ملائكة وشياطين

نشر في 17-06-2015
آخر تحديث 17-06-2015 | 00:02
أوكرانيا... بعد سنة من بدء عهد بوروشينكو
وجد الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو، منذ انتخابه، صعوبة في تحرير بلده من تأثير رجال الأعمال النافذين. لكن يبدو الجيل الجديد من الإصلاحيين مصمّماً على تحقيق ذلك.

عندما صافح الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو أرتيم سيتنيك لتهنئته، شدّ الأخير على شفتيه ورمش بعينه. كانت ومضات كاميرات المراسلين لا تزال تزعجه. حتى الفترة الأخيرة، لم تكن موسوعة {ويكيبيديا} تشمل أي معلومات عن هذا الرجل الذي يبلغ 35 عاماً لكنه أصبح الآن أحد أهم الرجال في أوكرانيا. فقد اختارته لجنة تحكيم من بين 176 مرشحاً لجعله رئيس مكتب مكافحة الفساد الجديد في البلاد.

تعرّف الإصلاحيون في البداية على أرتيم سيتنيك عندما ترك وظيفته كمدعٍ عام في سنة 2011، في عهد الإدارة السابقة، احتجاجاً على التداخل بين السياسة والنظام القضائي المحلي. في تلك الفترة، كانت مبادرته غير مسبوقة. أما الآن، فقد أصبح مؤهلاً ليكون المحارب الأول ضد الفساد في الحكومة الجديدة.

سيتنيك ليس رجلاً سياسياً، بل إنه رجل ناشط في مجتمعه ومحامٍ حازم وشجاع. بدأ يؤسس الآن وكالة مؤلفة من 700 شخص، وهي تابعة مباشرةً للبرلمان ومُكَلّفة بمطاردة المشرّعين الفاسدين والتحقق من المناقصات العامة وتقليص التأثير السياسي لرجال الأعمال النافذين.

عند تقديم سيتنيك أمام الشعب في كييف، في شهر أبريل الماضي، قال بوروشينكو: {هذه الجبهة التي تحارب الفساد لا تقلّ أهمية عن الجبهة التي يدافع عنها الأبطال في الجزء الشرقي من البلاد}.

وصل الملياردير بيترو بوروشينكو، الذي كان في الأصل صاحب مصنع شوكولاتة، إلى الحكم منذ سنة تحديداً. فهو فاز في الانتخابات الرئاسية في مايو 2014 بفارق واسع ومفاجئ. ثم حاول بوروشينكو وضع حدّ للنظام القديم، وهو نظام على درجة عالية من الفساد وقلة الفاعلية لأنه يشتق من الحكم السوفياتي البيروقراطي.

اليوم، لا يزال النظام الأوكراني القديم يحظى بتأييد الأشخاص الذين يستفيدون منه في مختلف الوكالات والإدارات، فضلاً عن رجال الأعمال النافذين محلياً. نجح هؤلاء الرجال في الاستفادة القصوى من الإفلاس العقاري الشيوعي خلال التسعينيات ثم استغلوا الوضع كي يصبحوا أثرياء واشتروا بأموالهم عدداً من السياسيين والقضاة.

كان سلف بوروشينكو، فيكتور يانوكوفيتش، أشهر مناصر لهؤلاء الأثرياء، فهو استعمل أوكرانيا كمتجر لخدماته الخاصة كي يتمكَّن من فعل كل ما يريده. في 21 فبراير 2014، هرب من الحشود الغاضبة إلى روسيا لكن بقي عدد كبير من أتباعه وعملائه في أوكرانيا، ولا يزال كثيرون مقتنعين بإمكان التأثير على السياسة والسياسيين لأن هذا القطاع ليس مستقلاً.

اليوم، يحارب بوروشينكو الماضي أيضاً ولا يزال الطريق طويلاً أمامه: يجب أن يعمل على فصل السلطات، أي فصل السلطة القضائية عن سلطة الدولة والإدارة الحكومية، ويجب أن يحفز الاقتصاد. يريد البلد أن يصبح مرشحاً رسمياً لدخول الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2020، وهو هدف طموح طبعاً. في غضون ذلك، تستمر الحرب المحتدمة في الجزء الشرقي من البلد ضد الانفصاليين الموالين لروسيا.

أصبحت أوكرانيا ساحة معركة لصراع جديد بين الشرق والغرب. يطرح البلد على نفسه الآن أسئلة جوهرية: هل لا يزال ينتمي إلى أوروبا؟ هل تُعتبر الدولة فيه دستورية وديمقراطية وليبرالية أم أنها أصبحت دولة فاسدة وغير شفافة بعد الحقبة السوفياتية وتشوبها عناصر استبدادية كما هو الوضع في روسيا خلال عهد فلاديمير بوتين؟ 

مثل الجمهوريات السوفياتية الأخرى، أصبح البلد مستقلاً في عام 1991. لكن اتجهت دول البلطيق نحو الغرب بينما بقيت أوكرانيا وحدها طوال 20 سنة.

