«زمن الأصولية».. يكشف زيف مُلاك الحقيقة المطلقة

نشر في 04-07-2015 | 00:01
آخر تحديث 04-07-2015 | 00:01
No Image Caption
تحت عنوان "زمن الأصولية... رؤية للقرن العشرين" أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب حديثاً، كتاباً جديدا ضمن سلسلة "المكتبة السياسية" للمفكر مراد وهبة، يتناول العديد من القضايا المتعلقة بالأصولية منها الفلسفة بين الحرب والإسلام، وتأسيس العلمانية، ومطاردة العلمانية، وبؤس الحضارة، والحرب الباردة، وأزمة الهوية، وتناقضات العالم الإسلامي، وأزمات القرن العشرين، وأزمة العقل العربي، وصراع الأصوليات، وعلمانية القرن العشرين.

وعن معنى الأصولية الدينية يقول وهبة: إن  لفظ الأصولية مشتق من "أصول" في اللغة العربية ومشتق من "Fundamentals" في اللغة الإنكليزية، وأغلب الظن أن التي مهدت لصك المصطلح الإنكليزي، سلسلة كتيبات صدرت بين عامي 1909-1915 تحت عنوان "الأصول"، بلغ توزيعها بالمجان ثلاثة ملايين نسخة، أُرسلت إلى القساوسة والمبشرين واللاهوتيين، والأفكار المحورية في هذه الكُتيبات يمكن إيجازها في ثلاث أفكار، وهي: الجهاد من أجل الدفاع عن الأصول، رفض النظريات العلمية التي تتناقض مع الإيمان بالوحي الإلهي، رفض آراء الليبراليين اللاهوتيين.

وعندما انتقلت الأصولية الدينية إلى الدول العربية والإسلامية، فإنها لم تكتف بهذه المسارات الثلاثة، بل توجهت رأسا إلى الجهاد من أجل الاستيلاء على السلطة السياسية، وعلى المجال العام، لتفرض رؤيتها من الداخل والخارج، ومن هنا تولد العنف وصولاً إلى أحداث 11 سبتمبر سنة 2001 وما بعدها.

والأصولية عند مراد وهبة هي "التفكير في النسبي بما هو مطلق وليس بما هو نسبي"، ومن ثمّ فإن انفراد الأصوليات بالهيمنة يعني استحالة الدعوة إلى السلام، ويكمن خطر الأصوليات الدينية في أنها مُطلقات، والمُطلقات بالضرورة في حالة صراع إن لم تكن في حالة حرب، لأن المُطلق بحكم تعريفه هو واحد بالضرورة، ومن ثم فهو لا يقبل التعدد، وإذا تعدد فإن مُطلقاً واحداً هو الذي يشتهي أن يسود، ومن شأن تحقيق هذه السيادة اشتعال الحروب.

ونظرا لأن التنوير يعني الجرأة في إعمال العقل، فإن التنوير على علاقة تناقض حاد مع الأصوليات بسبب رفضها لإعمال العقل في النص الديني مما ترتب عليه رفض الأصوليات للحداثة.

يشير وهبة إلى أنه بدون العلمانية فإن السلام لا يستقيم، والعلمانية هي التفكير في النسبي بما هو نسبي وليس بما هو مُطلق، ونظراً لأن الأصولية هي "التفكير في النسبي بما هو مُطلق وليس بما هو نسبي"، فإنه يوجد تناقض حاد يقوم بين الأصولي والعلماني، وإذا كان التناقض يعني بالضرورة إقصاء أحد الطرفين للآخر، فالعلماني يقصي بالعقل، والأصولي يقصي بالإرهاب.

ولو تعلم الأصوليون هذا الدرس وأدركوا أن لا أحد يمكنه امتلاك الحقيقة المُطلقة، لكفوا عن التكفير والعنف، واستراح العالم من شرور الإرهاب وإراقة الدماء، ومن خطر مُلاك الحقيقة المُطلقة.

back to top