يحكى أن 14-30: السندباد ينجو من الموت في وادي الألماس

نشر في 01-07-2015 | 00:01
آخر تحديث 01-07-2015 | 00:01
في الليلة الرابعة عشرة تواصل شهرزاد حكاية {السندباد البحري}، الذي يروي لأهله في بغداد، قصة سفرته الثانية وكيف كان سيهلك من الجوع وقلة الطعام في أرض وادي الحياة، حيث تعلق في الليلة السابقة في ساق طائر الرخ وطار معه إلى هذا الوادي.
روى السندباد البحري، كيف أنه لم يكن ينام خوفاً من لدغ الحيات ليالي طويلة، إلى أن فوجئ بذبيحة تسقط على رأسه ذات يوم، ويكتشف أنه في وادس الألماس.
قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد، أن السندباد البحري قال: فلما نظرت إلى تلك الذبيحة وتذكرت هذه الحكاية، قمت فانتقيت شيئاً كثيراً من الحجارة اللاصقة بها، وحفظته في جيبي وبين أثوابي وحزامي وعمامتي. وبينما أنا على هذه الحالة، إذا بذبيحة كبيرة أخرى سقطت بالقرب مني، ففككت عمامتي وربطت بها نفسي بهذه الذبيحة من تحتها. بعد قليل، حطََّ عليها نسر كبير فقبض عليها بمخالبة، وأقلع بها في الجو وأنا معلق بها. ولم يزل طائراً إلى أن صعد بها إلى أعلى الجبل وحط بها، وأراد أن ينهش منها وإذا بصيحات عظيمة عالية جعلته يقفل ويطير تاركاً غنيمته قبل أكلها ففككت نفسي من الذبيحة ووقفت بجانبها، وقد تلوثت ثيابي من دمها. ثم إذا بالتاجر الذي صاح على النسر يتقدم إلى الذبيحة، فلما رآني واقفاً فزع مني وارتعب، ثم قلب الذبيحة فلما لم يجد فيها شيئاً من حجارة الألماس، صاح قائلاً: واخيبتاه لا حول ولا قوة إلا بالله! نعوذ بالله من الشيطان الرجيم!

ثم سألني: من أنت وما سبب مجيئك إلى هذا المكان ؟ أجبته: لا تخف فإني إنسي من خيار الإنس، وكنت تاجراً، ولوصولي إلى هذا الجبل حكاية عجيبة، وسترى مني ما يسرك. معي شيء كثير من حجر الألماس سأعطيك منه ما يكفيك. عند ذلك، شكرني الرجل ودعا لي وتحدث معي، ثم جاء بالتجار الذين كانوا معه، فلما سمعوا قصتي هنأوني بالسلام وقالوا لي: والله إنه قد كتب لك عمر جديد، فما أحد وصل إلى هذا المكان قبلك ونجا منه. وبت معهم ليلتي في أمان، وأنا فرحان غاية الفرح بسلامتي ونجاتي من وادي الحيات ووصولي إلى بلاد العمار. لما طلع النهار، قمنا وسرنا على ذلك الجبل العظيم، وصرنا ننظر في ذلك الوادي فنرى حيات كثيرة.

ولم نزل سائرين إلى أن أتينا بستاناً في جزيرة عظيمة، حفلت بشجر الكافور وكل شجرة منه يستظل تحتها مئة إنسان، وإذا أراد أحد أن يأخذ منه شيئاً، يثقب ثقباً في أعلى الشجرة، فيسيل منه ماء الكافور ثم يعقد مثل الصمغ وهو غسل ذلك الشجر. وبعد ذلك، تتيبس الشجرة وتصير حطباً. وفي تلك الجزيرة صنف من الوحوش يقال له الكركدن، يرعى فيها كالبقر والجاموس في بلادنا، ولكن جسم ذلك الوحش أكبر من جسم الجمل، وله قرن واحد غليظ وسط رأسه، طوله قدر عشر أذرع، وقد يحمل فوقه الفيل الكبير ثم ينساه ويواصل رعيه في الجزيرة والسواحل وهو لا يشعر به، إلى أن يموت الفيل على قرنه ويسيح دهنه من حر الشمس على رأسه فيدخل في عينيه ويعميه، فيرقد في جانب السواحل، فيجيء طير الرخ فيحمله في مخالبه ويروح به عند أولاده ويزقهم به وبما على قرنه!  