فشلت أول انتفاضة شعبية في عام 2004 قبل أن تؤدي الاحتجاجات في ميدان الاستقلال أخيراً إلى وصول إصلاحيين من أمثال بوروشينكو ورئيس الوزراء أرسيني ياتسينيوك إلى السلطة بعد عشر سنوات. نشأت حكومة ياتسينيوك منذ شهر ديسمبر وهي تملك أغلبية الثلثين في البرلمان، وقد تعهّد القائدان الجديدان بتوجيه بلدهما نحو الغرب.

الطريق لا يزال طويلاً

سبق وحقق بوروشينكو وياتسينيوك أول نجاح لهما: فقد بدآ يفصلان بين نظامَي الطاقة والبنوك اللذين يواجهان عجزاً مالياً، كذلك أسّسا مكتباً لمكافحة الفساد. يتابعان أيضاً ملفات الخصخصة وإصلاح نظام الرعاية الصحية. لكن هل هذه الخطوات كافية؟ لم تتحوَّل أوكرانيا بعد إلى دولة دستورية: النظام البيروقراطي فيها متضخم والسلك القضائي منحاز، والأهم من ذلك أنّ رجال الأعمال النافذين تجرّدوا من جزء بسيط من سلطتهم.

انتقد بوروشينكو نفسه في الذكرى السنوية لحوادث إطلاق النار القاتلة في ميدان الاستقلال في شهر فبراير قائلاً: {نحن مجبرون على فرض الإصلاحات بيد واحدة فقط، لأننا مضطرون إلى استعمال اليد الأخرى لإبعاد الجيران العدائيين. هل أشعر شخصياً بالرضى على سرعة الإصلاحات؟ طبعاً لا!}.

ربما يملك بوروشينكو وياتسينيوك الأغلبية في البرلمان، لكن لم يتضح بعد إلى أي درجة يمكن أن يتّكلا عليها. يدعي الخبراء أن 25% من المشرّعين في البرلمان الأوكراني يحصلون سراً على رواتب من رجال الأعمال النافذين.

وفق استطلاعات الرأي، يريد معظم الأوكرانيين أن يتخلصوا من النظام القديم مع أنهم بدأوا يفقدون صبرهم ويشعرون بالاستياء. في هذه السنة وحدها، قد يتراجع الإنتاج الاقتصادي الأوكراني بنسبة تصل إلى 12%.

هذا ما أدى إلى اندلاع التظاهرات في جادة خريشاتك الكبرى في كييف. يشمل المحتجّون المستاؤون أحياناً محاربين قدامى في الجيش أو عاملين في المناجم أو مواطنين ما عادوا يستطيعون سداد قروضهم بالعملة الأجنبية. تشهد شعبية رئيس الوزراء تراجعاً هائلاً: في الوقت الراهن، يمكن أن يحصد حزب {الجبهة الشعبية} الذي ينتمي إليه ياتسينيوك 3.9% من الأصوات فقط.

{مسألة شرف}

 

يتعلَّق أهم جزء من الرصيد السياسي الذي يتكل عليه الإصلاحيون بالشباب الذي يحلم بنشوء أوكرانيا مختلفة. فلاديسلاف راشكوفان هو واحد منهم. كان يمكن أن يبني هذا المصرفي السابق مسيرة مهنية مختلفة في بنك دولي خاص، لكنه لم يشأ فعل ذلك وفضّل إطلاق حقبة جديدة في بلده. اليوم، يعمل هذا الرجل الذي يبلغ 37 عاماً على إصلاح البنك الوطني الأوكراني. يقول راشكوفان: {بالنسبة إلي، الواجب ناداني. يمر بلدنا اليوم بمرحلة مفصلية}.

كل من يدخل إلى ردهة البنك المركزي يسمع من موظف الاستقبال عن ابتكار جديد: المصاعد لم تعد تصل مباشرةً إلى القسم التنفيذي في الطابق الثالث، كما كانت تفعل سابقاً، بل إنها تتوقف الآن في الطابق الثاني أيضاً، ما يعني أن الموظفين الدائمين ما عادوا يحتاجون إلى استعمال السلالم.

وُلد راشكوفان، الذي تولى حديثاً منصب نائب رئيس البنك، في أوديسا ودرس في إيطاليا والنمسا. حين بدأت الاحتجاجات في ميدان الاستقلال، كان يقود شؤون أوكرانيا في البنك الإيطالي الكبير «يونيكريديت» من كييف. كانت نوافذ مكتبه في الطابق الثاني من البنك تطلّ على شارع إنستيتوتسكيا حيث أطلقت القوات الحكومية النار على المتظاهرين خلال الاحتجاجات في ميدان الاستقلال. قُتل حينها عشرات الأشخاص.

