إبراهيم الخالدي: الشعر عملية واحدة... بالفصحى أو العامية

نشر في 05-10-2015
آخر تحديث 05-10-2015 | 00:01
«الدافع إلى كتابة الشعر حدث يهزّ المشاعر»

يرى الشاعر إبراهيم الخالدي أن ثمة واقعاً للشعر، وواقعاً للشعراء في الكويت، ويعتبر أن واقع الشعر يمكن إحياؤه بمزيد من الأنشطة والفعاليات سواء من خلال رابطة الأدباء أو المجلس الوطني للثقافة أو الإعلام المرئي والمسموع والمقروء والإلكتروني. كذلك يؤكد أن العمل في البحث والتأليف هو متعته الوحيدة حالياً. الجريدة التقته وكان معه هذا الحوار:
يتجه البعض إلى الشعر السياسي لأجل الشهرة فما تعليقك؟

الشعر الذي يتفاعل مع الشأن السياسي نمط متوارث، وموجود منذ عرف الشعر، وبالتالي فلا ضير أن يكتبه الشاعر، ولعلنا نتذكر أن الشاعر كان لسان قومه ووطنه مند القدم، من ثم كان لرسالته تداخل مع الشأن السياسي. ولا يمكنني أن أحكم على نوايا الشعراء، والجزم بأنهم يكتبون الشعر السياسي لأجل الشهرة. وعموماً، رغبة الشاعر في وصول أشعاره إلى الجماهير، واشتهارها بينهم، وحتى السعي إلى أن يكون معروفاً بينهم ليس أمراً معيباً، ما دام ما يقوله صادقاً ونابعاً من حقيقة مواقفه ومشاعره.

ما الأفكار التي تشجعك على كتابة الشعر؟

من الصعب الإجابة عن هدا السؤال، فكل قصيدة هي حالة بذاتها، والأفكار تتعدد، وتختلف، وعموماً فالدافع على كتابة الشعر قد يكون حدثاً يهز المشاعر، أو فكرة تحث القريحة، وأحياناً يكون الحدث بسيطاً أو الفكرة عادية، ولكن الشاعر يطور المكونات الصغيرة داخل عقله ليخرج بنص قد يكون أكثر تعقيداً وتشعباً. ميزة الشاعر أنه يرى في أبسط الأمور ما لا يراه غيره.

هل تعتقد بأن الشعر يصنف كمهنة كما قال الشاعر بابلو نيرودا؟

مهنة؟ لا أميل إلى هذا القول... هواية: ربما؟ وربما يكون مهنة لدى آخرين لا يمارسون عملاً كتابياً غير الشعر. أما بالنسبة إلي، فثمة مجالات أخرى تستهويني كالكتابة الصحفية والبحوث والدراسات التاريخية. عموماً، قاربت إصداراتي الثلاثين كتاباً ليس من بينها دواوين شعرية سوى أربعة، ولذلك فكتابة الشعر أحد انشغالاتي الكتابية وليس كلها.

هل لديك فلسفة خاصة في انتقاء العنوان؟

بالنسبة إلى عنوان القصيدة وحتى عنوان المجموعة الشعرية، تهمني العبارة المصورة للحالة المهيمنة على النصوص، ولذا لا ألتزم أحياناً باستلال العنوان من داخل النصوص كما هي عادة الشعراء. أهتم كثيراً بتوصيل فكرة النص من خلال العنوان حتى لو يكن حرفياً موجوداً داخل النص.

كيف تحدد الفكرة التي تتواءم مع الشعر العامي أو الشعر الفصيح؟

لا يعنيني ذلك، بمعنى أن الشعر هو عملية واحدة سواء كانت لغته فصيحة أو عامية، وتقرير ذلك لا يأخذ مني تفكيراً طويلاً. عندما تأتي القصيدة أجدها قد تلبست ثوبها من البداية. فصيحاً أو عامياً. عمودياً أو حراً أو نثراً، وحالما أبدأ يتحول تفكيري إلى إنتاج نص شعري جيد بالمستوى الذي يرضيني مهما كان الثوب الذي تتلبسه.

