مواقع التواصل الاجتماعي... الكلام جيد

نشر في 20-06-2015 | 00:01
آخر تحديث 20-06-2015 | 00:01
No Image Caption
بينما راح أسترو بيجار يقلّب ملايين الصور، بدا من الصعب تمييز الخطأ الذي فيها: أزواج سعداء، وجراء لطيفة، ومن حين إلى آخر شخص يمضغ الطعام. رغم ذلك، أزعجت كل منها شخصاً ما إلى حد أنه طلب من «فيسبوك» حذفها.

استطاع بيجار أن يخمن الأسباب وراء بعض هذه الطلبات: ربما انفصل هذان الزوجان، أو ربما انزعج الرجل من ذقنه المزدوجة... لكن الشخص الذي يطلب إزالة الصورة عادةً يظهر فيها، في حين أن مَن نشرها صديق. يطلب الناس من «فيسبوك» التدخل في مشاكلهم الشخصية. فلمَ لا يحاولون حلها هم بأنفسهم؟

 من الشكاوى الأكثر شيوعاً الانزعاج من أناس ينشرون صور أولاد غيرهم. لكن بيجار، مدير الهندسة في «فيسبوك»،  يعتبر الوضع كالآتي: إن قرر صهرك المصوّر إقامة معرض لصور أولادك، فهل تطلب من صالة العرض إزالة الصور بدلاً من أن تتحدث إلى صهرك؟

نميل إلى التفكير أن للتكنولوجيا خصائص سحرية تبدل هويتنا، وفق داكر كيلتنر، عالم نفس من جامعة كاليفورنيا. إلا أن هذا ليس صحيحاً. {يحمل فيسبوك كل مشاكل الحياة الحقيقية، فهو يبقى في النهاية مجتمعاً بشرياً}.

ما نفتقر إليه تفاعل الناس عبر شبكة الإنترنت كما يتفاعلون خارجها. لذلك قرر بيجار تأليف فريق لإضفاء نوع من التعاطف على التفاعل عبر الإنترنت. وبما أن مستخدميه يفوقون سكان الصين عدداً، فسينجح فيسبوك، إن تمكن من حمل الناس على حل خلافاتهم بالكلام، في إرساء معيار جديد لطريقة تصرفنا على شبكة الإنترنت. وهكذا يصبح التعاطف أكثر انتشاراً.

يشمل معظم منصات التواصل الاجتماعي، من «فيسبوك» و»تويتر» إلى «يوتيوب» و{فاين»، نظام إرسال تقارير أو «الإبلاغ» بغية إدارة محتواها. ويتولى مهمة مراقبة المواد المحذّر منها حكام مدربون على تطبيق المعايير الاجتماعية التي يعتمدها الموقع. ويعني هذا في حالة فيسبوك حذف أي صور تحتوي أعمال عنف، شأنها في ذلك شأن التعليقات المليئة بالكراهية.

ولكن لعملية المراقبة هذه حدود بالتأكيد. يعتمد ما يُعتبر مقبولاً على الإطار العام، الذي يختلف باختلاف الثقافات والمجموعات الاجتماعية. وبما أن أكثر من 80% من مستخدميه الناشطين من خارج الولايات المتحدة وكندا، فمن المستبعد أن ينجح فيسبوك دوماً في تطبق معاييره. وبما أن عملية المراقبة هذه تحوّل الحكم إلى ما يشبه المدرّس الذي يحاول تطبيق العدالة، تفرض عليه عملاً كثيراً.

أراد بيجار تحقيق ما هو أفضل من ذلك. فبإعادة ابتكار نظام الإبلاغ (flagging) في فيسبوك، لم يأمل أن يقلل ملايين الصور التي يجب التحقق منها كل أسبوع فحسب، بل أن يحسّن تجربة الناس الذين يستخدمون هذا الموقع. لكن هذه المهمة ليست بالبساطة التي تبدو عليها. تظل الطباعة التحدي الأكبر أمام التواصل عبر الإنترنت. يذكر كيلتنر، الذي يشارك في فريق بيجار: {لا يدرك الناس أن الكلمة المكتوبة تختلف عن تلك المحكية}. فمع المكتوب نخسر وسائل تعبير مثل نظرات العينين، اللمس، ونبرة الصوت التي تنقل الكثير من المعلومات.

