نعيمة عاكف... التمر حنة (20)

نشر في 07-07-2015 | 00:01
آخر تحديث 07-07-2015 | 00:01
«نور عيوني»
جاءت أحداث فيلم «فتاة السيرك» الذي كتبه كل من حسين فوزي ومصطفى السيد، بعيدة عن حياة نعيمة عاكف الحقيقية، غير أنها تحمل الكثير جدا من حياة هذا العالم، الذي حفرت كل تفاصيله داخل نعيمة: مشاكله وهمومه، أفراحه وأحزانه، ألعابه وألاعبيه. فحمل الفيلم الكثير مما كانت تتمناه من هذا العالم، أكثر مما حمل من الواقع الذي عاشته، حيث دارت أحداثه من خلال «سيرك بهلول» الذي يقيمه في مدينة رشيد، والذي يعيش به «بهلول» وابنته فتاة السيرك «بوسبوس»، ومن حولهما أعضاء السيرك الذين يمثلون عائلة بأكملها، غير أن «بوسبوس» هي الفتاة الأولى التي ترقص وتغني وتلعب أكروبات وترابيز.

على جانب آخر، يعيش في مدينة الإسكندرية «فولاذ بك» الرجل الثري الرجعي، الذي لا يشغله في الحياة سوى عشق تربية الخيول، يطمع سكرتيره سامي في أمواله، فيحاول أن يزوج شقيقته «نانا» من حسان ابن فولاذ بك، ووريثه الوحيد، طمعاً في ثروته. غير أن حسان عاشق الفن، يهرب من والده الذي يحاول أن يجبره على حياة لا يرضاها، ينزل في لوكاندة صغيرة في رشيد، يتقرب منه النادل «سفروت» ويصطحبه إلى أماكن الترفيه في المدينة، ومن بينها سيرك بهلول، يرى حسان بوسبوس في السيرك، ترقص وتغني، يقع في هواها، يحاول أن يتقرب منها، فيرفض والدها ويطرده.

يحاول «ألمظ بك» صديق «فولاذ بك» أن يقنعه بالصفح عن ابنه حسان، فيوافق على مضض، ويقرر عمل نشرة في الصحف يعلن فيها عن مكافأة مئة جنيه لمن يعثر عليه، يقرأها بهلول صاحب السيرك، فيبحث عن حسان، وعندما ينجح في العثور عليه، يرسل لوالده للحصول على المكافأة، تقوم بوسبوس بتهريب حسان قبل وصول والده، لكنه يذهب بعد ذلك طواعية إلى والده ليطلب منه مباركة زواجه من بوسبوس، فيثور ويطرده ويقرر حرمانه من الميراث، فتضحي بوسبوس بحبها وتقرر نقل السيرك للابتعاد عنه حتى لا يحرم من الميراث. لكنه يبحث عنها ويجدها، ويتدخل في الوقت المناسب قبل أن يلتهمها الأسد «سلطان» وينقذها، ويشاهد ألمظ بك صديق والده ذلك المشهد، فيقرر مساعدتهما، فيذهب ويطلب من فولاذ بك ألا يكرر خطأ والده في طرد شقيقه أدهم لأنه أحب راقصة وتزوجها. وعندما يرفض فولاذ النصيحة يدخل معه ألمظ في رهان، على أن تؤول كل حظيرة خيوله له، مقابل زواج حسان من بوسبوس، إذا ما ربح منه السباق، حيث يطلق فولاذ بك فرسته «حبايب» أمام فرسة ألمظ بك «لهاليبو».

يتدخل سامي سكرتير فولاذ بك لإفساد الرهان برشوة «الجوكي» لكن بوسبوس وفريق السيرك يشاهدون هذا الاتفاق، فيخطفون الجوكي وتقوم بوسبوس بمهمته، وتربح لهاليبو السباق، وعندما يطالب ألمظ بك فولاذ بك بتنفيذ وعده يرفض، وهنا يتدخل فريق السيرك ليكشفوا له ألاعيب سامي سكرتيره، إذ يتضح أن نانا التي يدعي أنها شقيقته هي زوجته، ورغم ذلك يرفض فولاذ زواج ابنه من ابنة مهرج سيرك. هنا، يكشف بهلول عن شخصيته الحقيقية، وهي أنه هو نفسه أدهم بك شقيق ألمظ بك، الذي سبق وطرده والده من سنوات عدة لزواجه من راقصة. وعندما يتضح لفولاذ بك أن بوسبوس ابنة عائلة أصيلة، يوافق على زواجها من ابنه.   

