«نجيب محفوظ والرواية العالمية»... كيف يرى الغرب أديب نوبل؟

نشر في 04-09-2015
آخر تحديث 04-09-2015 | 00:01
No Image Caption
يظل نجيب محفوظ أحد أهم كتاب الرواية في العالم العربي، وتظل أيضاً علاقته بالأدب العالمي هي الشغل الشاغل لكثير من النقاد والأدباء، وتوجد في المكتبة العربية مؤلفات عدة تناولت هذه النقطة.  من بين هذه المؤلفات كتاب {نجيب محفوظ والرواية العالمية} للناقد الكبير الدكتور حامد أبو أحمد، الذي صدر عن {الهيئة العامة المصرية للكتاب}، وأعادت الهيئة طرحه في مكتباتها خلال هذه الأيام بمناسبة الذكرى التاسعة لرحيل أديب نوبل.

تناول الدكتور حامد أبو أحمد في كتابه عدداً من المسارات والخطوط أهمها ما نقله الأديب المصري أحمد الخميسي، لبحث المستشرقة فاليريا كيربتشنكو، وهي أحد أكثر المستشرقين اهتماماً بأعمال نجيب محفوظ والأدب المصري، حيث نشرت في كتابها {الأدب المصري في الستينيات والسبعينيات}، الذي تناولت فيه ست روايات لمحفوظ هي: {اللص والكلاب}، و{السمان والخريف}، و{الطريق}، و{الشحاذ}، و{ثرثرة فوق النيل}، و}ميرامار}.

كتبت كيربتشنكو في بحثها أن هذه الروايات تعتبر مرحلة خاصة في إبداع عميد الرواية العربية، لأنه كان يواصل بها ويطور فيها تأمله العميق في طبيعة العدل الاجتماعي وسبل تجسيده وجواز العنف من عدمه في النضال من أجل قضية عادلة ونبيلة، ورأت كيربتشنكو أن ثمة تأثيراً من ديستوفيسكي على نجيب محفوظ، خصوصاً في {اللص والكلاب}، و{السمان والخريف}، وتبين هذا في القضايا التي تعالجها هاتان الروايتان مثل الإيمان من عدمه والحلم بتجسيد الاشتراكية والتوصل إليها ومواقف الصراع الدامية الحادة الناتجة عن صراع الأفكار المثالية وارتكاب جريمة القتل بدوافع فكرية.

انتقل الكتاب أيضاً إلى المقدمة التي كتبها يوري روشين لرسالته للدكتوراه من أكاديمية العلوم السوفياتية عام 1967، والتي تحمل عنوان {الثلاثية إبداع الواقعية النقدية}، ويرى روشين أن الثلاثية كانت تمثل حدثاً ضخماً للأدب العربي في جملته، وأن أبطال وشخصيات الثلاثية أعادت تشكيل نماذج ذلك الزمن بصدق، وأجاب روشين عن سؤال غاية في الأهمية وهو لماذا تشغل أعمال نجيب محفوظ مكانة خاصة في الأدب العربي، قائلاً: {ذلك يعود إلى أمرين هما المستوى الفني الرفيع وما تتضمنه من قضايا مهمة فكرية واجتماعية}، وقد رأى روشين أن الروايات التي ظهرت قبل {الثلاثية} وهي {القاهرة الجديدة}، و{خان الخليلي}، و{زقاق المدق}، و{السراب}، و{بداية ونهاية} كانت إنجازاً ثقافياً ضخماً في الأدب العربي.

 {عالم نجيب محفوظ}،  

تناول حامد أبو أحمد  كتاباً آخر وهو: {عالم نجيب محفوظ}،  المنشور باللغة الإسبانية عام 1989، ويضم عدداً من الأبحاث لكتاب عرب وأجانب، فقد كتب الدكتور بدرو مارتينيث مونتابيث، وهو أحد المستعربين البارزين في إسبانيا مشبهاً محفوظ بالكتاب العالمين الكبار مثل بلزاك وزولا وجالدوس، حيث يرى أن منطق نجيب محفوظ هو المعرفة المباشرة والجماعية المتناقضة لمجتمع محدد ومعروف وهو المجتمع الذي عاش فيه، مؤكداً أن أديب نوبل ظل طوال حياته كما هو ملتصقاً بجذوره في القاهرة حريصاً كل الحرص على عاداته اليومية المعروفة.

{الرواية العربية}

تطرَّق أبو أحمد في {نجيب محفوظ والرواية العالمية} لكتاب آخر تحدث عن أديب نوبل وعنوانه {الرواية العربية} للمؤلف روجر آلن وترجمة حصة إبراهيم المنيف، وتحدث فيه روجر عن ثلاثية نجيب محفوظ التي أعتبرها حجر الرحى من نتاج محفوظ الأدبي وقمة لسلسلة الأعمال التي سبقتها باهتمامها المدهش بالتفاصيل وعمق التبصر بالشخصيات والتمسك بدقة المعلومات فيما يتعلق بالأماكن والتوقيت، وقال روجر أيضاً عن الثلاثية: {وشأن الروايات الطويلة التي تعالج حياة أسر بأجيالها المتعددة مثل روايات تولستوي وجلاسوورذي وفيكتور هوجو وترولوب وغيرهم فتجرى أحداث الثلاثية على مستويات مختلفة يبرز تغيير مسرح القصة من حي إلى آخر في المدينة}.

 في قسم آخر من {الرواية العربية}، قدم روجر تحليلاً لرواية {ثرثرة فوق النيل}، حيث يرى أن هذه الرواية لا تقل تميزاً عن {اللص والكلاب}، و{السمان والخريف}، بل إنها أعمق أثراً في الواقع وإحدى السمات الرئيسة لهذه الرواية هي خلوها الكلي من الحركة أو تغيير مشاهد الحدث، أي أنها ليست رواية حدث، وإما تركز في الواقع على المجموعة التي تأتي إلى العوامة لتشارك في {الثرثرة فوق النيل}، ويمكن اعتبار العوامة وسيلة للانعزال عن عالم المدينة وعن المجتمع ومشكلاته وسبيلاً للابتعاد عن الغربة التي تفرضها طبيعة الحياة الحديثة في حد ذاتها.

«حكايات حارتنا»

تناول الكتاب أيضاً مقال آخر بعنوان {حكايات حارتنا} للدكتورة ماريا خيسوس بيجيرا أستاذة الأدب العربي بجامعة مدريد، حيث أكدت في كتابها أن ثمة فروقاً ينبغي مراعاتها بالنسبة إلى الروايات التي نشرها محفوظ قبل حصوله على نوبل وعددها 31 رواية، فثمة فروق في الأساليب وفروق بين التقنيات وفروق في المضمون والشكل وهذه الفروق كتب عنها الدراسون في ما يتعلق بالتطورات المهمة التي حدثت في أعمال محفوظ.

حددت بيجيرا ثلاثة أنماط لأدب نجيب محفوظ وهي المجموعات القصصية والروايات ذات الحبكة الطولية والروايات ذات الحبكة المتقطعة، مشيرة إلى أن أديب نوبل استخدم النوع الثالث تزامناً مع حقبة السبعينيات وبدءاً بـ {المرايا}، وترى الكاتبة أيضاً أننا في هذا الشكل القصصي الثالث يجب أن نضع فرقاً آخر، حيث نفرق بين هذا النوع من القصص والنوع الآخر الذي بدأه محفوظ في منتصف السبعينيات، واستخدم فيه وسائل ومصطلحات مأخوذة من التراث القصصي العربي.

back to top