المخرج هاني خليفة: {سكّر مر} مرآة للتناقضات

نشر في 31-07-2015 | 00:01
آخر تحديث 31-07-2015 | 00:01
يعود المخرج هاني خليفة بعد غياب عن السينما منذ قدم تجربته الناجحة {سهر الليالي} قبل 12عاماً، ويُعرض له حاليا فيلمه الجديد {سكر مر}.
حول جديده وغيابه كان الحوار التالي معه.
في البداية حدثنا عن أسباب الغياب.

لم يكن غياباً بقدر ما كان بحثاً عن عمل متميز، فبعد نجاح تجربتي الأولى {سهر الليالي}، كان لا بد من المحافظة على هذا المستوى، يحدث أن يتم الاتفاق على عمل ثم لا يكتمل، أو تتخذ قراراً تعتقد أنه صواب ثم تجده خطأ، وبالتالي لم يكن الغياب متعمداً، فمثلا كان  ثمة اتفاق على فيلم وتوقف التحضير له، أيضا قدمت تجربة {الجامعة}، فضلا عن الأحداث السياسية التي أثرت سلباً على صناعة السينما، لكن عندما وجدت نصاً جيداً ومنتجاً متحمساً لتقديم فيلم مختلف عن السائد تحمست وقدمنا {سكر مر}.

كيف  تمّ التحضير للفيلم؟

اتصل بي المؤلف الشاب محمد عبد المعطي (لم تكن لدي معرفة  سابقة به)، وعرض عليّ السيناريو كاملا كما شاهدناه على الشاشة، فقرأته ووجدته متميزاً وبدأت التحضير له واختيار الأبطال.

لم تعتمد في اختيارك على نجوم شباك أو نجوم ذات شعبية، لماذا؟

يهمني، بالدرجة الأولى، أن يكون الشخص مناسباً للدور الذي يُسند إليه، ثم معظم نجوم الشباك ليسوا ملائمين من الناحية العمرية لشخصيات الفيلم، وبالتالي اعتمدت على المناسب بغض النظر عن الاسم، وما ظهر على الشاشة يؤكد أن اختياري كان صحيحاً، لأن الممثلين أجادوا ولم تشعر بأنك أمام ممثل صغير أو غير مناسب للدور.

لماذا  تمحورت أحداث الفيلم حول ليلة رأس السنة؟

عام جديد يعني بداية أمل وحلم وكشف حساب سنة مضت ورغبة في تخطي  أخطائها، ثم تدور الأحداث  ليلة رأس السنة من 2009 إلى 2014، ورأينا تغيرات وتناقضات لدى الشخصيات  وعلاقاتها مع بعضها البعض، كل هذا التغيير يكون محل مكاشفة وحساب في وقت ما.

في خلفية الفيلم، ثمة  سرد تاريخي لبعض الأحداث السياسية... ما دلالة ذلك؟

شهدت الفترة الزمنية التي  يتناولها الفيلم أحداثاً أكثر سخونة  على الساحة السياسية، وبالتالي كان لا بد من الإشارة إليها،  وقد أثرت هذه الأحداث المتلاحقة والمتناقضة فينا بشكل ما،  لا سيما في تصرفاتنا وانعكست على علاقاتنا بالآخرين.

لماذا لم يتم الربط بين الأحداث الساسية وأحداث الفيلم؟

لأن تأثير الأحداث فينا وفي شخصيات الفيلم لم يكن مباشراً، تعمدت الاكتفاء بالإشارة وتركت الربط للجمهور، ففي أكثر من عمل سينمائي عالمي  لا يكاد الخط السياسي أو الرمز فيه  يُرى، لكنه موجود وله دور.

اخترت اسم الفيلم من أغنية لماجدة الرومي... لماذا؟

كما قلنا يتحدث الفيلم عن العلاقات المتناقضة وما ينتج عنها من اتخاذ قرار خاطئ يؤثر سلباً، ثم نحاول تعديل هذا الخطأ، لو راجعت الأغنية {حبيبي سكر مر}، ستجد فيها التناقض ذاته، وهو ما يناسب الفيلم وكل ما يدور في داخله.

يتردد أن ثمة تشابهاً بين {سكر مر} و{سهر الليالي}، ما ردّك؟

العملان مختلفان تماماً، يتحدث {سهر الليالي} عن علاقات الزواج والطلاق والصداقة بين مجموعة من الأصدقاء، لكن {حبيبي سكر مر} يتناول التناقضات في العلاقات بشكل أشمل، قد يكون التشابه بينهما هو أنا، مخرج  الفيلمين، وبالتأكيد يظهر  أسلوبي في كلا العملين، بالإضافة إلى الاعتماد على البطولة الجماعية،  واسم الفيلمين من أغنيتين الأولى  لـ فيروز والثانية لـ ماجدة الرومي، لكن المضمون مختلف.

