Paper Towns... تلامذة في فيلم متماسك

نشر في 02-08-2015 | 00:01
آخر تحديث 02-08-2015 | 00:01
مثل كل موعد خلال حفلة التخرج، يجب أن ينجح أي فيلم ممتع تدور أحداثه في مدرسة ثانوية بالترفيه عن المشاهدين وإبعادهم عن مشاكلهم طوال ساعتين تقريباً. يبقى بعض الأفلام الناجحة التي تدخل في هذه الخانة، مثل The Breakfast Club و Rebel Without a Cause و Boyz n the Hood، راسخاً في ذاكرتنا حتى بعد أن نكبر.

Paper Towns فيلم مشوّق يستعرض مرحلة الانتقال من المراهقة إلى النضج، مقتبس من الرواية التي تحمل العنوان نفسه للكاتب جون غرين (صاحب رواية Fault in Our Stars التي حققت أعلى المبيعات).

يشمل فيلم Paper Towns مجموعة جذابة من الممثلين وتبدو بنية القصة واعدة: ينطلق بعض التلامذة الثانويين في مغامرة لإيجاد زميلتهم المفقودة.

الفيلم من إخراج جايك شراير والسيناريو من تأليف سكوت نوستادتر ومايكل ويبر. يبدأ الفيلم على شكل قصة رومانسية ثم تحتدم أحداثه ويتخذ بعداً غامضاً قبل أن يتحوَّل في النهاية إلى رحلة مشتركة تعكس معنى الصداقة.

لكنّ الفتاة الجميلة {مارغو} التي يحرك اختفاؤها حبكة القصة هي الشخصية التي يمكن أن تحسن مستوى أي فيلم عند اختفائها.

غرين معروف باختيار المراهقين الفصيحين في قصصه، ويحبه القرّاء من فئة الراشدين الشباب لهذا السبب تحديداً.

مثل أي فيلم درامي آخر تدور أحداثه في مدرسة ثانوية ويكون مستوحى من أفلام المخرج جون هيوز، يُغنِي غرين الحياة الداخلية للمراهقين في قصصه، وهو جهد يستحق التقدير طبعاً.

لكن عند ترجمة العمل إلى فيلم سينمائي، قد تتحول الفصاحة للأسف إلى ادعاء مزيّف، إذ لا تتضح معالم القلق في عائلة {مارغو} إلا خلال مشهد مدته 30 ثانية يعبّر فيه والداها عن قلقهما عليها.

البطل الأكثر جاذبية في الفيلم هو جار {مارغو}، {كوينتن}، أو {كيو} كما يناديه أصدقاؤه، وهو موسيقي ملتزم جداً في فرقته المدرسية ويؤدي دوره نات وولف ويكون مغرماً بمارغو. يبدو {كيو} طالباً جدياً ومتفانياً، بينما تكون {مارغو} (كارا ديليفين) فتاة متحررة وعصرية جداً.

ينجح شراير في إيجاد موقع مقنع للأحداث في بلدة {كيو} الواقعة في ضواحي فلوريدا الراقية حيث تبدو ساحاتها ومبانيها منظّمة. من الواضح أن نوستادتر وويبر، اللذان اقتبسا أيضاً قصة A Fault in Our Stars لإصدار فيلم من إخراج جوش بون، يفهمان اللحظات العادية في حياة المراهقين التي تحمل جوانب عاطفية قوية.

أداء طبيعي

يبدو أداء وولف طبيعياً ومنفتحاً، فتعبّر حركات جسمه ونظراته المطوّلة ووعيه الفكري عن حاجته إلى مستوى أعلى من النضج. يبدو أصدقاؤه في الفرقة صادقين أيضاً: {رادار} الجدي (جاستس سميث) الذي يمتنع عن جلب حبيبته الأكثر نضجاً منه إلى المنزل بسبب عادات عائلته الغريبة، و{بن} الحيوي (أوستن أبرامز) الذي يحرّض الجماعة على التحرك.

حين يتناقش {كيو} وأصدقاؤه حول الفتيات خلال ألعاب الفيديو أو ينشدون أغاني {بوكيمون} جماعياً، تبدو صداقتهم مقنعة أو تعكس على الأقل نوع المحادثات التي تدور بين مراهقين شباب في عمر الثالثة عشرة.

لكن حين تصل {مارغو} إلى نافذة {كيو} وتَعِده بأن يمضي أفضل ليلة في حياته، تبدو ثقتها بنفسها شائبة بعض الشيء. لا يمكن لوم ديليفين، تلك العارضة التي بدأت تنتقل إلى عالم التمثيل، على المشاكل في شخصية {مارغو}، فهي تقول بكل ثقة عبارات عميقة وغريبة مثل {يجب أن تضيع قبل أن تجد نفسك}، ويعكس صوتها المبحوح وحاجباها المتفاعلان نسبة الخطر التي تواجهها.

حين تطلب {مارغو} من {كيو} أن يرافقها في إحدى الليالي للانتقام من بعض الأصدقاء غير الأوفياء، يخرج {كيو} من الجو الذي اعتاد عليه وينقل جدّيته إلى {مارغو} التي تحدّق بالسماء بكل كآبة وتتذمر من مشاكلها.

يشير عنوان الفيلم ({بلدات ورقية}) إلى مصطلح يُستعمل في مجال رسم الخرائط وهو يدلّ على مكان مزيف يهدف حصراً إلى القبض على مزوّري الخرائط، ويتعلق موضوع محوري في الفيلم بالتمييز بين الصادق والكاذب وبين الحقيقي والمثالي. لكن تكمن المشكلة في واقع أن تصنّع {مارغو} هو أعمق ما فيها.

لكن من الناحية الإيجابية، تختفي {مارغو} في صباح اليوم التالي وتتخذ جهود {كيو} لإيجادها منحىً مشوّقاً يشبه قصص شارلوك هولمز، فتتدفق الأدلة على شكل خرائط قديمة وسجلات شعبية وقصائد للشاعر والت ويتمان.

أحداث مشوقة

حين يتجمّع {كيو} و{رادار} وحبيبته {أنجيلا} (جاز سينكلير) و{بن} وصديقة {مارغو}، {لايسي} (هالستون ساج)، في سيارة للذهاب وإيجاد {مارغو} والعودة في الوقت المناسب لحضور حفلة التخرج، تتصاعد أحداث الفيلم بوتيرة مشوّقة. مع اقتراب الصيف ودخول الجامعة، ينتهي بهم الأمر على الساحل الشرقي حيث تصدح موسيقى الروك الحيوية، ويعكس توتر علاقاتهم وتغيّر وجهاتهم على الطريق مشاعر من المرارة والمتعة في آن وكأنها مغامرتهم الأخيرة.

ثمة طابع بسيط وتقليدي في مزاحهم، وهو جانب ساحر لأنه أصبح نادراً جداً في الأفلام المعاصرة. من المستبعد أن تغضب الأمهات إذا شاهد أولادهنّ فيلم Paper Towns. لكنّ الأغرب من ذلك هو ألا تهتم شركة إنتاج خاصة بأعمال الراشدين الشباب بمصاصي الدماء أو نهاية العالم، بل بشؤون المراهقين العاطفية بكل بساطة.

back to top