القاهرة... من لم يرها لم يرَ العالم

نشر في 02-09-2015 | 00:01
آخر تحديث 02-09-2015 | 00:01
«من لم ير القاهرة فإنه لم ير العالم»، تلك الجملة التي كانت مدونة في كتاب ألف ليلة وليلة، وبالفعل فإن عاصمة مصر المفعمة بالحيوية، والتي جاء اسمها في اللغة الإنكليزية محرفاً من اللغة العربية بمعنى القاهرة المنتصرة مختلفة عن أي مدينة أخرى على وجه الأرض، فهي تجسّد 1580 جيلاً من الأجيال التاريخية، وحضارة مستمرة غير منقطعة يرجع تاريخها إلى الفراعنة.

القاهرة تلك المدينة التي تجمع بين الحداثة والأصالة لتشرح الصدر بجمال طلتها، وحيثما تذهب فيها تجد شاهداً على ماضيها العريق، كما يمكنك أن تختبر فيها مشاعر الحياة القديمة عند زيارتك للمواقع التاريخية، وأيضاً مشاعر الحياة العصرية من خلال التكنولوجيا الموجودة في كل مكان فيها.

وعلى الحافة الغربية للقاهرة تقع الأهرامات العظيمة، حيث كانت المحطة الأولى للوفد الصحافي العربي، الذي زار القاهرة بدعوة كريمة من هيئة تنشيط السياحة المصرية، ووقف الوفد كثيراً عند هيبة الأهرامات وعظمتها، لكونها تعد واحدة من عجائب الدنيا السبع، وشاهدة على زمن كان فيه الإيمان بفكرة الخلود قوياً يحرك الجبال، ومهما حكي لك عن الأهرامات وعظمتها فلن يفيها حقها، ففيها قصة طويلة تحكي لك عظمة ما وصل إليه الفراعنة.

ومن الأهرامات وعظمتها إلى قلب القاهرة، جال الوفد الصحافي الممرات الضيقة والحواري العتيقة بالقاهرة القديمة الإسلامية بين المساجد المهيبة، والخانات التي كانت تعتبر أماكن استراحة التجار عبر طرق التجارة العتيقة، كل ذلك يدعونا الى جولة رائعة عبر العصور الوسطى على اثر خطى السلاطين الذين شكلوا أسطورة زمانهم مثل السلطان صلاح الدين الأيوبي.

وكان لابد من الرحلة النيلية الليلية التي حرصت هيئة تنشيط السياحة على وضعها ضمن البرنامج، وفيها اكتملت المتعة بقاهرة المعز، فعلى امتداد شاطئ النيل وسط القاهر تجد البواخر السياحية التي تأخذك بعيداً عن العالم في جولة بحرية وسط النيل تستمتع خلالها بأشهى وجبات المطبخ المصري، إضافة إلى فقرات متنوعة ضمنها الرقص الشعبي، حيث كان المرح والغناء والفرحة العنوان الذي غطى وجوه أعضاء "قروب" الرحلة، والذي جعل لليوم السياحي الأول حالة لن تتكرر من السعادة.

إن القول بأن القاهرة مدينة التناقضات ربما يكون أقل كثيراً من وصف الحقيقة، فهي عبارة عن مزيج مدهش وهائل من بقايا آثار العالم القديم، التي تقف جنباً إلى جنب وعلى نحو مفاجئ مع مظاهر الحياة العصرية، وفيها توجد الفنادق الفاخرة الأنيقة، وأمامك فرصة لزيارة المتحف المصري الذي يعرض المقتنيات القديمة الرائعة، كما يمكن أن تتجول في شوارع خان الخليلي، الذي يعد أقدم بازار في العالم، وأول مكان شيّد ليكون متحفاً، بالإضافة إلى زيارة المركز الثقافي في دار الأوبرا.

وصمم المتحف المصري الحالي عام 1896، بواسطة المهندس الفرنسي مارسيل دورنو، على النسق الكلاسيكي المحدث، الذي يتناسب مع الآثار القديمة والكلاسيكية، ولكنه لا ينافس العمارة المصرية القديمة التي مازالت قائمة.

توابيت حجرية

ووزعت الآثار على طابقين، الطابق السفلي منها يحوي الآثار الثقيلة مثل التوابيت الحجرية والتماثيل واللوحات والنقوش الجدارية، أما الطابق العلوي فيحوي عروضا ذات موضوعات معينة مثل المخطوطات، وتماثيل الأرباب، والمومياوات الملكية، وآثار الحياة اليومية، وصور المومياوات والمنحوتات غير المكتملة، وتماثيل وأواني العصر اليوناني الروماني، وآثار خاصة بمعتقدات الحياة الآخرى وغيرها.

ويتوافر في القاهرة العديد من الفنادق والمرافق والمطاعم التي تناسب كل الأذواق والميزانيات، ويمكنك الاستفادة منها كمنطقة حرة وشراء الكثير من المنتجات بأسعار منخفضة، ومن أجمل الفنادق ذات الإطلالة المميزة على النيل والخدمة الممتازة التي اقام فيها الوفد خلال رحلته فندق سميراميس القاهرة.

