هذي آخرتها... «سايق لوري»!

نشر في 29-08-2015
آخر تحديث 29-08-2015 | 00:02
 يوسف عوض العازمي العمل بالتجارة ليس بالأمر الهين، خصوصاً لمن لا يملك خبرة أو مؤهلاً علمياً مناسباً أو حتى رأسمال معقولاً، غير أن كان سيواجه منغصات بيروقراطية، لها أول ولا آخر لها، من التجول المتعب بين إدارة العمل إلى أقسام الهجرة والبلدية، فضلاً عن أوراق تلد أوراقاً، وفي النهاية لا يتحقق سوى أقل القليل من المعاملة المطلوبة للتوقيع!

قبل سنوات، قدر الله وعملت في تجارة تأجير الخيام (الأدق أنها تصنف كتقديم خدمة مقابل أجر أكثر منها عملاً تجارياً)، ونظراً إلى ظروف معينة لم يكن حجم العمل كبيراً أو حتى متوسطاً، لربما كان يغطي بعض متطلبات الحياة لا كلها، لعدة أسباب منها صغر حجم هذا العمل، مع التكلفة الكبيرة غير المتناسبة مع حجم العائد في سوق غير منظم، وعدم السير حسب أسس تجارية سليمة، فلا لائحة معتمدة للأسعار، ولا عمل مؤسسي تجاري بمعناه الحقيقي، بل عمل جزء منه «فهلوة»، وجزء آخر يعتمد على العلاقات الشخصية (من معارف وأصدقاء)، فضلاً عن جزء آخر يعتمد على تبادلات متعبة بين المكاتب إضافة إلى أمور كثيرة.

من الدروس التي تعلمتها في تلك الفترة من الاحتكاك اليومي مع جميع أنواع الناس، طول البال وسعة الصدر والنظرة البعيدة في كل أمر، إلى جانب أمور كثيرة، كنت كمن يدخل جامعة حياتية لبناء الشخصية.

مواقف لا تعد ولا تحصى تعرضت لها إبان تلك الفترة، وليس سراً إذا قلت إنني دونت كثيراً من المواقف كمذكرات شخصية ثم أحرقت أوراقها! لأنني رأيت أن تلك المذكرات تحوي أسماء كثيرة، أتفق أو أختلف معها، وليس لي الحق في إقحام الأسماء دون إذن مسبق، على الأقل أخلاقياً.

فكرت أن أغير الأسماء بأخرى وهمية، لكن لأن معظم المواقف معروفة رأيت من الوجاهة ترك الأمر برمته، بل وإحراق الأوراق، وغني عن الذكر أنني كنت كتبت تلك المواقف بحسب وجهة نظري الشخصية، وهنا قد تكون الأمور غير صالحة للنشر.

وفي هذا الصدد، سأذكر فقط موقفاً واحداً اخترته بعناية، وبتصرف في الكتابة، ولكم القياس على بقية المواقف غير المنشورة:

ذات مرة، كنت أقود شاحنة (هاف لوري) وكانت محملة بمعدات لتجهيز إحدى المناسبات، وكان الوقت ظهراً في صيف يوليو والجو حارا، وبالطبع لم يكن في «الهاف لوري» جهاز تكييف، وكان بمعيتي عاملان، وأثناء وقوفي في إحدى الإشارات الضوئية إذا بي أرى شخصا أعرفه منذ زمان في السيارة التي بجانبي، وكان يعمل معي في وظيفتي الحكومية التي خرجت منها، فلما رآني أنزل من النافذة تحدث معي بطريقة ضاحكة: قلت لك لا تطلع من الوظيفة هذي آخرتها «سائق لوري»!

الحقيقه اكتفيت بابتسامة كطريقة للرد عليه، فلم يكن الوضع يسمح بالدخول في حوار، ولا كان التوقيت مناسباً للرد في عز «لواهيب» يوليو!... هل أقول إنه كان الزبون الذي كنت ذاهباً إليه؟!

back to top