زبغنيو بريجينسكي عن روسيا: نخوض اليوم حرباً باردة

نشر في 18-07-2015 | 00:01
آخر تحديث 18-07-2015 | 00:01
No Image Caption
يعتقد مستشار الأمن القومي الأميركي السابق زبغنيو بريجينسكي أن على الغرب التصدي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا. فقد أخبر سيباستيان فيشر وهولجر ستارك في مقابلة مع Spiegel Oline: {يجب أن نكبّد الروس خسائر مادية أكبر إن استخدموا القوة}.
تريد روسيا توسيع ترسانتها من الصواريخ العابرة للقارات. وتحاول الولايات المتحدة نشر أسلحة ثقيلة في الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي في أوروبا الشرقية. علاوة على ذلك، تفكر واشنطن في نشر صواريخ جوالة ذرية جديدة في أوروبا رداً على انتهاك روسيا المزعوم لمعاهدة خفض الأسلحة. كذلك تهدد الأزمة الأوكرانية بالتوسع.

في مقابلة مع Spiegel Oline، يتحدث زبغنيو بريجينسكي، مستشار الرئيس الأميركي جيمي كارتر لشؤون الأمن القومي بين عامَي 1977 و1981، عن حرب باردة جديدة. يعمل بريجينسكي، الذي أصبح اليوم في السابعة والثمانين من العمر، في مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية في العاصمة واشنطن.

هل نشهد بداية حرب باردة جديدة بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية؟

نخوض اليوم حرباً باردة. ولكن من حسن الحظ أن تحولها إلى حرب ساخنة ما زال بعيد الاحتمال على الأرجح في الوقت الراهن.

دامت الحرب الباردة الأخيرة أكثر من 40 سنة. فهل تدوم فترة طويلة إلى هذا الحد هذه المرة؟

لا أظن ذلك. تتبدل الأوضاع بسرعة أكبر اليوم. كذلك باتت الدول تشعر بالضغوط الخارجية بشكل أكبر في الداخل. وإن استمرت هذه الحرب وأوكرانيا لم تنهر، فسيُرغم الضغط المحلي في روسيا المسؤولين الروس على البحث عن بدائل. ويبدو بوتين ذكياً كفاية ليدرك أن من الأفضل البحث عن البدائل مسبقاً بدل الانتظار إلى أن يفوت الأوان.

هل هو ذكي كفاية؟

من الصعب الإجابة عن هذا السؤال. يملك ما ندعوه {حنكة} في الولايات المتحدة، أي نوع من الذكاء الفطري، فضلاً عن أنه معقد جداً. أتساءل لماذا يتعمد معاداة أكثر من 40 مليون شخص في بلد مجاور ما كان يملك، حتى وقت ليس ببعيد، أي مشاعر عدائية تجاه روسيا.

هل تعتقد أن من الصائب أن ترسل الولايات المتحدة أسلحة ثقيلة إلى أوروبا الشرقية ودول البلطيق؟

هل تعتقد أن من الصائب إرسال جنود وأسلحة إلى دولة ذات سيادة وشن حرب محدودة بعد أن تكون قد سيطرت على جزء كبير من هذا البلد؟

تقصد تصرفات روسيا في أوكرانيا.

عليك أن تتأمل أعمال الطرفين. فهذه مسألة فعل وردة فعل. لا أريد حرباً، إلا أنني لن أخاف من حجة أن نكون نحن المستفزين الذين يحاولون إشعال حرب، إذا تصدينا بالمثل لأعمال أحادية أقدم عليها الطرف الآخر. على العكس، نمهد للحرب إن امتنعنا عن القيام بأمر مماثل على الأرجح.

ولكن ألا يؤكد حلف شمال الأطلسي صحة دعاية بوتين المناهضة للغرب؟

أتقصد أنه لا يحق لحلف شمال الأطلسي نشر جنود في مناطق دوله الأعضاء، في وقت تشهد المناطق المجاورة لها تطورات خطيرة؟

أقصد بسؤالي: هل من الحكمة سياسياً القيام بأمر مماثل نظراً إلى الزخم الذي يعطيه لبوتين في الداخل؟

هذه بالتأكيد الحجة ذاتها التي كان من الممكن تقديمها لتأييد ردة الفعل المضبوطة عندما احتل هتلر منطقة السوديت أو مع الآنشلوس في النمسا.

