الكويت.. القيادة وإدارة الأزمات

نشر في 04-07-2015
آخر تحديث 04-07-2015 | 00:01
 يوسف عوض العازمي تعرضت الكويت لحادث إرهابي آثم استشهد على إثره عدد من المصلين في مسجد الإمام الصادق وجرح العشرات أسأل الله أن يتقبل الشهداء ويشفي الجرحى، وكان الحادث الأليم يستهدف الوحدة الوطنية وبث الفتنة بين أفراد المجتمع، وهو ما فشل به تماما من خطّط ونفذ هذا الحادث الإرهابي.

والآن بعد مضي أيام على الحادث يفترض بنا استرجاع بعض ما حدث أثناءه ليكون لنا دروسا مستقبلية وأفكارا وأمورا علينا وضعها بالحسبان، منها على سبيل المثال لا الحصر:

- الدور الكبير والمؤثر الذي قام به سمو الأمير الذي استطاع بتوفيق من الله وخبرته وموهبته القيادية وحبه لبلده وشعبه السيطرة على الوضع العام للحادث، وإضفاء الطمأنينة على الموجودين، وترسيخ وتثبيت روح الأخوة والوحدة والترابط بين أهل الكويت، حتى فوت الفرصة على أي ضعيف نفس، أو ضيق أفق أو بائس فكر، وهنا تبرز روح المبادرة، والقيادة الشجاعة، باختراق الحدث وإدارته من داخله بكل تصميم وفكر متقد.

- بددت هذه الحادثة ما كان متوقعا من البعض بضعف الوحدة الوطنية وعدم الترابط بين فئات المجتمع وأفراده، فبعد هذه الحادثة نستطيع القول بكل ثقة إن هذا الشعب الوفي المتآلف محصن تماما ضد أي تصرفات من هذا النوع البغيض، وثبت أيضا أن ما جرى سابقا من تصرفات فردية من البعض لم يؤثر في ضمير هذا الشعب الراقي.

- تبين أيضا أن الحكومة متى ما أرادت العمل فإنها ستبدع وتقدم أداء ممتازا، وهذا ما لمسه الكل من الجهود الكبيرة لأطقم وزارة الداخلية وقياداتها وأفرادها في التصرفات العالية المسؤولية في مواجهة ما حدث إلى أن تكلل النجاح بالقبض على الخلية الإرهابية، وبالطبع لم يأت ذلك من فراغ بل سبقه جهد كبير ومميز لهذه الوزارة المثابرة، والتي قدمت مستوى أمنيا لا يجارى في هذه الأزمة، وأتمنى أن تتم دراسة التجربة بتمعن للاستفادة منها مستقبلا.

- وزارة الصحة فاجأت الجميع بأعمال دؤوبة ممتازة وبمستويات عالمية في كيفية إدارة الأزمات؛ مما منح الجميع شعورا بالاطمئنان حيث كانت الأطقم الطبية تعمل بتناسق رائع بقيادة موحدة وبطريقة مبدعة، استطاعت خلق بيئة صحية للتفاؤل بعملها الكبير، فالتعامل بهذه الاحترافية أمام حادث إرهابي كبير ومفاجئ وغير مسبوق التعامل مع مثله منذ الغزو الغاشم يثبت أن الوزارة بخير ولا تنقصها الكفاءات، وأتمنى أيضا أن تراجع هذه التجربة وتدرس بعناية لتكون مرجعا مستقبليا يستفاد منه ولتعزيز الثقة بأداء الوزارة.

-وزارة الإعلام، وهنا أقصد الوسائل الإعلامية التابعة، تعاملت مع الحدث بحرفية ممتازة، وكان التعامل مع ملابسات الحادث بالطريقة الحذرة المتحفظة في بداية الأمر، له أثر في مصداقية الجهاز الإعلامي؛ لأن الإعلام الرسمي يختلف عن الخاص، وبالفعل كانت الإدارة الإعلامية موفقة.

هذه عدة ملاحظات ودروس من هذا الحادث الذي تحول بقدرة الله من ذكرى أليمة إلى مصدر للفخر وسبب لتكاتف أهل هذا البلد الطيب وترابطهم، والذين أثبتوا أنهم على قدر المسؤولية، فأثبتت الكويت تميزها في كل شيء: القيادة في إدارة الأزمة، والترابط الذي جمع الكل، فانصهر الجميع في بوتقة واحدة ألا وهي الكويت.

ولله الحمد على كل حال ورحم الله شهداءنا وعظم الله أجر أهلهم وأجر أهل الكويت كلهم وشفى جرحانا، وحفظ الكويت وشعبها وأميرها من كل مكروه.

back to top