كان يمكن أن يكون راشكوفان واحداً منهم. بعد انتهاء دوام العمل خلال تلك الأيام من شتاء عام 2014، كان يدعّم بذلته بدرع من ابتكاره: بطانة للركبتين، سترة واقية منزلية الصنع، خوذة للرأس. وحين يصبح محصّناً بهذا الشكل، كان ينزل إلى ميدان الاستقلال ويستعمل سيارة الشركة لنقل الجرحى إلى مكان آمن. حين يصف المصرفي تلك المرحلة، تغرورق عيناه بالدموع. في تلك الفترة، نشر رسالة على فيسبوك وتوجه فيها للمواطنين في بلدته الأم أوديسا ودعاهم بكل حماسة إلى دعم حركة ميدان الاستقلال ضد «الحكّام المجرمين».

وضع راشكوفان الخطة اللازمة لإعادة تنظيم البنك الوطني من خلال كتابة بضعة سطور على ورقة: تقضي الخطة بتقليص حجم طاقم العمل الذي يشمل 10 آلاف موظف. يريد التخلص من البنى المتداخلة والمحسوبيات. لذا عمد إلى تبسيط مسار صناعة القرار في البنك: في السابق، كان الفارق بين الموظفيين الدائمين ورئيس البنك يصل إلى 16 مرتبة. اليوم، يقتصر العدد على خمس مراتب. في المرحلة المقبلة، يريد راشكوفان أن ينتزع السلطة من 25 فرعاً محلياً تابعاً للبنك: {تلك الفروع تتصرف على هواها وكأنها ممالك صغيرة}. 

في البداية، رفض جهاز الموظفين تلك القرارات. في الأيام الأولى، ما كان يمكن إيجاد غرفة عمل لراشكوفان، لذا عمل في كافتيريا البنك طوال شهرين. أخبره رئيس قسم الموظفين بأنه {شاهد عدداً من الإصلاحيين الذين يأتون ويرحلون من دون تحقيق شيء}. أُقيل ذلك الرجل من عمله الآن.

يقول راشكوفان إن عدد الإصلاحيين الذين يعملون في الوكالات الأوكرانية لا يزال ضئيلاً: {نحتاج إلى ألف إصلاحي على الأقل، وإلا سنضحي بنفسنا على مذبح الثورة من دون تحقيق شيء}. يحب التحدث عن وجود {ملائكة} و«شياطين}. بالنسبة إليه، يشير {الملائكة} إلى الأشخاص الذين يحلمون بنشوء أوكرانيا التي تحمل طابعاً أوروبياً معاصراً، بينما يمثّل {الشياطين} القوى التي تدعم النظام القديم وتخرّب جميع الإصلاحات.

يبحث راهناً عن عدد إضافي من {الملائكة} في البنك الذي يعمل فيه. وقد وظّف خبيراً بشؤون الموظفين وكلّفه بإيجاد موظفين شباب وموثوقين. يحمل راشكوفان في جيب سرواله ورقة عليها أسماء مرشحين واعدين.

التعامل مع رجال الأعمال النافذين

 

يجب أن يخوض الرئيس بوروشينكو ورئيس الوزراء ياتسينيوك معارك متشابهة: يسيطر نحو 20 رجل أعمال على الاقتصاد حتى الآن. يشملون إيهور كولومويسكي الذي تُقدَّر ثروته بـ1.3 مليار دولار (1.2 مليار يورو)، ورينات أحمدوف، صاحب مصنع للفولاذ يملك ثروة بقيمة 6.7 مليارات دولار. كذلك، فُرضت سابقاً ضرائب وصلت قيمتها إلى 10 مليارات دولار على دميترو فيرتاش الذي هرب إلى النمسا.

بنوا جميعاً إمبراطوريات خلال السنوات الجامحة التي تلت انهيار الاتحاد السوفياتي. فاستحوذوا على أجزاء من الشركات الحكومية المهمة استراتيجياً وحصدوا أرباحاً طائلة في قطاع الطاقة والسلع الأساسية، وهم يملكون شركات إعلام واتصالات خاصة بهم. في عهد يانوكوفيتش، كانوا الحكّام الفعليين لأوكرانيا.

في مرحلة معينة، كان رينات أحمدوف وما يملكه من مصانع يحكم دونباس. دعم الانفصاليين هناك في البداية لكنه عاد وغيّر ولاءه وراح يدعم الجانب الأوكراني. لكن بدأ نفوذه يضعف لأن عدداً كبيراً من مصانع الفولاذ التي يملكها يقع اليوم في مناطق محاصرة وضمن نطاق نفوذ الانفصاليين.

