ندى أبو فرحات: لا أسعى إلى الإبهار بل إرضاء طموحي

نشر في 28-05-2015 | 00:02
آخر تحديث 28-05-2015 | 00:02
من الصعب قولبة الممثلة ندى أبو فرحات في قالب تمثيلي واحد، فما إن تطلّ عبر مسلسل تلفزيوني حتى نراها في عرض مسرحي استعراضي تغنّي وترقص باحتراف، ومن ثم تعود إلى المسرح الجدّي قبل أن نراها مجدداً في web series.
تعتبر أن إيقاع العمل التلفزيوني سريع جداً ومسلٍّ ونوع من النقاهة مقارنة مع العمل المسرحي والسينمائي الذي يحتاج إلى جهد وتمارين وجدّية أكثر، وأنها حاضرة على مدار السنة بمشاريع مختلفة من ضمن خطّها الفنّي الخاص وأسلوبها التمثيلي.
عن دورها في مسلسل “علاقات خاصة} (كتابة نور الشيشكلي، إخراج رشا شربتجي، إنتاج أون لاين برودكشان) واستعراض “وان نايت أون برودواي} ومشاريعها التمثيلية المرتقبة، تحدثت إلى “الجريدة}.
ما هي مشاريعك المرتقبة؟

 

أحضّر مسرحية جديدة مع المخرج ميشال جبر تنطلق في سبتمبر المقبل. سأقف بمفردي على الخشبة لأتحدث بأسلوب ساخر عن قصة إمرأة عانت من أمور عدّة في حياتها. 

 

لماذا اخترتم الأسلوب الساخر؟

 

رغم أننا نعالج قضايا أساسية تخصّ المرأة في أي مجتمع، إلا أننا أردنا الأسلوب الضاحك والساخر لأننا سئمنا الحزن والأسى.

 

هل تشاركين في إعدادها؟

 

للمرة الأولى أختبر الكتابة المسرحية بإشراف جبر الذي هو صاحب النص أساساً، إنما نعيد الكتابة معاً بأسلوب مسرحي، لذا أنا فرحة بهذه التجربة الجديدة.

 

هل ستتفرغين لها بعيداً من التلفزيون؟

 

عادة لا أتفرّغ لعمل من دون آخر، اذ يمكنني القيام بأمور عدّة في الوقت نفسه. 

 

ما من مشاريع أخرى تحضّرينها؟

 

ثمة مشروع  web series (مسلسلات تُعرض عبر موقع إلكتروني) وأجد نفسي فيها أكثر من التلفزيون، اذ تشبه طريقة تفكيري وأسلوبي الفني، من خلال معالجتها المواضيع بطريقة عفويّة وعميقة وناضجة أكثر ممّا تتم معالجتها في الدراما التلفزيونية العادية. فضلا عن أن متابعي هذه الأعمال يختلفون جداً عن متابعي المسلسلات التلفزيونية، فهم مطلعّون فنياً أكثر ويفهمون نوعية النص والإخراج والأداء، لذا أسعى إلى جذب هؤلاء.

لما لا تستقريّن في إطار تمثيلي واحد؟

 

أتمتع بطاقة إيجابية معيّنة تخوّلني تقديم كل هذه المشاريع التمثيلية في آن، خصوصاً أننا لا نجد في إطار واحد كل ما نصبو إليه، لذا أتنقل بين التلفزيون والمسرح والسينما. ثمة ممثلون يشعرون بالأمان إذا التزموا خطاً فنياً واحداً نجحوا فيه، خشيةً ردّة فعل الجمهور. لكنني شخصياً لا أخاف كوني لا أسعى إلى إبهار الآخرين، بل إلى إرضاء طموحي الشخصي وما يشعرني بالسعادة. لم أغنِ أو أرقص يوماً قبل «برودواي» على الخشبة، لكن تحقيق ذلك منحني طاقة إيجابية، وهذه التحديّات أحبّ خوضها في الحياة.

 

هل يُشعرك التمثيل الدرامي التلفزيوني بالرتابة؟

 

إيقاع العمل التلفزيوني سريع جداً ومسلٍ ونوع من النقاهة مقارنة مع العمل المسرحي والسينمائي الذي يحتاج إلى جهد وتمارين وجدّية أكثر. اكتشفت أخيراً أنه لا يمكننا أن نكون جديين كثيراً في العمل التجاري وإلا أصبحنا مدعاة سخرية، لذا شعرت بأنني مختلفة عن الممثلين الآخرين في موقع تصوير «علاقات خاصة».

