Inside Out يقلب كُلّ التوقعات

نشر في 07-06-2015 | 00:02
آخر تحديث 07-06-2015 | 00:02
لم تكن التفاعلات داخل عقل بيت دوكتر إيجابية. فقبل عرض أولي مهم، كان عليه تقديمه لرؤسائه في شركة Pixar Animation منذ نحو سنتين تقريباً، كان هذا المخرج يتخبط في مشكلة شائكة بشأن قصة فيلمه التالي.
{هذا الفيلم مضحك، إلا أنني لا أعلم ما الرسالة التي يود الفيلم نقلها}. يتذكر دوكتر أن هذه كانت أفكاره في حين كان يجوب التلال قرب منزله في بيدمونت بكاليفورنيا. فقد تساءل: {كيف تطور العمل وبلغ هذا الحد، مع أننا لم نتوصل بعد إلى أي فكرة محددة؟ ربما علي أن أستقيل. فسأُطرد في شتى الأحوال}.
ولكن من المحتمل أن تطرد Pixar لوكسو جونيور، المصباح الذي تتخذ منه رمزاً لها، ولا تتخلى عن دوكتر، شخصية محبوبة في الاستوديو يشتهر بمنحه أفلامه عمقاً عاطفياً وإثارة طفولية. فقد تضمن فيلم دوكتر الأخير Up، قصة مغامرة حازت جائزة أوسكار عام 2009، لوحات صامتة مؤثرة جداً عن العقم والموت، فضلاً عن داغ، كلب ناطق من نوع غولدن ريتريفر مهووس بالسناجب.
التفاصيل عرضتها ريبيكا كيغان في {لوس أنجلس تايمز}.
على غرار Up، يُعتبر Inside Out، الذي عُرض للمرة الأولى في {مهرجان كان السينمائي} قبل نزوله إلى دور العرض وفاز بمراجعات مذهلة، فريداً على نحو جريء بكبريائه. ففي هذا الفيلم، تتحول العواطف إلى شخصيات ورأس فتاة صغيرة إلى إطار عام للقصة. تطلب تنفيذ هذا الفيلم المجرد من دوكتر رحلة عاطفية خاصة به، عبر لحظات من التشكيك بالذات والجمود الإبداعي.

تدعو حبكة الفيلم المشاهد إلى القيام بمهمة معقدة نفسياً: مراقبة عقولنا. نتيجة لذلك، وصف أحد النقاد في كان Inside Out بأنه {أحد أكثر الأفلام الممتعة والمليئة بالمفاهيم التي قُدمت كفيلم لتسلية الأولاد وإمتاعهم}. وإن ظن النقاد أن Pixar كانت تحاول تفادي المخاطرة بإعدادها أجزاء إضافية من أفلام ناجحة سابقة مخصصة للأولاد، فلا شك في أنهم سيبدلون رأيهم مع Inside Out.

في مقابلة الشهر الماضي في Pixar، في غرفة تضم صورة كرتونية لوالت ديزني في إحدى الزوايا وألواحاً بيضاء مليئة بلوائح طويلة من الأهداف الإنتاجية حول طاولة الاجتماعات، راح دوكتر ومنتجه الذي يدعمه منذ زمن، جوناس ريفيرا، يخبران كيف بدأ Inside Out يتكوّن.

يتصرف دوكتر (46 سنة) بأطرافه الطويلة وعينيه الواسعتين الصادقتين كما لو أنه صبي حسن السلوك لا رجلاً بالغاً. ولا شك في أن هذا الطبع يلائم Pixar، شركة تحافظ على روحها الشبابية وتحتفل بيوم ارتداء ملابس النوم في العمل وتنظم مهرجان الشوكولا.

 

عالم افتراضي

 

خطرت فكرة Inside Out لدوكتر عام 2009، عندما بدات ابنته إيلي (16 سنة اليوم) تخلف وراءها أفراح الطفولة البسيطة.

يخبر دوكتر: {كانت تملأ المنزل ضجيجاً برقص النقر والقيام بكل تلك التصرفات الحمقاء. لكننا لاحظنا بداية تبدلها من خلال مدرستها التي قالت لنا: ‘إيلي فتاة هادئة’. كان هذا يفاجئنا. فقد بدأت فجأة تفهم معنا حكم الآخرين وتبحث عن موقعها في المجتمع وعن محيطها الاجتماعي. كانت تلك مرحلة صعبة}.

