حين تتخطّى اللهجات حدود الوطن

نشر في 30-05-2015 | 00:01
آخر تحديث 30-05-2015 | 00:01
مع انتشار الفضائيات وانفتاح العالم من أقصاه إلى أقصاه بعضه على بعض وانتفاء الحدود، الثقافية والاجتماعية والحضارية، بات من الملح ألا يكتفي الفنان بإتقان لهجته الأم فحسب، بل عليه إجادة لهجات أخرى، وخصوصاً التي تتعلق بالبلدان المحيطة به، استعداداً لأي دور قد يعرض عليه مستقبلا بعد انتشار ظاهرة الإنتاج الدرامي المشترك.

وإذا كان ثمة فنانون يتحفظون عن أداء أدوار بغير لهجتهم الأم معتبرين ذلك خروجاً على هويتهم وانتمائهم، فإن آخرين يتحمسون للخروج من عباءة المحلية والانتشار عربياً ومخاطبة المجتمعات التي يتوجهون إليها بلهجتها. في الأحوال كافة، يؤكد النجوم أن الجمهور هو صاحب الكلمة الفصل ووحده يحدد مدى نجاح تجربة الفنان وإمكانية تكرارها.

{الجريدة} استطلعت آراء النجوم حول التمثيل بلهجات مختلفة بعيداً عن لهجتهم الأم وماذا تضيف إليهم هذه الخطوة، وسجلت الانطباعات التالية.

إثراء التجربة الفنية

فادي عبدالله

عبدالعزيز الحداد

{يتوقف الأمر على حاجة النص، مثلت باللهجة المصرية عندما أديت دور شاعر الكرنك أحمد فتحي في مونودراما {قصة الأمس} لدى حديثه عن مأساته الشخصية}، يؤكد الفنان عبدالعزيز الحداد، موضحاً أنه إذا طُلب من الفنان أداء دور باللهجة العُمانية أو الإماراتية، يتم الحكم على مقدرته ليس في التمثيل فحسب، بل في إجادة اللهجة، وإذا لم يتمكن منها يكسر الإيقاع والتقبل والإقناع.

يضيف: {حوالى ستين بالمئة من الممثلات في الكويت لسن كويتيات لكنهن يتقن اللهجة، المهم أنهن أجدن التمثيل باللهجة المحلية}.

يتابع: {التمثيل بلغات مختلفة أسهل، على سبيل المثال أجيد  الإنكليزية بنفس مستوى العربية الفصحى، وأديت  أدواراً بالإنكليزية في مسرحيات ذات ممثل واحد (مونودراما) من بينها: {المناظرة بين الليل والنهار}، {قصة الأمس} و}مقهى الدراويش}،  فضلا عن  دوري في المسلسل الاجتماعي المحلي {وتستمر الأيام} الذي يتطلب أن أتحدث بالإنكليزية في فترة علاج الشخصية التي أجسدها بالخارج مع الطبيب والمرضى}.

لا يمانع  بأن يعرض الممثل عضلاته في هذا المضمار إن كان بارعاً في أداء لهجات عدة، مشيراً إلى أنه يجيد التحدث باللبنانية، ويبحث عن دور يؤديه بهذه اللهجة التي يستغرب أهلها براعته فيها، وهذا ما يجعله يستمتع أكثر.

جمال الردهان

{من الأمور الجميلة لدى الممثل قدرته على أداء أدوار بلهجات مختلفة، ويفترض أن يقدر عليها، لكن يتوقف ذلك على مدى تمكنه منها}، يوضح الفنان جمال الردهان، لافتاً إلى أنه،  في حال تمتع الفنان  بهذه الميزة والموهبة ولديه المقدرة، يعاب عليه عدم استخدامها، بل يجب أن يستغلها لأنها تعبر عن ذكائه ومقدرته.

 يضيف: {من المفضل أن يتحدث الممثل بلهجات مختلفة، ويشارك في أعمال مشتركة،

على سبيل المثال، النجم العالمي عمر الشريف أدى أدواراً  يعتز بها  باللغة الإنكليزية، من بينها: فيلما {لورانس العرب} (1962) أحد أفضل الأعمال السينمائية العالمية، {دكتور زيفاغو} (1965) ونال جوائز عالمية من بينها {جائزة غولدن غلوب} لأفضل ممثل مساعد وأفضل ممثل رئيسي، وهذا مدعاة للفخر لكل فنان عربي}.