نجمة فوق العادة

استعان حسين فوزي بلاعبي السيرك والبهلوانات والحيوانات والوحوش التي ظهرت في الفيلم، من سيرك «حسن علي الحلو»، كما لم يبتعد كثيراً في اختياراته الممثلين الذي شاركوا في الفيلم، عمن شاركوا في أفلامه السابقة مع نعيمة، فشاركها في بطولة الفيلم كل من حسن فايق، فؤاد شفيق، عبد السلام النابلسي، عدلي كاسب، نعمة مختار، «الإخوان مافيستو»، وضم إليهم الممثل والمونولوجست محمود شكوكو. غير أنه في البطولة الأولى لم يعد إلى أي من أبطاله السابقين، بل اختار لدور «حسان» المطرب إبراهيم حمودة، كبطل للفيلم، فضلاً عن تقديمه عدداً من أغاني الفيلم، سواء منفرداً أو أمام نعيمة، فقد حرص حسين فوزي على أن يكون المشهد الأول الذي يتم تصويره بينهما، بمشاركتها الغناء لأوبريت «حتة واد»:  

* حتة واد.. حتة واد.. آي ياي ياي ياي

اسمه الحلو شيك.. نظرة منه خلت قلبي

قلبي يميل له ويعمل تيك تيك تيك

حتة واد.. حتة واد.. آي ياي ياي ياي

أول ما عنية جت في عنيا

صفافير إنذار صفافير إنذار

ضربت في قلبي اسم الله عليا

وقالت النار النار النار

غارا غرامية غارا غرامية

حتة واد.. حتة واد.. آي ياي ياي ياي

قام قلبي من كتر الرعشة

مسكين بقى يرقص كوكاراتشا

وشويتين بعد شوية قلت أما أخايله بعنيا

أخايل مين وأحايل مين

كان فص ملح الحلو وداب

من غير ما يعمللي حساب

حتة واد.. حتة واد.. آي ياي ياي ياي

اسمه الحلو شيك.. نظرة منه خلت قلبي

قلبي يميل له ويعمل تيك تيك تيك

بعد اللي كان وعدي يا وعدي

ماعرفتش ارجع على بعضي

يا ناس على بعضي

وفضلت اخس اخس اخس

إن الجدع ده يحس يحس

مافيش فايدة

ولا إحنا هنا ولا هو هنا

= لا هو هنا والنبي اهو هنا

حتة واد رماه الهوا في البحر ما أتكلم

وبيته في القفص مازعلش واتألم

ولد ورجله اليمين لسه ع السلم

وقصاده نار عشان يوصل لمحبوبه

مسيرة يوصل مسيرة يوصل وروح القلب هايسلم

انتهى تصوير الفيلم، وراحت نعيمة تنتظر عرضه بشكل خاص، حيث اعتبرته المتمم لتوثيق حياتها على شاشة السينما، بعد أن قدمت الكثير من جوانبها في أفلامها السابقة، حتى تحدد يوم 13 سبتمبر 1951 لعرضه.

ذهبت نعيمة إلى دار العرض بصحبة مخرجها حسين فوزي وإبراهيم حمودة وعدد من المشاركين في بطولة الفيلم، وما إن أطفئت الأنوار ودارت ماكينة العرض حتى فوجئت بتتر الفيلم وقد كتب على الشاشة:

شارل نحاس يقدم «معبودة الجماهير نعيمة عاكف».

