خاص

آليات الحكومة لإشراك القطاع الخاص في تطوير «السكني»

عقاريون لـ الجريدة•: الآليات عديدة... والمشكلة في التشريعات

نشر في 05-10-2015
آخر تحديث 05-10-2015 | 00:04
يجمع معظم خبراء العقار والمهتمين بالأزمة الإسكانية التي تعانيها الكويت منذ زمن على أن حل المشكلة يكمن في السماح للقطاع الخاص بالمساهمة في عمليات تطوير السكن الخاص، وإعطائه دورا أكبر، وإلغاء كل التشريعات التي حدت من عمله، وأبرزها قانون 8/9 لعام 2008.
ولكن ما الآلية التي يمكن للحكومة اتباعها لإشراك القطاع الخاص في تطوير المساكن الخاصة؟ هذا ما طرحته «الجريدة» على مجموعة من خبراء العقار، الذين أوضحوا في بداية الأمر أن تفاقم الأزمة جاء بعد التشريعات التي تم بموجبها منع الشركات العقارية من تطوير وتملك العقار السكني الخاص، إضافة إلى القوانين التي منعت الجهات التمويلية من إقراض وتمويل العقار السكني.
وأكدوا أن هناك العديد من النماذج التي يمكن أن يقدمها المطورون العقاريون لحل الأزمة بأسرع وقت ممكن، مشيرين إلى أن هناك الكثير من الأمثلة والتجارب التي قامت بها الدول، والتي أثبتت نجاحها وفعاليتها في حل الأزمة الإسكانية، والتي يمكن تطبيقها على البيئة المحلية. وأشار العقاريون إلى أن الدولة ستواجه خلال الفترات المقبلة صعوبة في إنشاء البنية التحتية للمدن المخصصة لبناء المساكن الخاصة للمواطنين، موضحين أن الدولة تمتلك فوائض وسيولة كبيرة، ولكنها لا تمتلك السرعة في إنجاز البناء، وهذا ما يميز القطاع الخاص... وفي ما يلي بعض آراء الخبراء:

قال رئيس مجلس إدارة شركة سدير للتجارة والمقاولات (سدير)، طارق المطوع، إن هناك العديد من النماذج التي يمكن أن يقدمها المطورون العقاريون لحل الأزمة والمشكلة الإسكانية، مشيرا إلى أن يجب على الحكومة أن تتخلى عن سياسة الأرض والقرض، لأنها مكلفة على ميزانية الدولة وغير مجدية.

وأضاف أنه يمكن للحكومة أن تتبع نموذج المدينة المتكاملة، وهي إعطاء المطورين الأحقية في تطوير وبناء البنى التحتية لمدينة ما وفق جدول زمني محدد ومواصفات معينة، ومن ثم إعطاء مطورين آخرين الأحقية في بناء المساكن الخاصة للمواطن، وأيضا وفق مواصفات تضبط عمليات التأجير الحاصلة حاليا في الخاص.

انتعاش القطاعات

وأشار إلى انه بتلك الطريقة يمكن حل الأزمة في أسرع وقت ممكن، كما أنها ستعمل على انتعاش جميع القطاعات الاقتصادية التي تعتبر مترابطة مع بعضها البعض، إضافة إلى أنها ستخفض التكاليف والعبء على الحكومة وميزانية الدولة.

ولفت المطوع إلى ان المعضلة الإسكانية لا تنحصر في شح الأراضي أو احتكارها فحسب، بل في عدم السماح للقطاع الخاص بالمساهمة في تطوير المساكن الخاصة، لافتا إلى أن الاقتصاد المحلي من مصانع وقطاع المقاولات إضافة إلى الجهات التمويلية سيشهد انتعاشا بفعل السماح للشركات بالمساهمة في البناء.

وأفاد بأن المناطق السكنية الخاصة تعاني من عمليات التأجير، حيث كان التاجير في السابق يقتصر على أحياء السكن الاستثماري، ثم امتد إلى بعض مناطق السكن الخاص الجديدة، مما أدى إلى وجود العديد من المشاكل وأبرزها الأزمة الأمنية والمرورية بسبب المساحات الكبيرة للمنازل والسماح ببناء اكثر من دور.

وأوضح انه يجب على الدولة أن تعمل على تخفيض تكاليف البناء وعدم السماح ببناء اكثر من دور أو دورين، لافتا إلى أن نسب ارتفاع التأجير في مناطق السكن الخاص إلى هذا الحد يجعلها ظاهرة تستحق التوقف عندها، إذ إن هناك مناطق باتت طاردة للكويتيين بسبب ارتفاع نسبة التأجير فيها.

نماذج البناء

من جانبه، ذكر الخبير العقاري عبدالعزيز الدغيشم أن النموذج الأمثل لحل القضية الإسكانية في الكويت هو الاستعانة بصغار المطورين العقاريين، وذلك عبر تخصيص أراض لهم لبنائها، موضحا أن المطور الصغير أو مجاميع المطورين يسعون دائما إلى تقديم أفضل ما لديهم من نماذج البناء وفقا للمواصفات العالمية.

وأضاف الدغيشم أن خير مثال على نجاح صغار المطورين هي منطقة جنوب السرة، حيث قامت مجاميع شبابية ببناء عدد كبير من المنازل الخاصة، وتعتبر المنطقة حاليا من المناطق النموذجية والمرغوب بها، لافتا إلى أن الدولة غير قادرة على حل الأزمة بمعزل عن القطاع الخاص، حيث أثبتت الحلول التي وضعتها خلال السنوات الماضية فشلها.

