أستاذ الفلسفة الإسلامية في جامعة القاهرة د. علي مبروك: نحتاج خطاباً دينياً جديداً لا مجرّد تجديد

نشر في 06-07-2015 | 00:01
آخر تحديث 06-07-2015 | 00:01
No Image Caption
اعتبر أستاذ الفلسفة الإسلامية في جامعة القاهرة، الدكتور علي مبروك أن الدعوة إلى تجديد الخطاب الديني الراهن لا تتجاوز مسألة استبدال أقوال محل أخرى شبيهة، داعياً إلى النظر بعمق إلى جوهر الخطاب المسيطر وعدم التستر على بقائه، ولفت في حواره مع {الجريدة} إلى أن الدخول إلى عالم الحداثة بالنسبة إلى المسلمين مرهون ببناء خطاب ديني جديد يتجاوز مشكلة التمييز التي وصفها بأنها مركزية في الخطاب التقليدي الموروث...
إلى نص الحوار.
هل نحن بحاجة إلى تجديد الخطاب الديني أم بحاجة إلى خطاب جديد؟

كي نقرر ذلك يجب أن نسأل سؤالاً أولياً: هل تجديد الخطاب - أي خطاب - هو فعل ممكن أم أنه غير ممكن؟ والفيصل في المسألة هو فهم المفردات أو المفاهيم التي نستخدمها مثل مفهموم الخطاب، وهو مفهوم مركزي وعلينا أولاً أن ننطلق من فهمه لأنه سيحدد المسار الذي يمكن أن نستخدمه للتجديد من عدمه، أو أننا بحاجة إلى الخروج من خطاب إلى خطاب آخر. وأظن أن كلمة الخطاب متداولة على نحو فيه قدر كبير من السذاجة والفقر المعرفي، وعلى النحو الذي تكاد الكلمة معها تصبح مرادفاً للخطابة، وبعض من يتحدثون عن تجديد الخطاب لا يعرفون أكثر من تجديد القول والبلاغة وأدوات الاتصال بشكل أساسي، وكأن التجديد متعلق بأساليب القول وهو المهمة التي علينا إنجازها بصرف النظر عن أن التجديد في القول يتستر على بقاء الجوهر ليظل كما هو. هنا، من الضروري ضبط مفهوم الخطاب.

كيف ترى مفردة الخطاب في ضوء هذا الضبط؟

هي مفردة من مكتسبات العلوم الإنسانية المعاصرة، ومستخدمة بكثافة في العلوم الإنسانية والنقد الأدبي، وتجاوزتهما إلى حد الاستخدام في المجال العلمي، بحيث أصبح من الممكن لدارس الفيزياء أن يتحدث عن الخطاب الفيزيائي الكلاسيكي لنيوتين، والخطاب الفيزيائي لما بعد نيوتن باعتباره عالماً آخر. ولو أخذنا بداية من التمييز في الفيزياء باعتبارها مجالاً موضوعياً، حتى تحدد هل الأمر بحاجة إلى التجديد أم إلى خطاب جديد، نجد أن خطاب نيوتن يشير إلى أن ثمة موضوعاً للاشتغال بمناهج محددة، والظاهرة التي كان يتم العمل عليها لدى نيوتين هي الأجسام الضخمة والكتل القابلة للمعايشة والملامسة وإخضاعها لمناهج البحث والتجريب، لكن فيزياء ما بعد نيوتن تدرس ظاهرة مختلفة وهي الأجسام متناهية الصغر غير القابلة للمعاينة والملامسة. وهذا يعني الانتقال من مجال إلى آخر، أي أن المنهج القابل للدراسة اختلف بين المجالين، وأصبحت الفيزياء تدرس بمناهج مختلفة، وبات الخطاب الفيزيائي ما بعد نيوتن خطاباً جديداً، لأنه يتحرك في أفق معرفي مغاير تماماً للأول.

خطاب متوارث

كيف ترى تطبيق ذلك على الخطاب الديني؟

ثمة خطاب فقهي متوارث وهو القائم حتى الآن يشتغل به بشكل أو بآخر المسلمون، وعندما تتأمل ذلك الخطاب تجد أنه يعتمد على ثابت معرفي مهيمن عليه، ويمكن التعبير عنه بمفهوم التميز، بمعنى أن الخطاب الفكري التقليدي المتوارث عند المسلمين قائم على فكرة جوهرية وأصلية هو مبدأ «التمييز».

