رأفت الميهي... أسطورة «الفانتازيا» السينمائية يرحل في صمت

نشر في 31-07-2015 | 00:01
آخر تحديث 31-07-2015 | 00:01
ترك المخرج رأفت الميهي بصمة سينمائية واضحة من خلال الأفلام التي قدمها، في مسيرة سينمائية استمرت قرابة نصف قرن، تميزت خلالها أعماله بالتنوع والاختلاف في المضمون من دون الاهتمام بالكم الذي ينتجه، لذا لا يزيد رصيده على 50 فيلماً بين تأليف وإنتاج وإخراج، لكن غالبيتها تعتبر من علامات السينما المصرية بل كثير منها دخل ضمن قائمة أفضل 100 فيلم سينمائي في القرن العشرين.
درس الميهي في قسم اللغة الإنكليزية بكلية الآداب في جامعة القاهرة قبل أن يبدأ دراسة السينما ويركز في العمل فيها كسيناريست في فيلم «جفت الأمطار» (1967) مرورا بمجموعة مختلفة ومتميزة من الأفلام من بينها: «غروب وشروق»، «الهارب»، «شيء في صدري»، وهي من إخراج  كمال الشيخ، بالإضافة إلى: «صور ممنوعة»، قدم فيه ثلاث قصص كل واحدة في جزء مختلف، «أين عقلي» لسعاد حسني، وغيرها من الأفلام التي حققت نجاحاً في الصالات السينمائية مع طرحها.

مغامرة الإنتاج

شغف الميهي بالسينما دفعه إلى المغامرة بالإنتاج السينمائي  من خلال فيلم «المتوحشة» (1970) واحد من ضمن فيلمين أنتجهما من دون أن يكون له علاقة بكتابتهما، أما الفيلم الثاني فكان بعد  26  سنة وهو «يا دنيا يا غرامي» الذي تقاسمت بطولته ليلى علوي مع إلهام شاهين وهالة صدقي، وقد أنتجه لإعجابه بالقصة وعلاقة الصداقة التي جمعته مع المخرج الشاب آنذاك مجدي أحمد علي.

 عمل الميهي كمنتج منفذ في فيلم «البداية» (1986)، رغم نجاحه كمؤلف وكاتب سيناريو ومخرج لكن عشقه للسينما جعله يكون حاضراً  في أي مكان يشعر أنه قادر على العطاء فيه.

تأخر الميهي في دخول مجال الإخراج حوالى  15  سنة، فكانت أولى تجاربه الإخراجية فيلم «عيون لا تنام» (1982)، وكانت البداية موفقة إخراجياً وشجعته على تكرارها، لا سيما أن النقاد أشادوا بما قدمه وبرؤيته البصرية المختلفة عن المخرجين، وقد أكد في لقاءات عدة أن هذه الإشادات دفعته إلى الاحتفاظ بمستوى رفيع في أعماله الفنية اللاحقة والتفكير جيداً قبل الشروع في تصوير أي فيلم سينمائي جديد، لعدم وجود ما يدعوه إلى الاستعجال.

رائد الفانتازيا

يعتبر رأفت الميهي رائد الفانتازيا في السينما المصرية، صحيح أن  ثمة تجارب محدودة قبله، إلا أن الأعمال التي قدمها رسخت سينما الفانتازيا، وبدأها من ثاني تجاربه الإخراجية في «الأفوكاتو» مع عادل إمام ويسرا، وقد حقق الفيلم نجاحاً وإشادة نقدية، ويعتبر أحد أفضل الأفلام التي قدمها عادل إمام في مسيرته الفنية، كتب قصته الميهي أيضا، فنجح بامتياز كمؤلف ومخرج في فيلم يصنف ضمن أفضل 20 فيلماً سينمائياً في القرن العشرين في السينما المصرية.

لم يتوقف رأفت الميهي في تجربة الفانتازيا على فنان محدد، ففيلمه التالي «للحب قصة أخيرة» مع يحيى الفخراني كان أكثر نجاحاً، ويعتبر أكثر أعماله السينمائية التي  حازت إشادة نقدية، ونال عنه جوائز سينمائية داخل مصر وخارجها.

تجاربه السينمائية اللاحقة في الفانتازيا كان بطلها محمود عبد العزيز الذي قدم معه أفلاماً تنتمي إلى الفانتازيا أبرزها «سمك لبن تمر هندي»، «سيداتي أنساتي»، و{السادة الرجال»،  وقد حققت نجاحاً على المستويين الجماهيري والنقدي  لدى طرحها سينمائياً.

لم يبخل رأفت الميهي على السينما، فكان ينفق عائدات أفلامه لإنتاج أفلام جديدة، وقدم للسينما 11 فيلماً سينمائياً  كتب السيناريو لها وأخرجها آخرها «شرم برم» و{علشان ربنا يحبك» وهما آخر أفلام الفانتازيا التي قدمها، ولم يحققا نجاحاً يذكر  في دور العرض السينمائية، ما كبده خسائر مالية جعلته يتوقف عن الإنتاج السينمائي.

غابت أفلام الفانتازيا السينمائية مع توقف الميهي عن الإخراج، وفضل، بعد خسارة أمواله في الإنتاج السينمائي، الاتجاه إلى التدريس الأكاديمي، وافتتح أكاديمية رأفت الميهي للمواهب الشابة في السيناريو والإخراج،  فخرجت دفعات من الكتاب الشباب الذين شاركوا في ورش كتابة لأعمال فنية ناجحة، آخرهم السيناريست الشابة هالة الزغندي مؤلفة مسلسل «الكابوس»، وشاركت في كتابة مسلسل «سجن النسا» مع السيناريست مريم نعوم.

ستستمر الأكاديمية بعد وفاة الميهي، وستشرف عليها زوجته علا عز الدين وابن شقيقه عادل الميهي لإكمال رسالته السينمائية.

back to top