بين المجازفة والتأني... أين يحصد النجوم التميّز؟!

نشر في 01-08-2015 | 00:01
آخر تحديث 01-08-2015 | 00:01
في قطاعات الحياة المختلفة ثمة سعي إلى التميّز، ترافقه مساحة واسعة للمغامرة لتحقيق الأفضل، بدوره لا يخرج الفن عن هذه القاعدة، بل تتخذ المجازفة فيه أشكالا مختلفة، وتنطلق من الجرأة في التغيير مع علم الفنان الأكيد بأنه إما ينجح أو يفشل...
في الأحوال كافة، تبقى المجازفة القائمة على خلفية ثقافية والمرتكزة على تجارب الفنان الطريق الأمثل لبلوغ النجاح من دون خسائر تذكر...
هل يحتاج التميز إلى مغامرة أم تكفي الخطوات المتأنية والثابتة؟ سؤال طرحته {الجريدة} على نجوم عرب وسجلت الأجوبة التالية.
تجارب ومخزون ثقافي

عبد العزيز الحداد

لا يحتاج التميز في الفن إلى مغامرة ولا يحتاج إلى تأنٍ، فالفن لا يستطيع فعله إلا فنان، وكما قال صقر الرشود رحمة الله عليه  الفنان حتى أنفاسه فن»، يوضح الفنان عبد العزيز الحداد، معتبراً أن التأني والمغامرة ينطبقان على الجميع.

يضيف: «لا شك أن في التأني السلامة وفي العجلة الندامة، والمغامرة لها مميزاتها وليس المقامرة ، فالمغامرة إما تكسب قليلاً أو معقولاً أو تخسر ما هو قليل أو معقول، أما المقامرة فهي أن تخسر كل ما لديك أو تربح كثيراً».

يتابع: «كتب الحكماء  حول التأني والاستعجال،  فالأول  لا يعني البطء أو السرعة بل التفكير والتبصر والعجلة عكسه. يحتاج الفنان إلى التأني،  فيما عدم التأني يضعه أمام مآزق، لأن الفنان، في الأساس،  لا يفكر بشكل تقليدي وطبيعي، بالتالي عدم التأني يوقعه في خطأ أكبر. ويعد الفنان أكثر تمكناً وإتقاناً من أي شخص عادي في صناعة الفن، من هنا غلطة الشاطر بألف».

يوضح أن ثمة أمرين يدركهما الفنان تماماً هما: الصبر له علاقة بالانتظار، «فالصبر والتحمل والإيمان فيما تفعل، والتأني  لا علاقة له بالزمن، فيما المغامرة بحد ذاتها أمر جميل،  لأنها تكشف المجهول،  شرط أن تكون مدروسة وتعتمد على الخبرة والتخطيط الجيد والتأني، وقد تنجح أو لا تنجح رغم الاستعدادات».

يقول في هذا المجال: «مثال على ذلك، أريد أن أغامر  عبر تقديم مسرحية ميلودراما للجمهور وبتذاكر، هذه مغامرة لأن الجمهور العربي لم يعتد  مشاهدة مسرحية يقدمها ممثل واحد، ولأنها تحتاج إلى مسرح ومال وتذاكر وإعلانات،  أما دافعها فداخلي  وهو أن الجمهور يتطلع إلى مسرح غريب، وإلا لما أقدمت على تلك المغامرة في عيد الفطر 2014 ونجحت!  لم أحقق ربحاً مادياً، ولكن لم أخسر. إذن المغامرة نتائجها أسلم من نتائج المقامرة في المقامرة مثلا يقال إن مسرح الأطفال مربح في الأعياد، إنما يحتاج  موازنة، وحتى المقامرة تحتاج تخطيطاً لتقليل الخسائر أو زيادة الربح».

يكمل: «في هذا الزمان المغامرة للفنان أن يكون ممثلاً أو لا يكون لأن النصوص هشة، فمعظم المخرجين يعتمدون زوايا ثابتة ومتكررة في الأعمال كافة، ولا تتضمن أي إبداع إلا ما ندر، وأيضا الحوارات متكررة وغير فنية. من الممكن أن يكون ثمة إبداع في النص فيغامر الفنان  في القبول ويدعمه بالدراسة والتأني وتدعيم الفن بفنه الخاص ليحقق نتائج إيجابية، وقد لا تنجح تلك المغامرة».