أين ترصد هذه الفكرة في الخطاب الراهن؟

في الأحكام المطبقة على المسلم تختلف عن غير المسلم، كذلك بين الرجل والمرأة، بمعنى أن كلا منهم لديه أحكام، وكل أبواب الفقه في المذاهب الأربعة تتبنى هذا التمييز، وهو ما يؤدي بنا إلى القول إن المفهوم المركزي في الخطاب الفقهي هو التمييز، وأغلب الهجوم المسلط من الغرب على الإسلام يقوم في أساسه على مسألة التمييز ضد المرأة. مثلاً، الأقباط في مصر يشكون بأنه لا يوجد مسلم واحد حكم عليه بالإعدام ونفذ الحكم في قضية اتهم فيها بقتل أقباط، فمن الممكن للمحكمة أن تصدر حكماً بالإعدام. لكن دار الإفتاء ترفض التصديق على الحكم، وذلك استناداً إلى أنه {لا يُقتل مسلم بذمي}، ما يعني فاعلية وحضور التمييز، بينما نحن الآن في إطار الدولة الحديثة التي تلغي كل أشكال التميز، فيصبح هنا السؤال عن إمكانية تجديد الخطاب الفقهي القديم؟ أم تجديده بآراء أخرى وأحكام أخف، وهذا العمل الإحلالي بأن تحل شيئاً محل آخر، يشير إلى ضرورة التعامل مع المفهوم المركزي غير المصرح به، والخطابات تصنعها المفاهيم المركزية وليس الأقوال المندرجة تحتها. إذاً، ما نحتاج إليه الآن هو إنشاء خطاب خارج فكرة التمييز التي يقوم عليها الخطاب والبناء الفقهي القديم.

أقوال جزئية

لماذا لم يطاول التجديد تلك المفاهيم؟

لأن من يجددون لا يشتغلون على الأفكار الكلية، وإنما يعملون على الأقوال الجزئية التي ترد تحت مظلة هذه الكليات، وعندما تظل تلك الأفكار الرئيسة قائمة فإنها ستقوض علم المجدد مهما كانت نيته حسنة، الأمر متعلق بأن الدولة الحديثة بحاجة إلى خطاب يبنى تماماً خارج مفهوم التميز الذي يقوم عليه الخطاب القديم، وعندما يقوم المجدد بهذا العمل فإنه سيساعد القرآن على أن يحقق غاياته لأن أي دارس للعلاقة بين الخطاب الفقهي وبين الخطاب القرآني يدرك تماماً أن الأول يعارض في أحيان كثيرة الثاني، ويتحرك خارجه.

هل لديك أمثلة على ذلك؟

القرآن مثلاً يساوي في الدماء، بمعنى أن القصاص لا تمييز فيه، لكن الفقه يميز. ودعنا نتطرَّق إلى شيء آخر أورده ابن كثير عندما كان يقرأ آية في سورة الحجرات «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ»  (الحجرات: 13)، فقال ابن كثير إن الآية تقر مبدأ التسوية بين الناس ولا تميز، ثم تدارك في لقطة لافتة جداً، وقال: ان الكلام الذي تقوله الآية بشكل مباشر لدى الفقهاء موقف منه لأنها تعارض المبدأ الذي تبنوه الذي يشترط الكفاءة في النكاح.

بمعنى أن ثمة مذاهب فقهية تشترط وجود كفاءة اجتماعية، أي أنه لا يمكن لشخص من طبقة أدنى أن يرتبط بزوجة من طبقة أعلى. ومثال ذلك باكستان، حيث ثمة قضايا أمام المحاكم يطالب فيها أولياء الأمور بفسخ عقود النكاح، وهذا مرجعه إلى أن باكستان جزء منها قائم على الثقافة الهندية المبنية على الطبقات التي لم يستطع الإسلام تفتيتها. وبالعودة إلى ما قاله ابن كثير، فإن هذا يعني أن ثمة مناطق كثيرة في المنظومة الفقهية يبدو فيها الفقهاء سالكين طريقاً يكاد يكون معارضاً لطريق القرآن، ولديهم في سبيل ذلك أدوات تأويلية مثل مبادئ الناسخ والمنسوخ أو إجماع الجمهور، رغم ما يمثله ذلك من تعسف وتطاول على القرآن بادعاءات مختلفة قد تخلق سلطة تعلو سلطة القرآن، ومن يدرسون مقولات القائلين بالناسخ والمنسوخ يعرفون أنها متهاوية.

