الأغلبية الصامتة: انتحال صفة «فاهم»

نشر في 28-07-2015
آخر تحديث 28-07-2015 | 00:01
 إبراهيم المليفي إن المعركة القادمة التي سيخوضها الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم لمواجهة المنتفعين من الشهادات الوهمية معركة مع الواقع الذي فقد الحياء، ولم تعد فيه للحفلات التنكرية أي ضرورة، هي معركة لإنصاف المجتهدين الذين باتوا يحتاجون إلى أدلة تثبت صحة شهاداتهم الرفيعة، وسط بحر متلاطم من منتحلي صفة «الفهامية».

مع فقدان الحياء تصبح الحفلات التنكرية غير ضرورية، فطالما أن الجميع يعرف هوية منتحل الشخصية، وطالما أن المنتحل نفسه يعلق بطاقته الشخصية على صدره، فما الحاجة للقناع والحفلة بأسرها؟

إن الفساد عندما يبدأ ويُترك لا يتوقف بقرار رسمي أو وهم السيطرة عليه كما يحصل مع الفيروسات المخلقة في المختبرات، هو يبدأ بشكل واحد ثم ينتشر مع الهواء متخذاً وجوهاً يصعب الشك فيها، والخراب كامن بداخلها، وما حملة التزييف التي نعيشها بسبب الشهادات الوهمية إلا شكل من أشكال الفساد الذي انتحل وسينتحل صفات الغير من مهن خطيرة تتصل بحياة البشر، كالطبيب والصيدلاني والمهندس ومهن أخلاقية وقيمية تتصل بتحقيق العدالة وصناعة الأجيال كالمعلم والمحامي والقاضي وكاتب الرأي.

في «الزمانات» عرض مسلسل «الدكتور» سنة 1979م، وهو من بطولة حياة الفهد وخالد العبيد وعبدالعزيز الحداد، ذلك العمل عالج «دراميا» وببعد نظر قضية شغف بعض الأسر لحصول أحد أبنائها على شهادة الدكتوراه في «أي شيء»، حتى تبرز في منتصف الصالون للتباهي بها بغضّ النظر عن الطريقة التي حصل عليها ذلك الابن، ونهاية المسلسل مشوقة، وهو متوافر للأجيال الجديدة على «اليوتيوب»، وما همني فيه هو أن الفساد القديم كان أقصى طموحه التفاخر لا مواصلة النضال المزيف، بعكس الفساد الجديد الذي أعلن نفسه بكل وقاحة، ويريد إخضاع مؤسسات الدولة– التعبانة أصلا– للاعتراف به والتعامل معه.

إن المعركة القادمة التي سيخوضها الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم لمواجهة المنتفعين من الشهادات الوهمية معركة مع الواقع الذي فقد الحياء، ولم تعد فيه للحفلات التنكرية أي ضرورة، هي معركة لإنصاف المجتهدين الذين باتوا يحتاجون إلى أدلة تثبت صحة شهاداتهم الرفيعة، وسط بحر متلاطم من منتحلي صفة «الفهامية» في مجالات تعرفوا عليها من «النت».

وأخيراً هذه معركة لإنقاذ الكويت من مستقبل مزيف، ومنظومة دمار شامل، يحمي فيها الدجالون الدجالين من أمثالهم، ويترافع فيها محام غشاش عن الغشاشين، ويشيد فيها مهندس الهشاشة عمارات سمكها من سمك ضميره المتهافت.

back to top