منظور آخر: اكتسى الحزن الكويت

نشر في 29-06-2015
آخر تحديث 29-06-2015 | 00:01
لو أننا ربينا هذا الجيل على أن دينك هو لك، ومعاملتك لي، لتعلمنا احترام الآخر، لو راقبنا تلك الخلايا الإرهابية التي عملت على نار هادئة طوال هذه السنوات وأثمرت اليوم هذا العنف والإرهاب لاستطاعت الدولة أن تثمر هي أيضاً طرقاً لمجابهته.
 أروى الوقيان كانت جمعة حزينة تلك التي سجد بها المصلون آمنين في بيت الله، ليدخل عليهم إرهابي نجس ليدمر ويقتل مرتادي بيته في شهر رمضان الكريم في يوم جمعة مبارك.

الإرهاب لا دين له ولا دولة، يقع باسم الدين في حين يقتل المسلم المصلي والمخلص في دينه، يستهدف الأبرياء فقط لزعزعة الأمن، الإرهابي مغفل تم غسل دماغه ودغدغة مشاعرة ليظفر بالجنة والحور العين، هذا الإرهابي مهووس بالحور العين والجنس لدرجة أنه لم يفكر حتى، لماذا قتل الأبرياء المصلين في بيوت الله يجعله في الجنة؟

الغلو والتطرف في الدين كان يطبخ منذ عقود ثلاثة وأكثر على نار هادئة، بدءاً بالمساجد التي يرتادها قناصو المراهقين وجرهم إلى مراكز دينية ورياضية للاستفادة بعلوم الدين والرياضة ورحلات العمرة، ثم تربِّيهم على الفكر التكفيري المتشدد، وبعدها ترسلهم إلى الجهاد، البداية كانت إلى أفغانستان، واقتربت إلى سورية، وزحفت إلى المملكة العربية السعودية، واليوم إلى كويتنا دار العز والأمن والأمان.

ذلك البلد الذي لم أسمع فيه هل أنت شيعي أو سني إلا في السنوات الأخيرة، فجيراننا وأصدقاؤنا وأهلنا من المذهبين، وإذا كنا قد نختلف في أمور جانبية فدوماً كنا نتفق على حب الكويت.

لو أننا غرسنا، كما تمنيت دوماً، مبدأ احترام الآخر، وانشغال كل فرد بدينه وفكره ومذهبه ومرجعيته في الحياة، دون أن يحاكم الآخر ويكفره ويكرهه.

العنصرية في تقييم الآخر، تفضي دوماً إلى جرائم وإرهاب وأفعال قذرة تأتي من شخص ضيق الأفق لم يتربَّ إلا على أن فكره هو الصواب، والبقية ضالة وضائعة وكافرة.

لو أننا التفتنا إلى مؤشرات الكراهية المخيفة في وسائل التواصل الاجتماعي، وراقبنا مَن يبث سموم الطائفية، وتم على الفور محاسبتهم لساهمنا في الحد من هذا التطرف الفكري الداعشي المخيف، والذي لا يعرف رحمة ولا ديناً ولا شيئاً سوى الإرهاب واستباحة القتل ومضاجعة الأطفال والغلمان، أي دين هذا الذي يستبيح كل المحرمات؟

لو أننا ربينا هذا الجيل على أن دينك هو لك، ومعاملتك لي، لتعلمنا احترام الآخر، لو راقبنا تلك الخلايا الإرهابية التي عملت على نار هادئة طوال هذه السنوات وأثمرت اليوم هذا العنف والإرهاب لاستطاعت الدولة أن تثمر هي أيضاً طرقاً لمجابهته.

دموعنا لن تكفي لتبرد قبور الشهداء، كلمات لن تفي بالحزن الذي لا يعرف طائفية، والذي سكن في بيت السني قبل الشيعي والوافد قبل المواطن.

اليوم، وكل يوم، أنا شيعية ومسيحية ويهودية ومسلمة، وكل الأديان، لنتحد ونقف صفاً واحداً ندافع فيه عن كل دين وملة شرعها الله في الأرض، وأراد لها السلام.

قفلة:

زيارة سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، لهي أكبر دليل على احتوائه لأبناء بلده كوالد لم يرضَ أن يُمسَّ شيعته وسنته ومواطنوه ومقيموه بسوء، هذه هي بلد الإنسانية التي لم تفرق يوماً في إرسال مساعداتها إلى العالم أجمع دون النظر إلى جنسية أو دين أو لون.

back to top