 يختم: «ثمة  مغامرة إما أن تتجه إليها أو تفرض نفسها عليك، وتغامر أو لا تغامر. وقد تكون في موقع أو موقف يكون فيه القرار بحاجة إلى مغامرة أو التخلي،  عندها تحتاج أن تتعامل مع معطيات أخرى، ومثال على ذلك قررت السفر مع ثلاثة أشخاص لعرض مسرحية ميلودراما في أوروبا، وحدثت ظروف لهؤلاء الأشخاص خارجة عن إرادتهم، فكانت السفرة بمثابة تحدٍ ذاتي ليس للنجاح ولكن لمعرفة ماذا يمكن أن يكون، وكان ما كان».

زهرة  الخرجي

«من خلال خبرتي الفنية، عندما يعرض عمل علي  أناقشه مع الكاتب والمنتج عبر الهاتف أو وجها لوجه، لمعرفة تفاصيل أكثر عن دوري وخلفية العمل وهدفه وأبرز وخطوطه» تقول الفنانة زهرة  الخرجي،  موضحة أنها، بعد ذلك،  تقرأ النص كاملا من ثم  تقرأ دورها، وعلى أثرها تأتي الموافقة الأخيرة، انطلاقاً من قدرة العمل على إضافة جديد إلى مسيرتها.

تضيف: «الأدوار تتشابه ولكن يكمن السؤال هل سنقدم الدور  بطريقة جديدة؟ على مدى تاريخي الفني  جسدت أدواراً  مختلفة، وانتظر  تجسيد شخصيات بلغة عربية فصحى  أو سيرة ذاتية، وعند عرضها علي يتوجب أن تحمل هدفاً غير الهدف الذي نقدمه لمتعة المشاهد، وهو أن يضيف إلى خبرتي  وتاريخي ومكانتي واسمي. ولم أؤدِّ يوماً دوراً  من دون تأنٍ وتفكير، وعندما أوافق عليه  استمتع بأدائي له.

نصار النصار

«عندما يمتلك المرء خبرة علمية فنية كافية وتمارين وتدريبات سواء كانت دورات أو تعليماً أكاديمياً أو ورشاً، وأيضا ثقافة عامة ومتخصصة تأتي بعد ذلك روح المغامرة والتجربة»، يؤكد  الفنان نصار النصار لافتاً إلى أن المسرح والفن والغناء وحتى الرسم...   كلها تحتاج أن يكون المرء مغامراً في الإبداع.

يضيف: «لكن المغامرة لا تظهر من دون أي مخرجات، يتوجب أن تنبع من خلفية كبيرة ومخزون ثقافي وعلمي  ومن التجارب».

نعم للتروي ولا للعشوائية

بيروت -  ربيع عواد

مادلين مطر

{لست متهورة، والمجازفة في الفن بشكل مطلق ليست بالأمر الجيّد} تؤكد مادلين مطر، لافتة إلى أن التفكير والتروّي وأخذ ظروف البلد والسياسة والأمن في الاعتبار... كلها أمور  ضرورية في بلادنا العربية، كونها تؤثر بشكل مباشر على الواقع الفنّي.

تضيف: {في ظل الظروف التي نعيشها، يتروى الفنان قبل التفكير في طرح أي عمل جديد، لا سيما أن الإصدارات والحفلات والمهرجانات إلى تراجع}.

تتابع:  { لا شك في أن  غياب شركات الإنتاج وتردي الأحوال الإقتصادية، تصعّبان المغامرة والمخاطرة،  فضلا عن أنني ارفض، أصلاً، الإقدام على أي خطوة ناقصة، لذلك أشبع أي عمل جديد أريد القيام به درساً من النواحي كافّة، والحمدالله لم تخذلني توقعاتي يوماً}.