 

هل من وجه شبه بين شخصيتي «سيلينا» في «علاقات خاصة» و{تالين» في «يلا عقبالكن»؟

 

كلاهما بسيطتان لا تحتاجان إلى جهد في الأداء. «سيلينا» إمرأة منفتحة وجريئة تحبّ الحياة وهي مختلفة عن الشخصيات الأخرى في المسلسل. لا يمكنني في الواقع أن أكون مثلها، إذ وقعت في حبّ شخص بعيد كل البعد عن عالمها لكنها أصرّت على الفوز به.

 

كلّما قدّمت مشروعاً جديداً فاجأت جمهورك بتميّزك، فكيف تتلقفين ردود فعله؟

أشعر برضى شخصي، فضلا عن أنني أحلل ردة فعله لاكتشف الإطار الذي يريدني فيه، فإذا كان مطابقاً لما أحبّ، أكون قد بلغت الغاية. أمّا إذا أحبني في دور تلفزيوني سطحي استنزف قوّتي وجهدي هباء، أتجه نحو مشروع أقوى يحتاج قدرة تمثيلية أكبر. 

 

لماذا ابتعدت عن الأدوار التلفزيونية؟

 

بسبب الأدوار التي عُرضت عليّ والملائمة لهوايتي في التمثيل لا مستواي الفنّي. استغربت الدورين اللذين عُرضا عليّ في مسلسلين رمضانيين مقبلين، وكأن القيمين عليهما لا يدركون طاقتي التمثيلية الحقيقية، والأغرب أنهم أسندوا الدورين لمبتدئتين بعدما رفضتهما. 

 

كيف تفسّرين ذلك؟

 

تربطني علاقة صداقة بالمنتجين، وبالتالي يعرفون شخصيتي ويدركون ألا أدوار بطولة راهناً تُناسب قدراتي التمثيلية وشخصيتي وطريقة تفكيري ومستوى عملي المسرحي والسينمائي.

 

لكن ثمّة ممثلين ينتظرون شهر رمضان حيث الإنتاجات الضخمة والعائدات المادية الجيّدة والانتشار الأوسع.

 

صحيح أنني أغيب عن مسلسلات رمضان، لكنني حاضرة على مدار السنة بمشاريع مختلفة من ضمن خطّي الفنّي الخاص الذي أسير فيه، ومن ضمن أسلوبي التمثيلي الذي لن أغيّره، وطريقة تفكيري التي تؤّمن لي عائدات مادية ومعنوية جيّدة لأن ما أقدّمه صعب.

 

هل المنافسة بين تلك المسلسلات تجارية أم فنيّة؟

 

الإثنان معاً، ذلك أن المستوى الفنّي المعروض جميل وملائم للدور الترفيهي المنوط بمحطات التلفزيون. علماً أنني ألحظ تقدّماً على صعد القصة والتمثيل والإخراج، بما يتناسب مع مستوى التلفزيون.

 

هل تلمسين تقدّماً على صعيد الدراما المحلية مقارنة مع الإنتاجات العربية؟

 

ثمة شركات تتطوّر إنتاجياً فيما لا يزال البعض الآخر يعمل وفق الخط التقيليدي المحلي. علماً أن ثمة مسلسلات محلية محافظة على الروح اللبنانية حققت نجاحاً جماهيرياً، في مقابل مسلسلات واكبت العصر والتمدّن في قالب قصصي جميل، لكنها كانت بعيدة من روح بيروت. من جهة أخرى ثمة منتجون محليون لا يميّزون نوعية الأداء والمضمون، لذا يركّزون على الأمور الشكلية مثل الديكور وإطلالة الممثلين الجميلة التي تجذب الجمهور بسهولة،  على حساب التعاون مع ممثلين مسرحيين مخضرمين يكونون أكثر كلفة من سواهم وأقل إبهاراً  في الشكل. لهذه الأسباب لا تشق الأعمال المحلية الصرف طريقها نحو الفضائيات العربية كونها تركّز على الشكل على حساب المضمون الذي يبقى ناقصاً.

ما رأيك بالمواضيع المطروحة في الأعمال العربية التي تشاركين فيها؟

 

كمشاهدة أراها قصصاً مقنعة وجاذبة. أمّا كممثلة، فأحياناً يحصل تعديل في السيناريو بمعيّة الكاتب والمخرج، مثلما حصل في مسلسل «علاقات خاصة» ليكون النصّ بسيطاً أكثر. برأيي يمكن إجراء تحسينات على الأعمال العربية المشتركة عبر إضفاء بعض العفوية على الأداء أو زيادة الجرأة في طرح المواضيع، وهذه أمور متوافرة في العمل السوري الذي أتمتع جداً بمتابعته، ذلك أن  الممثل السوري صادق في أدائه ومثقّف والنصّ الذي يؤديه عميق.