في فيلم الابتكار والتجديد «فتاة السيرك»

لم تصدق نعيمة عاكف ما قرأته على الشاشة، فقد وعدها حسين فوزي بأنها ستكون «نجمة الجماهير» وها هو يفي بأكثر من وعده، فلم تتمالك نفسها وأمسكت بيد حسين فوزي وطبعت عليها قبلة في ظلام دار العرض، وعندما رفعت عينيها لتنظر إليه، وقد انعكس ضوء شاشة العرض على وجهه، وجدت لمعة الدموع تسيل من عينيه، فأيقنت تماما أنه يتكبد عذاب حبها، مثلما هي وأكثر:

* إيه الدموع اللي أنا شفتها دي ساعة عرض الفيلم.. وليه؟

= وأنت إيه اللي عملتيه قبلها ده؟

* دي أقل حاجة ممكن أعملها أعبر بيها عن شكري وامتناني لأستاذي العظيم... أبوس الإيد اللي اتمدت لي بالخير.

= أنا كنت فاكر إن مافيش بينا شكر... ولازم تعرفي إن ماحدش له فضل عليك حتى أنا... اللي وصلتي له ده كله بجهدك وموهبتك.

* كل ده من غيرك ماكنش ممكن يحصل ولا الناس تشوفه من غيرك... أنت اديتني كل حاجة من غير حساب.

= طب تصدقيني لو قلتلك إنك أديتني أكتر ما اديتك... أنت موهبة كبيرة لو اتوزعت على كل اللي حواليك تخليهم أعظم فنانين في الدنيا.

المفاوض

لم تمر أيام على عرض «فتاة السيرك» إلا وانهال، كالعادة، الكثير من العروض من شركات الإنتاج، يطلبون نعيمة للعمل من إنتاجهم. غير أن شركة «نحاس فيلم» لم يكن لديها أدنى استعداد للتخلي عن «الدجاجة» التي تبيض ذهباً، فضلاً عن أنها لم تكن تتخذ أي قرار يتعلق بعملها، من دون الرجوع إلى حسين فوزي، بل ولم تفكر في العمل تحت إدارة مخرج غيره، حتى لو كان المخرج والمنتج وفتى الشاشة الأول أنور وجدي، «فتى السينما الأول» ابن حي الوايلي بالقاهرة، الذي لم تكن حياته وبداياته، أقل فقراً وحرماناً وتشرداً، من حياة نعيمة عاكف. بل ربما زاد كثيراً عنها. غير أنه كان أيضاً مثلها، يملك إلى جانب أسلحة الصبر والعزيمة والتحدي، موهبة نادرة في التمثيل، استغلها في ما بعد لإتقانه العمل بالإخراج، إلى جانب مهارة وبراعة فائقة في الإنتاج وإجادة قراءة أحوال السوق السينمائي، الأمر الذي جعله يقفز خلال أقل من عشر سنوات، من كومبارس، إلى فتى الشاشة الأول، بل وواحد من المخرجين الذين يجيدون عمل توليفة سينمائية ناجحة، حيث يقوم بكتابة أغلب أفلامه بنفسه، فضلاً عن مهارته كمنتج، ليتوج ذلك كله بزواجه من «قيثارة السينما المصرية» ليلى مراد عام 1945، عقب إنتاجه وإخراجه لها فيلم «ليلى بنت الفقراء» لتصبح هذه الزيجة واحدة من أشهر الزيجات في الوسط الفني، ويعتبرها أنور وجدي «تميمة حظه» ليتحول بزواجه منها إلى أهم وأغلى وأغنى نجوم عصره. هكذا ودع أيام الفقر بلا رجعة، وقدم مع زوجته وسر سعادته ليلى مراد، عدداً من الأعمال السينمائية الناجحة التي أثرت في تاريخ السينما المصرية، كانت المنافس الأقوى لأفلام حسين فوزي ونعيمة عاكف. غير أن أنور وجدي كان متعدد العلاقات الغرامية، ما أثار الكثير من المشاكل بينهما، وبعد زواج استمر نحو 7 سنوات، تم الانفصال بينهما، اجتماعياً وبالتبعية فنياً، ولأنه اضطر إلى هذا الطلاق بعدما أجبرته عليه ليلى مراد، أراد أن يثأر لكرامته، كفنان أولاً، ففكر في الاستعانة بممثلة أخرى تحل محل ليلى في أفلامه التي ينتجها ويخرجها، بل ويؤدي البطولة أمامها، فلم يجد من بين الموجودات على الساحة الفنية من هي أقرب إلى نجاح ليلى مراد، وربما تفوقت عليها بالرقص والاستعراض والألعاب البهلوانية، سوى نعيمة عاكف. فكر في اختراق سياج الحديد الذي أحاطها به كل من شارل نحاس وحسين فوزي، غير أنه حرص على أن ينفرد بها أولاً، لما عرف عنه من قوة تأثيره وبراعته في التفاوض:

* طلبك ده يا أستاذ أنور تقدير كبير.. لأنه شرف لأي فنانة تشتغل مع الأستاذ الكبير أنور وجدي.