نيللي مقدسي

{أحب المغامرة لكن بحدود وأدرس خطواتي الفنية  بشكل كامل لأنني أرفض التراجع} توضح نيللي مقدسي مؤكدة  حرصها على أن تكون  دائماً عند حسن ظن الجمهور وثقته، ومشيرة إلى  أن المغامرة مهمة أحياناً كونها تحمل جديدا واختلافاً قد يصب في مصلحة الفنان.

 عما إذا كانت تعتبر مشاركتها في برنامج {سبلاش} مغامرة تقول: {عندما عرضت إدارة البرنامج علي الفكرة لم أتشجع ولم اقتنع بالمشاركة، خصوصاً أن مجتمعنا شرقي ولا يتقبل فكرة إطلالة فنانة بلباس بحر  على الشاشة، لكن بعدما درست الفكرة، أدركت أن هدف البرنامج رياضي بحت، بعيداً عن الإغراء أو الأمور التي تخدش حياء المشاهد،  فهو لن يتسمّر أمام الشاشة لمشاهدة ماكياج الفنانة أو شعرها، بل ليتابع قدرتها على التحدي والمغامرة وروحها الرياضية}.

فيفيان مراد

{أحب التأني ولا أقدم على أي خطوة،  سواء في حياتي اليومية أو الفنية، في حال لم أدقق بها وألمس نتائجها مسبقاً}، توضح فيفيان مراد  معتبرة أنها، كفنانة مسؤولة أمام الناس والصحافة، لا تقوم  بخطوات عشوائية لمجرد فكرة وردت في رأسها.

تضيف:} المغامرة الخفيفة جميلة لكني ضد أن يذهب الفنان بها إلى النهاية لأنها قد ترتد عليه}.

تتابع أن أعمالها نجحت بفضل اجتهادها واقتناعها بموهبتها وصقلها بشكل دائم، لافتة إلى أنها تلقت عروضاً في التمثيل وقرأت أكثر من سيناريو، وكان بإمكانها المغامرة  وخوض هذا المجال، {لكنني فضلت التروي إلى أن أتلقى عرضاً مناسباً يرضيني من النواحي كافّة، وأنا اليوم أدرس عرضاً تمثيلياً بشكل جدّي}.

جنى

{متروية وأحب المجازفة التي في مكانها، منذ  خوضي مجال الفن  عملت على أن تكون خطواتي محسوبة وأقوم بما يمليه علي عقلي} تؤكد جنى   موضحة أن بعض الأفكار تكون جميلة  وتحمل إليها تغييراً وتجدداً، مع انها تشكل مجازفة، بالنسبة إليها، لكنها تجدها مضمونة النتائج لذلك تقدم عليها.

تضيف: {حين تعاملت مع المخرج جاد شويري للمرة الأولى كنت خائفة لأنه معروف بجرأته في أفكاره، لكن بعد  نجاح {درس خصوصي}، شعرت بأنه مخرج محترف ولا يشبه غيره، ومن  ثم نفذنا كليب {بنت جديدة}. اليوم  تربط بيننا صداقة وأستشيره في أمور أريد القيام بها على الصعيد العملي}.

حول إمكانية خوض مجال التمثيل توضح: {لا شك في أن هذه الخطوة مغامرة بحد ذاتها، يتطلب منّي الغناء تفرغاً، فيما يتطلب التمثيل وقتاً وسهراً، لذلك لا أريد أن اخطو أي خطوة ناقصة،  تلقيت عروضاً لكنها لم تقنعني، وعندما أعثر على عمل جيد من النواحي كافة  أقدم على خطوة التمثيل}.

جرأة وثبات

القاهرة – بهاء عمر

يرى حسن الرداد أن المغامرة هي تحد للفنان الحقيقي الذي لا يعتمد على نوعية معينة من الأدوار يحاصر نفسه فيها، موضحاً أن السعي إلى التميز وترك تاريخ فني يفرضان على الفنان التنويع في الأدوار التي يقدمها، سواء في السينما أو التلفزيون، عبر اختيار أدوار تحدث مفاجأة عند الجمهور ويعتبرها البعض مغامرة.

