منير مراد... 34 عاماً من التجاهل

نشر في 07-10-2015
آخر تحديث 07-10-2015 | 00:01
• ساهم في تشكيل رؤى أجيال وتلوين أحلامهم
من منا لم يحلم بالبحر ولم تحتفظ ذاكرته بمرح الشواطئ وغنى مع العندليب الأسمر «قاضي البلاج يا قاضي»؟ من منا لم يحلم بخاتم الخطوبة وغنى مع شادية «يا دبلة الخطوبة عقبالنا كلنا»؟ وفي شهر رمضان، من منا كل عام لم يردد مع صباح وفؤاد المهندس «الراجل دا هايجنني»... إنها أغان ترسبت في وجداننا وأصبحت جزءاً من ثقافتنا وساهمت في تشكيل رؤانا وتلوين أحلامنا. ربما لا يعرف كثيرون أن صاحب هذه الألحان هو الموسيقار الراحل منير مراد الذي تأتي ذكرى رحيله الرابعة والثلاثين في 17 أكتوبر الحالي في صمت ودونما اهتمام من القيمين على الثقافة والفن.  

 تتحدى أعمال منير مراد الزمن وتعيش في وجدان وعاطفة الشعب العربي، فهو الحاضر في كل أفراحنا بأغاني «ابعد يا حب» بصوت العملاقة عفاف راضي ثم المغني الشعبي محمود الحسيني، وأغنية «شبك حبيبي شبك قلبي وشبك روحي» لشادية، وأيضاً «تعالى أقولك»، و{حاجة غريبة» لشادية. وهو كذلك صاحب وعمدة الأغاني الشعبية التي قال عنها البعض «لو لم يلحن غيرها لكفته «كعب الغزال» لمحمد رشدي وأغاني حارة السقايين لشريفة فاضل ثم نانسي عجرم ومحمد منير وأغنية «لما راح الصبر» منه لشريفة فاضل، ثم  ديانا كرازون ونجوى كرم ووائل جسار. وفي يوم نتيجة الثانوية العامة من كل عام تجد القنوات الفضائية تذيع أغنية «الناجح يرفع إيده» التي لحنها لعبد الحليم حافظ.

أعمال منير مراد كثيرة وتتحدى الزمن وتعيش في وجدان وعاطفة الشعب العربي. عاش يهودياً ثم مسلماً، لكنه كان دائماً مصرياً عربياً، والتساؤل الآن: لماذا تجاهل تلك الشخصية العربية وهويتها؟ لماذا نتجاهل وجداننا الجمعي ونتركه فريسة للنسيان ينهك ذاكرتنا العقلية والنفسية فتنتشر على سطح فؤادنا بثور القبح وتقيحات التفاهة والسطحية؟ وليس أوضح على ذلك من أننا تركنا الفن العربي الراقي ورموزه يقتلهما النسيان وفتحنا نوافد أرواحنا للمدعين المصطنعين.

يرى أحمد رمضان، الملحن والموزع الموسيقي ووكيل نقابة الموسيقيين، أن «التجاهل ليس لمنير مراد وحده إنما يمتد إلى كثير من الملحنين والقامات الفنية، ولكني واثق أنه تجاهل غير مقصود إنما يسقط البعض سهواً، لذا يجب على المهتمين بهذه المواضيع من أفراد ومؤسسات إعلامية وفنية ومتخصصين أن يتحركوا بأقصى جهد من خلال وسائل الأعلام المرئية والمسموعة وكل أشكال الميديا لإعادة الحقوق إلى هؤلاء العظماء الذين رحلوا عن عالمنا ولكن بقت أعمالهم خالدة لأنهم قدموا ما قدموا عندما كان المجتمع غارقاً في ظلام الجهل والجفاء فأناروا الطريق أمامنا ومنحوا حياتهم العامة والشخصية وضحوا بكل غال ورخيص لا لشيء إلا إسعاد الشعب العربي بفنهم وموسيقاهم، وأخص بالذكر العبقري منير مراد لأنه كان من القلائل الذين نجحوا في عمل شكل موسيقي في وقت قليل، حيث قدم موسيقى الچرك التي كانت جديدة نسبياً على الساحة العربية وحوَّل القالب الموسيقي الغربي إلى قالب شرقي جميل مثل لحن أغنية «الليل الليل» لشريفة فاضل، ثم صنع مكانة مميزة لنفسه في سماء الفن العربي، وأبدع أعمالا مميزة ومستمرة حتى الآن حتى لو تم عمل ألحان موازية أو شبيهة تظل باهتة بجوار الأصل} .

أكد رمضان {للجريدة} أن نقابة الموسيقيين لا بد من أن يكون لها دور مستقبلي في رعاية التراث الفني، حيث إن هذا الدور متعثر الآن نتيجة الظروف والمناخ العام الذي يحيط بأعضاء النقابة ومشاكلهم وأنه بمجرد استقرار الوضع العام وانخفاض حدة مشاكل الأعضاء ستتمكن النقابة من استعادة دورها تجاه كل نجوم الفن العربي ومنهم منير مراد قطعا.

يتفق الملحن أحمد إسماعيل على مكانة منير مراد وانتشار أسلوب التجاهل ليشمل الكثيرين قائلاً: {رغم  أن منير مراد سبقه الكثير من الملحنين كعبد الوهاب والقصبجي في استخدام بعض الاتجاهات الغربية كانت له مدرسته وأخرج موسيقى ذات طابع خاص، مما دفع كثير من المغنيين إلى التعاون معه، ومما لا شك فيه أن ألحان  منير مراد حية حتى الآن}.

ولكن للأسف ثمة حالة تجاهل عام وليس لمنير مراد وحده، لكن هذا بسبب تدهور الذوق العام من بعد الانفتاح الاقتصادي وانتشار ظاهرة شركات الكاسيت وابتعاد الدولة وترك الساحة للتجار.

فلا بد من أن تقوم مؤسسات الدولة مثل الإذاعة والتلفزيون ثم النقابات الفنية مرة أخرى باستعادة أدواتها لحماية الذوق العام {.

back to top