في عام 2005 مثلاً، لاحظ جاستن كروغر وزملاؤه من جامعة نيويورك أننا لا ننجح في نقل ما نود قوله في رسالة إلكترونية كما عندما نتحادث. رغم ذلك، ما زلنا نظن أننا أوضحنا وجهة نظرنا بالكامل. إذاً، من الجلي أن الناس يبالغون في تقييم قدرتهم على التواصل عبر شبكة الإنترنت.

بالإضافة إلى ذلك، يخرج الإنترنت الوجه المخبأ من شخصية كل منا. على سبيل المثال، لطالما لاحظ علماء النفس أن الأشخاص المتنكرين الذين يدورون على المنازل لجمع السكاكر خلال {عيد هالوين} يتصرفون بأنانية. ويشير جون سولر من جامعة رايدر في لورنسفيل بنيوجيرسي إلى أن لشاشات الكمبيوتر التأثير ذاته مع قول الناس وقيامهم بأمور لا يتجرأون عليها وجهاً لوجه. يضيف كيلتنر: {نشهد اليوم انتشاراً متنامياً لأحد أشكال التواصل لسنا مجهزين للتكيف معه}.

ردود فعل لطيفة

في عام 2012، شكّل بيجار فريقاً من المهندسين وعلماء النفس في مقر فيسبوك في منلو بارك بكاليفورنيا. في تلك الفترة، كان فيسبوك يقدم للناس ثلاثة خيارات للتعاطي مع تعليق نشره صديق ويعتبرونه مزعجاً: الإبلاغ أن هذا المحتوى يخالف سياسة فيسبوك، حجبه عن مجال رؤيتهم الخاصة، أو قطع الصداقة مع هذا الشخص.

بدت هذه الخيارات محدودة. توضح إيميليانا سايمون-توماس، عالمة أعصاب اجتماعية من جامعة كاليفورنيا: «ما من مجال لتلقي ردود الفعل (الاحتقار أو الرفض، التقدير أو الموافقة) التي يميزها الإنسان خلال المحادثات وجهاً لوجه. فخيار التخلي عن صداقة الشخص، الذي يلجأ إليه كثيرون عادةً، يقضي على الحوار تماماً. أما الإبلاغ، فيمثل الاعتماد على فيسبوك لاتخاذ الخطوات اللازمة، علماً أن هذا الموقع لا يستطيع التدخل، إلا إذا كان المحتوى ينتهك إحدى سياساته.

تؤكد سايمون-توماس: «علينا أن نسهل على المستخدمين فهم ما يشعرون به بدل أن يعتمدوا على السلطة المعنية لحل هذه المسائل. قد تبدو هذه المسألة جلية، إلا أنها تعكس مدى الشرخ بين حقول التكنولوجيا والعلوم الاجتماعية».

أضاف الفريق خياراً يسمح للناس بالتواصل مع مَن نشروا الصورة التي يودون إزالتها. لجأ الفريق أولاً إلى إطار فارغ يمكنك فيه تدوين رسالة، إلا أن 20% فقط استخدموه. نتيجة لذلك، قرروا ملء الإطار برد محدد، مكتفين بإضافة عبارة {مرحباً، لا أحب هذه الصورة. احذفها من فضلك}. فدفعت هذه الخطوة عدداً أكبر من الناس إلى اللجوء إلى هذا الخيار.

عمل الفريق بعد ذلك على إدخال بعض التعديلات والتحسينات. فقد نجح في زيادة عدد المستخدمين مجدداً بالسماح للناس باختيار لمَ لا يحبون هذه الصورة من لائحة من الخيارات، مثلاً: {تحزنني}، {صورة محرجة}، أو {هذه صورة سيئة لي}. وهكذا، بمنح الناس نصاً مكتوباً مسبقاً يضيف المشاعر إلى الإطار العام، ارتفع معدل التفاعل الشخصي بنحو ثلاثة أضعاف. وعندما بدأ الفريق بإجراء تغييرات، لاحظ أن تعديلات بسيطة تحدث فرقاً كبيراً. ومع أكثر من 1.4 مليار مستخدم شهرياً، كان فيسبوك يؤثر في عدد كبير جداً من الناس.

