كاتبة سيرة الملا عمر: أكثر زعماء العالم السياسيين غموضاً

نشر في 03-08-2015
آخر تحديث 03-08-2015 | 00:01
No Image Caption
غداة صدور تقارير عن موت الملا عمر، عمّت الفوضى في أفغانستان: تبدو عملية السلام عقيمة وحركة «طالبان» منقسمة. تقول صحافية هولندية تتولى كتابة سيرة الزعيم الإسلامي إن الجميع بالغوا في تقدير دوره.

أمضت الهولندية بيتي دام (36 عاماً) ثماني سنوات وهي تعمل صحافية في كابول. تحضّر راهناً سيرة الملا عمر، زعيم «طالبان» المعزول الذي تم الإعلان أُعلن موته يوم الخميس الماضي. أكدت «طالبان» الخبر بعد صدور تقارير من السلطات الأفغانية والباكستانية، مفادها أن الزعيم الإسلامي مات منذ سنتين أو ثلاث سنوات. كان الملا عمر مطلوباً منذ عام 2001 لأنه وفّر ملاذاً آمناً للعقل المدبر الإرهابي أسامة بن لادن في أفغانستان. حتى إن الولايات المتحدة عرضت مكافأة بقيمة 10 ملايين دولار مقابل رأسه.

تحدثت صحيفة «شبيغل أونلاين» مع بيتي دام عن موت الملا عمر وحجم نفوذه الحقيقي داخل «طالبان».

أكدت {طالبان} على التقارير الأخيرة التي تفيد بموت الملا عمر منذ سنتين أو ثلاث سنوات. صدرت الأنباء بعد بضعة أسابيع على بدء عملية السلام التي أطلقتها الحكومة الأفغانية مع {طالبان}. هل كان النبأ مجرّد صدفة؟

لا أظن أن التوقيت كان مجرّد صدفة. يبدو الضغط على الطرفين لخوض مفاوضات السلام أكبر من أي وقت مضى وتكثر الأمور التي أصبحت على المحك. انتشرت المعلومات بشأن موت الملا عمر من مصادر في باكستان. ربما أرادت باكستان إجبار {طالبان} على تسمية زعيم جديد لأن الملا عمر اختفى عن الأنظار منذ عام 2009. أصر أعضاء {طالبان} على طلب بيان من الملا عمر لمعرفة موقفه من محادثات السلام في الأسابيع الأخيرة. لذا قد تكون القيادة قررت أنّ الوقت حان للتأكيد على موته. ربما أُعلِن عن موته كي تتمكن الحركة من المضي قدماً.

كانت وكالة الاستخبارات المركزية تبحث عن الملا عمر، حتى إن الحكومة الأميركية عرضت مكافأة بقيمة 10 ملايين دولار مقابل رأسه. لماذا بقي موته سراً طوال هذه الفترة؟

كان الملا عمر على الأرجح الزعيم السياسي الأكثر غموضاً في العالم. بحسب رأيي، بالغ الجيش الأميركي ووسائل الإعلام في تقدير دوره داخل حركة {طالبان}. فقد تم تصويره على أنه عدو خطير. لكن تشير أبحاثي إلى أن أحداً لم يسمع عنه شيئاً منذ عام 2001. كان يظهر أحياناً في المنطقة حتى عام 2009، أو يُقال إن الناس شاهدوه في مسجد أو في أي مكان آخر. يقول البعض إنه كان لا يزال يقود {طالبان}، لكن لا إثبات على ذلك. لم يمارس الكثير من النفوذ السياسي أو العسكري. بقيت الحركة ناشطة من دون توجيهاته وقد أصبح غريباً بالنسبة إلى عدد كبير من أتباعه.

في الأسبوع الماضي، نُشر بيان قيل إن الملا عمر كتبه على موقع {طالبان} الإلكتروني واعتبر فيه مفاوضات السلام {شرعية}. كيف يمكن تفسير ذلك؟

من الواضح أن الملا عمر لم يكتب هذه الرسالة. خلال أبحاثي، تحدثتُ مع عناصر {طالبان} الذين كتبوا مثل هذه البيانات باسمه في الماضي. كان الجميع يدركون أن الملا عمر لم يكن يتدخل في نشاطات مماثلة. أظن أننا، في الغرب، بالغنا في تقدير مكانته كزعيم للعدو، ما يعني أننا لم نفهم حقيقة العدو يوماً. لم يعرف الأميركيون الملا عمر وأساؤوا قراءة تحركاته منذ البداية.