القاهرة لا تنام، فجميع سبل المتعة متوافرة فيها حتى الصباح، لكن كان لابد على الوفد أن يتوجه إلى غرفته في الفندق، ونجح الوفد في خطف ساعتي نوم استيقظ بعدها مبكراً للتوجه الى مقر إدارة هيئة تنشيط السياحة المصرية للقاء رئيس الهيئة.

وبابتسامته المعهودة استقبل رئيس الهيئة العامة للتنشيط والسياحة المصرية سامي محمود الوفد الصحافي العربي، الذي ضم عشرة صحافيين من الكويت والسعودية وقطر.

 وبينما حرص رئيس الهيئة في بداية اللقاء على الإعراب عن تمنياته بقضاء وقت سعيد للوفد في القاهرة والغردقة، شكره في المقابل الوفد على كرم الضيافة وحسن الاستقبال.

أسئلة عديدة حرص أعضاء الوفد الصحافي على توجيهها إلى رئيس الهيئة، ليستغرق اللقاء وقتاً أكثر مما خطط له رغم ازدحام جدوله، غير أنه كان لافتاً حديثه بكل شفافية والإجابة عن كل الأسئلة دون مراوغة أو التفاف، بل لم يجد خجلا في أن يقول صراحة للوفد الصحافي "ان الثورة التي حدثت في مصر تعد خريفاً على السياحة في مصر".

4 ملايين مواطن

وفي بداية حديثه، أشار رئيس الهيئة المصرية سامي محمود إلى أن عام الذروة بالنسبة للسياحة في مصر كان 2010، حيث استقبلت مصر خلاله نحو 15 مليون سائح حققوا لمصر 12.5 مليار دولار أميركي، ويعمل في قطاع السياحة بمصر 4 ملايين مواطن، أي أن (بواقع الأسرة) هناك 20 مليون مصري يتكسبون من وراء القطاع السياحي.

وشدد محمود على أن السياحة تعد قاطرة التنمية الاقتصادية في مصر، لأنه عندما يحدث رواج سياحي يتتبعه رواج اقتصادي بكل المدن السياحية، مشيرا غلى أن مصر منذ مرت بظروف صعبة جداً على القطاع السياحي خلال الفترة عام 2011 حتى النصف الأول من 2014، اذ فقدنا خلالها نحو 35 في المئة من إجمالي حركة السياحة الوافدة، وتقلص الدخل السياحي حتى وصلنا بنهاية 2014 نحو 9.9 ملايين سائح حققوا لمصر دخلا بنحو 7.7 مليارات دولار أميركي.

وعن خريطة حركة السياحة الوافدة لمصر، قال محمود: "نحو نسبة 75 في المئة إلى 85 في المئة تأتي عبر بوابة اوروبا الغربية واوروبا الشرقية، وعلى رأسها روسيا وانكلترا والمانيا ثم ايطاليا وفرنسا، ودخلت في السباق بولندا واوكرانيا"، لافتا الى ان الثلاث دول الأولى تأتي لمصر بنحو 50 في المئة من حركة السياحة السنوية.

أما بالنسبة للسياحة العربية في مصر فبيّن محمود انها مثلت نحو 16 في المئة بنهاية 2014، "أي قدم الينا من الدول العربية مجتمعة مليون و600 ألف سائح، وكان اهم هذه الدول دول مجلس التعاون الخليجي والسعودية تأتي في المقدمة، ثم الكويت فالأردن ولبنان والإمارات في المركز الخامس".

وأكد أن السياحة العربية مهمة بالنسبة لمصر لثلاثة أسباب، ارتفاع معدل انفاق السائح العربي الذي يشكل ضعف انفاق الأجنبي، فضلا عن قدرته على المشتريات، ومدة اقامته التي تعتبر ضعف مدة اقامة الأجنبي)، وانطلاقا من هذا فإن تركيزنا في هذه المرحلة كهيئة تنشيط السياحة منصب على السياحة العربية.

وكشف محمود أن استراتيجية وزارة السياحة هي الوصول في نهاية 2020 الى 20 مليون سائح، يحققون لمصر نحو 17 مليار دولار، على أن تشكل منهم السياحة العربية نحو 35 في المئة، خاصة من منطقة الخليج، وهذا ما دفعنا الى نقل مكتبنا من إسطنبول الى دولة الإمارات العربية الشقيقة، حتى يشرف على دول مجلس التعاون، إضافة الى الأردن ولبنان.

وقال إن مصر تملك مكونات سياحية جيدة جدا، فلدينا شواطئ ممتازة على البحرين الأبيض المتوسط والأحمر، ولدينا منتجعات سياحية في مناطق راقية جدا، كسهل حشيش وبورت غالب ومرسى علم، ولدينا السياحة الثقافية من معابد ومتاحف في الأقصر وأسوان، ولدينا أيضا السياحة النيلية التي نحاول الترويج لها بالنسبة لإخواننا العرب، ومنها المراكب النيلية، التي تفضلها الأسر العربية، نظرا لتوافر الخصوصية فيها.

