يجوز ترجمة القرآن وتفسيره بلغة الإشارة

نشر في 06-07-2015 | 00:01
آخر تحديث 06-07-2015 | 00:01
No Image Caption
السؤال: هل يجوز ترجمة القرآن بلغة الإشارة للصم، عِلما بأن الصم لا يفهمون ألفاظ القرآن، فهم غير قادرين على قراءته وفهمه، لذا لا نتَرجِم التجويدَ والتشكيل، بل نُتَرجِمُ اللَّفظَ ومعناه وتفسيرَه؟

المفتي: مفتي الديار المصرية الدكتور شوقي علام.

الفتوى: القرآن الكريم هو المصدر الأول لمعرفة الأحكام الشرعية، وقد ترجِمَت معانيه إلى كثير من اللغات، وهذا نوع مِن تبليغ معاني القرآن إلى جميع الناس في كل أنحاء العالم امتثالاً لقول النبي (ص): "بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً". رواه البخاري، ولَمَّا كان الصُّمُّ والمُعَاقُون سَمعِيًّا مِن أصحاب الأعذار الذين لا حول لهم ولا قوة لا يستطيعون فهمَ القرآنِ الكريمِ ولا تَصَوُّرَ معانيه إلا عَبْرَ لُغَتِهِم المعروفة، كان مِن الواجب شرعًا العملُ على تبليغهم القرآنَ الكريمَ بأيَّةِ وسيلةٍ أو لُغَةٍ يفهمونها.

ولغة الإشارة لتوضيح ألفاظ القرآن الكريم لا تعدو في الحقيقة أنْ تكون نقلًا لمعانيه وتبليغًا إلى مَن لا يقرأه على الورق، فالوجود الإشاري هو نوع من أنواع الوجودات الأربعة التي هي: الوجود العيني، والذهني، واللفظي، والرسمي، وهذه الإشارات وُجُودٌ في الأعيان، فلغة الإشارة هي محاكاةٌ للمعاني القرآنية وبيانٌ لأحكامه، وليست بديلًا لِلفظ القرآني المُعْجِز، ودلالة هذه الإشارات على مدلولاته ومعانيه كدلالة التفسير نفسه على تلك المعاني، وهذه اللغة الإشارية مِن الوسائل التي تُقرِّبُ الفهم، والوسائلُ لها أحكامُ المقاصد، بل هي في حقيقتها تَأَسٍّ واتباعٌ للمنهج القرآني في بَسْطِ المعاني وتقريبها إلى الأفهام، لأن الله تعالى إنما ساق تلك الألفاظ بغرض تفهيم المُتَلَقِّي، والمسلمون مأمورون بمواكبة وسائل عصرهم في تبليغ دينهم وإيصاله إلى العالمين.

ولَمَّا كانت لُغَةُ الإشارة هي اللُّغَةَ التي تمَكِّنُ إخواننا الصُّمَّ ذوي الأعذار الخاصةِ مِن فهمِ أُمُورِ دِينِهِم ومُمَارَسَةِ شعائره مِن صلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ وحجٍّ، وذلك لا يَنْفَكُّ عن فهم معاني القرآن الكريم الذي هو المَصدَرُ الأول للتشريع، فإنه لا مانع شرعًا مِن ترجمة معاني القرآن الكريم إلى لغة الإشارة التي يتعاملون بها.

ولابُدَّ في هذا المقام أنْ يَنضَبِطَ العملُ الذي يَرمي إلى مُحاكاة معاني القرآن الكريم بترجمتها إلى لغة الإشارة بعِدة ضوابط، حتى يخرجَ بصورة شرعيةٍ، منها على سبيل المثال: ضرورة فهم اللغة العربية كما عُهِدَتْ في العصر الأول ودلالات المعاني القرآنية كما أرادها الله عَزَّ وَجَلَّ وتحقيقها على الوجه الصادر منه تبارك وتعالى، وينبغي أن يكون ثبوتُ المعنى وصِحته مأخوذًا من تفسيرٍ مقبولٍ جارٍ على قواعد المجتهِدِين في القبول والرد.

كما يجب عند تحقيق معاني الألفاظ القرآنية القيام بجمع طرق تفسيرها مِن كُتُبِ التفسيرِ المُعتَمَدَةِ واجتهاد المُجتَهِدِين المُعتُمَدِين، للوصول إلى المعنى الذي يَغلِبُ على الظَّنِّ أنه هو المراد مِن الله سبحانه وتعالى، وهذا يُرجَع فيه إلى المتخصصين لاسيما المُعتَنِين بالتفسير والحديث والفقه وأصوله، ويجب أن يكون التمثيلُ الإشاريُّ لمعاني الألفاظ القرآنية واضحًا في أنه محاكاةٌ لِلمعنى، وليس بديلًا لشيءٍ مِن اللَّفظ القرآني.

back to top