كيف يتعلم الدماغ التمييز بين المهم والتافه؟

نشر في 01-08-2015 | 00:01
آخر تحديث 01-08-2015 | 00:01
No Image Caption
إشارات السير، أضواء الإعلانات، متاهة توجيهات السير... خلال تعلم القيادة، يصعب على الإنسان التمييز بين المهم والمعلومات غير الملائمة. ولكن كيفية تعلّم الدماغ تمييز أهمية بعض الصور مقارنة بأخرى تشكل محور بحث تجريه البروفسورة سونجا هوفر من Biozentrum في جامعة بازل. ففي دراسة نُشرت أخيراً في مجلة Neuron، أظهرت عالمة الأعصاب هذه وفريقها أن تعلم الصور المهمة يحدث تبدلات كبيرة في الشبكات العصبية في الدماغ. وقد تساعد هذه التغييرات دماغنا في معالجة وتصنيف فيض الحوافز في بيئتنا بفاعلية أكبر.
تعتمد نظرتنا إلى بيئتنا اعتماداً كبيراً على ما سبق أن رأيناه وتعلمناه. على سبيل المثال، لا داعي لأن يفكر السائق المحترف مرتين في معنى إشارات الطريق المختلفة، فضلاً عن أنه يُصبح خبيراً في تقييم أوضاع السير. كذلك ينجح في انتقاء المعلومات المهمة من دفع الحوافز غير الضرورية، ما يتيح له التحرك بسرعة. في المقابل، يحتاج السائق المبتدئ إلى وقت أطول لمعالجة المعلومات الجديدة. تناول فريق البروفسورة سونجا هوفر من Biozentrum في جامعة بازل وجامعة لندن كيفية تحسن عملية معالجة الحوافز الحسية في الدماغ من خلال التعلم.

يتعلم الدماغ التمييز بين الصور

لهذه الغاية، تحقق فريق البروفسورة هوفر من القشرة البصرية في الفئران. يُعتبر هذا الجزء من الدماغ مسؤولاً عن معالجة الحوافز البصرية وفهمها. تركض الفئران في بيئة افتراضية حيث تُصادف مجموعة من الصور ترتبط إحداها بمكافأة. وفي غضون أسبوع، تعلمت هذه الحيوانات التمييز بين الصور والتفاعل معها بشكل صحيح. وقد تجلى هذا التعلم من خلال نشاط الخلايا العصبية في القشرة البصرية التي سُجلت ردود فعلها ودُرست خلال مسار التعلم بأكمله. صحيح أن ردود فعل الدماغ تجاه حوافز بصرية مهمة لم تكن محددة عندما كانت الفئران في مراحل التعلم الأولى، إلا أن عدداً أكبر من الخلايا العصبية تفاعل بشكل محدد مع الصور المعروضة بعد أسبوع من التمرين.

التعلم يحسّن معالجة الحوافز

يذكر عادل خان، أحد معدي تقرير هذه الدراسة: {يوماً بعد يوم، يصبح تفاعل الخلايا العصبية مع الصور أكثر تميّزاً ووضوحاً وثباتاً}. ويعتقد أن هذه التغييرات في الدماغ قد تسمح لنا بمعالجة المعلومات من بيئتنا بفاعلية أكبر، وربما تشكل أسس قدرتنا على التفاعل بسرعة مع الحوافز البصرية المهمة. كذلك برهن العلماء أن الإشارات الداخلية والخارجية المختلفة تؤثر في عملية معالجة الحوافز البصرية. يقول خان: «لاحظنا أن دقة تفاعل الخلايا العصبية مع الحافز البصري عينه تراجعت، عندما انهمكت الفئران في مهمة أخرى، مثل ضرورة التمييز بين روائح مختلفة. وهكذا فقد الحافز البصري أهميته وما عاد الدماغ يعالجه بالفاعلية عينها. لكن اللافت أن توقع حافز بصري قبل ظهوره وتوقع المكافأة بدلا أيضاً نشاط خلايا محددة في الدماغ. ويعني ذلك أن طريقة معالجة دماغنا حافزاً ما قد تختلف بين لحظة وأخرى، وذلك بالاستناد إلى أهميته ودوره».

ساد الاعتقاد سابقاً أن القشرة البصرية تعالج المعلومات البصرية فحسب. لكن هذه الدراسة تؤكد أن كثيراً من الإشارات الأخرى في مناطق مختلفة من الدماغ تؤثر خلال عملية التعلم في نشاط هذه المنطقة من الدماغ. توضح هوفر: {يعني هذا أن معلوماتنا السابقة، توقعاتنا، والمحيط التي نجد نفسنا فيه، كلها امور  تؤثر بعمق في فهمنا البصري للبيئة المحيطة بنا}.

back to top