هل تقارن بوتين بهتلر؟

أعتقد أن ثمة أوجه شبه بينهما مع بعض الاختلافات. ما كان هتلر مهتماً بتكديس المال على الصعيد الشخصي. في المقابل، يهتم بوتين بجمع ثروة كبيرة. ولا شك في أن هذا يبدل نظرة الإنسان إلى حد ما إلى الحياة، ويساهم على الأرجح في كبح العواطف والمشاعر واستقرارها. لكن الخطر بشأن بوتين أنه يهوى المراهنة.

لنتخيل سيناريو تقرر فيه روسيا غزو دول البلطيق. فهل يسير حلف شمال الأطلسي إلى الحرب؟

نعم بالتأكيد، إن اجتاحت روسيا دول البلطيق. فهذه الغاية من إنشاء حلف شمال الأطلسي، أليس كذلك. فلا يمكننا أن نقول للعالم: {لا نعني ما نعلنه. ولن نحرك ساكناً إن قمتم أنتم بأمر ما}. يشبه هذا، إذا جاز التعبير، تعليق لافتة على الباب الأمامي في منزل كُتب عليها: {نحن لسنا في المنزل والأبواب ليست مقفلة}. أتعتقد أن هذه إستراتيجية أمنية ذكية؟

يشير مسح أجراه مركز بيو للأبحاث أخيراً إلى أن 58% من الشعب الألماني لا يعتقد أن على ألمانيا أن تستخدم القوة للدفاع عن حليف في حلف شمال الأطلسي، إن هاجمته روسيا.

اطلعت على هذا التقرير. ولكن ما هي نسبة الألمان الذين يعتبرون أن على الولايات المتحدة ألا تحمي ألمانيا، إن تعرضت الأخيرة لهجوم؟

ستؤكد الغالبية، على الأرجح، ضرورة تقديم الولايات المتحدة المساعدة.

هذا مؤكد. إنها الطبيعة البشرية. ولهذا السبب لا أبالي كثيراً بمسائل مماثلة لأن الطبيعة البشرية تتبدل مع تبدل الظروف. لنتأمل في ليتوانيا، تلك الدولة الصغيرة. فقد أعلنت لتوها أنها ستدافع عن نفسها بشكل حاسم. ويجب أن يُشعر هذا الألمان بالخجل. أعتقد في الواقع أن ألمانيا ستشارك في القتال. وأظن أن ميركل ستقاتل، شأنها في ذلك شأن المعارضة.

في الصراع الأوكراني، سمح أوباما للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بتولي القيادة. فهل هذه خطوة جيدة؟

أعتقد أن المستشارة ميركل تؤدي عملاً ممتازاً جداً. كذلك على أوباما معالجة بعض المشاكل الأخرى، مثل الشرق الأوسط.

تعتبر ميركل أن من الخطأ إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا. ولا تظن أن هذه الأزمة قد تُحل عسكرياً. فما رأيك في ذلك؟

علينا أن نكبّد الروس خسائر مادية أكبر إن استخدموا القوة. أظن أن من المنطقي تقديم أسلحة دفاعية للأوكرانيين، مثل مدافع الهاون والصواريخ المضادة للطائرات، بغية الدفاع عن المدن الكبرى. فإن أردت السيطرة على بلد كبير، عليك احتلال المدن الكبرى. ولا شك في أن احتلال المدن الكبرى سيكون مكلفاً جداً، إن كان الناس مستعدين للدفاع عنها.

هل ترى حلاً ممكناً للأزمة يمكن معه تفادي أي تصعيد إضافي؟

أعتقد أن الحل النهائي لهذه الأزمة يجب أن يستند إلى تسوية، وأن الإطار الأساسي لتسوية مماثلة يجب أن يكون تطبيق أوكرانيا الاتفاقات عينها التي تضمن الاستقرار والسلام منذ عقود بين روسيا وفنلندا. يحق لأوكرانيا أن تختار هويتها السياسية، فلسفتها، وترسيخهما بإقامة روابط أعمق مع أوروبا. ولكن يجب أن تحصل روسيا في الوقت عينه على ضمانات عالية المصداقية أن أوكرانيا لن تصبح عضواً في حلف شمال الأطلسي. ما زلت أعتقد أن هذه صيغة الحل الأنسب.

اكتشفنا الكثير عن وكالة الأمن القومي الأميركية خلال السنوات الأخيرة. عندما كنت مستشاراً للأمن القومي، هل كانت هذه الوكالة تتنصت على المستشار الألماني هلموت شميت؟

لدي حس مسؤولية كبير تجاه منصبي السابق. لذلك أرفض مناقشة هذه المسألة.

back to top