التشكيلية مي النوري: {حواء} تسابق الزمن لتحقيق قفزات في الفن التشكيلي

نشر في 31-08-2015
آخر تحديث 31-08-2015 | 00:01
تسابق التشكيلية الكويتية مي النوري الزمن في محاولة لتحقيق قفزات فنية سريعة لأنها دخلت إلى معترك الفن التشكيلي متأخرة إلى حد ما، «وقد عادت النوري للعرض في الكويت بعدما قدَّمت معارض عدة في دول مختلفة في إطار إظهار صورة الفن الكويتي للخارج. عن معرضها الأخير «حواء» وأعمالها ومسيرتها الفنية كان هذا الحوار.

قدَّمت أخيراً معرضاً بعنوان «حواء»، ماذا عنه ولماذا حواء؟

جاء العنوان «حواء» لأن غالبية لوحات المعرض تدور عن المرأة ومشاعرها وحالاتها النفسية وما تشعر به في هذا العالم المتصارع، وأنا سعيدة بإقامته في دار الفنون بالكويت، خصوصاً أن الدار تملك إدارة محترفة، بالإضافة إلى أنه معرضي الأول منذ سنوات في بلدي، فقد عرضت في السنوات الأخيرة خارج الكويت كثيراً بهدف تقديم الفن الكويتي للخارج في وقت نحتاج فيه إلى هذا الاتجاه كي نعكس صورة الكويت الحضارية، وأقدم نموذجاً لما عليه الفن المعاصر على نحو يكشف تطور الفن في هذا البلد الكبير بطموحاته وأبنائه، وكفاح مبدعيه للتواجد على الخريطة الفنية بالمنطقة. أما عن المجموعة التي قدمتها فهي امتداد طبيعي لأسلوبي الذي حفرت ملامحه عبر سنين طويلة من التأمل والدراسة والتركيز على الاتجاه الذي يسعى إلى قيم جمالية خالدة.

ما رؤيتك للمشهد التشكيلي الكويتي الراهن؟

يتميز المشهد الكويتي بوجود جيل من شباب الفنانين الواعدين المعاصرين، والمدهش أن أداءهم يلتقي مع المشهد العالمي في مشتركات كثيرة قياساً بأن المسيرة التشكيلية الكويتية حديثة. ورغم عدم وجود كلية للفنون الجميلة في الكويت فإن نشاط الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية يعوض بعض الشيء هذا الغياب. صحيح أن التصوير {الرسم الملون} موجود بقوة إلا أن بعض فروع الفن غائب عن المشهد أو على الأحرى الممارسات لفن كالرسم، كذلك الغرافيك. مع ذلك، نية النمو والتطور موجودة، وهنا أقصد أن الرسم قليل كنشاط فني.

هل انتشار القاعات الخاصة يعد مؤشراً حقيقياً إلى وجود حركة تشكيلية؟

القاعات الخاصة رئة جديدة نظيفة تمنح الحياة الفنية الهواء النقي لو ابتعدت عن الاحتكار، واتساعها سيمنحها تنوعاً يحتاج إليه الفن في المستقبل القريب. نحتاج باستمرار إلى اتساع قاعدة تقديم الفن للناس باعتباره مدخلا للجمال والرؤى الجديدة، فالفن يبشر دائماً بعالم من القيم والمثل، ويطرح بديلاً جميلاً للواقع.

كيف تتعاملين مع الألوان، وهل ترين أن أهمية اللون تفوق الفكرة في اللوحة أم العكس؟

اللون أحد عناصر العمل الفني، مثله مثل الخط والمساحة، لكنه لديّ يمثل عنصرا رئيساً باعتباره مصدراً لكل شيء في اللوحة، سواء الخط والتعبير والفكرة، بما يعني أن له وجوده الجمالي باعتباره وسيطا أيضاً ولغة تعكس الدراما والتعبير والحركة في العمل الفني. ويأخذ اللون معي وقتاً في التحضير لا يقل عن بقية العناصر، وتعاملي مع اللون هو أساس الفكرة واللوحة في بعض الأحيان، وتأت مجموعتي الفنية الجديدة في معرضي الأخير امتداداً طبيعياً لأسلوبي الخاص الذي أحرص فيه على وجود الإنسان باعتباره محرك الكون كله، خصوصاً الجسد البشري الذي اعتبره أيقونة ربانية، حيث اعتمد في ذلك على إبراز كوامن الجمال في ملامح الجسد الإنساني.

