الأذكياء... لِمَ يعيشون حياةً أطول؟

نشر في 02-09-2015 | 00:01
آخر تحديث 02-09-2015 | 00:01
No Image Caption
يعيش الأذكياء حياة أطول ممن لا يتمتعون بالحظ ذاته في عالم الذكاء. وتشير دراسة اليوم إلى السبب: يعود ذلك كله (تقريباً) إلى الجينات الجيدة.

يمكن توضيح نحو 95% من العلاقة بين الذكاء والحياة المديدة من خلال تأثير الجينات على هاتين المسألتين، حسبما أفاد باحثون في المجلة الدولية Epidemiology. لكن الدراسة جاءت محدودة إلى حد ما لأن معظم المشاركين خضع لاختبارات ذكاء نحو منتصف العمر بدل الشباب. بحلول تلك المرحلة من الحياة، لا تُعتبر نتائج اختبارات الذكاء دقيقة نظراً إلى التراجع المعرفي مع التقدم في السن.

يقول الباحثون إن الأكثر ذكاء لا يعيشون حياة أطول لأنهم يقومون بالخيارات الصحية الأفضل أو يجنون مالاً أكثر يسمح لهم بالتمتع برعاية صحية ملائمة فحسب. يتمتع هؤلاء بالحياة المديدة لأن تركيبتهم الجينية تمنحهم الذكاء وطول الحياة على حد سواء.

تذكر روزاليند أردن، باحثة مساعدة في كلية لندن للعلوم الاقتصادية والعلوم السياسية شاركت في الدراسة: {اكتشفنا أن العلاقة البسيطة بين الذكاء وطول الحياة تعود إلى الجينات في المقام الأول}.

الدماغ وأمد الحياة

ربطت الدراسات الكبيرة والصغيرة الذكاء بإمكان العيش حياة مديدة. على سبيل المثال، تُظهر دراسة تناولت أناساً عاشوا في اسكتلندا، ونُشرت في المجلة الطبية البريطانية عام 2001، أن احتمال العيش حتى سن السادسة والسبعين على أقل تقدير ازداد مع  ارتفاع المعدلات التي سجلها الناس في اختبارات الذكاء وهم في سن الحادية عشرة. وفي عام 2007، أشار تقرير نُشر في مجلة {اقتصاديات الصحة} إلى أن الفائزين في جوائز نوبل يعيشون حياة أطول بقليل ممن يترشحون لهذه الجائزة. واستخلص الباحثون أن مال الجائزة ليس السبب وراء حياة الفائزين المديدة، بل المكانة الاجتماعية الرفيعة المرتبطة بهذه الجائزة.

أخذ الباحثون في الاعتبار عدداً من الأسباب التي قد تبرر هذا الاختلاف في أمد الحياة المرتبط بالذكاء. أيعود ذلك إلى أن الأذكياء يقومون بخيارات صحية أفضل، يحصلون على وظائف أقل خطورة، أو يتمتعون بمزايا عائلية، علماً أن هذه كلها عوامل ترتبط بالحياة المديدة وفق أردن؟ أو ربما يحظى الأكثر ذكاء بجينات أفضل عموماً، جينات تعزز الذكاء ومدى الحياة على حد سواء؟

توائم

تقدم دراسة شملت توائم الإجابة، حسبما تشير أردن وزملاؤها. يتشارك التوائم المتطابقة في 100% من حمضهم النووي، في حين يتشارك التوائم غير المتطابقة في نصف الحمض النووي. إن كان أمد الحياة يرتبط بالعوامل البيئية فحسب، فمن المتوقع أن يعيش الأكثر ذكاء بين التوأمين حياة أطول من شقيقه نتيجة اتخاذه الخيارات الأفضل، حصوله على الوظيفة الأقل خطورة، وغيرهما من عوامل.

ولكن إن كانت الحياة المديدة جينية عموماً، لا يحظى الأذكى بين التوأمين بأي أفضلية، بما أن جينات الزوجين المتطابقة تكون كافية ويكون لها التأثير ذاته في حالة الشقيقين.

في الإطار عينه، إن كانت الجينات تحدد أمد الحياة، فمن المتوقع أن يعيش الولد الأكثر ذكاء في التوأم غير المتطابق حياة أطول مقارنة بشقيقه لأن الأكثر ذكاء بينهما يحظى، حسبما يُفترض، بجينات تمنحه الذكاء والحياة المديدة.

اختبار التوائم

حللت أردن وزملاؤها بيانات ثلاث دراسات طويلة الأمد تناولت كلها مجموعات من التوائم كان أحدهما على الأقل قد مات. تناولت إحداهما 377 ثنائياً من الرجال من توائم قدامى الحرب العالمية الثانية في الولايات المتحدة الأميركية. ودرست الثانية 246 ثنائياً من التوائم من السويد، فيما تناولت الثالثة 784 زوجاً من التوائم الدنماركيين.

اكتشف الباحثون عموماً أن الشقيق الأكثر ذكاء في التوأم عاش حياة أطول، سواء كان التوأم متطابقاً أو لا. ولكن توصلوا إلى اختلاف كبير في أمد الحياة في التوائم غير المتطابقة، ما يشير إلى أن الجينات هي الحافز الأهم في اختلافات أمد الحياة.

من الناحية الإحصائية، لم تبرر خيارات نمط الحياة سوى 5% فقط من الرابط بين الذكاء وأمد الحياة، أما الباقي فجيني.

توصلت دراسات أخرى إلى روابط مثيرة للاهتمام بين الجينات المضادة للالتهاب وأمد الحياة الأطول. ولكن يجب قبول الأرقام الجديدة بتحفظ، حسبما تؤكد أردن. بما أن معظم المشاركين انضم إلى الدراسات في مرحلة لاحقة من حياتهم، لم يستطع الباحثون أخذ حالات الوفاة قبل بلوغ منتصف العمر. كذلك أجريت اختبارات الذكاء في منتصف العمر، علماً أن التراجع المعرفي قد يكون بدأ في هذه المرحلة من الحياة.

رابط بسيط

تخبر أردن Live Science: {شعرت أنا وزملائي أن هذه دراسة مثيرة للاهتمام ونتائج الأولية مهمة. لكننا نود تكرارها مع المزيد من البيانات}.

تشدد أردن على أن من المفيد بالتأكيد تكرار هذه الاكتشافات في الحيوانات، مثل الكلاب والفئران، التي لا تميل إلى اتخاذ قرارات مثيرة للريبة في حياتها، هذه القرارات التي تشكل عقبة في الدراسات التي تتناول أمد حياة الإنسان.

تذكر أردن: {لا تجد كلاباً أو فئراناً كثيرة مدمنة أو تدخن الحشيشة، لا بل لا يدخن معظم الكلاب والفئران سيجارة حتى}.

لنضع الحيوانات ونمط حياتها جانباً، ونعد إلى الإنسان. لا داعي لأن يهرع الأهل إن لم يحقق أولادهم أعلى العلامات في امتحانات المدرسة. فالرابط بين أمد الحياة والذكاء بسيط، وفق أردن. فكي تعيش طويلاً، يجب ألا تقلق حيال جيناتك، بل من المفيد أكثر أن تصب اهتمامك على اتباع نظام غذائي جيد والتمرن مع الإقلاع عن التدخين أو مصادر إدمان أخرى.

تختم أردن: {لا شيء مما توصلنا إليه يخالف النصائح الجيدة التي أسدتك إيها جدتك بشأن العيش حياة جيدة}.

back to top