يتابع أنه شارك قبل سنوات في المسلسل السعودي {بيت أبو العيس}، والمسلسل البحريني {ملاذ الطير} (2003)، وهو من تأليف عيسى الحمر، إخراج يوسف حمودة، إنتاج هيئة إذاعة وتلفزيون البحرين، المنتج المنفذ الفنانة البحرينية القديرة لطيفة المجرن، شارك فيه: سمير الناصر وعبدالمحسن النمر من السعودية، مريم زيمان وإبراهيم بحر وزينب العسكري وأميرة محمد وشيماء سبت وهيفاء حسين وعلي الغرير من البحرين، أحمد الصالح من الكويت وغيرهم، وكانت بطولته فيه مطلقة على مدى ثلاثين حلقة تلفزيونية. كذلك مثّل دوراً باللهجة المصرية في الإذاعة وعلى خشبة المسرح.

 يؤكد أن مشاركات الفنانين الخليجيين في أعمال مشتركة لا تحتم التحدث بلهجة واحدة إنما بلهجات الدول الخليجية، كونها مختلطة ومتداخلة في الواقع والحياة وبحكم القرابة أو علاقة النسب..

عصام الكاظمي

{مطلوب من الممثل، عموماً، أن يبدع ويبرع في وطنه ويتقن الأداء في لغته ولهجته المحلية} يوضح الفنان عصام الكاظمي، لافتاً إلى أن  هذا الأصل والأساس لا يمنع أن يؤدي الممثل فنه بلغات ولهجات أخرى، إن كانت تخدم العمل الفني الذي يشارك فيه، وكان قادرا على الأداء في تلك اللغة واللهجة، وسيكون سفيراً لوطنه لدى فناني العالم.

يضيف: {لدينا أمثلة كثيرة  على غرار عمر الشريف وغسان مسعود وعمرو واكد وخالد النبوي وغيرهم على مستوى السينما العالمية الذين برعوا من خلالها وكانوا خير سفراء للفنانين العرب عموماً ولدولهم خصوصاً. كذلك تجربة الفنان السوري جمال سليمان الذي برع في أداء اللهجة الصعيدية في أكثر من مسلسل، وترك بصمة في الدراما المصرية}.

يتابع: {على المستوى الشخصي لدي تجربة  مشابهة لهؤلاء النجوم في نهاية 2014، عندما شاركت في ورشة تمثيل في لندن، وكنت قرأت إعلاناً لفرقة مسرحية أجنبية بالكويت ترغب في استقبال ممثلين وممثلات لأداء مسرحية سندريلا للأطفال بالإنكليزية، وبعد تجربة الأداء  قُبلت ضمن طاقم الممثلين الذي ضم ممثلين من بريطانيا، أستراليا، كندا، جنوب أفريقيا والهند وغيرها، هذا التنوع أثرى تجربتنا الفنية جميعاً. لذا مشاركة الفنان بأعمال خارج وطنه وبغير لغته أمر رائع، يصقل موهبته وتجربته ويعطيها بعدا آخر أكثر إنسانية}.

عقدة أو لا عقدة؟

بيروت  -   ربيع عواد

يوسف الخال

{أحب المحافظة على لهجتي اللبنانية} يؤكد يوسف الخال الذي شارك في أكثر من عمل عربي مشترك إلا أنه حافظ على لهجته الأم، لحرصه على الإطلالة على الجمهور العربي باللهجة التي يتقنها، خصوصاً أن اللهجة اللبنانية في نظره باتت مفهومة  في الدول العربية.

 يضيف أن نجوماً عرباً شاركوا في أعمال بغير لهجاتهم الأصلية نجحوا وتميزوا واتقنوا دورهم.

كان الخال كشف، في إطلالة تلفزيونية له، أسباب رفضه المشاركة في الدارما المصرية، قائلاً: {أولاً، لأنني أريد المشاركة فيها بلهجتي، لكنهم يطلبون مني التحدث باللهجة المصرية، ثانياً، بسبب موقع الدور، وأنا أفضل أن أكون ملكاً في مكاني، على أن أكون أميراً في مكان آخر}.

