الخليط الخطير المكون من الفقاعات والديون

نشر في 04-07-2015
آخر تحديث 04-07-2015 | 00:01
كيف تلحق بعض الفقاعات الكثير من الضرر بالاقتصاد في حين تسبب فقاعات أخرى القليل من الجوانب السلبية فقط؟ قد يكون أحد الأسباب المحتملة أن معدلات الفائدة وصلت إلى الصفر بعد عام 2008، وحالت بذلك دون تمكين مجلس الاحتياط الفدرالي من عمل المزيد من أجل محاربة الركود الاقتصادي.
 بلومبرغ • ما زلت أذكر ذلك اليوم من ربيع عام 2000، إذ كنت جالساً في غرفتي في جامعة ستانفورد عندما سمعت الناس يصرخون في القاعة، وتبين أن سبب الاهتياج والفوضى يرجع الى انهيار سوق الأسهم، وبشكل خاص أسهم التقنية. وفي حقيقة الأمر كانت السوق تعرضت لانهيار منذ أيام ولكن في ذلك اليوم قرر الناس أن ذلك هو الانهيار الكبير،

ولكن السؤال الحقيقي هو: لماذا لم يتعرض الاقتصاد إلى انهيار أيضاً؟ كان من المؤكد أن ما يساوي 8 تريليونات دولار من الثروة القومية تبخرت، وقد تعرضنا الى ركود اقتصادي في سنة 2001، وعلى الرغم من ذلك كان الهبوط في الناتج المحلي الإجمالي صغيراً جداً، كما أن الانكماش استمر لفصلين فقط وبلغت معدلات البطالة ذروتها عند 6.3 في المئة فقط.

وإذا قمنا بمقارنة ذلك مع تفجر فقاعة الإسكان في 2007 والركود الكبير الذي أعقب تلك الفترة فسوف يتبين لنا أن معدلات البطالة قفزت الى 10 في المئة، وأن الناتج المحلي الإجمالي هبط بشكل أكبر وأطول وتيرة منذ الركود الكبير في القرن الماضي، ولكن لو نظرت الى الحجم الحقيقي للفقاعات، وإلى كمية الثروة القومية التي تبخرت في عمليات الانهيار لتبين لك أن القيمة الصافية للعائلة قد هبطت بقدر أكبر من حيث نسبة الناتج المحلي الإجمالي في سنة 2008 وبقدر يفوق عام 2000، ولكن الفارق لم يكن بذلك القدر الهائل.

والسؤال هنا: كيف تلحق بعض الفقاعات الكثير من الضرر بالاقتصاد في حين تسبب فقاعات أخرى القليل من الجوانب السلبية فقط؟

قد يكون أحد الأسباب المحتملة أن معدلات الفائدة وصلت إلى الصفر بعد عام 2008، وحالت بذلك دون تمكين مجلس الاحتياط الفدرالي من عمل المزيد من أجل محاربة الركود الاقتصادي، ولكن ذلك يعيدنا فقط إلى السؤال حول سبب كون هزة سنة 2008 بذلك السوء والضرر، بحيث أفضت الى بلوغ معدلات الفائدة نسبة الصفر في المقام الأول.

السبب الآخر

السبب الآخر الذي اجتذب قدراً متزايدا من الاهتمام في السنوات الأخيرة هو الفارق بين فقاعات الأسهم وفقاعات الديون.

وقد ركز عدد كبير من الناس على هذا التفسير، وكتب الاقتصادي المشهور روبرت هول يقول إنه نظراً لأن فقاعات الديون تلحق الضرر بالنظام المالي فهي تعرض الاقتصاد الى مزيد من الخطير وبقدر يفوق فقاعات الأسهم التي تنقل خسائرها بصورة مباشرة الى العائلات.

وتقوم المؤسسات المالية بإقراض الأموال للناس، وإذا لم يتمكنوا من السداد؛ لأن قيمة منازلهم انخفضت، فقد تفضي الى فشل البنوك، وعلى العكس من ذلك فإن البنوك لم تكن مكشوفة الى أسهم التقنية، وهذه الفكرة- فقاعات الائتمان تعطل النظام المالي– هي في صلب نماذج الاقتصاد الكبير لدورات الأعمال المدفوعة بالائتمان والتي أصبحت شائعة منذ الأزمة المالية.

تلك كانت النظرية، والآن يوجد دليل: الاقتصاديون أوسكار جوردا وموريتز شولاريك وآلان تايلر قاموا في الآونة الأخيرة بدراسة تاريخية حول انهيار أسعار الأصول، وتبين لهم أن الديون تنطوي على أهمية كبيرة في حقيقة الأمر.

واستعرض الاقتصاديون المشار اليهم الأوضاع في 17 دولة منذ عام 1870 ورصدوا أسعار الأسهم والمنازل. واستخدموا قروض البنوك لقياس كمية الائتمان في الاقتصاد على شكل مقياس لهذا الغرض، ويظل ذلك مقارباً جداً للفكرة القائلة إن تعطل البنوك هو سبب الخطير الشديد في فشل الائتمان، وبغية الاختصار في الشرح استعرضوا ما حدث في ميدان الاقتصاد في كل دولة بعد كل هبوط كبير في أسعار الأصول، ثم فصلوا تفجر الفقاعات عبر كمية القروض المصرفية للاقتصاد وأضافوا بعض الرقابة إلى عوامل أخرى.

ويمثل الخط الأخضر الطريق الوسط للناتج المحلي الإجمالي بعد تفجر الفقاعة مع ائتمان منخفض (مثل فقاعة التقنية في عام 2000) في حين يمثل الخط الأحمر وضع النمو عندما تنفجر الفقاعة مع ائتمان مرتفع، أما الخط الأزرق فيمثل الركود المتوسط، وكما نرى فإن الفقاعات تجعل الركود يستمر لفترات أطول ويفاقم الائتمان من التأثير.

ولكن التأثير يكون أكبر حجماً عندما تتعلق الفقاعة بالمنازل لا بالأسهم، ما سبب ذلك؟ تفسير هول حول تعطل  البنوك ليس مرضياً أو مقنعاً بصورة تامة، ولسبب ما تكون الفقاعات سيئة حتى عندما يكون الائتمان متدنياً في الاقتصاد، ولسبب آخر أيضاً تكون فقاعات المنازل أسوأ من فقاعات الأسهم بصورة عامة وشاملة.

أحد الأجوبة المحتملة والذي لم يتطرق اليه الاقتصاديون الثلاثة هو أن فقاعة المنازل تصيب شريحة مختلفة تماماً من الناس عن تلك التي تصيب فقاعة الأسهم، وتميل الأسهم الى الاستمرار بشكل أكبر في محافظ الأغنياء في حين تكون ثروة الشخص المتوسط الدخل أو الأدنى دخلاً مرتبطة بصورة تامة في المنزل، والأشخاص الأقل ثراء يمكن أن يتأثروا بقدر أكبر من تأثيرات الثروة؛ الميل الى خفض الاستهلاك عندما تتراجع القيمة الشخصية للموجودات، ولكن في أي حال، فإن الرسالة واضحة وهي أن الفقاعات والديون خليط خطير.

* Noah Smith

back to top