مدينة صباح الأحمد… «درة السكنية» معدومة الخدمات

نشر في 04-07-2015 | 00:04
آخر تحديث 04-07-2015 | 00:04
● وزعت بالكامل بلا ماء وكهرباء ... وشكاوى الاهالي لا تحصى أمنياً وبيئياً وإنشائياً

● المشروع تحوّل الى مرعى للإبل والغنم ... وغياب تام لمرافق المدن النموذجية
لعل الإبل والغنم السارحة في مدينة صباح الأحمد بلا راع مثال حقيقي يعكس واقعاً مؤلماً للمدينة الإسكانية الجديدة، التي سعت المؤسسة العامة للرعاية السكنية إلى جعلها مدينة نموذجية متكاملة تشمل 5 ضواح، إلا أن خدماتها حتى الآن أشبه بالقرية الريفية، ليس فيها ماء، وبلا أمن ولا أمان رغم وجود أكثر من 500 مواطن يسكنون المنطقة تحت رحمة «تناكر المياه» التي يدفع السكان ثمنها من جيوبهم الخاصة، فضلاً عن التيار الكهربي الذي لم يغط جميع ارجاء المدينة.

«الجريدة» قصدت المدينة لترصد وضعها، وتصبح شاهد عيان على الفوضى، واستغرق الطريق من مدينة الكويت إليها نحو ساعة، قطعنا خلالها مسافة 78 كيلومتراً، وكانت أشبه برحلة سفر إلى منطقة بدت للوهلة الأولى مليئة بالمشاكل الإنشائية والبيئية والأمنية، وأنها منسية بلا راع ولا اهتمام.

تبدأ الفوضى من بوابة دخول مدينة صباح الأحمد، وتطالعك طرق لا تعرف معها اتجاهات السير, فقد درج أهالي المنطقة والشاحنات والناقلات التابعة للشركات الإنشائية على المرور "عكس السير"، خصوصاً على "الدوارات"، الأمر الذي يتسبب في الكثير من الحوادث اليومية داخل المدينة، مع غياب تام وواضح لأي معلم من معالم وزارة الداخلية، فلا وجود لرادارات أو نقاط أمنية ثابتة، وهو ما انعكس بالسلب على أمن المدينة، فأصبحت فريسة سهلة للصوص الذين ينشطون يومياً ويسرقون الحديد ومواد البناء وغيرها ذلك من الأمور الأخرى.

السياج الشجري

ويطوق مدينة صباح الأحمد سياج شجري بلغت تكلفة إنشائه أكثر من 6 ملايين دينار كويتي بطول 18 كيلومتراً، وعرض 200 متر، للحد من الغبار و"السافي"، أي الرمال الزاحفة، والحؤول دون دخولها إلى المدينة، إلا أن ذلك السياج تحول إلى وجبة يومية دسمة للإبل والأغنام التي يدخلها أصحابها إلى المدينة عبر ثغرات مستحدثة في جدرانها لتأكل من خضار المال العام بلا رقابة وبلا محاسبة، رغم تقديم العديد من البلاغات لبلدية الأحمدي ممثلة في طوارئ الأحمدي من بعض أهالي المنطقة، ما أدى إلى دخول وزحف تلك الرمال لتغطي الكثير من طرق وأرصفة ودوارات وشوارع المدينة.

تأخر «الإطفاء»

وبينما انتقلت المؤسسة العامة للرعاية السكنية إلى العد التنازلي لإيصال التيار الكهربائي والماء بدءاً من مطلع الشهر الجاري إلى المدينة، فإن بناء مركز الإطفاء لايزال في مراحله الإنشائية الأولى، الأمر الذي يضع استفهامات لسبب التأخير من جهة، وأهمية المرفق من جهة أخرى، لاسيما أن المدينة بعيدة عن المناطق السكنية الأخرى، ما يجعلها معرضة للمخاطر، ما يتعذر إخماد الحرائق في الوقت المناسب.

وتعمل المؤسسة العامة للرعاية السكنية بموجب بروتوكول واضح تجاه عملية تسليم البيوت على المواطنين، والتي تتم بعد ايصال التيار الكهربائي، إلا أنها خالفت البروتوكول في مشروع مدينة صباح الأحمد من خلال توزيع البيوت على المواطنين دون إيصال الكهرباء والماء، وذلك بعد وجود طلب تقدم به العديد من أهالي المدينة للإسكان، للسماح بأخذ مفاتيح بيوتهم قبل إيصال الكهرباء والماء، لعمل بعض التعديلات على بيت العمر، إلا أن هذا كان خطأ للمؤسسة، التي تعيش تحت هاجس المطالبة الملحة بالكهرباء والماء.

يذكر أن مدينة صباح الأحمد، ممثلة في 5 ضواح، من المتوقع العمل بها كمحافظة ممثلة في قسائم الضاحية C بعدد 1564 قسيمة، و1728 في قسائم الضاحية B، و1950 في الضاحية E، و2131 قسيمة في الضاحية D، إلى جانب توفير 2201 بيت في الضاحية A، ولم تتم تسمية الضواحي بعد، بإجمالي 9574 وحدة سكنية.

الجدير بالذكر أن المدينة من المفترض أن توفر 52 مدرسة، و70 مسجداً، و6 مراكز للضواحي، و28 محلاً، و6 مخافر للشرطة، و6 مراكز صحية، و6 أفرع غاز، فضلاً عن جامعة ومعاهد ومجمع وزارات حكومي ومستشفى.