هل تحبذ أن تغنى قصائدك؟

التغني بالشعر أمر يجمل النص، ويقربه إلى قلب المتلقي، ولا أمانع به بشرط مراعاة الأحكام الشرعية والضوابط الدينية التي تحكم مثل هذا الأمر، وعموماً لا أظنني أكتب نصوصاً شعرية خفيفة تعجب معظم مطربي هذه الفترة، ولذلك فقد كفوني مؤونة هذا الأمر، وحرج الرفض أو القبول.

أي قصيدة الأحب إلى قلبك؟ ولماذا؟

يرتبط كل نص كتبته بذكرى معينة وموقف خاص دفعني إلى كتابته، وبالتالي فأنا بعد الانتهاء من كتابة النص انتقل إلى موقف المتلقي، فأنحاز إلى نصوص بعينها، وربما كانت مرثيتي لوالدي يرحمه الله المعنونة {واصل الرحم} هي الأقرب إلى قلبي لخصوصية مناسبتها، والأفكار التي سكبتها داخلها.

ما سبب اهتمامك بالدراسات التراثية والتاريخية؟

تزامن اهتمامي بالدراسات التراثية والتاريخية مع اهتمامي بالشعر في فترة المراهقة، بل إن محاولتي لتأليف كتاب في التاريخ سابقة على محاولاتي الأولى لكتابة الشعر. ويشكل التراث والتاريخ متعة بالغة لي، ومصادر ثقافة وغنى معرفية انعكست على كثير من نصوصي الشعرية، وأفادتني كثيراً كشاعر تماماً كما أفادني الشعر في التعامل مع كثير من دراساتي التراثية والتاريخية التي دارت حول الشعر، فالأمران متكاملان، ويصب كل واحد في معين الآخر، ويزيده حلاوة وغزارة.

قدرات متواضعة

كيف ترى واقع الشعر في الكويت؟

ثمة واقع الشعر، وواقع الشعراء، وواقع الشعر يمكن إحياؤه بمزيد من الأنشطة والفعاليات سواء من خلال رابطة الأدباء أو المجلس الوطني للثقافة أو الإعلام المرئي والمسموع والمقروء والإلكتروني، ولا شك في أن ثمة جهوداً مبذولة، ولكننا دائماً نطمع بالمزيد.

أما واقع الشعراء، فالخريطة تعاني ركوداً، مع قلة نتاج الأسماء الموجودة، وحالة الإحباط التي دفعت بكثيرين إلى التوقف الاختياري عن كتابة الشعر، كذلك ألحظ أن ظهور الأسماء الجديدة (المبدعة) يتناقص، وأعتقد أن هذا مبرر في ظل هجمة وسائل التواصل الاجتماعي، وانغماس النشء فيها لدرجة لا توصف، ناهيك بأن مخرجات التربية في اللغة العربية أدت إلى ضعف بيّن في قدرات ذلك النشء اللغوية، ونزعته إلى قراءة الشعر الفصيح.

 وظهور المواهب مرتبط في رأيي بالقدرة والنزعة.  

ما سبب إصدارك ثلاثة كتب دفعه واحدة؟

الكتب المقصودة، دراسة تاريخية بعنوان {النبهاني وتحفته}، ودراسة أدبية بعنوان {ديوان الرجز والحداء}، ومجموعة مقالات ساخرة بعنوان {الصقر الإلكتروني}، وهي كانت جاهزة للطبع منذ فترة، وقد تيسرت لي طباعتها الآن عن طريق دار نشر جديدة هي دار {مسارات}. وثمة كتب عدة أخرى جاهزة للصدور سأحاول طباعتها في الفترة المقبلة بمشيئة الله تعالى، والعدد لا يستغرب لكوني منشغلاً طوال الوقت بإعداد الدراسات وتأليف الكتب، وقد تيسر لي الوقت لذلك، خصوصاً بعدما توقفت عن العمل الصحافي الذي كان يشغل معظم الوقت. ومنذ ربع قرن، أمارس الكتابة يومياً، وما دمت لا أشغل وقتي بالصحافة، فالعمل في البحث والتأليف هو متعتي الوحيدة حالياً.

back to top