مهرجان «كان»... غياب مستمر وحضور باهت للعرب

نشر في 29-05-2015 | 00:01
آخر تحديث 29-05-2015 | 00:01
No Image Caption
يعد مهرجان «كان» السينمائي الأفضل والأشهر وسط مهرجانات العالم، إلا أن السينما المصرية واصلت غيابها عنه عمداً أو سهواً، لا يمكن التكهن بدقة، فيما شهد المهرجان حضوراً عربياً باهتاً يتمثل في الفيلم الفلسطيني «ديغراديه»، والفيلم اللبناني القصير «موج 98» للمخرج إيلي داغر الذي فاز بالسعفة الذهبية.

قال الناقد السينمائي كمال رمزي إن الدول العربية تعمل جاهدة على تنشيط صناعة السينما في بلدانها، وإن الأمر لا يتعلق فقط بالقدرات المالية والسيولة المادية إنما بنوايا حقيقية للنهوض بالأمر ككل والتعامل معه كحالة إبداعية وعلاقة يجب احترامها بين المبدع والمتلقي، بالإضافة إلى تهيئة الطرفين وإعدادهما جيداً. هكذا يقوم الأول بمحاولة صنع الأفضل والثاني بالتجاوب مع ما يتم طرحه، وترعى الدولة هذه العلاقة وتعمل على تطويرها ومتابعتها بخطة تعود بالنفع على الجمهور والصانعين وتصل بالمنتج في النهاية إلى المحافل الدولية.

وأضاف أن النسخة الأخيرة من مهرجان «كان» كانت كاشفة إلى حد «مخزٍ» لما وصلت إليه هذه الصناعة في بلادنا، رغم وجود بلدان عربية رائدة بسجل مشرف في الفن السابع، ولكننا راهناً وصلنا إلى مستوى لم نجد فيه أفلاماً قادرة على المنافسة لأسباب عدة منها الإنتاجية والإخراجية، وأخرى متعلقة بغياب الرؤية أو عمق المعالجة، مع أننا نملك من الكفاءات ما يستطيع أن يغطي السلبيات في الجوانب السابقة.

واختتم رمزي بأنه في حال استمرت الأوضاع على ما هي عليه، وأسهمت البلدان العربية في تغييب تلك الفنون أو عدم المساعدة في خروجها إلى النور بالشكل اللائق، فسيفقدون أحد أهم أذرع الدولة على الإطلاق وهي «قوتها الناعمة»، وسفراءها المبدعين على منصات التتويج بالخارج. لا يدرك المسؤولون عن الأمر ما يتضمنه من جوانب حضارية تقدمها الرسالة السينمائية المستندة إلى تراث وسياق، ولكن لا بد من أن يلتفتوا على الأقل إلى غيابهم «المخزي» وسط بلدان ربما نتفوق عليها من حيث الإمكانات والتاريخ.

محاولات

ويرى طارق الشناوي أن الصورة ليست بهذا السوء، على حد تعبيره، وأنه رغم المحاولات التي تتوقف من العرب للتواجد والظهور في المهرجان العالمي، إلا أنه في كثير من الأحيان يصدهم ويرفضهم بلا إبداء أسباب واضحة. ولكن في النهاية للعرب سجل موغل في القدم مع مهرجان «كان» منذ أولى دوراته العام 1946، حيث شاركت مصر حينها بفيلم «دنيا» من إخراج محمد كريم، لتتواصل المشاركات العربية لدورات متتالية.

ويضيف الشناوي أن غياب العرب عن دورة «كان» لهذا العام يعود إلى أسباب لا يتحملونها في المجمل، فرغم غياب خطة واضحة للارتقاء بنوعية الأفلام فإن كثيراً مما نراه أخيراً يوصف بـ «الجيد جدا». ومع عدم انشغال العرب ككل بتجويد منتجاتهم الفنية، فإن مهرجان «كان» وإدارته يبالغان أحياناً في ما يضعانه من شروط لقبول كثير من الأفلام، وكان الأمر يصل إلى رفض كامل لعدد كبير من الأعمال العربية مرة واحدة من دون أن ينشغلوا حتى بإعلان الأسماء المرفوضة، وهو ما يخالف أحياناً بروتوكول المهرجان.

وتابع الشناوي أنه رغم اعترافنا بالتقصير الذاتي، لا نستطيع أن نقول بالغياب المطلق للعرب عن مهرجان بحجم «كان»، فالمشاركات والتواجد والظهور تأخذ أشكالاً عدة. إلى جانب منافسة أفلام عربية والتكريم ثمة تواجد عبر التحكيم والنقد وإبداء الآراء، والحضور الشخصي، وزيارة الوفود في أروقة المهرجان والتي تحرص على المتابعة والرصد والاستفادة والإشادة.

ويوضح المخرج محمد سامي أنه رغم التواجد العربي الملحوظ عبر المخرجة نادين لبكي في مسابقة «نظرة ما»، وهيفاء المنصور، والممثل طاهر رحيم، وترأس المخرج الموريتاني عبد الرحمن سيساكو لجنة تحكيم سينيفونداسيون، فإنه إذا أراد العرب التواجد على مستوى «إنتاج الأفلام» وتصدير إبداعهم إلى العالم الخارجي فعليهم أن يحترموا عقلية الجمهور والمتلقيين هناك.

وقال لـ{الجريدة» إن  ألوان الفنون مطلوبة كافة، وأن الأفلام على اختلاف مضامينها ومستوياتها يجب أن تتنوع باختلاف الأذواق. لكن في حال نظرنا إلى غيابنا عن محفل سينمائي عالمي بحجم «كان» فيجب أن نشير فوراً إلى قصور عقلية المنتجين على الأفلام التجارية، وعدم براعتهم إلا في أفلام «الحركة»، موضحاً أن الكثير من الأفلام التي حطمت أرقاماً قياسية في شباك التذاكر لن نراها أبدا في «كان»، وإذا فهم العرب ذلك لربما تفوقوا على أنفسهم بمنتج فني قادر على منافسة ما نراه في الخارج.

وطالب سامي الدول العربية بتذليل العقبات كافة أمام المبدعين، محملاً الجهات الرسمية المسؤولية في المقام الأول عن عرقلة حركة الإبداع وتقييدها بعدد من التعقيدات من ناحية، وعدم حمايتها والقيام بالدور الدعائي والترويجي المطلوب وتحصينها ضد القرصنة من ناحية أخرى.

back to top