يا شينها ويا «قل حلاها»!

نشر في 05-09-2015
آخر تحديث 05-09-2015 | 00:01
 يوسف عوض العازمي منذ سنوات، والكثير يتحدث عن خلايا نائمة لدولة جارة لدول مجلس التعاون، وأي متابع للشأن الإقليمي يدرك أن ما تهدَّد به دولنا هو تلك الخلايا العدوانية، فذلك أقصى ما تستطيعه تلك الدولة الجارة.

هنا لن أتحدث عن الذين اتُّهموا في تلك القضية، فالأمر الآن في أيدٍ أمينة، وتحت تصرف الجهات الأمنية والنيابة العامة، وهي جهات محل ثقة، تعرف كيف تعمل أيضاً، لكن علينا التمسك بالقاعدة العامة، وهي أن "المتهم بريء حتى تثبت إدانته"، وهي أهم قاعدة تحفظ كرامات الناس وحقوقهم.

علينا أن نعرف المجرم بأنه مجرم، والصالح بأنه صالح، دون أن نحمل طائفته أو فئته الاجتماعية أو قبيلته وزر خطئه، ونستعين بقول الله تعالى "وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى"، فكل كويتي هو مواطن صالح، له كل الحقوق وعليه كل الواجبات، لا تفضيل لمواطن على آخر، والكل سواسية أمام القانون، لذلك علينا أن نتمسك بالوحدة الوطنية، ونحافظ على أمننا الاجتماعي، ونضع أمن الكويت التي تجمعنا فوق أي أعتبار، فالجهات الأمنية والقضائية تقوم بواجبها على أكمل وجه، ولا داعي للمزايدات والتكسب لمصالح انتخابية ضيقة.

تصرفت الحكومة بحذق وحكمة في التعامل مع ما حدث، بدءاً من الإعلان عن كشف الخلية، والتصوير الذي تم بثه في الوسائل الإعلامية الرسمية، وبيان مجلس الوزراء الممتاز، وبعده بيان النيابة العامة الواضح.

ولأن "الزين ما يكمل"! كان على الحكومة إعلان أسماء المتهمين بدلاً من انفراد عدة حسابات تويترية بإعلان هذه الأسماء بشكل غير رسمي، دون موثوقية قانونية به، وبذلك التصرف وصلت الإشاعات بين الناس إلى الحد الأعلى!

يأتي أحد المفوهين التويتريين وينشر أسماء بل ويحدد التهم المنسوبة! ولأنه لم يُنشَر تأكيد لذلك أو نفي فمن الطبيعي انتشار الخبر بين الناس كانتشار النار في الهشيم!

هناك من يقول إن الحكومة هي التي تسرب تلك الأسماء إلى مغردين محددين، ولا تريد النشر رسمياً خشية مسببات قانونية معينة، وهنا أقدر الأمر، لكنه أيضاً ليس علاجاً فعالاً لتلك المعضلة القانونية، فعلينا أولاً وأخيراً أن نفهم أن القانون وضع في الأساس لتحقيق المصلحة العامة، وليس للقفز بين مواده وكيفية تكييفها وكيف تخرج من هذه إلى تلك!

كان تصرف السفارة الإيرانية خارجاً عن حدود اللياقة الدبلوماسية، وذكرتني بـ "كاد المريب يقول خذوني"! غير أن رد وزارة الخارجية على قلة الأدب الدبلوماسبة الإيرانية جاء عاقلاً ووضع النقاط فوق الحروف.

هناك من ينادي بقطع العلاقات مع إيران، لكنني أرى أن من يقرر ذلك هو القيادة السياسية، لأنها هي التي تملك المعلومات والرؤى لمصلحة البلد، فالموضوع ليس بالسهل ولا الهين، وإيران دولة جارة، وسياسة الكويت الخارجية حكيمة، وتعرف تماماً من "أين تؤكل الكتف"، فدعوا لها القيادة وتمتعوا بالرحلة، لا أقول ذلك مزحة أو غيرها، لكننا تعودنا على قيادة سياسية تملك من الثقة والرصانة والحصافة ما يؤهلها لاتخاذ القرار الصحيح في مثل هذه القضايا الكبيرة.

لا ننسَ أن زيارة نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد للولايات المتحدة قد تكون لها علاقة باكتشاف تلك الخلية الإرهابية، فقد جاءت زيارة الوزير في هذا الوقت بالذات، لافتة وذات زخم، وأراها تصرفاً في الاتجاه المناسب، إذ تبقى الولايات المتحدة من أحد أهم حلفاء الكويت، ولا ننسى دورها الكبير والمؤثر في تحرير بلدنا.

أخيراً، سأتحدث عن دور دول مجلس التعاون في مواجهة إيران، وسأكون صريحاً، إذ إننا لم نواجه الجارة العدوة بالشكل المطلوب، ولولا "عاصفة الحزم" لساءت الأمور أكثر وأكثر، فتعامل دولنا مع تلك الجارة ليس بالشكل الجيد ولا الرادع، ومن يتابع تصرف دولنا لربما وصف مجلس تعاوننا بالمجلس الشكلي!

كيف نواجه الدولة العدوة، وكل دوله تتصرف بحسب مصالحها! "مجلس تعاون" و"هالله الله" وتالي القصة كل دولة تتصرف بحسب مصالحها!

الأسواق الخليجية "بحسب مصالحنا" هي أكبر سوق للبضائع الإيرانية! وموانئنا الخليجية هي الرئة التي تتنفس بها تجارة "الفرس"! فلا تتكلموا عن سحب سفراء أو قطع علاقات فتصرفات المصلحة لا تملك القدرة على اتخاذ تلك الخطوة!

أيضاً لن أصدق أن الدولة الجارة تتآمر علينا وعلى دولنا، وأنا أتابع وأقرأ عن التواصل التجاري والاقتصادي الكبير بين دولنا وتلك الدولة العدوة، ما قد يجعل دولنا أكبر مستودع للبضائع الإيرانية!

نحن بحاجة إلى "عاصفة حزم" أخرى، تصلح قراراتنا الخارجية لتصبح واحدة بحسب مصلحة دول مجلس التعاون الخليجي، لا بحسب مصلحة دولة دون أخرى، فهل تنتظرون حتى نكتشف في كل دوله خلية إرهابية؟

وصدقوني لن تفعل الدولة "العدوة" شيئاً يذكر، فهي تعرف تماماً حجمها، لكننا نحن من عليه معرفة حجمه الحقيقي والنظر إلى قدراته الممتازة، والتصرف حسب ذلك، وبعدها يحق لنا الفخر بمجلس التعاون، وعلينا تذكر أن أهم وسيلة لمواجهة الصعاب هي اختراقها، ولعل ما حدث في اليمن يشكل قاعدة نتفاءل بها للثقة بأنفسنا لمواجهة أية خطر.

يصف لي أحد كبار السن تصرفات تلك الدولة الجارة وعدوانيتها، بعبارة "ياشينها وياقل حلاها"! إي والله يا شايبنا "ياشينها وياقل حلاها"

back to top