واقترح أن تقوم الحكومة بعمل مناقصة لبناء منطقة معينة، ويتم ترسية كل مجموعة أراضي "بلوك" على مطور، وهكذا حتى يتم الانتهاء من عمليات البناء بأسرع وقت، كما ستكون هناك نماذج بناء تختلف كليا عن بعضها بعضا.

دعم مواد البناء

وتابع انه يجب على الحكومة أن تقوم بدعم مواد البناء وفتح المجال أمام شركات المقاولات والصناعية، حيث انه مع ارتفاع الأسعار لا يمكن للشركات العمل، كما أن ارتفاع سعر الأيدي العاملة له تأثير سلبي على الأسعار، وكل ذلك ضد مصلحة المواطن.

وأكد أن السوق المحلي يفتقد إلى المطورين العقاريين، فهم يعتبرون من العناصر الضرورية في الدولة، مشيرا إلى أن هناك العديد من الأمثلة على نجاح المطورين في كثير من الدول، وأن جزءا كبيرا من أسباب ارتفاع الأسعار في السكن هو منع الشركات من المساهمة في عمليات البناء.

ولفت إلى أن المواطن يثق بقدرات القطاع الخاص، والمطورين العقاريين، موضحا أن الحاجة ماسة الآن لسن تشريعات جديدة تسمح للقطاع الخاص بممارسة دوره في عمليات بناء المساكن، ولكي تواكب المرحلة ومتطلباتها، ويجب إنهاء هذه الحقبة التي أثرت على احتياجات المواطن الرئيسية وعلى عمل الشركات العقارية.

تفاقم الأزمة

بدوره، قال الخبير العقاري طارق العتيقي إنه لابد في بداية الأمر أن "نعرف ما الأسباب التي أدت إلى تفاقم الأزمة الإسكانية ووصول عدد طلبات الإسكان إلى أرقام مرتفعة، إضافة إلى ارتفاع الأسعار، موضحا أن من الأسباب الرئيسة قانون 8/9 لعام 2008، الذي بموجبه منعت الشركات من تملك العقار السكني أو المساهمة في تطويره، إضافة إلى أن هناك قوانين منعت شركات التمويل من إقراض وتمويل العقار السكني.

وأوضح العتيقي أن الهدف من تلك القوانين كان الحد من ارتفاع أسعار العقار السكني، ولكن تبين في ما بعد أن مساهمة الشركات في تطوير العقار السكني أو تمويل العقار السكني ليس لها علاقة بارتفاع الأسعار، والدليل على ذلك أن الأسعار ارتفعت وتضاعفت بعدما تم منعها في المساهمة في تطوير العقار السكني الخاص.

400 منزل

وذكر العتيقي أن حلول الأزمة تتمثل في إلغاء قانون 8/ 9، وإقرار تشريعات محفزة تثيب الشركات العاملة بجد وتعاقبها في حال تقصيرها، مشيرا إلى أنه بإمكان الحكومة اتباع نموذج تخصيص ارضي للقطاع الخاص، وإعطاء كل شركة عقارية الحق في تطوير ما لا يزيد على 400 منزل مثلا.

وتابع أن بهذه الطريقة يمكن للحكومة أن تنجز اكبر عدد من المنازل في اسرع وقت، إضافة إلى توفير نماذج مختلفة من المنازل، كما أن المنافسة ستكون كبيرة بين الشركات العاملة، وبالتالي ستحصل الحكومة على افضل العروض.

وذكر أنه يجب على الحكومة ومجلس الأمة التشريع للسماح للشركات الأجنبية بالدخول في عمليات التطوير والبناء، وهذا كله يصب في مصلحة الدولة والمواطن.

البنى التحتية

من جانبه، أكد رئيس مجلس إدارة شركة مينا العقارية، فؤاد العمر، أن الدولة ستواجه خلال الفترات المقبلة صعوبة في إنشاء البنى التحتية للمدن المخصصة لبناء المساكن الخاصة للمواطنين، مشيرا إلى أن الدولة تمتلك فوائض وسيولة كبيرة، ولكن لا تمتلك السرعة في إنجاز البناء، وهذا ما يميز القطاع الخاص.

وقال العمر إن هناك العديد من الآليات والنماذج التي يمكن للحكومة اتباعها لحل المشكلة الإسكانية بالاشتراك مع القطاع الخاص، أبرزها السماح للشركات بتملك الأراضي وتطوير المساكن الخاصة، ومن ثم يقوم المواطن باختيار منزله وتقوم الحكومة في المقابل بتمويله للشراء.

وأضاف أنه بتلك الطريقة تنتهي الأزمة الإسكانية، إضافة إلى أن المواطن سيحصل على منزله في المنطقة التي يرغب دون التقييد بمنطقة معينة، مشيرا إلى أن هناك العديد من التجارب لدى دول الجوار، منها على سبيل المثال السعودية والبحرين اللتان قامتا بنفس هذه الآلية.

عدم القدرة

وأضاف أن المؤشرات والمعطيات تؤكد عدم قدرة الحكومة بمفردها على حل القضية الإسكانية دون أن تشرك القطاع الخاص في العملية، مشيرا إلى انه يجب على الحكومة أن تتبنى رؤية إسكانية واضحة الملامح، بحيث يتم من خلالها إصلاح الاختلالات في قطاع السكن الخاص.

وذكر العمر انه يجب على الحكومة أن تحرر الأراضي المحتكرة لديها، وإعطاء القطاع الخاص المساحة الكافية للمشاركة في عمليات السكن الخاص وغيرها، وتعديل القوانين التي تحد من عمله، والعمل على تحفيزه.

back to top