لم يستطع دوكتر إلا أن يتساءل عما يدور في عقل ابنته. وهكذا أعد فيلماً يساعده على معرفة الجواب.

تدور أحداث Inside Out داخل رأس فتاة مرحة، تصرفاتها صبيانية في الحادية عشرة من عمرها من مينيسوتا اسمها رايلي. تعيش عواطفها التي تقودها جوي، ساحرة صفراء تؤدي صوتها آيمي بولر، الحماسية والمجنونة أحياناً، في تناغم نسبي. فتعمل وجوي لتخطي تقلبات الطفولة، كما لو أنهما فريق سفينة Starship Enterprise. لكن العائلة تنتقل للعيش في مدينة سان فرانسيسكو الغريبة، ما يدفع بجوي إلى التخلي عن دورها كقائد لدماغها، فيما يسيطر الحزن (فيليس سميث) على  معظم أفكارها. كذلك تنشب خلافات بين Fear (بيل هادر)، Anger (لويس بلاك)، وDisgust (ميندي كالينغ)، الذين يسعون للسيطرة على {المقر الرئيس}.

أحببنا فكرة قول ريفيرا: إذا حوّلنا العواطف إلى شخصيات، فما قد يحدث؟ تقصد رايلي المدرسة ويتحول قرار ما إذا كانت صديقتها العزيزة ستجلس قربها إلى ما يشبه فيلم Saving Private Ryan}.

وفي حقبة صارت فيها أعمال المحاكاة على الكمبيوتر أقرب إلى الصور الواقعية، مكنت فكرة دوكتر فريق عمله من العودة إلى الأسلوب الكاريكاتوري للمحاكاة التقليدية التي عشقوها عندما كانوا صغاراً في أفلام ديزني مثل Dumbo وPinocchio. إلا أن هذه الفكرة دفعت فريقه، أيضاً، بمن فيهم المخرج المساعد روني ديل كارمن وزميلاه الكاتبان ميغ لوفوف وجوش كولاي، إلى بناء عالم افتراضي من الصفر.

يقول دوكتر: {تحدثنا إلى أطباء أعصاب وسألناهم: ما هو شكل الذاكرة؟ فأجابوا أنهم لا يعلمون حقاً}.

ولكن في هذا الفيلم، تبدو {الفكرة المجردة} أشبه بلوحة لبيكاسو و}عالم الخيال} مثل منتزه لديزني. أما {حبل الأفكار} فهو أقرب إلى قطار فعلي لا يتوقف إلى أن تنام رايلي، حين يبدأ استوديو {إنتاج الأحلام} السينمائي بالعمل.

يخبر ريفيرا: {شعرنا بالقلق في البداية بسبب قواعد وعمليات إنتاج الأفلام. فهل هذه الأفكار مفهومة؟ وهل ينجح الأولاد في استيعابها؟}.

يدرك مدراء Pixar أيضاً أن على هذا الاستوديو والشركة الأم ديزني العمل بدأب للترويج لهذا المفهوم.

يعلن مدير Pixar جيم موريس: {اعتبرنا في البداية أن هذه فكرة ممتازة. ولكن من الصعب تنفيذها. فلا تشكل هذه فكرة بسيطة يسهل استيعابها، بل يدور هذا الفيلم في المقام الأول حول أهمية الحزن}.

 

فكرة مثيرة للجدل

 

عندما قرر دوكتر إعداد هذا الفيلم، كان قد اكتسب الحق في اختبار فكرة مثيرة للجدل. انضم دوكتر، الذي ولد في بلومينغتون بمينيسوتا، إلى Pixar ليكون ثالث معدي أفلام الأنيماشن فيها بعد يوم واحد من تخرجه في كلية Cal Arts عام 1990. ساهم هذا المخرج في تطوير قصة وشخصيات أول أفلام هذا الاستوديو Toy Story، قبل أن يخرج فيلمه الخاص الأول MonstersInc  الحائز جائزة أوسكار عام 2001. كذلك ساهم في كتابة WALL-E الذي ترشح لجائزة أوسكار عام 2008.