وقد رأيت في تلك الجزيرة شيئاً كثيراً من الجاموس ليس له عندنا نظير، وفي ذلك الوادي شيء كثير من حجر الألماس الذي حملته معي وخبأته في جيبي وقايضتهم عليه ببضائع ومتع من عندهم. ولم أزل سائراً معهم وأنا أتفرج على بلاد الناس وما خلق الله، ونحن نبيع ونشتري، إلى أن وصلنا إلى مدينة البصرة وأقمنا بها أياماً قلائل ثم جئت إلى مدينة بغداد.

جبل القرود

قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد أن السندباد البحري لما رجع من غيبته، ودخل مدينة بغداد دار السلام، وجاء إلى حارته، دخل داره ومعه شيء كثير من حجر الألماس، ومال ومتاع وبضائع لا يحصى عددها.وقد اجتمع بأهله وأقاربه، ثم تصدق ووهب وأعطى وأهدى وعاد إلى التنعم بأطيب المأكول والمشروب والمشموم والمسموع والمنظور، ونسي جميع ما قاساه. ولم يزل في عيش هنيء وصفاء خاطر وانشراح صدر ولعب وطرب، وكل من سمع بقدومه يجيء ويسأله عما شاهده في سفرته، فيخبره بما كان، وبعدما حكى السندباد لأصحابه حكاية سفرته الثانية هذه، قال لهم:

غداً إن شاء الله، تعالى، أحكي لكم عن السفرة الثالثة، وبعد أن تعشوا عنده، قال السندباد: لما جئت من السفرة الثانية وأنا في غاية الانشراح والفرح بالسلامة، أقمت في مدينة بغداد مدة من الزمان، وأنا في الحظ والصفاء والبسط والانشراح، ثم اشتاقت نفسي إلى السفر والفرجة والكسب، والنفس أمارة بالسوء، فاشتريت شيئاً كثيراً من البضائع المناسبة لسفر البحر، وحزمتها للسفر وسافرت بها من مدينة بغداد إلى مدينة البصرة. جئت إلى ساحل البحر فرأيت سفينة عظيمة فيها تجار وركاب كثيرون، فنزلت معهم، وسافرنا على بركة الله، وقد استبشرنا بالخير. ولم نزل سائرين ونحن في غاية الفرح والسرور، إلى أن كنا يوماً من الأيام في وسط البحر العجاج، المتلاطم الأمواج فإذا بالريس وقد وقف على جانب السفينة يبكي ويلطم على وجهه ويمزق ثيابه، ثم صاح قائلاً:

اعلموا يا ركاب أن الريح غلبت علينا... ورمتنا المقادير لسوء بختنا إلى جبل القرود، وما وصل إلى هذا المكان أحد وسلم منه قط. وما فرغ الريس من كلامه حتى أحاطت القرود بالمركب من كل جانب، وانتشرت كالجراد فيها وعلى البر، فخفنا أن قتلنا منها قرداً أو ضربناه أو طردناه أن تقتلنا وبقينا خائفين أن تنهب رزقنا ومتاعنا، وهي أقبح الوحوش وعليها شعور مثل لبد الأسود، ورؤيتها تفزع ولا يفهم أحد مرادها. ثم تسلقت حبال المرساة وقطعتها بأسنانها مع جميع حبال السفينة فمالت بنا وكدنا نغرق. ولما وصلت إلى الشاطئ، أخذت القرود كل ما كان فيها ثم حملوها هي نفسها وانصرفوا بها إلى جبلهم، وتركونا وحدنا في تلك الجزيرة نأكل من أثمارها وبقولها وفواكهها ونشرب من الأنهار التي فيها... إلى أن لاح لنا بيت عامر في وسطها، فقصدناه حتى وصلنا إليه، فإذا هو قصر مشيد الأركان عالي الأسوار، له باب مفتوح من خشب الأبنوس.

