الولايات المتحدة تحتضن عالماً من المتاعب الاقتصادية

نشر في 22-08-2015 | 00:01
آخر تحديث 22-08-2015 | 00:01
No Image Caption
يصبح الاقتصاد قطعاً هدفاً سياسياً عندما لا يوجد رئيس مرشح لفترة رئاسية جديدة، ثم يتعين على الحزب المعارض التحدث عن سوء الأوضاع وعن أفكاره المتعلقة بالتغيير، والحزب الحاكم في هذه الحالة هو الديمقراطي الذي يتعين عليه أن يكافح من أجل تفادي التعرض لاتهام بالدفاع عن الأمر الواقع.

إذا كنت تصدق النقاش السياسي من اليسار واليمين، فإن الاقتصاد الأميركي في حالة مزرية ومروعة، وقد ابتلي بمعدلات بطالة عالية وغياب النمو والكثير الكثير من الديون.

وفي واقع الحال كان الاقتصاد يتحسن بصورة ثابتة، وإن كان بطيئا جدا، إذ انخفض معدل البطالة من 10 في المئة في أول سنة من رئاسة باراك اوباما الى 5.3 في المئة اليوم، وتوسع الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 2.5 في المئة، وهي وتيرة متواضعة، ولكنها تعكس نمواً على الرغم من ذلك. وتشير التقديرات إلى بلوغ العجز الفدرالي 486 مليار دولار في هذه السنة، أو حوالي ثلث ما كان عليه عام 2009.

وعلى الرغم من كل الشكاوى المتعلقة بقانون الرعاية المحتملة فإن 15 مليون أميركي آخر تمت تغطيتهم بقدر يفوق ما كان الحال عليه قبل سنتين كما أن التكلفة، حتى الآن، ترتفع بصورة معتدلة فقط.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: لماذا كل هذا الحديث عن الجوانب السلبية؟ لقد أبقت المشاكل المستمرة والمنهجية نمو الأجور راكداً فترة طويلة من الزمن... فما سبب هذا الكلام السلبي؟

يصبح الاقتصاد قطعاً هدفاً سياسياً عندما لا يوجد رئيس مرشح لفترة رئاسية جديدة، ثم يتعين على الحزب المعارض التحدث عن سوء الأوضاع وعن أفكاره المتعلقة بالتغيير، والحزب الحاكم في هذه الحالة هو الديمقراطي الذي يتعين عليه أن يكافح من أجل تفادي التعرض إلى اتهام بالدفاع عن الأمر الواقع.

صحيح أن الولايات المتحدة هي واحدة من البقع المضيئة في الاقتصاد العالمي غير المستقر، في وقت يظل معظم أوروبا منهكاً.

وقبل سنوات قليلة، كانت دول "البريكس" (البرازيل وروسيا والهند والصين) تعتبر قاطرة العالم، واليوم تحولت روسيا والبرازيل إلى سلال اقتصادية، وتختلط الصورة في الهند التي غيرت من طريقتها في حساب الناتج المحلي الاجمالي وبالغت في الحديث عن نمو.

أما الوضع القلق في الصين، في الأجل القصير على الأقل، فقد برز بجلاء عندما سمحت أخيراً بهبوط قيمة عملتها لتظهر هشاشة ثاني اقتصاد في العالم، وأعقبت هذه الخطوة القيود التي فرضتها حكومة بكين في الآونة الأخيرة على أسواق الأسهم، اضافة الى الاستياء من النتائج الضعيفة.

وفي الاقتصاد العالمي المتكامل، تؤثر المتاعب والقلق في أوروبا على حملة مرشح الرئاسة الأميركية دونالد ترامب على الصين، ولا تقدم اي فوائد اقتصادية.

وتظل الاستثمارات الخاصة متعثرة مع محاولة الشركات الحثيثة لتحقيق المزيد من العوائد، وتجدر الإشارة إلى أن تلك الاستثمارات هي التي تحرك الإنتاجية التي تفضي بعد ذلك إلى نمو الأجور، لكن ذلك لم يحدث.

وهكذا، وعلى الرغم من الأداء الواعد بشكل نسبي لا يتمتع العديد من الأميركيين بأي تحسن، ولا يقتصر الأمر على بقاء الأجور في حالة ركود، بل إن معدلات البطالة تظل متدنية بصورة مضللة – ويرجع ذلك بشكل جزئي الى أن تلك المعدلات لا تحسب من عمل بوقت اضافي وهو يسعى الى الحصول على عمل كمتفرغ أو من توقف عن البحث عن وظيفة.

وليس لدى رجال السياسة سوى القليل للقيام به من أجل تغيير الوضع خلال الـ 14 شهراً المتبقية قبل إجراء الانتخابات الرئاسية، وقد تكون هناك إمكانية متواضعة في إقامة الكونغرس برنامج بنية تحتية طموحاً بتمويل مصادر دخل أجنبية عند معدلات ضرائب متدنية.

المعروف أن عوائق العاصمة الأميركية تحول دون حدوث العديد من الإجراءات، ولكن الأولوية يجب ان تركز على عدم إلحاق أي ضرر، مثل إغلاق المكاتب الحكومية او جعل الولايات المتحدة تتخلف عن سداد ديونها، من خلال عدم رفع سقف الدين خلال فصل الخريف المقبل.

وفي وسع مجلس الاحتياط الفدرالي تحقيق فارق من خلال التشدد في السياسة النقدية ورفع معدلات الفائدة في وقت قريب (يتوقع معظم الخبراء أن يحدث ذلك الاجراء في سبتمبر أو ديسمبر) وتشعر رئيسة مجلس الاحتياط الفدرالي جانيت يلين بحساسية قوية ازاء ضعف سوق التوظيف وتشير توقعات معظم المحللين الى أن خطواتها ستكون حذرة ومتواضعة.

من الوجهة السياسية، سوف يكون النقاد – عند نقطة ما – عرضة للمساءلة بقدر أكبر، وقد أثار السيناتور برني ساندرز، وهو اشتراكي من فيرمونت ينافس هيلاري كلينتون على ترشيح الديمقراطيين لسباق الرئاسة، أثار الجماهير عندما انتقد الوضع الاقتصادي، وتعهد باتخاذ خطوات ضد الأغنياء. وتعتقد قلة من الاقتصاديين الليبراليين أن زيادة الضرائب على الاستثمارات والأثرياء في الولايات المتحدة ستحقق انتعاشاً اقتصادياً.

ويدعو عدد أكبر من المرشحين لانتخابات الرئاسة من جناح اليمين في الحزب الجمهوري إلى خفض في الانفاق الفدرالي، وقد وعد جيب بوش الحاكم السابق لولاية فلوريدا، بتحقيق اقتصاد ينمو بنسبة 4 في المئة أو أكثر في السنة.

وكان كبار مستشاريه الاقتصاديين في مراكز صنع القرار في عهد أخيه جورج دبليو بوش، عندما لم تبلغ النسبة 4 في المئة، وقد تحقق ذلك فقط في نصف القرن الماضي إبان رئاسة بيل كلينتون وطوال أربع سنوات متتالية.

back to top