مناعة الجسم تقاتل السرطان

نشر في 22-08-2015
آخر تحديث 22-08-2015 | 00:01
No Image Caption
«خلايا تي» أحد الأساليب الجديدة لمعالجة سرطان الدم الليمفاوي
 بينما تعد معالجة سرطان الدم الليمفاوي بواسطة "خلايا تي" النوع الأكثر راديكالية بين الأساليب الجديدة التي تعمل على تجنيد نظام المناعة لمهاجمة الخلايا السرطانية، تعتقد شركة "جونو ثيرابيوتيكس" أن تعزيز خلايا المناعة يمكن أن يقضي على السرطان، وهو ما تعتمده في علاجها على وجه التحديد.

وعندما شخص مرض ميلتون رايت، للمرة الثالثة، على أنه إصابة بالسرطان أجهش بالبكاء إلى أن ضحك، فقد تمكن من تجاوز الإصابة بسرطان الدم (اللوكيميا) مرتين من قبل؛ الأولى عندما كان في الثامنة والأخرى في سن المراهقة، وتعرض في المرتين لسنوات من العلاج الكيماوي الصعب والمؤلم.

وعمد رايت أخيراً إلى فحص حالته في مستشفى سياتل للأطفال، وتبين له بالصور أنه غير قادر على التخلص من الألم في أضلاعه، وعندما بدأ الأطباء بإعداده لإزالة أجزاء من الحبل الشوكي، أدرك أن المرض عاد إليه، يومها ذكر أن الأطباء سيقولون له إنه انتكس ثانية، وإن أمامه 6 أشهر.

المرة الثالثة لم تكن جيدة، وكان يعلم ذلك، وقد رأى ما يكفي من الأطفال المرضى في دار رونالد ماكدونالد، ليعلم أن عودة "اللوكيميا" على هذا النحو تكون عادة مقاومة للمعالجة الكيماوية، ويصعب معها أن يتمكن أحد من البقاء، لكنه تمكن من ذلك.

 وفي سنة 2013 تم القضاء على إصابته بسرطان الدم الليمفاوي الحاد، عبر نوع جديد من العلاج يتم فيه سحب خلايا من جهاز المناعة لديه تدعى "خلايا تي" في عملية هندسة جينية لتدريب جهاز المناعة لديه لاستهداف خلاياه السرطانية، ثم إعادتها إلى أوردته.

ورغم أن رايت كان الشخص الثاني فقط الذي يتلقى هذا العلاج في مستشفى سياتل للأطفال، فإن النتائج السابقة في فيلادلفيا ونيويورك كانت أشبه بأعجوبة، وفي 90 في المئة من المصابين بسرطان الدم الليمفاوي الحاد الذي يعود ويقاوم العقاقير العادية اختفى لديهم السرطان، وتكون فرصة الشفاء في هذه الظروف عادة أقل من 10 في المئة.

وتفسر هذه النتائج كيف تمكنت شركة تدعى "جونو ثيرابيوتيكس" من جمع 304 ملايين دولار عندما أصبحت شركة عامة في ديسمبر الماضي، وبعد 16 شهراً على تأسيسها.

وتعد المعالجة بواسطة "خلايا تي" النوع الأكثر راديكالية بين عدة أساليب جديدة تعمل على تجنيد نظام المناعة لمهاجمة الخلايا السرطانية، بيد أن فكرة قديمة كانت تبدو عقيمة، وتدعى علاج المناعة، عادت بنتائج مذهلة في السنوات الأربع الماضية، وتشفي عقاقير، تدعى مثبطات نقاط تفتيش تم تسويقها أخيراً، نسبة صغيرة من سرطان الجلد الذي كان ميئوساً منه.

وعالجت هذه العقاقير، التي تبيعها شركة "ميرك وبريستول– مايرز سكويب"، أكثر من 60 ألف شخص عبر إزالة كوابح جزيئية تمنع عادة "خلايا تي" من اعتبار السرطان على شكل عدو، وساعدت على إظهار قدرة جهاز المناعة على تدمير السرطان، ولكن هذه التقنية لا تزال في مراحل تجريبية مبكرة، في حين يقول هانس بيشوب، وهو الرئيس التنفيذي للشركة، إن "خلايا تي" هي العقار الشافي.

ويجادل بيشوب في أن "العلاج يدخل مرحلة جديدة ستصبح الخلايا فيها عقاقير حية، وتأمل شركات مثل (جونو) الآن باستخدام خلايانا لمعالجة المرض". وفي حالة "خلايا تي" يشير الدليل إلى إمكان علاج بعض السرطانات بقلة من الآثار الجانبية، بدلاً من حمى قوية.

وتسعى الشركات إلى إطلاق دراسات جديدة لمعرفة ما إذا كان في وسع "خلايا تي" المهندسة جينياً علاج طائفة واسعة من السرطانات، وحتى في حالة "اللوكيميا"، وهو المرض الذي يصيب نخاع العظام والدم، فإنه من المبكر جداً الإعلان عن أدوية شافية، ويرجع ذلك إلى أن أكثرية المرضى تلقوا العلاج خلال الـ12 شهراً الماضية، وعاد المرض إلى حوالي 25 في المئة منهم، وكان في بعض الأحيان متغيراً بطريقة تجعله محصناً أمام "خلايا تي".

يذكر أن "جونو" ليست الشركة الوحيدة التي تتابع فكرة "خلايا تي"، إذ بدأت أكثر من 30 شركة اختبارات إكلينيكية أو خططت للقيام بذلك، بما في ذلك شركة "نوفارتيس" التي تقول إنها قد تتقدم بطلب للموافقة على معالجة منافسة للوكيميا في 2016.

وإذا صمدت النتائج المبكرة، فإن اختبارات "خلايا تي" في علاج سرطان الدم قد تفضي إلى واحدة من أسرع الموافقات في تاريخ تطوير العقاقير.

 ويتضح مدى قوة العلاج بـ"خلايا تي" من خلال عاصفة من الجزيئيات يتم توليدها نتيجة محاربة الخلايا للسرطان، وتوفي ما لا يقل عن 7 مرضى بسبب هذه العاصفة. واستمر الأطباء في فحص رايت للتأكد من عدم إصابته بالحمى، وهي مؤشر على عمل "خلايا تي".

وشبه كارل جون، وهو طبيب في جامعة بنسلفانيا، ما يحدث في أجسام المرضى بالقتل المتسلسل أو الجماعي لخلايا السرطان، إذ تتكاثر المليارات من "خلايا تي"، وتحدد وتقضي على عدة كيلوغرامات من الورم.

وتجدر الإشارة إلى أن "خلايا تي" العادية مدربة على عدم إلحاق الضرر بالجسم، وتبلغ تكلفة إعداد جرعة منها ما بين 50 و75 ألف دولار.

والسؤال هو ما إذا كانت "خلايا تي" ستنجح في علاج إصابات أخرى من السرطان غير "اللوكيميا"، وخاصة بعدما أبلغت شركة "نوفارتيس" عن عدم قدرة جرعات متدنية من تلك الخلايا على إحداث تأثيرات دراماتيكية لدى 5 من مرضى سرطان البنكرياس أو الرئة أو المبيض.

 (MIT Technology Review)

back to top