مشكلات الخطاب

متى وكيف نشأت مشكلات الخطاب الديني الراهن؟

إذا اعتبرنا المشكلة الأساسية هي تسييس الإسلام، فإنه يمكن القول إنها مسألة ليست قديمة، والمفارقة أنها بدأت بعد التلاقي مع الحداثة، ويمكن التمييز بين مسارين أولهما عربي، والثاني خارج العرب وتحديداً الهند التي حكمها المسلمون على مدى ثمانية قرون ونصف القرن حتى سقط حكمهم عام 1857، وضم بريطانيا لها باعتبارها جزءاً من المستعمرات الإنكليزية، وترتب على ذلك خروج جمال الدين الأفغاني الذي يصرح في أكثر من موضع بكتبه، أن ثقافته تكونت في الفضاء الهندي، بدليل أن كتابه المهم {في الرد على الدهريين} الذي كان عبارة عن رد ومجادلة لآراء المصلحين الهنود مثل مدرسة السيد أحمد خان مؤسس جامعة {عليكره} التي أرادت أن تخلق صياغة بين الإسلام والحداثة وعارضها الأفغاني، والذي اعتقد أن الحداثة كانت السبب في سقوط حكم المسلمين للهند، وبشكل تلقائي اعتبر أن الوجود الإسلامي في الهند أصبح موضع تهديد، وبدأ التفكير في كيفية مواجهة ما تعرض له الإسلام في الهند.وترتب على ذلك أن المسألة السياسية تحتل مكانة مركزية في تفكير الأفغاني، وبدأ الترابط بين السياسي والديني في فكر الأفغاني وتشكل مفهوم {الجامعة الإسلامية} باعتبارها الأداة التي يمكن من خلالها مواجهة التهديدات القادمة من أوروبا، ولن يتمكَّن المسلمون من مجابهة المشكلات إلا بتشكيل سياسي يصبح الإسلام هو الأصل والأساس فيه، وبعدها جاء رشيد رضا ليبدأ في نشر أفكار الأفغاني في العالم العربي، مضافةً إليها أفكار الوهابية من الجزيرة العربية، وتجربة تركيا وهزيمتها في الحرب العالمية الأولى وتصدع وضع الخلافة، وجميع تلك الأفكار جعل المسألة السياسية جوهر مشروع رشيد رضا أيضاً، وفيما بعد تلميذه المباشر حسن البنا، والمفارقة أن الموجة الجديدة من الإسلام السياسي عادت لتهب أيضاً من الهند عن طريق أبو الأعلى المودوي في باكستان التي تعتبر هي {الإسلام الهندي}، واستقبل أفكاره في مصر سيد قطب، وهذه هي الخريطة التفاعلية التي توضح كيفية تطور خطاب الإسلام السياسي في المنطقة، وما نشهده الآن من خطاب الدواعش مجرد تنويع لنفس الخطاب.

هل نستطيع الاقتراب من تطورات العصر بالخطاب الديني الراهن؟

 إذا تجاوز المسلمون القرن الحادي والعشرين من دون خطاب جديد فإنه سيكون مطلب القرن القادم وما بعده إلى ما لانهاية حتى يتحقق الأمر، لأننا لا نستطيع الدخول إلى عالم الحداثة بشكل صحيح ما لم نكن مزودين بالخطاب الجديد الذي نحتاج إليه، ليس لدخول الحداثة فحسب، ولكن لإنهاء التناقض ما بيننا والعالم، والقضاء على الانفصام الذي نعيشه جميعاً بين شكلنا الحديث وجوهرنا الذي لاعلاقة له على الإطلاق بالحداثة. وفي ضوء ذلك كله، نحن بحاجة إلى خطاب جديد وليس تجديد الخطاب.