= طب يا ستي خلاص يبقى متفقين..وزي ما بيقولوا في المثل أنا راضي وأبوها راضي... مالك أنت ومالنا بقى يا قاضي.

* أيوا يا أستاذ أنور... بس أنا فعلاً مرتبطة بعقود مع شارل نحاس... وماقدرش أخالف العقود دي.

= ياستي أنا أعوضك عن أي غرامات.

* المسالة مش مسألة فلوس وغرامات... لكن التزام أدبي أنا ماقدرش أخالفه... وكمان لازم أخد رأي الأستاذ حسين فوزي.

= أيوا اسمحيلي يا مودموذيل نعيمة دي إهانة في حقي كمخرج ومنتج.

* ماتفهمنيش غلط يا أستاذ... أنا ماقصدش أي إهانة... أنا بس لازم أقدر الناس اللي عملوا اسم نعيمة عاكف... ماقدرش اتجاهلهم.. وخصوصا الأستاذ حسين فوزي.. اللي بعتبره أستاذي ومستشاري في كل أموري الفنية.

= إيه.. آه وماله.. من حقك طبعا.. حسين صديق عزيز... ولو أنت موافقة أنا ممكن افاتحه في الموضوع... وأنا واثق أنه مش ممكن هايرفض لي طلب.

* أنا ماعنديش مانع... المهم موافقته.

كان أنور وجدي يعلم أنه سيخوض حرباً شرسة، سيكون فيها هو الحلقة الأضعف، حيث سبق وخاض مثل هذه الحرب مرات عدة، من أجل ليلى مراد، وكان هو الحلقة الأقوى الذي يملي شروطه على الآخرين، فكان لا بد من أن يؤهل نفسه لمواجهة ذلك مع حسين فوزي، وإن كان أنور يتميز عنه ببراعته في التفاوض، ومراوغته في الحوار:

- شوف أنا تحت أمرك في كل اللي تطلبه من شروط تضمن بيها حق نعيمة باعتبارك يا سيدي المتحدث الرسمي باسمها.. وهي موكلاك عنها.

= يا أستاذ أنور أنا مابتكلمش باسم نعيمة ولا هي موكلاني.. أنا هنا بتكلم باسمي وعن نفسي.

- ماتآخذنيش يا أستاذ.. أنا غرضي المصلحة وإذا وجودي هايسبب مشكلة أنا ممكن أنسحب فوراً.

= بالعكس يا أستاذ أنور.. أنا اللي يشرفني التعاون معاك.. إذا ماكانش عندك مانع.

- مانع إيه يا أستاذ أمال أنا هنا بعمل أيه.. وعلى كل حال أنا جاهز.. غايته أنتهي من كتابة الرواية.. ونبدأ على طول.. فيلم من إنتاجي وتأليفي وإخراجي.. وكمان البطولة قدام نعيمة.

= يظهر يا أستاذ أنور أنك لسه مصمم على أني مستشار فني لنعيمة عاكف.

- إطلاقا.

= أمال لما حضرتك هاتكتب وتخرج وتنتج أنا هاعمل إيه؟

- أيه آه.. عموما أنا ماعنديش مانع يكون التعاون بينا بأي شكل تفضله

= شوف يا أستاذ أنور قبل ما حضرتك تفاتحني في الموضوع ده.. أنا كنت بجهز لفيلم جديد مع نعيمة.. وأكون سعيد جدا لو قبلت تقوم بدور البطولة قدامها.

- أيه آه.. طبعا طبعا ده يشرفني.. أنا بس ليا استفسار بسيط لو تسمح.