برأيك هل توقيت عرض الفيلم مناسب له؟

هذا الأمر يخص شركة الإنتاج والتوزيع، ولا علاقة للمخرج  به، أعرف أن جمهور العيد له طبيعة مختلفة ويبحث عن نوعية محددة من الأفلام تختلف عن {سكر مر}، ولكن هذا الأمر مرتبط بأيام العيد، وبعد ذلك،  تصبح الأفلام متاحة للجميع، وهو ما حدث بالفعل،   فقد وصل الفيلم  إلى الجمهور وحقق إيرادات طيبة، تزداد بالتدريج مع نهاية أيام العيد.

دعني أخبرك أن في النهاية الفارق ليس كبيراً بين ما يحققه الفيلم في العيد وفي أي وقت آخر، لأن الجمهور الذي يبحث عن هذه النوعية سيقصدها في أي توقيت، وبالتالي أرى أن  ثمة فارقاً في الإيرادات، لكنه ليس كبيرا بالدرجة التي تجعلنا نقول إن للتوقيت دوراً كبيراً.

 

هل تعتمد في أفلامك على البطولة الجماعية أم الأمر صدفة؟

أعتمد على السيناريو الجيد، سواء كان بطولة جماعية أو فردية، ولكن ما حدث أن {سهر الليالي و سكر مر} اعتمدا على البطولة الجماعية لأن النص كذلك، ثمة عمل مؤجل يعتمد على بطلة واحدة طوال أحداث الفيلم وهي منى زكي، ولكن لظروفها الخاصة توقف المشروع، وبالتالي يتوقف القرار على طبيعة النص.

ماذا عن المناوشات مع الرقابة؟

 

اعترض العاملون في جهاز الرقابة على لفظ يُقال على لسان أحد أبطال العمل، وطالبوا بحذفه، حاولت أن أثبت لهم أن هذه الألفاظ ليست خادشة للحياء وتُستخدم في حواراتنا بشكل طبيعي  ووردت في أكثر من فيلم، لكنهم لم يستمعوا إلي، وكان عليّ أن أختار إما غلق الصوت في هاتين الكلمتين أو وضع شارة للكبار فقط على الفيلم، وبما أنه لا يحتاج أن يُوضع عليه هذه الشارة وبالتالي اخترت غلق الصوت.

كيف  تقيم تعامل الرقابة مع السينما في الوقت الحالي؟

في الأساس، من يعمل في جهاز الرقابة موظف حكومي يخشى أن يمر شيء من دون أن يراه، ويتعامل مع الفيلم السينمائي بتوجس كبير،  ثمة إحساس بالوصاية على الجمهور وأن الرقابة لا بد من أن تتصدى لكل ما يخالف لوائحها أولا وعادات وتقاليد المجتمع، من وجهة نظرها.

 الغريب أن العاملين بالرقابة لا يدركون أن المنع أصبح مستحيلا بعد التطور الرهيب في التكنولوجيا ووسائل الاتصالات، أيضا الجمهور نفسه اختلف وأصبح أكثر وعيا من العاميلن بالفن أنفسهم، ويستطيع الفرز والمنع من دون وصاية من أحد، وما حدث بعد غلق الصوت أن الجمهور أصبح يردد الكلمة كي يعرفها من لا يعرفها، وبالتالي لم يؤثر المنع في شيء.

كيف ترى صناعة السينما في السنوات الأخيرة؟

في طريقها إلى النهوض وأصبح  ثمة تنوع في ما يُقدم للجمهور منذ {الفيل الأزرق والجزيرة 2}، وفي الأيام المقبلة  لا بد من ان نرى منتجين جدداً في الساحة وأفلاماً متنوعة، لأن صناعة السينما اليوم هي الوحيدة التي تعمل وتُقدم منتجاً يحقق إيرادات ويُصدّر للخارج، أحيي السبكي لأنه لم يخرج من الساحة في السنوات السابقة، عكس غيره من المنتجين، ولولا الأفلام التي قدمها لتوقفت الصناعة بالكامل، قد نختلف على بعض ما يقدمه لكن في الأساس يكفي أنه استمر وبه استمرت الصناعة لغاية الآن.

back to top