شكّل تلطيف كلماتنا المكتوبة مفتاحاً مهماً. نميل إلى التفكير في الأسوأ عند قراءة الرسائل عبر الإنترنت لأنها قلما تحتوي إشارات عاطفية. يكشف بحث أجراه كريستن بايرون في جامعة سيراكيوز بنيويورك أن التأثير السلبي يتضاعف عندما تقرأ رسالة تلقيتها من شخص أعلى مرتبة، مثل رب عملك. كذلك لاحظ هذا البحث اختلافاً بين الجنسين: يميل الرجال، مثلاً، إلى استعمال عدد أقل من الإشارات العاطفية الإيجابية في رسائلهم الإلكترونية مقارنة بالنساء.

تقول سايمون-توماس: {هذا أحد الأسباب التي تحول دون إيصال الأفكار الساخرة المضحكة إلى الطرف الآخر. فلا أحد يفهم الدعابة المقصودة}. لذلك قرر الفريق مساعدة الناس على فهم النكات، فصمموا الوجوه التعبيرية (صور صغيرة لوجوه) لتقديم مجموعة أوسع بعد من التعابير. ولربما نتعلم معالجة هذه الصور عاطفياً. فقد اكتشفت دراسة أسترالية جديدة أن {J} ينشط مناطق الدماغ عينها التي تعالج تعابير الوجه.

قد يكون الابتسام عالمياً، لكن الوضع يختلف مع مشاعر أخرى. وعندما بدأت عملية معالجة الخلافات على فيسبوك تعكس الاختلافات الثقافية، تضاعف عدد مَن قرروا حل المسائل هم بأنفسهم. في الهند، حيث تشكل السخرية من شخصية مشهورة يحبها الشخص إهانة كبيرة، بات بالإمكان اختيار {هذه الصورة تهين شخصاً مهماً بالنسبة إلي}. أما في تركيا، فقد يختار المستخدم {هذا يروّج التمرد، العنف، الاعتداءات المسلحة، أو الأسلحة}.

لكن هذا النظام خضع لتعديلات أكبر بعد بغية سد حاجات المراهقين. ترأس مارك براكيت، عالم نفس متخصص في الذكاء العاطفي في جامعة يال شارك في الفريق، مجموعات ركزت على حاجات المراهقين. فنصح بتغيير عبارة {الإبلاغ عن هذا التعليق} التي تشير ضمناً، في رأي كثيرين، إلى إيقاع صديق في مأزق قانوني، إلى {يشكل هذا التعليق مشكلة}.

يوضح براكيت: {يفهم الأولاد من اللغة المستخدمة أن هذه عبارة عامة لا تنطبق عليهم. تفادينا كلمات مثل {التعقب} و{المضايقة}، واستعملنا بدلاً من ذلك {مهدد} أو {مزعج}، وذلك بغية جعل التعابير مألوفة وأكثر انطباقاً عليهم}.

إذاً، صار فيسبوك يقدم اليوم حلولاً مختلفة بالاستناد إلى مدى شعور الشخص بالإحراج، الحزن، أو الخوف. فيحظى مَن يشعر بالانزعاج من تعليق ما (إلا أنه لا يود بالضرورة حذفه) على خيار منفصل يتيح له، ببساطة، إخبار الآخر عن شعوره. كذلك سيحصل المراهقون على وصلة إلى خط تنمر ساخن وموارد الإرشاد والتوجيه الأخرى. كذلك تتوافر توجيهات للأهل، المدرّسين، والمتنمرين أنفسهم بغية مساعدتهم على فهم ما يمكنهم القيام به بشكل أفضل عبر الإنترنت وفي الواقع. وقد ساهمت كل هذه التغييرات في مضاعفة أعداد المراهقين الذين يطلبون المساعدة أو يتواصلون مع شخص نشر أمراً يجرحهم، وفق براكيت.

تسعى شركة فيسبوك إلى إضافة مقاربة التفاعل العاطفي المباشر هذه إلى مجالات عملها كافة. ففي قواعد الخصوصية المعتمدة، نرى اليوم مثلاً {مَن يستطيع الاطلاع على معلوماتي؟} و{كيف يمكنني أن أردع شخصاً يُضايقني} بدل العبارات القانونية التي استُخدمت سابقاً.

يعرب فيسبوك أيضاً عن اهتمام بمعرفة كيف يمكن لإخفاء الهوية أن يساهم في التواصل بإيجابية أكبر. يذكر مدير الإنتاج روب بويل أنه يدرك أهمية استخدام إشارات مجهولة المصدر لبدء محادثات صعبة (عندما ترغب، مثلاً، في إخبار صديق أن نشر تعليقات عن السياسة كل 10 دقائق مزعج حقاً). يضيف بويل: {نسعى لتطوير طرق إضافية لنقل إشارات مبطنة من دون تمهيد الدرب للانزلاق نحو السلبية. لا شك في أن هذا توازن صعب لأن تأثيره قد يكون مزدوجاً. ولهذا السبب لم نضمن موقعنا زراً للتعبير عن كره أمر ما}.