الحاكمية

ما هي المشكلات المركزية الأبرز في الخطاب الديني فقهياً وعقائدياً؟

فقهياً، أرى أن المشكلة في التمييز، لكن على الجانب العقائدي، يمكن التمييز داخله بين الخطاب الفقهي والعقائدي. في مصر مثلاً، الخطاب العقائدي السائد هو الأشعري، الذي يقوم الأزهر على تبنيه وحراسته، وفي الحقيقة أي قراءة للخطاب الأشعري، وعند الحديث عن تجديده، نجد الأمر لا يغادر حدود إبدال بلاغة قديمة بأخرى جديدة، لأنه أيضاً إذا اتفقنا أن الخطابات عبارة عن أفكار وثوابت مركزية تندرج تحتها أقوال. وفي الخطاب الأشعري ثمة قول مركزي تندرج تحته أقوال، وفكرته الجوهرية، تكاد تؤدي مباشرة إلى مفاهيم يتبناها خطاب الإسلام السياسي في شكله العنيف. مثلاً، مفهوم الحاكمية من أهم ما يتبناه الإسلام السياسي. وعندما تتأمل ما كتبه أبو الأعلى المودوي تجده متجاوزاً الحكم السياسي إلى كل الأشياء، وتجد الحاكمية الإلهية مفهوماً يبتلع كل ما حوله.

وسيد قطب مثلاً يقول إن الحاكمية ببساطة هي {التلقي من الله}، ويبدأ يعدد مجالات التلقي في التشريع والقانون والفن والمعرفة والأدب، عدا علوم الكيمياء والف––يزياء، فلا مانع من تلقيها من الغرب. والخلاصة، الإنسان مجرد متلق سلبي خامل، بما يعني أن الإنسان بحسب مفهوم الحاكمية غير قادر على الفعل أو التفكير أو العمل، وينتهي ببساطة إلى نزع الفاعلية عن الإنسان.

ما الأساس الذي تم بناء مفهوم الحاكمية عليه؟

عندما نبحث عن المؤسسات النظرية لمفهوم الحكامية، لا تجدها سوى في الكلام الأشعري الذي قدم {الخميرة} التي يستخدمها الإسلام السياسي في ترويج أفكاره، وليس سوى مد نتائج نظرية الكسب الأشعري إلى منتهاها، والتي يقولون فيها إن الإنسان فاعل بالمجاز وليس فاعلاً بالحقيقة، الفعل ليس خاصاً به، وأن ثمة من يخلق الفعل، والإنسان مجرد كاسب لهذا الفعل بقدرة يحدثها الله، ولهذا السبب الإنسان في هذه النظرية فاعل بالمجاز، ومعنى ذلك أنه ليس ثمة سوى فاعل أوحد، والبشر ليسوا إلا مجرد أدوات ينفذ ويحقق من خلالها الفاعل الأوحد فعله، وكأنهم آلات في ماكينة ضخمة.

 على سبيل المثال،  كنت في يوم 11 فبراير 2011 موجوداً في ميدان التحرير- وهو اليوم الذي شهد تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك عن حكم مصر- وجدت أحد الأشخاص المشاركين في الاحتفالات بنجاح الثورة، يرفع لافتة مكتوباً عليها {الله وحده أسقط النظام}، وعندما أردت الاستفسار منه عن سبب استخدامه الشعار، رد الرجل بأن الناس مجرد أدوات ومناسبات.

كان تصوره أن هذا هو الدين لكنه في الحقيقة لم يكن يقول سوى وجهة نظر الأشعرية في الدين.

تديين السياسة

• هل مشكلة الخطاب الديني مرتبطة بفرقة دون غيرها؟

إذا كانت الأزمة لدى السنة ظهرت مع الأفغاني، فأعتقد أن مشكلة تسييس الدين لدى الشيعة بدأت منذ القرن الثاني الهجري، لكن التقليد السني كان يفكر خارج المسألة السياسية، وعندما نقرأ ما كتبه فقيه السنة الكبير الماوردي نجده يقول بأن مسألة السلطان من ضرورات الاجتماع البشري وليست من ضرورات الدين، واستقر الأمر على ذلك حتى القرن التاسع عشر بالنسبة إلى السنة، وأصبح الحاكم ضرورة دينية، والملاحظة هنا أن الجماعات الدينية عندما تتعرض لمأزق أو أزمة يذهبون إلى تديين السياسة، ولنقارن بين مفهوم مركزي عند الشيعة والإخوان مثل المرشد يعطي دلالة مهمة.

• برأيك كيف يتم تخليق الخطاب الديني؟

بعيداً عن تعقيد المسألة نظرياً وربطها برجل الدين والأسرة والمناهج، ثمة جانبان نظري وعلمي، ويعتمد خلق الخطاب على الجدل والتأثير المتبادل، ومن يخلق خطاباً لا يكون واعياً لبناء خطاب، لأنه ينبني في إطار حراك تاريخي، يظهر خلالها أفكار تثبت نفسها بحيث أنها تتحقق بها الهيمنة والسيادة وتصبح ملهمة لكثيرين في مجالات مختلفة.

