نصوم ونفطر مسلسلات

نشر في 03-08-2015
آخر تحديث 03-08-2015 | 00:01
 فوزية شويش السالم شهر رمضان بات بالنسبة للأغلبية صياماً وإفطاراً على مسلسلاته التي أصبحت من علاماته وطقوسه بفضل الإنتاج الضخم والإعلانات المغرية التي تجتزئ أفضل المشاهد وأقواها لتبثها قبل قدوم الشهر الفضيل، ما يزيد من تشويق المشاهد ويحثه على متابعتها.

الإنتاج الكبير والكم الهائل منها لا يمكن متابعته بأي شكل كان، لكن اختيار الأفضل منها قدر الإمكان بحسب قيمة العمل التي يشكلها المؤلف والمخرج والممثلون، وطبقاً لهذا المعيار اخترت بعض الأعمال للكتابة عنه. المسلسل الذي أعجبني ونال النسبة العالية من المشاهدة هو "تحت السيطرة"، الذي كتبته مريم نعوم، وهي حالة جميلة تثبت تفوقها بكل عمل تقوم بكتابته، وهذا العمل بالذات أهميته تنبع من تناوله قضية المخدرات كقضية اجتماعية خطيرة يجب أن تُطرح وتناقش بهذا الشكل الإيجابي الذي يجعلها مسؤولية كل مواطن في المجتمع، خصوصاً بعد استفحالها في المجتمعات العربية والخليجية، ولأول مرة أرى مسلسلاً قدم للمشاهدين فناً هادفاً يطرح قضية مهمة وبالوقت ذاته يحمل متعة فنية عالية آتية من جودة كتابة السيناريو والإخراج المتميز والتمثيل الصادق المبهر لكل الممثلين، وعلى رأسهم نيللي كريم، التي بات اسمها علامة لجودة العمل، وأيضاً الممثلة الشابة جميلة عوض، الوجه الجديد الصاعد بقوة، والممثل التونسي ظافر عابدين، وأحمد فراج، وأحمد وفيق، وهاني عادل، الذين أقنعونا بأدوارهم وبينوا لنا الواقع البائس لهذا الوضع اللعين، فتحية لكل طاقم العمل.

العمل الثاني الذي شكل لي مفاجأة، ولم يكن من ضمن اختياراتي، وجاء بطلب من ابنتي التي أثق بمستوى ذوقها الفني، هو مسلسل شرين عبد الوهاب "طريقي" المليء ببهجة فنية مختلفة تماماً عن بقية المسلسلات، ومفتقدة في الأعمال الأخرى التي باتت رمزاً للعنف والانحطاط في الأخلاق والعلاقات الاجتماعية بصورة عامة. هذا المسلسل يعود بالمشاهد لزمن الرومانسية التي تربى عليها جيلي من خلال الأفلام العالمية والمصرية، وكانت تحمل قصصاً اجتماعية بسيطة ليس فيها العنف الذي نشاهده اليوم، أو لغة سوقية هابطة وشتائم وقذف.

القصة تدور حول فتاة تملك صوتاً جميلاً كل حلمها أن تصبح مطربة مشهورة، إلا أنها تتعرض لمشاكل مع والدتها التي ترفض غناءها، لكنها تحقق حلمها وتصبح مغنية مشهورة من بعد مصاعب عديدة تعترض طريقها، ولا أريد أن أفسد المشاهدة لمن يريد متابعة هذا المسلسل الذي قدم شرين عبد الوهاب كممثلة جيدة لأول مرة قامت باقتدار بدورها وأمتعت المشاهد بصدقها وعفويتها وبساطتها المدهشة، إلى جانب صوتها الرائع وغنائها مقاطع جميلة من أغنيات مطربي الزمن الجميل.

شارك في البطولة الرجالية الممثل السوري باسل خياط الذي كان بشكله مناسباً تماماً للدور الذي أجاده، لولا أنه في بعض اللقطات يُشعر المشاهد بأنه يمثل الدور ولا يستغرق ويغوص فيه، وكأنه يختار طريقة تمثيله طبقاً لطرق يقرر تلبسها، فأحياناً يصبح آل باتشينو أو روبرت دي نيرو أو رشدي أباظة، كان طوال الوقت مدركاً أنه يمثل ويحدد كيفية تعبيراته لكل مشهد.

سوسن بدر كانت كعادتها قمة في التميز، وكذلك أحمد فهمي الذي أدهشني صدقه، فقد أدى دوره بعفوية تدخل القلب، وهناك مجموعة من الممثلات الصاعدات بقوة والجميلات في آن واحد قدمن أدوارهن ببساطة وعذوبة عكست تماماً رومانسية زمن المسلسل.

المسلسل الثالث هو "بين السرايات" الذي طرح موضوع التعليم والطلاب والمكتبات المنتشرة في منطقة بين السرايات القريبة من جامعة القاهرة، والتي تقوم بطبع الملزمات الدراسية وملخصات الكتب المقررة على الطلبة، كما تبيع الامتحانات وتفضح طرق الغش فيها. عالم قائم بأكمله وبمختلف قضاياه على دور هذه المكتبات وما تقوم به، وهو الأمر الملفت في طرح هذا العمل الذي ربما يُطرح للمرة الأولى في الأعمال الفنية.

العمل الرابع هو المسلسل الكويتي "أمنا رويحة الجنة" من بطولة سعاد عبد الله وتأليف هبة مشاري حمادة، بدايته كانت جيدة ثم دخل في مبالغات لأحداث لا تُصدق، فهل يُعقل أن تكون الأسرة بكامل أفرادها من الأم وأبنائها وزوجاتهم وبناتها يعيشون على حياكة المؤامرات والخيانات المتبادلة والمتشابهة بمن فيهم أطفال العائلة، وكم يمثل هذا المسلسل الواقع في الكويت؟ أحداث مركبة فقط للتهويل في درامية المسلسل دون أن تمنحه مصداقية المشاهدة.

back to top