شكل هذا درساً تعلمته شركة Disqus، التي تؤمن منصة حوار لأكثر من مليار شخص شهرياً من Wordpress، Tumblr، ومواقع إلكترونية أخرى. تأملت Disqus في مدى تأثير تصنيف التعليقات سلباً أو إيجاباً في الحوارات. وقد أعرب مديرها التنفيذي دانيال ها عن حماسة كبيرة لعمل فيسبوك لأنه يدفع الناس إلى التوقف والتفكير. يوضح: {يجب أن يكون هدفنا كمنصات تواصل إظهار أفضل ما في الناس لا الاكتفاء بردة فعلهم الأولية}.

التحكم في الحشود

من الممكن لتعديلات بسيطة في برنامج فيسبوك الإلكتروني أن تؤدي إلى تأثيرات كبيرة. على سبيل المثال شعر الناس السنة الماضية بالاستياء حول مبادئ التعامل مع مستخدمي فيسبوك كفئران مختبر في دراسة تتناول تأثيرات برنامج لنقل الأخبار. لكن فيسبوك لطالما عدل ما نراه. أوضحت المديرة التنفيذية شيريل ساندبيرغ آنذاك: «شكل هذا جزءاً من بحث تقوم به الشركات لاختبار المنتجات المختلفة. لم نشأ مطلقاً أن نزعج الناس».

كذلك يريد فيسبوك تغيير طريقة تصرفنا. على سبيل المثال، خلال الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة لعام 2010 وخلال الانتخابات العامة الأخيرة في المملكة المتحدة، سمح زر «صوّتت» للمستخدمين بإخبار الآخرين متى أدلوا بأصواتهم. ويعتقد روبرت بوند وزملاؤه من جامعة كاليفورنيا بسان دييغو أن فيسبوك زاد نسبة الناخبين عام 2010 بنحو 340 ألفاً.

في فبراير، أعلن فيسبوك إطلاقه حملة «أتحدث البانزاغار» بغية الترويج للباقة في بورما. فقد نشر صور كارتون تحمل شعارات إيجابية يستطيع مستخدمو فيسبوك في هذا البلد الـ 600 ألف تشاطرها. تشكل «البانزاغار»، أي «الخطاب المسالم»، جهداً شعبياً في بورما هدفه التصدي لخطاب الكراهية الموجه ضد الأقلية المسلمة في هذا البلد. وقد شملت الشعارات «فكر قبل أن تشارك» و»لاتصدق». ويؤكد فيسبوك أن هذه الصور الكارتونية أصبحت بسرعة «الملصق» (الصور والأنيماشين التي يتبادلها الأصدقاء على فيسبوك) الأكثر استعمالاً في بورما. كذلك تبين أنها وسيلة فاعلة جداً للترويج للطف.

إتقان الكلام

دفع تعديل العبارات، التي يرسلها المستخدم عندما يتصل بمستخدم آخر بسبب محتوى يعتبره مسيئاً، عدداً أكبر من الناس إلى استعمال هذا النظام. فقد تبين أن توليد الرسالة تلقائياً، الذي يساعد المستخدم على التعبير عما يشعر به، كان أكثر فاعلية بنحو ثلاثة أضعاف، مقارنة بترك الإطار فارغاً.

مرحباً جاك، لا أحب هذه الصورة. أزلها من فضلك.

اطلب حذف الصورة من فيسبوك.

لا أريد أن يراني آخرون في هذه الصورة.

هذه الصورة تضايق أحداً.

يجب ألا تُنشر هذه الصورة على فيسبوك.

لا داعي لنشر هذه الصورة.

مرحبا جاك، تحرجني هذه الصورة قليلاً، وأفضل ألا يراها الناس على فيسبوك. فهل من الممكن أن تحذفها من فضلك؟

لا أحب هذه الصوة لأنها:

• تحزنني.

• غير ملائمة.

• صورة سيئة لي.

• محرجة.

• أسباب أخرى.