انعدام الاتصال

لوحظ خلال الجولة ضعف شبكات الاتصال، وانعدام شبكة الإنترنت، لتجعل المدينة نقطة انعزال لأهاليها بعيداً عن العالم الخارجي، في الوقت الذي لم يتم إيصال الهواتف الأرضية.

العصيمي لـ الجريدة.: المدينة بلا جامعة أو مستشفى أو معاهد أو مجمع وزارات

ذكر رئيس اللجنة التطوعية لأهالي مدينة صباح الاحمد السكنية تركي العصيمي ان إنجازات الحكومة واضحة، مبينا ان المدينة نائية وبعيدة وينقصها الكثير في المحور الخدمي، "ونعلم جيداً انه لا توجد خدمات وسكن، ونتحمل القصور لكن المحور الخدمي مهم".

وقال العصيمي لـ"الجريدة" إن المحور الخدمي الرئيسي لبيوت الدخل المحدود الجاهزة، الممثلة في 2201 بيت، خالية من الخدمات، متسائلا: "اين الجامعة المزمع بناؤها؟ واين المستشفى وأين المعاهد واين مجمع الوزارات؟".

واعلن عدم جاهزية جميع المخافر الامنية والمدارس والمساجد حتى الآن، أما المستوصفات الصحية فستتأخر قليلا، مضيفا: "انا اول من سكنت مدينة صباح الاحمد في فبراير 2014 على مسؤوليتي الكاملة، والآن يسكنها اكثر من 500 مواطن من اصل 9574، والمدينة لاتزال تحت العمل".

وهاجم بلدية الكويت والمجلس البلدي، مبينا ان كليهما لديه تناقض في الاقوال والتصاريح، والتنسيق بينهما معدوم و"ملخبط"، لافتا الى ان البلدية تقوم بتعذيب المواطنين لاخراج ترخيص بناء منشأة، والدورة المستندية متعبة للمواطن والحكومة.

دعوات شعبية لتأمين احتياجات الأهالي

دعا منيف العتيبي، أحد قاطني المدينة، الحكومة إلى الاستعجال في إيصال الكهرباء والماء للمدينة، مضيفا: "لا كهرباء ولا ماء ولا امن، وكان يفترض ايصال الكهرباء والماء فبراير الماضي"، إلى جانب عدم وجود مستشفى.

وقال العتيبي لـ"الجريدة" إن "المدينة بلا أمن، وهناك عمالة غير قانونية وبكثرة تقوم بالسرقة"، مشيرا الى سرقة الحديد والاسمنت وغيره من مواد البناء من منزله اكثر من مرة".

وبين ان المدينة بها 10 كيلومترات للمحور الخدمي لم ينجز منه شيء حتى الآن، ومنه المستشفى والجامعة ومجمع الوزارات وغيرها من الخدمات الحكومية الاخرى، داعيا الى بناء مستشفيات تخصصية لتخفيف عناء الذهاب الى مدينة الكويت.

ولفت إلى انه اختار صباح الاحمد لوجود مخطط كامل بالخدمات كمدينة متكاملة بعيدا عن مدينة الكويت، مبينا انها المدينة ينقصها الكثير ولم تنجز بشكل كامل.

وتابع: "طريق الوفرة 306 يشهد يوميا حوادث مرور تصل الى الوفاة، فالطريق مفتوح للشاحنات إلى ميناء عبدالله، لافتا الى وفاة احد جيرانه بسبب الطريق السيئ.

من جانبه، ذكر يوسف المطيري، أحد سكان المدينة، ان هناك فوضى عارمة في المدينة بسبب التهاون الحكومي، داعيا إلى تكثيف الجانب الامني بالمدينة لكثرة عمليات السرقة من العمال والجاليات الاجنبية التي تعمل في المدينة بصورة غير قانونية.

من جهته، توجه نبيل العميري، أحد سكان المدينة، بالشكر إلى وزارات الدولة على جهودها الواضحة تجاه المدينة، مبينا انها متكاملة وبلا مشاكل وتمر بمراحل بنائها الطبيعية.

وقال العميري لـ"الجريدة" إن "السكن في المدينة مبكرا خطوة خطوناها ونتحملها والحكومة ما لها شغل، فقد اخطرت اهالي المدينة بإمكانية السكن في صيف 2016"، مشيرا إلى أن "المدينة تتقدم وبها انجاز من مسؤولي الاسكان والاشغال، وهناك من يتذمر، واهل مكة أدرى بشعابها، وارى مراحل العمل بعيني، وأنا أسكن منذ اكثر من عام برغبتي".

غازات قاتلة

على بعد نحو 70 مترا من بيوت الدخول المحدودة أنشأت وزارة الاشغال محطة لمعالجة الصرف الصحي، الأمر الذي سبب مخاوف لأهالي المدينة، وتقديم العديد من الشكاوى تجاه المحطة، واصفين إياها بالخطرة والقاتلة، لما لها من مواد بكتيرية لمعالجة المجاري والاوساخ، مبينين انها ضارة على القريبين منها، متسائلين: "لماذا ننتظر تسرب بعض هذه الغازات مستقبلا؟".

حماية من السرقة

وضعت الشركات المقاولة حواجز للحماية عند مداخل المدينة، خصوصا بعد سرقة 120 كيبلا من صناديق الكهرباء قبل شهر، وسرقة بعض المحولات الكهربائية، وبعض تجهيزات البيوت.

back to top