هل نرفع القبعة لإيران؟

نشر في 28-07-2015
آخر تحديث 28-07-2015 | 00:01
 يوسف عبدالله العنيزي الآن وبعد التوقيع على هذا الاتفاق التاريخي وتصديق مجلس الأمن الدولي عليه، ماذا عسانا أن نفعل كدول مجلس التعاون الخليجي؟ هل نرفع القبعة لإيران، أم نرفع الرمح والترس؟ أم نبدأ بتحديد الثمن الذي يجب أن نحصل عليه، والذي يحقق الأمن والاستقرار والسلام لأوطاننا والرخاء لشعوبنا؟

بدأ البرنامج النووي الإيراني منذ خمسينيات القرن الماضي في عهد الشاه، عندما قامت- وهنا المفارقة الكبرى-الولايات المتحدة الأميركية بإهداء إيران مفاعلا نوويا قدرته (5 ميغاواط)، وكان يشرف عليه مركز طهران للبحوث النووية التابع لجامعة طهران، كما قامت بمساعدتها في بناء (7) مفاعلات أخرى، ثم اتجهت إيران للتعاون النووي مع دول أوروبا والهند وروسيا ليتوسع البرنامج ويشمل عدداً كبيراً من المواقع النووية التي يتصف بعضها بالسرية المطلقة.

 وبدأت إيران تأخذ منحى امتلاك السلاح النووي؛ لتلعب دوراً مميزاً يتعدى المنطقة إلى النطاق العالمي؛ ولتقف في مصاف الدول الكبرى، وتحقق لها ما أرادت، واستطاعت أن تجبر الدول الكبرى على الجلوس معها على طاولة مفاوضات استمرت أكثر من عقد من السنين، كانت تقودها بدبلوماسية تستند إلى حضارة ضاربة في عمق تاريخ البشرية، ورسالة سماوية خالدة وقوة عسكرية وجماعات حليفة قادرة على التمدد في دول المنطقة، فقادت تلك المفاوضات بقوة، وتنقلت بين خانات متفرقة بين اتفاق أو لا اتفاق، وجعلت العالم يحبس في بعض الأحيان أنفاسه على صدى التهديد باستخدام الضربات العسكرية الأميركية- الإسرائيلية ضد المفاعلات الإيرانية.

 أثناء عملي في مدينة لاهاي الهولندية التقيت بأحد الدبلوماسيين الإيرانيين المخضرمين، وكان يشغل قبلها أستاذا في جامعة طهران، وعند استفساري منه عما إذا كانت أميركا وإسرائيل ستقومان بتوجيه ضربات عسكرية لإيران، أجابني بالتساؤل: وهل تعتقد أنت ذلك، إن ما يدور فوق الطاولة يختلف تماماً عما يدور تحتها؟ فأعاد هذا الطرح إلى ذهني تلك الحقبة من الزمن، وذلك الحلف الثلاثي المقدس بين الدول الثلاث.

والآن وبعد التوقيع على هذا الاتفاق التاريخي وتصديق مجلس الأمن الدولي عليه، ماذا عسانا أن نفعل كدول مجلس التعاون الخليجي، فقد حددت إسرائيل الثمن الذي ستحصل عليه مقابل السكوت عن هذا الاتفاق، وحققت إيران بعض أهدافها من هذا الاتفاق، فماذا عسانا نفعل؟ هل نرفع القبعة لإيران، أم نرفع الرمح والترس؟ أم نبدأ بتحديد الثمن الذي يجب أن نحصل عليه، والذي يحقق الأمن والاستقرار والسلام لأوطاننا والرخاء لشعوبنا؟

لنتعامل مع الواقع بعيداً عن المجاملات والتمنيات والنفاق الإعلامي، فالواقع يؤكد أن إيران أصبحت قوة دولية وإقليمية لا يستهان بها، وبالتأكيد صداقتها أفضل بكثير من معاداتها، وإن إسرائيل أصبحت واقعاً وعنصر استقرار في المنطقة، وتلاشت «لاءات الخرطوم» الثلاثة، وإن المنطقة مقبلة على طفرة اقتصادية وهجوم استثماري من الشركات العالمية، ويجب العمل على أن تكون للشركات الخليجية فرصتها في تلك الطفرة.

دعاؤنا للمولى العلي القدير أن يحفظ الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

back to top