الكويت... الانتحار من الداخل

نشر في 02-09-2015
آخر تحديث 02-09-2015 | 00:01
التعويل على تلاحم المشهد الاجتماعي الرائع الذي سطرته جريمة مسجد «الصادق» يختلف تماماً عن مشهد خلية العبدلي، ويجب عدم التعويل كثيراً على تلاحم الأولى، فالثانية جديدة كلياً، في شكلها ونتائجها، التي نعتقد أنها ستكون مأساوية بامتياز في القادم من الزمن، ما لم تتوفر شروط تلاحم مبتكرة.
 مظفّر عبدالله  أول العمود:

لماذا يلتحق شبان كويتيون بتنظيمات خارجية إرهابية؟

حصر تفجير مسجد الصادق والقبض على خلية "العبدلي" في حدودها الإجرامية الخارجية سيكون خطأً فادحاً، ما لم يلامسه تغيير كبير في سياسات إدارة الدولة وتغيير قيم العمل لدى الموظفين.

الكويت في مهب الريح، نعم... ويؤسفنا أن نقول ذلك، والمعادلة الدولية التي تحصلت للكويت عام 1991 لم تعد كما هي، إقليمياً نحن في الطرف الخاسر بسبب ضعف منظومة مجلس التعاون الخليجي في مواجهة جحيم الإقليم، والسياسة الأميركية منشغلة بملف "النووي الإيراني" لمصالحها البحتة، والملف السوري لايزال مزوداً قوياً بآفة التضاد المذهبي في بعض دول الخليج.

نعود إلى الداخل الكويتي، والذي أعتقد أنه خيارنا الأساسي لحماية البلاد، إذ يتضح أن كثيراً من المفاجآت المفزعة تأتي من بوابة الإدارة السيئة لشؤوننا الداخلية... تركيبة سكانية سيئة تهدد أمننا بالسرقات والتجاوزات، وهو ما يعني ملف الكفيل والاتجار بالبشر، ملف "البدون" وتعليقه بشكل تسويفي ينتجان أحقاداً اجتماعية لا حدود لها، تقاعس بعض موظفي الدولة وسوء سلوكهم الوظيفي بل واشتراكهم في جرائم إدارية ومالية فاضحة دون رادع، وهو ما يطرح سؤالاً عن كيفية دخول كم كبير من السلاح فاق التوقعات في موضوع الخلية وغيرها من القضايا السابقة، السكوت عن سرقات المال العام والعبث به شجع مسؤولين آخرين على التطاول عليه، وأمامنا ملف العبث بأموال التأمينات الاجتماعية، وهي أموال المتقاعدين وليست أموال ناقلات النفط، ولا مشتريات الجيش الغذائية هذه المرة!

هناك كثير من المظاهر السيئة التي يجب معالجتها فوراً ودون مجاملة، ومنها الشهادات التعليمية التي غزت مناصب إدارية حساسة، وتوسط بعض نواب الأمة لمخالفي القوانين عبر جولاتهم في الوزارات، والتدخل للتوسط في قضايا أمنية وإجرامية خطيرة، والوقوف ضد إفساد شبابنا بالمخدرات، كما يجب تفعيل قانون الوحدة الوطنية الذي يبدو أنه شبه جامد.

في جهاز الدولة الإداري عبث كبير في قنص المناصب لفئة دون أخرى، وبشكل سافر، كما هو في تحديد سن التقاعد حسب هوى المسؤول الأول عن المؤسسة! وهو ما يخلق حالة من "الكفر" بالعمل المخلص.

الكل مسؤول عن نموذج "خلية العبدلي"، حكومة وقوى سياسية ومؤسسات إعلامية وفئات من الشعب تفكر بشكل تافه وقصير النظر.

الكويت لا تستطيع أن تقاوم كل ما يجري لها ويحاك ضدها من الخارج، ولذلك لنكن كشعب الحامي الأول لها داخلياً من خلال إخلاصنا في العمل، كلٌّ من موقعه.

ختاماً نقول إن التعويل على المشهد الرائع الذي سطرته انعكاسات جريمة مسجد الصادق اجتماعياً يختلف تماماً عن مشهد خلية العبدلي، ويجب عدم التعويل كثيراً على تلاحم الأولى، فالثانية جديدة كلياً، بشكلها ونتائجها التي نعتقد أنها ستكون مأساوية بامتياز في القادم من الزمن ما لم تتوفر شروط تلاحم مبتكرة.

back to top