دخلنا من الباب حيث وجدنا له صحنا واسعاً على جوانبه أبواب كثيرة، وفي صدره مصطبة عالية كبيرة بها قدور موضوعة على الكوانين، وحولها عظام كثيرة. ولم نر أحداً، فتعجبنا من ذلك غاية العجب، وجلسنا قليلاً، ثم نمنا من صحوة النهار إلى غروب الشمس، وإذا بالأرض ارتجت من تحتنا، وسمعنا دوياً من الجو، ثم نزل علينا من أعلى القصر شخص عظيم الخلقة، أسود اللون طويل القامة كأنه نخلة عظيمة، وله عينان كأنهما شعلتان من نار، وأنياب مثل أنياب الخنازير، وفم مثل فم البئر ومشافر مثل مشافر الجمل مرخية على صدره، وله أذنان مرخيتان على أكتافه، وأظفار يديه مثل مخالب السبع. فلما نظرناه على هذه الحالة غبنا عن وجودنا، واشتد خوفنا وفزعنا، وصرنا مثل الموتى من شدة الخوف والجزع والفزع.

آكل لحوم البشر

قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد أن السندباد قال: لما وصل إلينا ذلك الشخص الهائل الصورة، جلس قليلاً على المصطبة، ثم قام وجاء عندنا وقبض على يدي من بين أصحابي التجار ورفعني بيده عن الأرض وجسّني وقلبني فصرت في يده مثل اللقمة الصغيرة، وصار يجسني مثل ما يجس الجزار ذبيحة الغنم، فوجدني ضعيفاً من كثرة القهر، هزيلاً من كثر التعب والسفر، وليس في شيء من اللحم، فأطلقني من يده وأخذ واحداً غيري من رفقتي وقلبه، كما قلبني، ولم يزل يجسنا ويقلبنا إلى أن وصل إلى ريس المركب، التي كنا فيها، وكان رجلاً سميناً غليظاً عريض الكتفين، صاحب قوة وشدة، فقبض عليه مثل ما يقبض الجزار على ذبيحته، ورماه على الأرض ووضع رجله على رقبته فقصفها، وجاء بسيخ طويل فأدخله في حلقه حتى أخرجه من بطنه، ثم أوقد ناراً شديداً ووضع عليها ذلك السيخ المعلق فيه الريس. ولم يزل يقلبه على الجمر حتى استوى فأخرجه من النار وفسخه كما يفسخ الرجل الدجاج المشوي، وصار يقطع لحمه بأظفاره ويأكل منه. ولم يزل على هذه الحالة حتى أكل لحمه ونهش عظمه ولم يبق منه شيئاً، ورمى باقي العظام في جنب القصر. وبعدما جلس قليلاً، نام على تلك المصطبة وصار يشخر كالخروف أو البهيمة المذبوحة.

ولم يزل نائماً إلى الصباح، ثم قام وخرج فلما تحققنا بعده أخذنا نتحدث ونبكي على أرواحنا وقلنا: يا ليتنا غرقنا في البحر أو أكلتنا القرود، فهذا خير من الشي على الجمر.ثم قمنا وخرجنا إلى الجزيرة لعلنا نجد مكاناً نختفي فيه وقد هان علينا أن نموت ولا يشوى لحمنا بالنار. ولما أدركنا المساء من دون العثور على مخبأ أمين، عدنا إلى القصر من شدة خوفنا، وجلسنا قليلاً، وإذا بالأرض ارتجت تحتنا، وأقبل علينا ذلك الشخص الأسود، وجاء عندنا وصار يقلبنا واحداً بعد واحد مثل المرة الأولى، حتى أعجبه واحد فقبض عليه وفعل به مثل ما فعل بالريس.

ولما طلع النهار، ومضى ذلك الشخص في سبيله على عادته اجتمعنا للتشاور وقلنا والله لأن نلقي أنفسنا في البحر ونموت غرقاً خير من أن نموت حرقاً، فقال واحد منا: نحتال عليه ونقتله ونرتاح من همه، فقلت: يجب قبل ذلك أن نصنع لنا سفينة من هذا الخشب والحطب لنهرب فيها. فقالوا جميعاً: هذا رأي سديد. وشرعنا في نقل الأخشاب إلى خارج القصر، وصنعنا السفينة وربطناها إلى جانب البحر، وأنزلنا فيها شيئاً من الزاد، وعدنا إلى القصر.