= طبعا اتفضل.

- أنت مصر برضه يكون من إنتاج شارل نحاس.

= إطلاقا مش مصر بالمرة.

- هايل دي بداية مبشرة.. يبقى ممكن بقى....

= الفيلم من إخراجي وإنتاجي.

أمل ودموع

لأول مرة يفشل أنور وجدي في جولة من جولات مفاوضاته، واضطر إلى أن يخضع لشروط حسين فوزي، على أمل أن يدخل أولاً إلى نعيمة عاكف، ويقترب منها، وكله ثقه بأنه سيبدأ بعدها مفاوضات جديدة، ستكون له فيها الغلبة، فوافق على القيام بدور البطولة في فيلم «النمر» الذي كتب له القصة حسين فوزي، وشارك في كتابة السيناريو والحوار مع وليم باسيلي، ليكون باكورة إنتاج شركته التي أقامها باسم «أفلام حسين فوزي».

 انتهى حسين فوزي من كتابة سيناريو وحوار الفيلم، وبدأ مرحلة التحضير واختيار بقية الممثلين الذين سيشاركون نعيمة عاكف وأنور وجدي، وقبل أن يبدأ التصوير، عاود المرض زوجته، فأرجأ تصوير الفيلم إلى حين شفاء زوجته، فدخل معها في دوامة العلاج من مرضها، حتى إنه لم يترك مستشفى أو طبيباً إلا وعرضها عليه، حتى صارحه أحدهم:

- البنسلين كان الأمل الأخير بالنسبة لنا

= تقصد أيه يا دكتور؟ إنه مافيش أمل؟

- مين قال كدا.. بالعكس في أمل كبير لو قدرت تسفرها فرنسا.. الشفا في حالتها مضمون بنسب كبيرة لو أتعالجت هناك.

= أنا مستعد أسافر بيها آخر الدنيا بس تخف.

- إن شاء الله.. بس المهم أنك تسرع في السفر... الوقت مش في صالحها.

قبل يوم واحد من سفر حسين فوزي بصحبة زوجته إلى فرنسا، فاضت روحها إلى بارئها، وسط ذهول حسين من هول المفاجأة والصدمة، ليصاب بحالة من الاكتئاب، ويقرر الابتعاد عن كل شيء حوله، والدخول في عزلة تامة حزنا على فقد أم ولديه.

إبراهيم حمودة

المطرب إبراهيم حمودة قدمه يوسف وهبي كمغنٍ في فيلم {الدفاع} عام 1935، في الوقت الذي لم يكن يتعدى عمر نعيمة عاكف آنذاك خمس سنوات. لكن حمودة سرعان ما أثبت وجوده كمطرب وممثل، ليحقق شهرة واسعة، فاستحق أن يكون المطرب الوحيد الذي وافقت كوكب الشرق أم كلثوم على أن يقف أمامها في فيلم {عايدة} عام 1942، فأصبح ترتيبه الرابع على الساحة الغنائية في مصر، حيث يأتي بعد محمد عبد الوهاب، وحامد مرسي، وعبده السروجي، خصوصاً بعد أن نال إعجاب أولاد البلد من الشعبيين وأبناء الأرياف، فقد اشتهر بغنائه مجموعة من الألحان الريفية، ووصل الأمر إلى تهافت أصحاب الكازينوهات والملاهي عليه. حتى إنه عندما طلب زيادة أجره من سلطانة الطرب منيرة المهدية، حين كان يعمل في مسرحها، رفضت، فاضطر إلى أن يترك العمل لديها في هدوء دون افتعال مشاكل معها، حتى لا يلقى مصير المطرب محمد عبد الوهاب، الذي فعل ذلك قبله، فكان عقابه إبعاده عن العمل في كل المسارح، إلا أن عقاب إبراهيم حمودة كان من نوع آخر أشد وأقسى، حيث أرسلت إليه حراسها الشخصيين وضربوه {علقة ساخنة} تركت على وجهه {ندبة} أسفل عينه لم تفارقه طيلة حياته، لكن ذلك لم يمنعه من أن يكون أحد أشهر مطربي المرحلة.

البقية في الحلقة المقبلة  

back to top