تابع: {لا أريد أن يفسر كلامي بشكل خاطئ، لكنني أحقق نفسي في التركيبة العربية، وإذا توافرت فرصة مهمّة في مصر فلن أرفضها}.

أبدى الخال عدم رضاه عن الدراما اللبنانية، مؤكداً أنها فقيرة على مستوى الإنتاج، وينقصها إرضاء المجتمعات العربية، ليتم تسويقها جيداً.

ورد الخال

«الموضوع ليس عقدة بالنسبة إليّ» تؤكد ورد الخال التي شاركت في المسلسل المصري «نكدب لو قلنا ما بنحبش» مع يسرا، وجسدت شخصية امرأة لبنانية تتحدث بلهجتها الأم.

تضيف أن أي ممثلة مصرية ترفض أداء دور باللهجة اللبنانية، وأنها أفرحت الجمهور في دخولها بهذه الطريقة إلى مصر أيّ باللهجة اللبنانية.

في هذا السياق، أشارت في حديث لها، إلى أن دورها كان مكتوباً لسيدة مصرية لكنها تسافر إلى لبنان ضمن أحداث المسلسل وتتحدث بلهجتها القاهرية، وتابعت: {رأيت أنه من الأفضل ترشيح ممثلة مصرية لأنها ستكون أنسب للدور بدلاً مني، فقرر السينارست تامر حبيب تعديل الدور وكتب الشخصية باللهجة اللبنانية لذا وافقت على الدور}.

نادين الراسي

{مشكلة اللهجات ولت والإنتاجات الضخمة للدراما العربية قضت عليها. لكن الأهم الحفاظ على الهوية} تؤكد نادين الراسي لافتة، في حديث لها، إلى استعدادها لتقديم أعمال بلهجات مختلفة  بعدما عرفها الجمهور العربي كممثلة لبنانية.

تضيف: {لدي استعداد للتمثيل بأي لهجة عربية مطلوبة مني ضمن دوري. انتقدني البعض لأنني تكلمت السورية في مسلسلين بعدما كنت أردد أنني لن أشارك بأي عمل درامي عربي إلا بلهجتي اللبنانية، ولكن بعدما حققت انتشارا عربياً وصرت معروفة بالممثلة اللبنانية نادين الراسي قررت  الإقدام هذه الخطوة لأنها جاءت في الوقت المناسب}.

تتابع: {فرضت علي بعض أدواري السابقة التكلم بالروسية والإسبانية، فضلا عن إجادتي الأردنية والمصرية وربما التونسية إلى جانب السورية. الأهم بالنسبة إلي أن يعرفني المشاهد بالممثلة اللبنانية، فأنا ضد أن أبيع هويتي من أجل نجاحاتي}.

كارمن لبس

{لا فرق بين الممثل والمغني في إطار اللهجات، لأن اللهجة مبتكرة لنفهم على بعضنا البعض لا أن تحدّنا أو نقف عندها في مسيرتنا}، تقول كارمن لبس التي تحدثت باللهجة المصرية في مسلسل {سرايا عابدين}، معتبرة أن التنويع باللهجات يجب ألا يكون جاجزاً أمام الممثلين.

 تضيف: {التحدث باللهجة الأم واجب وضروري، لكن التنويع أحياناً وفي تجارب جديدة ليس بخطأ}.

كانت لبّس أشارت في حديث لها إلى أنها تجد اللهجة المصرية بسيطة وسهلة ولها رنة موسيقية، مستنكرة مهاجمة الفنانين العرب الذين يتحدثون باللهجة المصرية أو السورية ضمن أعمالهم الفنية، وعدم انتقادهم لدى مشاركتهم في عمل فرنسي أو عالمي والتحدث باللهجة الفرنسية أو الإنكليزية.

وعما إذا أصبحت متمكنة أكثر من اللهجة المصرية  أشارت إلى أنها لا تستطيع تحديد نسبة نجاحها مصرياً، لأنها لم تقم بتجربة حقيقية من خلال دور يحدد ذلك، وقالت: {ربما أستطيع التقييم أكثر في تجسيدي أدواراً مصرية إضافية في المستقبل}.