وأشار الى أن خطة مصر للمرحلة المقبلة في مجال السياحة، ألا نسوق مصر باسم مصر وإنما نسوق كل مدينة بذاتها، وكل منتج بعينه، مثل شرم الشيخ أو الغردقة ريفيرا البحر الأحمر، وهو الشيء الحديث في مجال التسويق، حتى لو حدثت - لا قدر الله - أعمال غير مطلوبة في منطقة معينة لا تؤثر في المناطق الأخرى، مشيرا الى أن ذلك سيطبق من منتصف شهر سبتمبر الجاري فور توقيع حملة دعائية مع إحدى الشركات الدعاية الدولية التي يوقع العقد معها قريبا.

وكشف محمود أن تكلفة هذه الحملة الدعائية تتراوح بين 25 و30 مليون دولار سنويا (مدة 3 سنوات) وتوقيع العقد سيكون يوم 20 الجاري، وستتم الترسية على شركة من الشركات الأربع المقدمة، لافتا الى أن الحكومة المصرية لن تدفع جنيها واحدا في تمويل الحملة التي ستأتي من الفنادق والشركات السياحية، والجزء الاكبر لأوروبا والدول العربية، والتركيز على الأسواق الواعدة مثل الهند وأميركا الشمالية واللاتينية.

مصر آمنة

وأكد بصفته مسؤولا بالحكومة المصرية أن مصر آمنة، لكن المشكلة في ان بعض وسائل الإعلام تحاول تسليط الضوء على الأعمال السلبية ولا تذكر الأعمال الايجابية، لذلك كان التركيز في احتفالية افتتاح قناة السويس الجديدة التي تمت بحضور الرئيس المصري وأكثر من 50 رئيس دولة وملكا وأميرا، لإبراز أن مصر آمنة، حيث لم يحدث - بفضل الله - ما يعكر صفو الاحتفال.

وتابع: "إن وزارة الداخلية تنتهج أسلوب التأمين عبر الكاميرات الأمنية وبوابات المراقبة، وهناك تأمين كامل للمناطق السياحية من قبل الجيش والشرطة، لأنه يهمنا في المقام الأول أن يشعر السائح بأنه في بلد آمن ومستقر"، لافتا الى أن السائح يعرف مصر جيدا كمقصد سياحي، لكنه كان قلقا من الأخبار السلبية التي تنشر عنها، لذا نحاول الآن من خلال الحملة الدعائية إبراز الصورة الجديدة لمصر الجديدة، مستدركا بالقول: "نتوقع خلال السنوات الخمس المقبلة في الاقتصاد المصري، وبعد الانتهاء الكامل من محور قناة السويس، أن تحقق مصر في نهاية عام 2018 نحو 100 مليار دولار".

وأعلن أن عدد السياح العرب زاد في النصف الأول من العام الحالي 21.4 في المئة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حيث زاد عدد السياح السعوديين 67 في المئة، وزاد عدد السياح الإماراتيين 48 في المئة، وزار مصر من دولة الكويت خلال النصف الأول من العام الحالي نحو 85 الف سائح، بينما كانوا في السنة السابقة 71 ألفا فقط، أي بزيادة نحو 48 في المئة عن العام الماضي.

وأرجع السبب في هذه الزيادة إلى الاستقرار الذي تشهده مصر، وإلى الحملة الترويجية التي أطلقت أخيراً في 6 دول خليجية بعنوان "مصر قريبة"، والأوبريت الغنائي الذي شارك فيه عدد من الفنانين العرب والمصريين.

وعن الاستثمارات الخليجية، قال: لا تقل عن 5 مليارات دولار، ومرشحة إلى أن تزيد بصورة غير طبيعية بعد التخطيط الاستراتيجي لمحور قناة السويس، لأن الاعتماد الكبير سيكون على أموال المصريين وأموال العرب، نظرا لحساسية المنطقة، مشيرا الى أن هناك العديد من الحوافز للاستثمار في مصر.

سامي محمود للوفد الإعلامي:

• بصفتي مسؤولاً في الحكومة المصرية أؤكد أن مصر آمنة... ومشكلتنا في الإعلام

• 85 ألف سائح كويتي زاروا مصر في النصف الأول

من العام الحالي بزيادة 48 في المئة عن 2014

• حملة دعائية لترويج السياحة بقيمة 30 مليون دولار

سنوياً... والحكومة لن تدفع فيها دولاراً واحداً

• استراتيجيتنا الوصول في نهاية 2020 إلى 20 مليون سائح

باقة ورد للوفد الإعلامي

ضم الوفد الإعلامي زملاء أعزاء من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بجانب دولة الكويت، وجميعهم يستحقون باقة ورد على خفة ظلهم، والبسمة التي لم تفارق وجوههم طوال أيام الإقامة وقهقهاتهم التي ملأت أنحاء «أم الدنيا».

... وأخرى لنرمين حازم

باقة زهور إلى وردة هيئة تنشيط السياحة ودينامو الهيئة نرمين حازم، على حسن الاستقبال والتعامل الراقي مع الوفد الإعلامي طوال فترة إقامته بالقاهرة، والتواصل معه حتى مغادرته.

back to top