يضيف أن الموهبة تظهرها أعمال مغايرة، لافتاً إلى أن اختيار أدوار سهلة يحدث حالة من النجاح المؤقت، لكنه لا يحقق الفرادة.

ضرورة للتقدم

توضح نسرين أمين أن الفنان الحقيقي يجب أن يكون مغامراً في كل جديد يعرض عليه أو يقدمه، معتبرة  أن التنوع في الأدوار هو الهدف الذي يسعى إليه النجم منذ اللحظة الأولى لدخوله الوسط الفني، كي لا يصاب بالملل على المستوى الشخصي، أو يعتاد الجمهور أداءه لشخصية معينة، موضحة أن منتجين ومخرجين يتمسكون بأداء ممثلين بعينهم في أدوار معينة ولا يمكنهم الخروج منها بسبب تكرارهم الظهور فيها.

تضيف أن التأني والثبات ليسا مناقضين للمغامرة، خصوصاً  أن الجمهور يبحث  عن شكل جديد، باستمرار، ورغم النجاح الذي قد يحققه الفنان في حال إتقانه دوراً معيناً وارتباط الجمهور به، لكن ذلك لا يدوم طويلا ويتسبب في تشبع المشاهدين من أدائه.

تمزج رانيا يوسف بين التأني والمغامرة، إذ تحتاج وقتاً طويلاً لدراسة المعروض عليها خصوصاً  إذا كان جديداً من ناحيتي الشكل أو المضمون، معتبرة أن أدوار المغامرة بمثابة الحياة بالنسبة إلى الفنان وتجديد لطاقته  وخروج من النمط التقليدي وإثبات قدرته على أدوار أخرى بأريحية  بعيداً عن ملل الأدوار التقليدية.

ثبات وجرأة

التأني وعدم الاستعجال  من أهم الشروط لضمان التحرك بثبات في عالم الفن، برأي حمادة هلال، مشيراً إلى أن ذلك من أهم أسباب تأخره في إصدار بعض الألبومات، أو قلة أعماله ليظهر للجمهور في صورة يرضى عنها وبعيدة عن التكرار.

يتابع أن البحث عن عمل جيد وبذل جهد لظهوره، مهما كان شاقاً في البداية، يعوض مردوده المشقة والتعب، منبهاً إلى أن الطريق إلى النجاح والتميز شاق، لأن النجاح هو القمة التي لايمكن أن يصل إليها سوى المتميزين والمجتهدين.

يشير أحمد رزق إلى انه أصر على حلق شعره لإضفاء مصداقية على دوره  في مسلسل «الإخوة الاعداء» المأخوذ عن الرواية العالمية التي تحمل الاسم نفسه،  رغم إمكانية ارتدائه «باروكة « تعطي الشكل نفسه.

يوضح أن الدور الذي يعرض على الفنان طالما حرك بداخله رغبة لأدائه وكان لديه شعور بـأنه سيحدث تغييراً في مسيرته الفنية، يجب ألا يتردد في التضحية بأي شيء من أجله، وهذا جزء من طبيعة عمله القائمة على التجريب وتقديم الجديد.

أحمد زكي

يعتبر أحمد زكي أحد أبرز نجوم العالم العربي تنوعاً بين الشخصيات، فمنذ فيلم «كابوريا»  وقصّه شعره بشكل غريب، مروراً بأدائه لشخصيتي جمال عبد الناصر وأنور السادات، ثم ختام مشوراه  بتجسيد شخصية عبدالحليم حافظ في فيلم «العندليب»،  ونجاحه فيها  بالحجم والصوت والشكل وحتى الروح، برزت عبقريته وتفوقه وعشقه للمغامرة بشكل واضح، لكن أثر ذلك عليه على المستوى الصحي إذ عانى أمراضاً في المعدة بسبب أدوية «التخسيس»،  وعرف عنه أنه يندمج في الشخصية إلى حد يقارب «التلبس»، وكان يحتاج إلى وقت بعد التصوير ليخرج من الشخصية التي يؤديها.

back to top