{اعتزال عادل}!

نشر في 27-07-2015
آخر تحديث 27-07-2015 | 00:01
 مجدي الطيب ربط كثيرون بين مطالبة الكاتب الكبير وحيد حامد النجوم بأن يمتلكوا «شجاعة الاعتزال»، وبين ما أبداه من عدم رضاء عن مسلسل «أستاذ ورئيس قسم»،  الذي قام ببطولته النجم عادل إمام، حيث قال بالحرف الواحد: «عادل إمام بالنسبة لي صديق عمر، وفنان كبير له جمهوره... هو مبدع بمعنى الكلمة... لكني على المستوى الشخصي «غير سعيد بما يقدمه الآن». واستدرك: «لأنني أرى أن قامته الفنية أكبر من ذلك بكثير».

 لم يعلن حامد أنه يقصد عادل إمام تحديداً، لكن الجميع أدرك ما يعنيه بقوله: «لا بد من أن تكون لدى المبدع الشجاعة كي يتوقف وهو «على قيد الحياة».

وزاد على هذا بقوله: «أغلب النجوم يعيشون الآن مرحلة «هبوط تدريجي»، والحقيقة أنه أصاب كبد الحقيقة، بل كان شجاعاً في إعلان هذا الموقف عبر جريدة «المصري اليوم» (العدد 4043 الصادر في  9 يوليو   2015) ذائعة الصيت، ولم يهمس به في جلساته الخاصة، مثلما يفعل كثيرون من النقاد والكتاب والصحافيين. فالنجم عادل إمام يعلم علم اليقين أنه هرب إلى الدراما التلفزيونية، بعدما تراجعت أسهمه في السينما بشكل ملحوظ، وأنه لولا مبادرة الإعلامي عماد الدين أديب بتوقيع عقد احتكار معه كان بمثابة «طوق النجاة»، كونه منحه بطولة ثلاثة أفلام هي: «مرجان أحمد مرجان» (2007)، «حسن ومرقص» (2008) و{بوبوس» (2009) لأعلن اعتزاله التمثيل في السينما بعد فيلم «عمارة يعقوبيان» (2006)، الذي أنتجه أديب أيضاً، ووافق فيه إمام، ولأول مرة، على العودة إلى البطولة الجماعية، بعد سنوات طويلة احتكر فيها بطولة أفلامه، وكان الحاكم بأمره، الذي لا يُرد له طلب!

الأمر المؤكد أن عادل إمام يملك هبة إلهية تتمثل في «الكاريزما» التي جعلته محط الأنظار، والكعبة التي يحج إليها الملايين من عشاق الكوميديا، فضلاً عن الوعي الذي أتاح له اتخاذ القرار الصحيح في الوقت المناسب، كما فعل عندما قرر التخلي عن أدوار «الصعلوك» بالبنطال الجينز، والـ{تي شيرت} الذي يكاد يغطي جسده العاري، والموافقة على تجسيد دور الأب المتسلط (عريس من جهة أمنية) والمغلوب على أمره (ألزهايمر) ورجل الأعمال (مرجان وبوبوس).

ولحظة أن أدرك أن السينما تكاد تعطيه ظهرها هرب إلى الشاشة الصغيرة، وأملى شروطه، التي كان على رأسها اختيار الكاتب والمخرج والأبطال، وهو الهروب الذي منحه «أكسير الحياة»، وأبقاه على عرش النجومية.

 لكن العرش صار مُهدداً، في رأيي، في حال إصراره، غير المبرر، على التعاون مع كاتب بعينه هو يوسف معاطي، الذي كتب له مسلسلات: «فرقة ناجي عطا الله» (2012)، «العراف» (2013)، «صاحب السعادة» (2014) و{أستاذ ورئيس قسم» (2015)، فالتكرار بات سمة، والافتعال في رسم المواقف صار وصمة، والمبالغة في الأداء لإخفاء العيوب والعورات، آفات أصبحت تطارد النجم الكبير، وتهدده بمصير مؤلم بمقدوره أن يتجنبه إذا بادر، اليوم وليس غداً، باتخاذ قرار الاستغناء عن خدمات «معاطي»، الذي ترهلت كتاباته، وتسطحت رؤاه، وباتت تعكس أزمة «كاتب شاخت موهبته، وبات من الضروري الإطاحة به»، مع الاعتذار لكاتبنا الكبير محمد حسنين هيكل صاحب العبارة البليغة: «سلطة شاخت في مقاعدها»!

{لقد وقعنا في الفخ» جملة شهيرة وضعها الكاتب يوسف معاطي على لسان عادل إمام في فيلم «مرجان أحمد مرجان»، ثم عاد بعد ستة أعوام ليختارها عنواناً لكتاب من تأليفه، وإذا بنا نكتشف أنها تنطبق تماماً على حالنا ونحن نتابع تجربة إمام/ معاطي في المسلسل الدرامي الرمضاني «أستاذ ورئيس قسم»، الذي جاء صادماً ومخيباً للآمال بالشكل الذي جعل أكثر الناس عشقاً وتدلهاً في حب عادل إمام عاجزاً عن الدفاع عنه أو تبرير ما جرى فيه من ترد فني، وعبث سياسي، ونهج عشوائي.

العمل أقرب إلى جرائم «القص واللصق» التي تُرتكب في الصحف والمواقع الإلكترونية، ووصمة عار ستلاحق كل من شارك في صنعه، بما يعيدنا إلى القول، مجدداً، إن عادل إمام على المحك، وإذا لم يملك زمام المبادرة، كما اعتدنا وعودنا، ويسارع بإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فالنهاية ستكون كارثية، ومروعة.

وقتها، سيُصبح حديث الكاتب الكبير وحيد حامد عن «شجاعة الاعتزال» و{ترك الملعب في الوقت المناسب على غرار ما يحدث مع لاعبي كرة القدم» من قبيل الترف والمجاملة من كاتب كبير لصديق قديم خذله، بعدما قدما أفضل وأجمل ثلاثية فيلمية: «اللعب مع الكبار»، «الإرهاب والكباب» و{المنسي»، لأن الجميع سيكون مشغولاً عندئذ بالحديث عن «الشجاعة المتأخرة» التي جاءت في «الوقت الضائع»، ولن تكون مفاجأة وقتها إذا صاح الجمهور في وجه النجم «كفاية حرام»!

back to top