 

هل تختلف تطلعاتك وطموحاتك مع تقدّم سنّي خبرتك؟

 

لم تتغيّر أحلامي أبداً، إنما ما تغيّر هو الطريق التي أسلكها لتحقيقها. في الماضي سلكت طريق الكثافة في الأعمال التلفزيونية ظنّاً أنها ستوصلني إلى تحقيق حلمي الأكبر، لكنني اكتشفت بأنها غير مجدية، لذا غربلت الأعمال وابتعدت عمّا يستنزف طاقتي ووقتي، لأجذب، في المقابل، الأعمال التي تمهّد الطريق إلى حلمي الأكبر.  لم أحلم يوماً بأن أكون نجمة تلفزيونية إنما أن أقف على خشبة المسرح للرقص والغناء، وأن أقدّم أفلاماً سينمائية وقد حققت ذلك.

 

شكّل عرض «وان نايت أون برودواي» خيطاً من خيوط أحلامك فإلام مهّد؟

 

إلى بطولة مسرحية غنائية تمثيلية راقصة سنقدّمها العام المقبل، وإلى عمل غنائي أميركي راقص ستتم لبننته لتقديمه في لبنان.

 

لا تترددين أبداً في خوض تحديات جديدة.

 

عندما تكون عواقب التحديات أقل بكثير من رغبتي بتحقيق أمر ما،  أدوس عليها. أمّا إذا طغى تفكيري في العواقب على رغبتي، عندها أخوض طريقاً مغايرة للوصول إلى أهدافي.

 

هل لقي أداؤك في «برودواي» ترحيباً جماهيرياً؟

 

كانت هذه التجربة ساحرة ومن أفضل الأوقات التي خبرتها مع الجمهور الذي رحّب وقدّر  جهدي وأدائي مثلما قدّر سابقاً مسرحية «مجنون يحكي».  وقد عبّر كثر عن إعجابهم وتمنوا استمراري في تقديم هذا النوع من العروض.

 

من الجميل أن يتبعك جمهورك إلى عروض راقصة غنائية مثلما تبعك إلى «مجنون يحكي».

إنه شعور جميل ولكنه غير مستغرب، فأنا، بدوري،  أتبع الأشخاص الذي يؤثرون فيّ حيثما حلّوا، مثل ظافر يوسف الذي سأشاهده  في الأردن، ياسمين حمدان، تانيا صالح، مشروع ليلى، رفيق علي أحمد ورولا حمادة. 

 

هل ستقدّمون عرض «برودواي» خارج لبنان؟

 

سنقدّمه في مهرجانات زوق مكايل الدولية في لبنان، على أن نتوجه بعدها في جولة إلى الخارج وتشمل دولاً عدة من بينها ميلانو. 

وجوه عدة

• تؤدين أدوار نساء عدّة في أعمالك، فهل تكونين نماذج نسائية عدّة في حياتك اليومية؟

 

طبعاً، وهذا ما يتطلّبه في الحقيقة المجتمع، لأن بعضهم يفسّر تصرّفاتنا وكلامنا بطريقة مخالفة للواقع، لذا لا يستأهل الجميع أن نُظهر لهم حقيقتنا أو أن نكون على طبيعتنا أمامهم، مثلما نكون عادة بين الأهل والأصدقاء.

 

• هل تحررك السينما والمسرح أكثر من التلفزيون؟

 

أشعر بأنني حرّة من خلال الأدوار التي أؤديها على غرار «سيلينا» في «علاقات خاصة» وشخصية «شهرزاد» في «لعبة الموت».

 

• بعض الجمهور يعيش جرأة معيّنة في حياته الخاصة لكنه ينتقد هذه الجرأة في الفنّ، كيف تفسرّين هذا التناقض السلوكي؟

 

لا أكترث صراحة لهؤلاء، ولا آخذ رأيهم بعين الإعتبار، لأن بعض الذين انتقدوا دوري في «يلا عقبالكن» يتمتعون بمقابلة تلفزيونية عبر محطة محترمة مع مغنية مبتذلة في سلوكها ولباسها وشكلها ومضمون كلامها، أو يشاهدون كليبات غنائية مبتذلة، لذا أفضّل ألا يكون هؤلاء جزءاً من جمهوري، لأنه لا يمكنني أن أنزل أساساً إلى هذا المستوى المتدني في التفكير. برأيي يتحمّل القيمون على محطات التلفزيون المسؤولية في رفع مستوى الجمهور أو خفضه من خلال ما يختارونه من برامج، فبدلا من تقديم أمور مبتذلة لماذا لا يعرضون أعمالاً فنية راقية ترفع ذوق المشاهد ومستواه الفكري؟

 

• تسيرين واثقة الخطى، فمّما اكتسبت ذلك؟

 

من شغفي الذي أسعى ألا أفقده يوماً، متى خفت انتقل إلى مكان آخر يشعله مجدداً. ثم أرفض الإطلالة في أي عمل قبل الجهوزية التامة ما يُكسبني ثقة أكبر بالنفس. 

 

back to top