على صعيد آخر، وُجّهت تهم ضد فيرتاش الذي يعيش الآن في فيينا ويحارب لمنع تسليمه إلى الولايات المتحدة. في كييف، صادرت الحكومة 500 مليون متر مكعب من الغاز لأن فيرتاش متّهم باختلاس أموال الدولة.

تثبت قصة كولومويسكي الصعوبة التي تواجهها الحكومة الجديدة لإبقاء رجال الأعمال النافذين خارج معترك السياسة. حين بدأ القتال في أوكرانيا الشرقية، دفع كولومويسكي المال لتسليح الرجال من جيبه الخاص. هكذا ضمنت ميليشياته أمن منطقة دنيبروبتروفسك نيابةً عن الحكومة في كييف وقد أعلن رجل الأعمال عن تقديم هبة بقيمة 10 آلاف دولار مقابل القبض على كل انفصالي. منذ سنة، كافأه بوروشينكو بمنصب محافظ المنطقة.

ثم في شهر مارس، سنّ الإصلاحيون في البرلمان قانوناً يحدّ من نفوذ كولومويسكي في شركة {أوكرنافتا} شبه الحكومية للنفط والغاز. ردّ رجل الأعمال بشكل حاسم، كما فعل خلال الصراع مع الانفصاليين، وطلب من رجاله أن يحاصروا مقر شركته في كييف. تم تجنب تبادل إطلاق النار في اللحظة الأخيرة. ثم اضطر للتخلي عن منصبه كحاكم لكن استبدله بوروشينكو بشخص مقرّب من رجل أعمال نافذ.

وفق فويتشخ كونونجوك، خبير أوكراني في مركز وارسو للدراسات الشرقية، لا يبدو الحكام الجدد أقوياء بما يكفي للتعامل مع رجال الأعمال النافذين: {تحاول كييف تأديبهم بكل بساطة. يُفترَض أن يبقوا خارج المراتب العليا من عالم السياسة}. لكن لا أحد يحاول المسّ بنفوذهم الاقتصادي.

لا تريد الحكومة أن تجازف بنشوب الخلافات. لا يزال نفوذ رجال الأعمال في البرلمان قوياً جداً، ما يمنعها من فعل ذلك. ويمكن أن تؤدي الانتخابات الجديدة في ظل اندلاع الحرب واستمرار الأزمة الاقتصادية إلى تقوية اليمينيين، أو حتى أعضاء الحزب الشيوعي القدامى.

جيل جديد

 

بما أن ياتسينيوك وبوروشنكو يخشيان القوى الخامدة الموالية للنظام القديم، استدعيا جيشاً من المستشارين من خارج البلد. اليوم يتجول عدد من أبطال الحقبة التي تلت سقوط جدار برلين في أنحاء كييف.

يقود رجل ليتواني الآن وزارة التنمية الاقتصادية والتجارة. ويطرح رئيس جورجيا السابق ميخائيل ساكاشفيلي اقتراحات حول المعركة ضد الفساد. ويُعتبر وزير المالية السلوفاكي السابق جزءاً من فريق المستشارين أيضاً. استبدل الأخير في عهده بالتشريعات الضريبية المعقدة في بلده ضريبة ثابتة تناسب المستثمرين بلغت نسبتها 19%.

بعد سنة على وصول أشخاص شاركوا في حركة ميدان الاستقلال إلى السلطة، فُرض بعض الإصلاحات المهمّة. لكن لا يزال الفوز بالمعركة ضد القوى الخامدة التي تؤيد نظام ما بعد الحقبة السوفياتية بعيد المنال. مع ذلك، لا يريد الناس أن يتجدد الوضع السابق. لن يسمح الإصلاحيون الشباب الذين ينتمون إلى جيل راشكوفان لرجال الأعمال النافذين وأعضاء الحزب الشيوعي القدامى ببلوغ السلطة مجدداً، كما فعلوا منذ عشر سنوات بعد الثورة البرتقالية.

وفق نائب رئيس البنك الوطني، بعض القوانين لا تستحق إعادة صياغتها: {نحتاج بكل بساطة إلى قوانين جديدة. لو كان بلدنا إنساناً، كان ليحتاج إلى هيكل عظمي جديد بالكامل}.

دعا راشكوفان موظفيه حديثاً للمشاركة في تجربة تفاعلية جماعية، وقد بدت للوهلة الأولى سخيفة بعض الشيء. طُلب من 60 موظفاً رائداً في مجاله بناء نموذج جديد للبنك الوطني عبر استعمال قطع الليغو.

بنى الموظفون الأكبر سناً برجاً طويلاً. يقول راشكوفان: {كان ذلك البرج غير مستقر بأي شكل لكن على رأسه ملك}. أما الأشخاص الأصغر سناً، فقد شيّدوا مبنىً مسطحاً له نوافذ متعددة. أحبّ راشكوفان هذا النموذج تحديداً.

بنجامان بيدر و جان بول

back to top