دولة الأسد «المفيدة» سراب يرافق مناطق النفوذ

نشر في 29-07-2015 | 00:09
آخر تحديث 29-07-2015 | 00:09
No Image Caption
لا يمكن فصل إعلان الرئيس السوري بشار الأسد تخليه عن سورية «غير المفيدة»، عما شهدته حدودها الشمالية مع تركيا من تطورات سياسية وميدانية، الأمر الذي يعتبره البعض بأنه بداية مرحلة رسم خريطة نفوذ سياسي جديدة في هذا البلد.

وإذا ما أضيفت تصريحات عدد من المسؤولين الأميركيين والأتراك تعليقاً على تلك التطورات، أمكن القول إن الأزمة السورية دخلت مخاضاً، عنوانه الأساس فقدان هذا البلد استقلاله السياسي لمصلحة ولاءات ومناطق نفوذ للقوى الإقليمية والدولية.

خطاب الأسد اعتبرته أوساط أميركية أنه تسليم نهائي وارتماء في القبضة الإيرانية، خصوصاً أنه والأمين العام لحزب الله حسن نصرالله لم يتطرقا في خطابيهما بتاتاً إلى التحركات التركية الجارية شمالاً، وكأنهما يسلّمان ضمنا بالـ«ستاتيكو» المقبلة عليه سورية «المفيدة» بالنسبة إليهما.  

ويرجح أن الأسد يمهد في خطابه لانسحابات دراماتيكية ستقدم عليها قواته، وتشمل معظم المدن الكبرى التي كان لايزال يحتفظ بوجود فيها، من حلب إلى الحسكة إلى دير الزور، وصولاً إلى درعا.

هو إذاً يتحدث عن سورية «الحيوية» بالنسبة إلى نظامه، الممتدة من دمشق مروراً بالشريط الداخلي الذي يشمل مدينة حمص إلى المنطقة الساحلية حتى طرطوس، ما يكشف رهانه الأصلي منذ اندلاع الانتفاضة ضد حكمه، وحدود نفوذ راعيه الإيراني الذي بات أكثر اقتناعاً بعدم جدوى الاحتفاظ بمناطق لا يمكنه الدفاع عنها في مواجهة نده التركي الذي نزل بثقله في المعركة.

ومع توالي كشف تفاصيل الاتفاق الأميركي- التركي، جاء إعلان مسؤولين في «البنتاغون» عن حجم القوات الكردية التي تقاتل «داعش» في شمال سورية بأنه يتجاوز الـ60 ألفاً، والطلب من أنقرة تخفيف هجماتها ضد مقاتلي حزب العمال، والتمييز بينهم وبين «داعش»، ليكشف فقرة جديدة من هذا الاتفاق، عنوانها الأبرز تحويل الأكراد ومناطقهم إلى محمية أميركية، تتعاون وتنسق مع تركيا وتحت مظلتها.

بدوره، لم يتأخر وزير الخارجية التركي أحمد جاويش أوغلو في الطلب من جماعة رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سورية، صالح مسلم، إعلان فك ارتباطهم بنظام الأسد والتعاون مع أنقرة، تمهيداً لحجز مكان لهم في سورية بعد الأسد.

ومع تحول مقاتلة «داعش» شعاراً وهدفاً رئيساً لكل الأطراف الإقليمية والدولية، «تمهيداً لإخلاء سورية من هذا التنظيم»، تكشف أوساط عربية في واشنطن أن جبهة الجنوب، المرشحة هي أيضاً لتتحول إلى منطقة نفوذ «عربية» بإشراف أردني، ستعمل على إنهاء وجود «داعش»، وصولاً إلى دمشق، طارحة أيضاً مستقبل النظام على بساط البحث ولو بعد حين.

وإذا كان الأسد وحلفاؤه يعتقدون أن الدفاع عن سورية «المفيدة» ممكن بعد التخلي عما يثقل هذه المهمة، فإن الوقائع الميدانية من فشل الهجوم على حي جوبر ومراوحة معركة الزبداني، وتجدد العمليات العسكرية في جبال القلمون، لا توحي بأن هذا الشريط الجغرافي قادر على الصمود، بينما تهديد القرى الشيعية المعزولة في شمال سورية وقصف القرداحة أمس الأول، يثبتان أن انهياره ممكن في أي لحظة، إذا قررت المعارضة السورية التمدد من درعا نحو أطراف دمشق، أو تقرر التوسع في المنطقة الشمالية الآمنة في أكثر من اتجاه.

back to top