لا نعرف الكثير عن الملا عمر شخصياً. ما الذي دفعك لتحضير كتاب عنه؟

لاحظتُ هذا المفهوم الخاطئ عن هوية العدو الحقيقي في أفغانستان. أدركتُ أن العدو يتمثل أيضاً بالحكومة الأفغانية الفاسدة وأمراء الحرب الذين يتقاتلون في ما بينهم. كانت عمليات القصف تُنسَب في معظمها إلى طالبان، لكن هل كانت الحركة تقف وراءها دوماً؟ لم يتحدث أي صحافي مع «طالبان». لذا قررتُ أن أستكشف حركة «طالبان» وزعيمها لشرح حقيقتهم. نتيجة تلك الأبحاث، سيفسّر الكتاب ما جعل الغرب يخسر الحرب في أفغانستان.

كيف أجريتِ الأبحاث لكتابك؟

عند العيش في كابول، تبدو {طالبان} مخيفة.

لكن بعد التجول في مناطق واسعة جنوباً، من حيث يأتي عدد كبير من عناصر {طالبان}، تغيرت نظرتي إلى الوضع. أبدى عناصر {طالبان} استعدادهم للتكلم وكانوا يشعرون بأن الجميع أساؤوا فهمهم.  كانوا يعتبرون مثلاً أن استسلام معظم أعضاء {طالبان} للرئيس حامد كرزاي بعد اعتداءات 11 سبتمبر وتسليم أسلحتهم مبادرة مهمة. لكن لم تقبل الولايات المتحدة وبعض حلفائها باستسلام {طالبان} بل أرسلوا الجيوش لمطاردتها. حين تقرّبتُ منهم للمرة الأولى، كان يجب أن أكسب ثقتهم طبعاً.

لكن بعد فترة، بات يسهل التواصل معهم أكثر مما توقعت.

ما هي الصورة التي تكوّنت عن {طالبان} خلال أبحاثك؟

كان اهتمام الملا عمر البارز بالغرب من النقاط المثيرة للاهتمام.  كان يثق بالولايات المتحدة في البداية لأنها ساعدته خلال الحملة الجهادية على طرد السوفيات في الثمانينات. وفي عام 1996، حين أصبح زعيم {طالبان}، أول ما توقّعه هو إعادة فتح السفارة الأميركية في كابول. لكن بدل حصول ذلك، وقع سوء تفاهم ثقافي كبير لأننا شاهدنا طريقة تعامل {طالبان} مع النساء وعمليات الرجم. إنها ممارسات مريعة حتماً، لكن كانت أفغانستان غارقة في حرب أهلية. كانت النساء يُسحَبْنَ في الشوارع ويتعرّضن للاغتصاب الجماعي والقتل.  وكانوا يضعون النساء في أكياس ويرمونها في الماء، واحتدم القتال بين مختلف القبائل.

إلى أي حد أعادت {طالبان} فرض النظام في ظل هذه الفوضى؟

أصبح الدين أداة لإعادة فرض حكم القانون، وقد دعم عدد كبير من الأفغان هذه المقاربة. إذا أخذنا هذه المعطيات بالاعتبار، يمكن أن نقول إن {طالبان} كانت حركة محلية وقد تكرر ما فعلته في أي وقت لأنها تحظى بالدعم، وتحديداً في ظل تدهور الوضع الأمني.

بعد التأكيد على موت الملا عمر، ما سيكون إرثه؟

يخبرنا الناس في أفغانستان أنه كان رجلاً بسيطاً وغير متعلّم، لكنه كان يعارض الفساد أيضاً. وفق بعض المصادر، كان يحظى بالاحترام لأنه أنشأ أول دولة إسلامية في أفغانستان. كان لديه أعداء طبعاً وهم يحملون عنه رأياً مختلفاً. لكن بشكل عام، قال لي معظم الناس إن أفغانستان، حتى عام 2001، كانت آمنة بنسبة 90% ولم يكن الفساد فيها يتجاوز العشرة بالمئة.

back to top