الإبهام إلى الأعلى أم الأسفل؟

حوّلت Disqus التصويت إلى جزء من نظام تقييم ينقل التعليقات الفضلى إلى أعلى القائمة وينبه الحكام إلى مَن ينشرون مراراً تعليقات تُرفض. وفي عام 2012، فرضت Disqus على المستخدمين التسجل للتصويت، وبدأت عرض أسمائهم وصور صفحتهم قرب التعليقات التي جاء تصويتهم عليها إيجابياً.

لا شك في أن هذه الخطوة، التي جعلت عملية التصويت أكثر وضوحاً، عززت الإشارات الإيجابية في التواصل، وفق ها. كذلك انخفضت التقارير عن إساءة الاستعمال بنحو 80%.

لكن التغيير بدأ يشجع أيضاً ردود الفعل السلبية. يخبر ها: {رأينا ردود فعل سلبية وعمليات تصيد انتقامية. فقد تكتل الناس بعضهم ضد بعض. صار الناس يصبون كل اهتمامهم على معرفة مَن قيّم تعليقاتهم سلباً.

تفحص جاستن تشانغ وزملاؤه من جامعة ستانفورد بيانات Disqus ولاحظوا أن ردود الفعل الإيجابية لم تؤثر في ما نشره الناس، إلا أن التقييمات السلبية جعلت المستخدمين أكثر ميلاً لنشر تعليقات معادية للمجتمع. وهكذا بدلت التقييمات السلبية السلوك بطريقة سممت المجتمع على شبكة الإنترنت.

فقررت Disqus السنة الماضية إخفاء كل إحصاءات التقييمات السلبية، مستخدمة إياها كوسيلة لتقييم الجودة لا يطلع عليها المستخدم. يوضح ها: {ما عدنا نلاحظ القدر ذاته من الضجيج والاستياء. فصار الناس يردون أحدهم على الآخر، ولا يكتفون بتسجيل تصويت سلبي فحسب}.

يتابع ديل هارفي رئيس قسم الثقة والسلامة في تويتر، عمل في فيسبوك باهتمام بالغ. على موقع التويتر، حيث يظل عدد مَن يعرفون أحدهم الآخر محدوداً، لا يشكل بناء قنوات للتواصل المباشر الخيار الأفضل. بدلاً من ذلك، قد يشمل الحل منح الناس قدرة أكبر على التحكم في ما يرونه. كذلك تُزال الحسابات الجديدة التي تستخدم لغة شبيهة بتغريدات سبق أن أبلغ عنها. بالإضافة إلى ذلك، رفع موقع توتير عدد موظفيه الذين يراقبون محتواه بنحو ثلاثة أضعاف.

يبدو أن جهود فيسبوك لحملنا على التصرف بشكل أفضل على شبكة الإنترنت قد حققت النجاح، وفق تقديراته الخاصة: يستخدم أكثر من 8 ملايين أدوات الحل الاجتماعي كل أسبوع لمعالجة الخلافات التي تنشأ بسبب صور، تحديث الوضع، والوصلات المتشاركة. ولا يعتبر فيسبوك أن النتيجة الفضلى تتمثل في إزالة الصورة أو التعليق، الذي يحظى بأهمية كبيرة على الأرجح في نظر ناشره، بل في فتح حوار بين الطرفين.

حاول الفريق أن يطور منصته ليكون الرد العاطفي الذكي الحل الأسهل. أما في ما يتعلق بطلب إزالة صورة، يستعمل الناس هذا الحل في نصف الحالات تقريباً. ويحصلون على رد في 75% من المرات. صحيح أن بعض هذه الردود يكون سلبياً، إلا أن الإقرار بالواقع يكون غالباً كافياً لمساعدة الناس على تخطي ردة الفعل الأولية.

ساعد فيسبوك على الأرجح ملايين الناس على التعبير عن أنفسهم. لكن البعض قد يشعرون بالانزعاج مع مثال إضافي للتلاعب الخفي. إلا أن الإنترنت تتطلب معايير خاصة. يقول بيجار أنه بدأ بالتفكير في تكنولوجيا التعاطف بسبب ابنه. يخبر: {حددت مهلة أخيرة شخصية. أردت أن أشعر بالراحة في تعاطيّ مع المحتوى في فيسبوك في المرة التالية التي أحصل فيها على حساب}.

يضيف بيجار: {أوشكنا في هذه السنة على بلوغ هدفنا هذا. لكن المصلحة العامة فمسألة أخرى}.

* كاتب من سان فرانسيسكو بكاليفورنيا

back to top