هكذا تربين طفلاً صعب المزاج

نشر في 05-09-2015 | 00:01
آخر تحديث 05-09-2015 | 00:01
No Image Caption
بدأ الولد البالغ من العمر سنتين يصيح خوفاً.

لم تتسنَّ له فرصة الضغط على زر طلب المصعد. وعندما دخل برفقة أمه إلى المصعد، ضغطت أمه في غفلة منه على زر الطابق، حارمةً إياه أيضاً من الخطوة التالية في عادات المصعد التي يتبعها. راح يصيح: {كلا، أنا أضغط عليه! أنا أضغط عليه!}. وتابع  الصياح في حين خرجا من المصعد وتوجها إلى غرفة صفه.

هل هذا ولد مدلل ويجب أن يتعلم أنه لا يستطيع دوماً الحصول على مبتغاه، أم ثمة تفاصيل أخرى نغفل عنها؟

قد تستغربين حين تعلمين أن توفاه كلاين، مديرة مركز بارنارد لنمو الأولاد، تختار الاحتمال الثاني. ففي كتابها How Toddlers Thrive: What Parents Can Do for Children Ages 2-5 to Plant the Seeds of Lifelong Success (كيف يزدهر الأولاد: ما يستطيع الأهل فعله لأولادهم بين سن الثانية والخامسة لزراعة بذور النجاح طوال الحياة) الذي صدر أخيراً بغلاف ورقي (Touchstone)، تشجع الأهل على رؤية العالم من منظار ولدهم: إنسان فضولي، مصمم، مرح، مع أن شخصيته لم تتشكل بعد كاملاً.

مشاعر غير مضبوطة

تكتب كلاين أن جزء الدماغ المسؤول عن التفكير يبدأ بالعمل في مرحلة لاحقة بعد ذاك المسؤول عن العواطف. نتيجة لذلك، يملك الأولاد المشاعر، إلا أنهم يفتقرون إلى الأدوات لضبطها.

تضيف كلاين، التي دُعيت {معالجة الأولاد}: {يعلقون في هذا الوضع. يقول لهم عقلهم، مثلاً: لدي رغبة! لا بد من أنها جميلة. إلا أنهم يفتقرون إلى القدرة على القول: قد لا أتمكن من تحقيق هذه الرغبة الآن. فلا يتمتعون بعد بهذه المرونة}.

عندما بلغ الولد الذي لم يتمكن من الضغط على أزرار المصعد الصف، كان قد جن جنونه، وفق كلاين. لذلك قررت تكرار عملية الصعود إلى الصف. كذلك عملت هي ومدرّسة الولد على التوضيح للأم واقعاً مهماً: يرسم الولد في ذهنه روتيناً محدداً يجعله يشعر بالراحة والسيطرة ويشمل أزرار المصعد تلك. ولم يبلغ بعد مرحلة النمو الكافي ليتمتع بالمرونة الضرورية أو لينفصل عن أمه من دون هذا الروتين. لذلك بدا منطقياً إعادته إلى المصعد والسماح له بالضغط على الأزرار.

وهذا ما قام به. فرجع إلى الصف بحالة مختلفة: هادئ، واثق بنفسه، ومستعد لمتابعة يومه في دار الحضانة.

لكن كلاين توضح أن هذا لا يعني أن على الأم أن ترضخ دوماً. ففي غضون بضعة أشهر، قد يصبح الولد قادراً على التعاطي مع التغيير في روتين المصعد.

لكن الطريقة الفضلى لحمله على بلوغ تلك المرحلة تبقى الإقرار بحاجاته الراهنة ورسم مثال السلوك الهادئ والمنطقي أمامه.

تفسّر كلاين في كتابها كيف يختبر الأولاد العالم، وتقدّم نصائح عملية للتعاطي مع رفض تناول الطعام، تدريب الولد على التخلص من الحفاض، اضطرابات النوم، ونوبات الصياح بالتأكيد.

تقول إن ثمة أوقاتاً على الأم أن ترفض رغبات أولادها الذين تتراوح أعمارهم بين الثانية والخامسة، وإن لا مفر من الرفض أحياناً: لا يمكنك بالتأكيد مجاراة رغبة ولد في الثانية من العمر في اجتياز الطريق من دون الإمساك بيدك، مهما كانت هذه الرغبة عميقة. ولكن في أوقات أخرى يبدو من المنطقي فيها منح الولد كعكة أثناء الانتظار بالصف أو السماح له بالقيام بجولة إضافية على الزحلوقة.

نمو الدماغ

تشير كلاين: «نبحث غالباً عن الجواب السهل، بدل أن نقر بأن تريبة الأولاد تمر بتقلبات عدة. لكن هذه المرحلة سرعان ما تنقضي. ويصبح الولد في سن الرابعة منطقياً في تفكيره أكثر مما كان عليه قبل سنة، وينطبق الأمر عينه على الولد في سن الخامسة. لذلك أخبر الأهل أن الجيد في هذه المسألة أن نمو دماغ الولد هو لمصلحتنا. فهو يزداد قليلاً مع مرور كل أسبوع. ولكن لا مفر من مواجع  بعض المراحل الصعبة».

يُعتبر مفهوم الوقت مفتاحاً مهماً أيضاً لفهم الأولاد، وفق كلاين.

تضيف: «ننظم حياتنا حول الوقت. لذلك لا ننفك ننظر إلى الساعة ونعتمد على الروزنامة. لكن دماغ الولد لم يتمكن بعد من تطوير هذه الآلية. لا يملك أي إدراك للوقت، لذلك نحاول أن نعوده على روتين محدد.  يحدد له الروتين مسائل عدة. مثلاً، عندما يقول الأب أو الام هيا إلى الطعام، يدرك الولد أن عليه المجيء إلى الطاولة ليجلس في الكرسي عينه ويتناول الطعام».

تؤكد كلاين: «إن كنت لا تملكين أي إحساس بالوقت، فمن الصعب أن تشعري بأنك مسيطرة. ومن دون الروتين، لا تدرين ما سيأتي بعد ذلك. لكن الوجه الإيجابي ألا داعي لتذكير الأولاد بتقدير اللحظة والحاضر». تقول كلاين: «يعيشون اللحظة. ففي اللحظات التي يركز فيها الولد بالكامل على قطاره أو على تلك النملة التي تسير على الرصيف، يكون منغمساً فيها بالكامل. يكون في أعلى درجات التركيز البشري».

back to top