هل من عادات أو طقوس معينة تحرصين عليها خلال ممارسة العمل الفني؟

عندما أقرر عمل لوحة تكون الموسيقى مدخلي إلى عالمي في المرسم، ثم يأت التأمل، لكن الغريب أنني أرسم بين أبنائي وأحفادي، وسط الدار في مناخ صاخب، ومع ذلك أستطيع أن أتواجد مع موضوعي وعشقي للألوان، ويبدو السبب أنه العيش مع عملي بهذه الطريقة، وإن كنت أتدفق بسهولة في رسمي أثناء مشاركتي في الورش الفنية في أغلب بلدان العالم.

خلف كل لوحة تكمن حكاية، فما هي أبرز الحكايات التي تحملها لوحاتك؟

نعم، خلف كل لوحة رسمتها ثمة حكاية، وقد رسمت أحفادي في لوحات كثيرة، ولكن قد لا يكون آن الأوان لذكر تفاصيل لوحاتي.

من أين تستقين أفكارك  الفنية؟

تنبع منطلقاتي الفنية والفكرية من ثقافة عامة أحرص عليها، من ثقافة تتسع لكل شيء، من أدق التفاصيل وحتى أمهات الكتب والأفلام السينمائية، وحبي للكلمة والشعر والفكرة من نزعة اشتراكية.

كيف يحافظ الفن المعاصر على اتصاله بالواقع؟

يحافظ الفن المعاصر على اتصاله بالواقع عندما يتفاعل معه وعندما يشارك على الأرض في هموم وطنه وناسه ويعبر عنهم، والغريب أن العالم المعاصر متناقض في غالبية مناحيه، لذلك ينعكس هذا التناقض في أحيان كثيرة على أعمال الفنان، كما أن الفنان المعاصر يهتم الآن بتشييد لوحاته أكثر من أي شيء آخر، وثمة اعتبارات كثيرة تراجعت منها السياسي  لصالح الطابع الاجتماعي.

متى يمكنا القول بأن هذا الفنان صاحب بصمة خاصة؟

بداية، الفن وسيلة اتصال اجتماعية، تسعى إلى أن يشارك الناس مع الفنان في قواسم سواء جمالية أو حياتية، كما أن ما يصنعه الفنان يعُد انعكاساً طبيعياً لما يحدث حوله من أفكار وفلسفات ورؤى، ومع ذلك يكون الفنان صاحب بصمة خاصة عندما يعكس شخصيته كما هي، وعندما يتسق مع ذاته ويجسد قناعاته، وعندما يؤثر في الآخرين ويضيف قيماً جمالية جديدة، ويبتكر أسلوباً خاصاً به ويتفرد برؤى ويتميز بتجربة فنية مغايرة تعبر عن تجربة إنسانية عميقة، لا تخطئها عيون الآخرين.

ماذا يمثل لك الزمن كفنانة؟

الزمن قبل النسبية مختلف عن الزمن بعدها، لذلك وعيّ بالزمن عنصر أساسي في مسيرتي وحياتي لدرجة أن صراعي الوحيد مع الكون هو الزمن... سواء الزمن في المطلق أو الزمن الخاص بي وبإنجازي الفني. ومع ذلك أعتبره عنصراً للنضج والخبرة والإدراك الذي يشبع التجربة الإنسانية لديّ، وحدسي يقول إن التجربة الإنسانية التي خضتها هي سبب امتلاكي قوة دفع تمنحني طاقة هائلة قادرة على الاستمرار، بل إن قناعتي أن التغير هو الشيء الثابت في الحياة.

أحرص دائماً على التجديد والإضافة وأشارك في معظم الفاعليات بمختلف العالم. أجمع على نحو يسمح بالاحتكاك والتبادل الثقافي والمعرفي، الزمن أراه يمر سريعاً ولا يتمهل، ولأنني بدأت متأخرة نوعاً ما أحاول اللحاق به من خلال تنقلي السريع بتجاربي اللونية.

back to top