إبداع بأي لهجة

القاهرة –  بهاء عمر

يشير محمود الجندي إلى أن  الفن لا يعرف جنسية أو لهجة، وطالما أن  لدى الممثل قدرة على أداء  دور ما بلهجة أخرى، فيجب أن يشارك في أعمال متعددة اللهجات، موضحاً أنه لم يغيّر لهجته لدى  مشاركته في مسلسل «آخر أيام الحب» مع سولاف فواخرجي وياسر جلال، لأن الأحداث تدور بين مصر وسورية، ولم يجد مشكلة في المشاركة بعمل تتعدد فيه اللهجات.

يضيف: «من الناحية الواقعية، من الممكن للفنان المصري المشاركة في التمثيل في أعمال عالمية، لكن التمثيل بلهجة مغايرة لا يحمس الجمهور الذي اعتاد طريقة كلام معينة من المصريين المميزين بلهجتهم»، لافتاً إلى أن الأمر يرجع إلى أن اللهجة المصرية في التمثيل كانت سفيراً لمصر في أرجاء الوطن العربي، وبات صعباً أن يغيّر المصري لهجته في التمثيل لكن ذلك ليس مستحيلاً».

شاركت نشوى مصطفى في أكثر من عمل خليجي، لكن باللهجة المصرية، موضحة أن قدرة الممثل الحقيقي تكمن في أداء عمله بأي لهجة طالما تطلّب الدور ذلك، ومن الضروري أن يمتلك القدرة على تعديل لهجته وتغييرها بسهولة، لأن الأدوار التي يمكن أن يشارك فيها مستقبلاً  قد تتطلب تغيير اللهجة.

تضيف: «من الممكن أن يؤدي الفنان دوراً في عمل ما بلهجة غير لهجته الأم،  لذا عليه أن يكون  جاهزاً حتى لو كان الأمر مؤقتاً ضمن مشاهد العمل».

معايير الإتقان

تضع حنان مطاوع  لنفسها، قبل غيرها، المعيار الذي تحدد من خلاله إمكانية تغيير لهجتها، وهو عدم تكرار الدور وتقديم جديد يضيف إلى رصيدها الفني، مؤكدة أنها لا تجد مشكلة في تغيير لهجتها، لكنها لا تعتبر ذلك هدفاً تسعى إليه، ولن تقدم على هذه الخطوة إذا لم يكن ثمة دافع قوي ومقتع. تضيف: «يشارك نجوم كثير من سورية ومنطقة الخليج في أعمال مصرية، سواء بلهجتهم الأم أو في اللهجة المصرية، وقد أجاد معظمهم»، مشيرة إلى  أن تغيير اللهجة لا يرتبط بالبلد، فحسب، في حالة مصر، ولكن بالمكان الذي تدور فيه الأحداث، فلهجة أهل القاهرة تختلف عن المقيمين في الصعيد، وبالتالي يؤدي الممثلون أدوارهم  باللهجة الصعيدية رغم أنهم ليسوا من أهله بعد تعديل لهجاتهم بإتقان».

يتذكر محمد رياض مشاركته في مسلسل «عمارة الأسرار» مع نجوم الدراما الخليجية، مؤكداً إلى أنه يعتز بلهجته المصرية، لكنه لا يجد مشكلة في أن يؤدي دوراً بلهجة أخرى طالما أن الحبكة الدرامية تتطلب ذلك.

يضيف: «حرص الفنان على أداء أدوار مختلفة يدفعه إلى تغيير لهجته ليصل إلى شرائح الجمهور المختلفة، ويتابع: «الفنان الحريص على ترك بصمة في الساحة الفنية يجب أن يتمرّد على أدواره القديمة ويفاجئ نفسه وجمهوره بما لديه من إمكانات واستفزازها بشكل دائم».

مفاجأة واعتزاز

 توضح داليا البحيري أنها تتقن لهجة أهل السودان، بسبب قضاء فترة من طفولتها تتخطى أربع سنوات هناك، وتتمنى أداء دور يمكنها من إخراج موهبتها باستخدام تلك اللهجة التي تعتز بها، مؤكدة أن كل عمل يقدمه الفنان ويفاجئ به جمهوره يعتبر إضافة وتأكيداً لحجمه وموهبته.

تضيف: {من الضروري أن يعدل الفنان بين اللهجات المختلفة، لإضفاء مصداقية على الدور، والفصل في الأمر هو مدى أهمية الدور في مسيرته الفنية}.

back to top