• هل يؤثر قرب المؤسسة الدينية من سلطة الدولة في الخطاب الديني؟

بلا شك، لأن مثلاً الدارس سيكتشف أن الأشعرية كانت تعمل في خدمة السلطة، وكانت المدرسة النظامية التي كان الغزالي والجويني من الأعضاء الفاعلين فيها ومن كبار مؤسسين الأشعرية. وجاء الوزير المعروف بنظام الملك، فأسس لهم مدرسة لتعليم أفكار المذهب الأشعري لإنتاج أشخاص يتبنونه ويدافعون عنه، وهو فعل من أفعال السلطة التي تستفيد من الخطاب الداعم لها. ونحن إزاء عملية دعم متبادلة وليس فعلا في اتجاه واحد.

في سطور

الدكتور علي مبروك أستاذ الفلسفة في كلية الآداب بجامعة القاهرة.

بدأ العمل في سلك التدريس الأكاديمي بجامعة القاهرة منذ التسعينيات، وحصل على درجتي ماجستير ودكتوراه من الجامعة نفسها.

عمل بالتدريس بجامعة كيب تاون بجنوب إفريقيا لمدة ثلاث سنوات (2003: 2006).

يكتب مقال رأي منتظماً في جريدة {الأهرام» المصرية، فضلاً عن المشاركة في الدوريات والمواقع العلمية المتخصصة.

قدم للمكتبة العربية نحو 12 مؤلفاً، فضلاً عن المشاركة في عشرات الأبحاث والدراسات مع آخرين، ومن أبرز كتبه: {النبوة.. من علم العقائد إلى فلسفة التاريخ}، و{عن الإمامة والسياسة}، و{الخطاب التاريخي في علم العقائد}، و{لعبة الحداثة بين الجنرال والباشا}، و{ما وراء تأسيس الأصول.. مساهمة في نزع أقنعة التقديس}، و{الخطاب السياسي الأشعري...نحو قراءة مغايرة}، و{السلطة والمقدس.. جدل السياسي والثقافي في الإسلام}.

الحداثة العربية

• ما انعكاس ذلك أو مشكلاته في الواقع؟

في تجربة الحداثة العربية منذ نشأتها مشكلتها الأساسية، هي نظرة السلطة إلى الناس على أنهم مجرد أدوات لا أكثر. مثلاً، الباشا محمد علي تجد أنه عندما حكم مصر  لم ينظر إلى المصريين سوى باعتبارهم أدوات ينفذ من خلالها ما يريد وما يشاء، وهذا كله مرجعه إلى فكرة النظرية الأشعرية، وكل الفرق أن دعاة الحاكمية إلى الله ودعاة الحكامية لغير الله، جميعهم متفقون أن البشر مجرد أدوات في يد الفاعل، سواء كان الخليفة الحاكم أو الخالق.

وخطورة ذلك في ما نراه الآن من ذبح ودم وإحراق في العالم العربي، باعتبار أن الأفعال المقترنة بالعنف مجرد رغبة إلهية لتحقيق ما يريده الفاعل الوحيد. ونجد مفاهيم مثل الجاهلية والتكفير تتداخل مع الحاكمية، وينتهي الأمر إلى إحساس بالسمو والتفوق لدى أصحاب المفهوم، وخرج من ذلك مفهوم الإخوان نحو أستاذية العالم. وفي النهاية، فمفهوم الحاكمية لا إنساني لا يمكن التعويل عليه في أي مجال للسعي المشترك سواء بين المسلمين وأنفسهم أو بين المسلمين وغيرهم.

• كيف ترى وصف البعض للمتشددين في عصرنا الحالي باعتبارهم خوارج؟

من يتكلمون عن الحاكمية الآن لا علاقة لهم بالخوارج، لأن الخوارج كانوا يتعاملون مع مسألة الحكم وشعار الحاكمية في سياق آخر مختلف تماما، أثناء النزاع على الخلافة بين معاوية بن أبي سفيان وعلي بن أبي طالب، وكان الخوارج يقدمون الحاكمية باعتبارها دعوة للتقاضي والاحتكام إلى القرآن مثلا، ولكن مفهوم الحاكمية لدى شخص مثل سيد قطب المنظر الإخواني نجده يبتلع كل شيء داخله: سياسة ودين وفن واجتماع وأدب.

back to top