داء ثنائي القطب... تداعيات خطيرة

نشر في 29-05-2015 | 00:01
آخر تحديث 29-05-2015 | 00:01
No Image Caption
يذكرنا مصطلح «ثنائي القطب» بعالم الفيزياء لا علم النفس. لكن مرض ثنائي القطب يؤثر في مزاج المريض. فيمر بمراحل من الكآبة ومراحل من السعادة القصوى. وبينهما يكون السلوك طبيعياً. نتيجة لذلك يصعب تشخيص هذه الحالة بدقة. فيشيع اعتبار هذه التقلبات مجرد أزمات عابرة تعود إلى طبع حاد أو إلى بعض الصعاب المرحلية، وخصوصاً إذا كانت هذه التقلبات متباعدة.
تمتاز مرحلة السعادة في داء ثنائي القطب  بحالة من الحماسة المرضية. فيبدو المريض في سعادة قصوى، تكاد تبلغ حد النشوة. فنلاحظ أن المريض في حالة من فرط النشاط المطلق، عاملاً على عدد من المشاريع دفعة واحدة. ويتجلى ذلك من خلال محادثاته. فهو لا يكف عن الكلام. قد يبدو المريض في قمة سعادته، وفجأة يجهش بالبكاء. كذلك قد يكون أحياناً مثيراً للاستياء ويصعب تحمله.

قد يكون لهذا تأثير في السلوك العاطفي والاجتماعي مع فقدان كامل لأي رادع أو ضابط. يصبح المريض شجاعاً، يبحث عن الاحتكاك بالناس، يتبنى سلوكاً غير اعتيادي، يكون في حركة دائمة، ويرتدي ملابس مختلفة أو حتى فاضحة، حتى إن المريض قد ينطلق في نوبة شراء تهدد بتبديد كل موازنته.

يعاني المريض، في هذه المرحلة أيضاً، من جنون العظمة، معتقداً أنه يتمتع بقدرات خارقة. لكن هذا السلوك قد تكون له تداعيات خطيرة. وينطبق الأمر عينه على الحاجة إلى النوم. فتتراجع لدى المريض، حتى إنه يبدأ بخسارة الوزن، مع أنه يتناول الطعام كالمعتاد.

أما مرحلة الكآبة، فبخلاف المرحلة السابقة، يعاني المريض خلالها كآبة وحزناً عميقاً وتعباً. فيعمل ببطء شديد ولا يرغب في القيام بأي نشاط. وتصل هذه الحالة، أحياناً، إلى كآبة الشعراء الرومنسيين التي تعكس حالة من الحزن الحاد. يعرب بعض المرضى عن رغبة في الموت، ولا يمكن استبعاد خطر الانتحار لأن المريض يفقد كل اهتمام بالحياة، كما لو أنه خسر طاقته الحيوية. نتيجة لذلك، لا يستطيع الشخص متابعة  حياته اليومية إلا بعد بذل مجهود مضاعف يتحول، بمرور الوقت، إلى حالة مستحيلة لا يمكن تخطيها. تتجلى هذه الحالة من خلال لحظات من الانعزال، فيرفض المريض الخروج أو حتى القيام بمهامه المعتادة. وإذا كان المريض رياضياً، يتوقف عن هذا النشاط، الذي يحمل له عادةً المتعة. وينطبق الأمر عينه على المتع الثقافية، حتى إن الذاكرة تتأثر مؤقتاً.

من الخصال المميزة الأخرى صعوبة في النوم، فقدان الرغبة في إعداد الطعام أو تناوله، وتراجع كامل في الرغبة الجنسية. فضلاً عن ذلك، يصبح المريض حاد الطباع وصعب المراس، ويكثر من تناول الأدوية. يقدر علماء النفس أن هذه المرحلة تدوم عادةً نحو خمسة عشر يوماً، إلا أنها قد تصل إلى أشهر إن لم يخضع المريض لأي علاج.

علاجات فاعلة

ثمة أنواع عدة من العلاج:

الأدوية: تهدف هذه الأدوية إلى ضبط المزاج، تحسّن نوعية الحياة، فضلاً عن أنها تحد من وتيرة النوبات وحدتها. تُعتبر هذه علاجات طويلة الأمد، من الضروري تناولها مدة لا تقل عن بضعة أشهر أو حتى سنة. ويُضطر المريض في بعض الحالات إلى الاستمرار في العلاج مدى الحياة.

يبقى الليثيوم الجزيء الأكثر استخداماً، رغم بروز أدوية جديدة مضادة للذهان والصرع تؤثر إيجاباً في مرضى ثنائي القطب.

دخول المستشفى: يُعتبر دخول المستشفى ضرورياً في بعض الحالات الحادة، وعندما يبرز خطر الانتحار أو أي أنواع أخرى من السلوك الخطير. فيتلقى المرضى مهدئات في مرحلة السعادة المفرطة ووفرة من مضادات الكآبة في حالة الكآبة الحادة.

كذلك من الممكن أن يخضع المريض لعلاج بالكهرباء. لكن هذا العلاج بات اليوم مختلفاً تماماً عما كان معتمداً في السابق، ويسمح للمريض بالعودة إلى حالة يمكن تحملها. يُجرى هذا العلاج تحت التخدير العام وإشراف طبي دقيق، فضلاً عن أن تأثيراته الجانبية محدودة.

العلاج النفسي: يُعتبر هذا العلاج في معظم الحالات مكملاً للعلاج بالأدوية الذي يتبعه المرضى. وبما أن مرض ثنائي القطب يُعتبر عموماً مزمناً، تساعد العلاجات النفسية الطويلة الأمد في تسريع عمليه الشفاء، إلا أنه لا يحل مطلقاً محل العلاج بالأدوية.

تتوافر أنواع أخرى من العلاج التي قد تعود بالفائدة على المريض ومحيطه، منها العلاج العائلي الذي يسمح لشريك الحياة والأولاد بالمشاركة في العلاج، بما أن عائلة المريض تعاني بقدر المريض أحياناً.

back to top