فلما كان وقت المساء، إذا بالأرض قد ارتجت بنا ودخل علينا الأسود كأنه الكلب العقور، ثم قلبنا وجسنا واحداً بعد واحد، فأخذ واحداً منا وفعل به مثل ما فعل بسابقيه، ونام على المصطبة بعد أن أكله، فلما علا شخيره مثل الرعد، نهضنا وأخذنا سيخين من حديد الأسياخ المنصوبة، ووضعناهما في النار القوية حتى أحمرا وصارا مثل الجمر، ثم قبضنا عليهما قبضاً شديداً وجئنا بهما إلى ذلك الأسود، وهو نائم يشخر ووضعناهما في عينيه وأتكأنا عليهما جميعاً بقوتنا وعزمنا فأدخلناهما في عينيه وهو نائم، فانطمستا وصاح صيحة عظيمة فارتعبت قلوبنا منه. ثم نهض من فوق المصطبة هائجاً، وأخذ يفتش علينا ونحن نهرب منه يميناً وشمالاً، وهو لا يرانا إذ عمي بصره. ثم تحسس الباب حتى وجده فخرج منه وهو يصيح ونحن في غاية الرعب منه، وبعد قليل رجع ومعه أنثى أكبر منه وأوحش خلقة، فلما رأيناهما أسرعنا إلى السفينة التي صنعناها، ودفعناها في البحر بعيداً عنهما، فأخذا يرجماننا بالحجارة، وقتلا بذلك أكثرنا، ولم يبق منا غير ثلاثة أشخاص أنا واثنان معي.

جزيرة السلاهطة

تابع السندباد البحري: لم أزل في تلك السفينة أنا وصاحباي اللذان سلما معي من الرجم، حتى رست بنا على جزيرة، فمشينا فيها إلى آخر النهار، ثم نمنا قليلاً، فلما استيقظنا من منامنا، إذا بثعبان عظيم الخلقة كبير الجثة واسع الجوف قد أحاط بنا، وقصد واحداً منا فبلعه إلى كتفيه ثم بلع باقيه فسمعنا أضلاعه تتكسر في بطنه، فتعجبنا من ذلك غاية العجب، وحزنا على رفيقنا، وصرنا في غاية الخوف على أنفسنا. ثم قمنا فمشينا في الجزيرة وأكلنا من ثمارها وشربنا من أنهارها، ولم نزل كذلك إلى وقت العشاء، فصعدنا فوق شجرة عظيمة عالية ونمنا فوقها ولكن ذلك الثعبان جاء إلينا بالليل، وكان رفيقي أقرب مني إليه فابتلعه كله في بطنه، وأنا أنظر بعيني. ثم نزل من فوق الشجرة وراح عني إلى سبيله، ولم أزل فوق الشجرة حتى طلع النهار وبان النور.

نزلت وأنا مثل الميت لشدة ما نالني من الخوف والفزع، وأردت أن ألقي بنفسي في البحر وأستريح من الدنيا، فلم تهن عليَّ روحي، لأن الروح عزيزة. ربطت خشبة عريضة على قدمي بالعرض، وربطت واحدة مثلها على جنبي الأيمن، وثالثة على جنبي الأيسر، ورابعة على بطني، وخامسة فوق رأسي بالعرض، ثم ألقيت بنفسي على الأرض، ونمت وأنا بين تلك الأخشاب المحيطة بي كالمقصورة، فلما أقبل الثعبان على عادته، لم يقدر أن يبلعني وأنا على تلك الحالة، فأخذ يدور حولي وأنا أنظر بعيني وقد صرت كالميت من شدة الخوف والفزع، ولم يزل على هذه الحالة، من غروب الشمس إلى أن طلع الفجر وبان النور. ثم أشرقت الشمس، فمضى في سبيله وهو في غاية ما يكون من القهر والغيظ. عند ذلك مددت يدي وفككت نفسي من تلك الأخشاب وأنا كالأموات من شدة ما قاسيت، ثم قمت ومشيت في الجزيرة حتى انتهيت إلى آخرها، وهناك حانت مني التفاته إلى ناحية البحر فرأيت سفينة في وسطه، فأخذت فرعاً كبيراً من شجرة ولوحت به وأنا أصيح بمن فيها، فلما رأوني وسمعوا صياحي، جاؤوا إلى وأخذوني معهم، ثم ألبسوني من عندهم ثياباً وقدموا إلى شيئاً من الزاد، فانتعش قلبي وارتاحت نفسي، ولم نزل سائرين وقد طابت لنا الريح، إلى أن أشرفنا على جزيرة يقال لها جزيرة السلاهطة فأوقف الريس السفينة عليها.

قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد أن السندباد البحري قال: لما رست السفينة على تلك الجزيرة، نزل منها جميع التجار وأخرجوا بضائعهم ليبيعوا ويشتروا، ثم قال لي صاحب المركب: أنت رجل غريب فقير، وقد عرفنا أنك قاسيت أهوالاً كثيرة، ومرادي أن أنفعك بشيء يعينك على الوصول إلى بلادك، وقد كان معنا رجل مسافر فقدناه ولم نعلم أهو حي أم مات، إذ لم نسمع عنه أي خبر بعد ذلك، وسأسلمك بضاعته لتبيعها في الجزيرة، وأعطيك شيئاً نظير تعبك وخدمتك، وما بقي منها نأخذه إلى أن نعود إلى مدينة بغداد، فنسأل عن أهله وندفع إليهم ثمن بضاعته، فقلت: سمعاً وطاعة يا سيدي، ولك الفضل الجميل، ودعوت له وشكرته على ذلك، ثم أمر الحمالين بإخراج تلك البضائع إلى الجزيرة، وأن يسلموها إليّ، فسأله الكاتب عن اسم التاجر الذي يكتبها باسمه فقال: اكتبها باسم السندباد البحري الذي كان معنا وغرق في الجزيرة، فقال الكاتب: كلامك صحيح ورأيك رجيح.

فلما سمعت الريس يذكر اسمي، قلت في نفسي: هذه بضاعتي ردها الله إلىّ، ثم صبرت إلى أن طلعت التجار من المركب، واجتمعوا يتحدثون ويتذاكرون في أمور البيع والشراء، فتقدمت إلى صاحب المركب وقلت له: يا سيدي هل تعرف كيف كان صاحب البضاعة التي سلمتها إليّ لأبيعها؟ فقال لي: لا أعلم إلا أنه كان رجلاً من مدينة بغداد يقال له السندباد البحري وقد رسينا على جزيرة من الجزائر فغرق منا فيها خلق كثير كان منهم.

فقلت له: اعلم أني أنا السندباد البحري، وهذا المال مالي، والبضائع بضائعي، وجميع التجار الذين يجلبون حجر الألماس رأوني وأنا في جبل الألماس، ويشهدون بأني أنا السندباد البحري كما أخبرتهم بقصتي.فلما سمع التجار والركاب كلامي اجتمعوا عليّ، فمنهم من صدقني، ومنهم من كذبني. فبينما نحن كذلك إذا بتاجر من التجار الذين رأوني في جبل الألماس يتقدم ويقول لهم: ألم أذكر لكم أنني عندما ألقيت ذبيحتي في وادي الألماس، طلع رجل متعلق بها، وأعطاني شيئاً من حجر الألماس الغالي الثمن الذي لا يوجد نظيره، وقد اصطحبته معي إلى مدينة البصرة؟ إنه هو هذا الشخص بعينه، واسمه السندباد البحري، وهذه البضائع كلها رزقه فإنه أخبرنا بها في وقت اجتماعه بنا، وقد ظهر صدقه في قوله. فلما سمع الريس كلام ذلك التاجر حقق في النظر ساعة، ثم قال لي: ما علامة بضائعك؟ فقلت له: علامة بضائعي كذا وكذا. وأخبرته بأمر كان بيني وبينه لما نزلت إلى سفينته بالبصرة، فتحقق أني السندباد البحري، وهنأني بالسلامة، وقال لي: والله يا سيدي إن قصتك عجيبة وأمرك غريب، ولكن الحمد لله الذي جمع بيننا وبينك ورد بضائعك ومالك إليك!

وأدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح.

وإلى حلقة الغد

back to top