 

 • يوضح دوكتر: «لم أهوَ الإخراج بطبيعتي. وإذا عدت اليوم بالذاكرة إلى Monsters، لا أعرف فكرة مَن كانت أن أتولى أنا إخراجه. بدا ذلك غريباً لأنني لا أعتبر نفسي شخصية ذكورية قيادية مسيطرة}.

لكن ريفيرا يعتقد أن دوكتر يحفز فريق عمله بطريقة ناعمة من خلال قوة أفكاره.

 

• يوضح ريفيرا: {لا يضرب بيت بيده على الطاولة. يسعى الناس وراء الحقيقة وما يصدقه العقل في مجال العمل هذا، حتى عندما تبتكر قصصاً مختلقة. كل ما يريد الناس معرفته هو: هل ما أقوم به مهم؟ تدرك فرق العمل هنا ما يجب فعله والطريقة الصحيحة لتنفيذه. أما بيت، فيقدم لهم السبب الذي يدفعهم إلى عمل مماثل}.

ولكن خلال العمل على Inside Out، لم يتوصل دوكتر إلى {السبب} إلا في مرحلة متقدمة من هذا الإنتاج، أو بكلمات أدق، في اليوم الذي ظن فيه أنه سيُطرد. في تلك اللحظة، أدرك هذا المخرج في لحظة إبداعية أن الحزن، شخصية قلل من أهميتها، يشكل مفتاح القصة.

 

• يقول دوكتر: {في الولايات المتحدة اليوم، نربط الحزن بالسلبية. نحاول أن نتفاداها، حتى إننا نداوي أنفسنا في محاولة لتجنبها. لكن الحزن يشكل في الواقع ردة فعل تجاه الخسارة. فهو يرغمك على الإبطاء والانطلاق من جديد. فعندما ترى شخصاً يبكي، يشكل هذا إشارة إلى الآخرين. وهكذا أدركت أن على Joy (الفرح) أن تدع شخصية الحزن تبرز}.

لكن هذه الفكرة المبتكرة عنت أن على فريق العمل هدم الجزء الأكبر مما خطط لتقديمه لمدراء Pixar، بمن فيهم رئيس مكتب الابتكار جون لاستر.

 

• يخبر دوكتر: {اضطررنا أن نتوجه إلى جون ونقول له، مع أن هذا أمر مرفوض عادةً، لن نقدم لهم عرضاً أولياً، بل سنعرض أمامهم ملخصاً عما سنفعله. ولا شك في أن هذا مخيف. فقد وقفت أمامهم ورحت ألوح بيدي بدل أن أعرض عليهم كل ما أنجزناه على أمل أن يفهموا لمَ نقوم بذلك}.

كانت العقبة التالية تقديم عرض أولي للأولاد. لكن دوكتر، وهو أيضاً أب لشاب في الثامنة عشرة من عمره، يقول إنه تخلى عن خوفه الأولي من ألا يفهم الأولاد الفيلم، حين لاحظ أن الأولاد خلال العروض الأولية يوضحون أطر القصص العامة لأهلهم.

• يوضح: «يفهم الأولاد الفكرة أسرع من البالغين. فهذه اللغة الأولى التي يتعلمها الأولاد حقاً. تشمل عملية النمو والنضج تعلم احتواء هذه المشاعر والتحكم فيها. أما البالغون، فعليهم القيام بالعكس. نُضطر إلى زيارة الطبيب النفسي كي ننجح في التواصل مع مشاعرنا».

بدا أن النقاد البالغين في كان عشقوا هذا الفيلم، مع اعتبار مجلة Variety فيلم Inside Out {أعظم فكرة كرتونية أعدها هذا الاستوديو}.

لكن دوكتر لا يعتبر نجاحه هذا أمراً مسلماً به.

 

• يختم قائلاً: {نحن بشر نشعر بعدم الأمان. قد تملأ مكتبنا جوائز الأوسكار. إلا أننا نشعر، رغم ذلك، أن هذا ربما كان ضربة حظ. ربما حققنا هذا النجاح بتوصلنا صدفة إلى تركيبة صحيحة. فهل يمكنني تكرار هذا النجاح؟ لا أملك أدنى فكرة}.

back to top