع الأسعار من الارتفاع. ومع دخول العملة المحلية في تحديات صعبة في الفترة بين عامي 1999 و2003، فإن السلطات تمكنت من استعادة مصداقية العملة مع سياسات تهدف إلى إبقاء التضخم عند مستويات منخفضة.

الخاسرون والرابحون

ويعتقد التقرير أن المشكلة تتمثل في الأضرار الجانبية التي تسببت فيها التقلبات الشديدة، لأنه لا أحد يعلم إلى متى يستمر الانخفاض في قيمة العملة، وما إذا كان الريال سيقترب من قيمته السابقة.

وأضافت «ميريام» أن هذا التقلب يعتبر مقلقا بالنسبة لرجال الأعمال، لأنه يرفع قيمة بعض الديون، كما أنه يخلق حالة من عدم اليقين، ويؤثر على قرارات الاستثمار.

وعلى الجانب الآخر، تستفيد بعض المؤسسات من هذه التقلبات، وتقوم بعض الشركات باستيراد كل ما يمكنها من البرازيل في الوقت الحالي، كما أن إحدى شركات تصنيع السيارات العالمية أشارت مؤخرا إلى أن إنتاج السيارات في البرازيل أصبح أقل تكلفة مقارنة بالصين، بسبب تقلبات أسعار الصرف.

وأوضحت شركة «سكانيا» السويدية لصناعة الشاحنات أن مبيعاتها في البرازيل قد تراجعت بسبب الأزمة الاقتصادية في البلاد، إلا أنها رفعت مبيعات مصنعها في البرازيل لدول أميركا الجنوبية الأخرى.

هل تنتهي الأزمة؟

ويرى تقرير «بي بي سي» أن مصير البرازيل، وعملتها يعتمد على كيفية تطور الأزمات الاقتصادية والسياسية في البلاد.

ومن غير الواضح ما إذا كانت رئيسة البرازيل ستتمكن من اكتساب الدعم السياسي للإصلاحات المطلوبة، كما أنه في حال نجحت في ذلك فمازالت التساؤلات حول مدى نجاح خطتها الإصلاحية موجودة، إضافة إلى ترقب تطورات الأحداث في الصين، والولايات المتحدة.

ونجح الريال البرازيلي في استعادة جزء من خسائره خلال الأيام الماضية، مع التكهنات بشأن احتمال تأجيل الاحتياطي الفدرالي الأميركي لقراره المنتظر برفع معدل الفائدة إلى العام المقبل، إلا أن التقلبات في قيمة الريال البرازيلي لاتزال تمثل تحديا صعبا بالنسبة للمستثمرين، والسائحين الوافدين إلى البلاد.

(أرقام)

حكومة روسيف تلاعبت بحسابات 2014

خسرت رئيسة البرازيل ديلما روسيف معركة كبيرة أمس الأول عندما رفضت محكمة الحسابات الاتحادية حسابات حكومتها عن العام الماضي، مما يمهد الطريق امام خصومها لمحاولة عزلها.

وفي تصويت بالاجماع قضت المحكمة الاتحادية لمراجعة الحسابات بأن حكومة روسيف تلاعبت بحساباتها في عام 2014 لاخفاء عجز مالي كبير اثناء حملتها لاعادة انتخابها.

والقرار الذي اتخذته المحكمة هو الأول ضد رئيس برازيلي منذ ما يقرب من 80 عاما وليس ملزما قانونا،  لكن نواب المعارضة بالبرلمان سيستخدمونه للمطالبة باتخاذ اجراءات في الكونغرس البرازيلي لعزل روسيف. وقال مكتب روسيف إنه لا يوجد اي اساس قانوني للقرار، وأكد في بيان أن محكمة الحسابات عاقبت على نحو غير ملائم حكومة حزب العمال بزعامة روسيف على اجراءات اتخذتها للحفاظ على البرامج الاجتماعية لفقراء البرازيل. وتعانق زعماء المعارضة وأطلقوا الهتافات لدى اعلان الحكم في الكونغرس رغم انه ليس واضحا ما اذا كان بوسعهم حشد التأييد الكافي لعزل الرئيسة رغم فضيحة فساد شركة بتروبراس النفطية المملوكة للدولة وأكبر ركود اقتصادي في البرازيل في 25 عاما. وقال كارلوس سامبايو زعيم حزب المعارضة الرئيسي وهو حزب الديمقراطية الاجتماعي في مجلس النواب: «هذا يؤكد انهم تلاعبوا في الحسابات المالية، وهي جريمة ادارية ويجب ان تواجه الرئيسة روسيف تصويتا على اقالتها».

وقال روبينز بينو العضو بالكونغرس عن الحزب الاشتراكي الشعبي «انها النهاية لحكومة روسيف»، وتابع ان المعارضة تمتلك الاصوات التي تمكنها من بدء اتخاذ الاجراءات القانونية في مجلس النواب رغم انها ليست اغلبية الثلثين الضرورية لمحاكمتها بهدف عزلها في مجلس الشيوخ. وفي محاولة في اللحظات الاخيرة لكسب الوقت، طلبت الحكومة من المحكمة العليا تأجيل حكم يوم الاربعاء لكنها رفضت.

وقال النائب العام لويس اناشيو ادامز ان الحكومة ستستأنف مرة اخرى امام المحكمة العليا لالغاء قرار محكمة الحسابات.

وفي وقت سابق أمس الأول، اخفقت حكومة روسيف في الحصول على الدعم الكافي في الكونغرس لدعم جهودها لاعادة التوازن في الحسابات العامة للبرازيل.

(رويترز)

back to top